q
تهدف الهجمات السيبرانية إلى التجسس والضرر المالي والتلاعب بالبنية التحتية الوطنية الحساسة وتأثيرها على مسار الصراعات وتفعيلها وشحنها للصراعات بين الحكومات والمواطنين، ما ويمكن تصنيفها وحسب الجهات الفاعلة في الهجوم بين التي ترعاها الدول أو التي يقوم بها الفاعلون في المجتمع المدني أو بشكل فردي...

ساحات الحرب صورها العلم العسكري القديم على اعتبار أنها المكان الجغرافي الذي تجري فيه المعارك لذا كان من المهم جدا اختيارها واستخدامها بحكمة فتم توظيف مكانها المناسب في كل صراع خلال القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، كما وقد اعتبرت حرب المواقف السياسية وسيلة لتحقيق النصر ومع ذلك فقد جلب التقدم التكنولوجي سيناريوهات جديدة يتم فيها خوض المعارك.

ولأجل وضع نهج ساحات المعارك الجديدة كان من المناسب تحديد كيفية وفهم ساحة المعركة وكيف يمكن تصنيفها وما هي خصائصها الأساسية، ومع إن معظم التعريفات تثبت أن المعركة لها طابع تكتيكي وتظهرها على أنها نطاقًا استراتيجيًا غير إن ذلك لا يشمل المجالات الجوية أو المكانية أو الافتراضية، غير إن الفضاء السيبراني تظهر فيه الحروب على شكل سلسلة من المعارك المتضمنة خصمين في بيئة مادية أو افتراضية تحدث بينهما المصادمات في مكان مادي أو افتراضي وفقًا لخصائص وأغراض القتال عبر توسيع نطاق المفهوم الاستراتيجي ليحوي الحقائق الجديدة، لهذا يجب إضافة البيئة التي تحدث فيها الحروب وبذلك يمكن تفسير ساحة المعارك على الإنترنت بأنها الفضاء الافتراضي الذي تتم فيه القيام بمعركة واحدة أو عدة معارك أو حروب عالمية سيبرانية بين الاعداء أو بين مجموعات اكبر من الدول المتنافسة أو المتصادمة.

وهنا لابد أن نوضح بأن العديد من المفاهيم قد تبدو متقدمة جدًا إلا أنها وفي الحقيقة قديمة قدم التاريخ العسكري وقد تم تكييفها للتناسق مع ظروف اللحظة السيبرانية التاريخية، وعلى الرغم من أن بعضا من هذه التفاصيل لم تكن موجودة في العالم الرقمي، إلا انه وتدريجيا اكتشف وجود ظواهر داخل الشبكة أو الطيف الكهرومغناطيسي يمكن مقارنتها مع نظرائها في العالم المادي فعلى سبيل المثال لا يزال الحديث عن النباتات الرقمية غير ممكن غير إن الحديث الممكن حاليا هو الحيوانات الفيروسية والتصميمية القابلة للبرمجة والتي اصبحت الأسلحة السيبرانية المستخدمة للدفاع والهجوم في بيئة الأمن السيبراني.

الأسلحة السيبرانية ليست لها تأثيرات نقدية فقط إنما يمكنها أن تتسبب في حدوث اضرار نفسية واجتماعية وتدمير أخلاقيات المجتمع لكسب دعمه أو لزعزعة استقرار حكومته عبر تشويه الجهود التي يبذلها القادة لحماية مواطنيهم وتنفيذ السياسات للرعاية العامة، ويمكنها أيضا تعطيل البنية التحتية الحيوية الإستراتيجية للدولة مما يهدد الجيوش والامن لعدم وجود وسائل قيادة وأدوات فعالة أو كافية التحكم لتوفير مرافق الأمن السيبراني، والأصول، والأفراد والمواد الإستراتيجية. وتستخدم الأسلحة السيبرانية لأداء هجمات الكترونية مختلفة، متعمدة القصد للتلاعب والتدمير والتنكر وتحلل أو تدمر أجهزة الكمبيوتر أو الشبكات والمعلومات الموجودة فيها والتي تولد الضرر في الفضاء السيبراني أو في العالم المادي وتهدد الأمن القومي لدولة ما، لذلك أصبح الاحتياط من خطر الهجمات السيبرانية أولوية بالنسبة لأنظمة الدفاع الدولية كما ويتم تنفيذ الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم باستخدام مجموعة متنوعة من التكتيكات والهجمات السيبرانية.

تهدف الهجمات السيبرانية إلى التجسس والضرر المالي والتلاعب بالبنية التحتية الوطنية الحساسة وتأثيرها على مسار الصراعات وتفعيلها وشحنها للصراعات بين الحكومات والمواطنين، ما ويمكن تصنيفها وحسب الجهات الفاعلة في الهجوم بين التي ترعاها الدول أو التي يقوم بها الفاعلون في المجتمع المدني أو بشكل فردي. وعلى كل حال فأن الوسائل المستخدمة كأدوات للهجوم السيبراني تهدف إلى شل حياة الأمة المرتبطة بالشبكة، كما تهدف إلى منع المستخدمين من الوصول إلى الخدمات الالكترونية وإلى البحث عن المعلومات أو إتلافها والتحكم في الآلات ومنع الوصول إلى الخدمات مما يؤدي بسهولة إلى تعطيل أنشطة دولة تعتمد على الشبكة.

والحرب السيبرانية جذابة للغاية للدول الصغيرة فمن بين الخصائص التي تجعل الهجمات السيبرانية وسيلة فعالة لمحاولة مواجهة أمن الدول أنها غير مكلفة وبالاحرى هي رخيصة رخيصة إذ يمكن شراء وسائل الهجمات السيبرانية بتكلفة منخفضة أو حتى مجانية إذ إن هناك القليل من الوسائل المطلوبة لإنشاء قنبلة رقمية ويمكن للمهاجم الذي يمتلك مهارات أساسية في التعامل مع تكنولوجيا المعلومات أن ينفذ الهجوم بشكل فعال ومن المؤكد إن في تلك الهجمات فحتى أصغرها تسبب أضرارًا كبيرة. تلك الحب هي حرب غير تقليدية وغير متماثلة، وان الدول الضعيفة في القوة العسكرية التقليدية من المرجح لها أن تستثمر في الحاضر السيبراني بأعتبارها وسيلة للتعويض عن العيوب التقليدية لأنها حرب غير متكافئة والأمم في القوة العسكرية التقليدية من المرجح لها الاستثمار فيها كوسيلة لتحقيق التوازن وكبديلا فعالا للغاية في مواجهة نقص الأسلحة التقليدية ، لإنها طريقة صنع الحرب التي لا تتطلب قدرة تكنولوجية عظيمة وفقط تحتاج خبراء يستغلون نقاط الضعف في البنية التحتية الرقمية لصالح أمتهم. وبنفس الطريقة تتطلب الحرب السيبرانية التحضيرات والاستعدادات والتجهيزات في اوقات السلم ولهذا السبب يجب على مجموعة القادة الوطنيين تطوير استراتيجيات تستجيب للأحداث المتضاربة المحتملة للفضاء السيبراني، غير إننا لا نستطيع انكار وجود العديد من الصعوبات التي سيواجهونها في وضع استراتيجيات فعالة للمواجهة في تعريف مفهوم الحرب السيبرانية.

ومع إن الإنترنت هو مساحة وصول مجانية يستفيد منها أولئك الذين يهاجمون أولاً غير إن الهجمات الكترونية تستغل جيدا الفضاء الإلكتروني لتتمكن من أن تعمل تحت تصنيفات ضيقة، لأن استغلالها سيكون هو المفتاح الذي يتيح تقدم القوات الصديقة ويحد من تحركات العدو. وبهذا يكون الفضاء الإلكتروني انعكاسا لمشهد العالم المادي، ولذا فعلى كل استراتيجي وسياسي أن يسلط الضوء على أهمية الفضاء الإلكتروني كمرحلة جديدة للأمن السيبراني الوطني والإقليمي والدولي. ولقد الفضاء السيبراني ظهر وكأنه هلاوس توافقية تعرض ويتعرض لها يوميا عدة ملايين من المبرمجين والمشغلين الشرعيين وغير الشرعيين في جميع دول العالم، وان اتصال الشبكة العالمية والتمثيل البياني لبنوك المعلومات يؤديان إلى صنع وإيجاد واقع افتراضي يربط كل شيء بمفهوم الفضاء الإلكتروني والذي تم اعتماده من قبل العلوم العسكرية التي فاقت عبره كل مستويات التكهنات والتكتيكات والاستراتيجيات. وأن الفضاء السيبراني هو نوع جديد من الفضاء، غير مرئي لحواسنا، وهو المساحة التي يمكن أن تصبح أكثر أهمية من المساحة الفعلية بالاعتماد المجتمعي الكبير للحياة عليه والتي جذبت في النهاية انتباه الحكومات وأدت إلى تطوير الأمن السيبراني. على أن المجتمعات التي تم بناؤها على التفاعل في جميع المجالات من خلال شبكات الكمبيوتر والفضاء السيبراني أصبحت أكثر عرضة للخطر مما يعرضها وأمنها للخطر عبر عدة ثغرات توظف من قبل العدو لتكون قابلة للاستخدام وبسهولة لتوليد الفوضى وإحباط المعنويات وتدمير الرصانات المجتمعية الأمر الذي يطبق أكثر من مبدأ للعقيدة العسكرية في التقدم من دون العثور على المقاومة بطرق مهاجمة نقاط الضعف عبر جيش يتجنب القوي ويهاجم السدود المجتمعية المنهكة.

علينا إن نستوعب الفضاء السيبراني هو المجال الخامس للحرب ويتطلب تطوير أساليب واستراتيجيات تعمل من جهة على مواجهة واحتواء آثار الجرائم السيبرانية وكذلك ضمان الأمن السيبراني الوطني، على اعتبار أن الهجوم على شبكة الاتصالات العنكبوتية الوطنية واستغلالها هو من أجل تعطيل القوة العسكرية لدولة الخصم بشكل فعال نسبياً ولذلك فإن الأخطار التي تنشأ من الفضاء السيبراني لا تتسبب في هجمات انتقامية إلا عندما تكون أركان الأمن القومي في خطر مما يؤدي أيضا إلى إعادة النظر بجدية في مفاهيم الأمن الدولي والأمن البشري. ونظراً للخصائص المرنة لكل من الفضاء الإلكتروني والفضاء السيبراني ، لا توجد في الوقت الراهن تكنولوجيا تضمن الأمن السيبراني للأنظمة كما وينبغي أن يضاف إلى ذلك أن الجرائم السيبرانية تمثل تهديدًا خطيرًا على الإنترنت يهدد الأمن السيبراني الوطني في كل مجال من مجالات النشاطات الاجتماعية المرتبطة بالشبكة لذلك نرى انه لابد من تسليط الضوء على حقيقة أنه لا يوجد نظام إنذار مبكر ضد الهجمات السيبرانية ولهذا وجوب تدارك الأمور لان الأمن السيبراني هو عمل دائم في الإعداد وطبيعة الاستعداد بردود الافعال على الأحداث.

وبتوالي الايام ازدادت أهمية الفضاء السيبراني في إطار الأمن القومي الاستراتيجي للدول التي تعتمد بشكل متزايد على التفاعل مع الشبكة لأنشطتها ليس فقط لأغراض تجارية وأكاديمية ومالية وإنما أيضا دفاعية وهجومية وتحديده بأعتباره المجال الخامس للحرب، وأن المناطق العالمية تشهد حاليا منافسة شرسة بينها معتمدة على التكنولوجيا في تعزيز وسائل الأمن السيبراني لديها كبداية خطة لوضع استراتيجية للدفاع والحصول على مزايا في هذه السيناريوهات الحربية السيبرانية الافتراضية .وهناك درجة عالية من عدم اليقين بتوفير مستقبل سلام امن بسبب عدم وجود مفاهيم تحدد بعض الظواهر التي تحدث داخل الفضاء السيبراني كما في الهجمات السيبرانية وتحديد هوية المهاجمين بشكل فعال ودرجة الاستجابة الدفاعية المطلوبة وقواعد القتال والتعريف القانوني للأسلحة السيبرانية، وإن سيناريوهات الحرب الجديدة، ستكون في كل مكان ليصبح كل شيء محتلًا محتملًا، تثير مرونتها وشدتها سلسلة من الأسئلة حول قانون الحرب والسيادة الوطنية.

ولأول مرة في التاريخ تسمح الأسلحة السيبرانية للدول الصغيرة ذات الميزانيات الصغيرة بمهاجمة الدول الكبرى والتسبب لها بأضرار بالغة، كما إن لدى الحرب السيبرانية قدرات كافية لأداء الكثير من المهام الاستراتيجية التي كانت تنفذ في السابق بواسطة القوة الجوية أو البحرية أو الفضائية أو البرية أي أن القوة السيبرانية تبدأ في اتخاذ المكان الأكثر رواجًا لهزيمة عدو مما يعني أن كل شيء على الإطلاق سيكون هدفا للهجمات السيبرانية ولذلك يجب على الدول أن تستعد لغير المفاجئ وإذا لزم الأمر إن تبحث عن وسائل بديلة للقيادة والتحكم في مختلف أدوات الحرب السيبرانية.

اضف تعليق