تأتي أهمية تطوير الهيدروجين الطبيعي من تفوّقه على الأنواع الأخرى للهيدروجين منخفض الكربون بميزات من شأنها التغلب على ارتفاع التكاليف وعقبات النقل، مع معالجة بطء نمو الطلب الذي تواجه هذه الصناعة، ويتمتع الهيدروجين الطبيعي بِسمة خاصة؛ كونه يُستخرج جاهزًا للاستعمال، دون الحاجة إلى عمليات تحويل إضافية...
تأتي أهمية تطوير الهيدروجين الطبيعي من تفوّقه على الأنواع الأخرى للهيدروجين منخفض الكربون بميزات من شأنها التغلب على ارتفاع التكاليف وعقبات النقل، مع معالجة بطء نمو الطلب الذي تواجه هذه الصناعة.
ويتمتع الهيدروجين الطبيعي بِسمة خاصة؛ كونه يُستخرج جاهزًا للاستعمال، دون الحاجة إلى عمليات تحويل إضافية؛ ما يجعله أرخص في التكلفة وأكثر كفاءة، مقارنة بالهيدروجين الأخضر أو الأزرق، الذي يتطلب عمليات أكثر تعقيدًا وتكلفة، وفق تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
والهيدروجين الطبيعي يُشار إليه -أيضًا- بالهيدروجين الأبيض، لتمييزه عن الأنواع الأخرى من الهيدروجين، مثل الهيدروجين الأخضر الذي يُنتَج من الماء اعتمادًا على الكهرباء المتجددة، والهيدروجين الأزرق الذي يُستخرج من الوقود الأحفوري مع استعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.
ويمثّل تطوير الهيدروجين الطبيعي مجالًا واعدًا، وسط التوجّه المتزايد نحو استكشاف أشكال بديلة من الهيدروجين منخفض الكربون؛ ولذلك فإن شركات النفط والغاز، بما تملكه من إمكانات وخبرة واسعة في مجال الاستكشاف والتطوير، لديها مكانة جيدة تؤهلها للتفوق في هذه الصناعة.
السبب وراء الاهتمام بتطوير الهيدروجين الطبيعي
من المرجّح أن يصل الطلب على الهيدروجين منخفض الكربون عالميًا إلى نحو 200 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050، مقارنة بمليون طن سنويًا حاليًا، وفقًا للحالة الأساسية لشركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.
ورغم التوقعات بأن يلبي الهيدروجين الأخضر غالبية الطلب على الهيدروجين منخفض الكربون، فإن تكاليف إنتاجه تظل مرتفعة، إذ تتراوح بين 6 دولارات و12 دولارًا لكل كيلوغرام؛ بسبب الحاجة إلى كمية كبيرة من الطاقة المتجددة للتحليل الكهربائي.
وبحسب تقديرات وود ماكنزي، فإنه للوصول إلى حدٍّ مُجدٍ تجاريًا يبلغ 3 دولارات لكل كيلوغرام، من المرجّح أن تكون هناك حاجة إلى دعم كبير لسنوات مقبلة.
في المقابل، يوفر تطوير الهيدروجين الطبيعي بديلًا أرخص بكثير، إذ إنه دون الحاجة إلى عمليات تصنيع كثيفة الكهرباء، يمكن تسليمه من الخزانات الموجودة بالقرب من أسواق المستهلك النهائي بأقل من دولار لكل كيلوغرام.
لماذا شركات النفط هي الأنسب؟
الهيدروجين الطبيعي هو نوع من الغاز الموجود بشكل حرّ في طبقات الأرض الجوفية، وعادةً ما يُستخرج من خلال عمليات الحفر، بما في ذلك التكسير المائي (الهيدروليكي)، الذي يتضمن حقن خليط من الماء والرمل والمواد الكيميائية تحت ضغط عالٍ لتحرير الغاز من الصخور.
وللاستفادة من إمكانات الهيدروجين الطبيعي، يلزم بذل جهد تقني كبير لفهم توليد وتخزين جزيئات الهيدروجين في باطن الأرض، وتعدّ الاستعانة بخبرات الفاعلين في صناعة النفط أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق ذلك.
وتتمتع شركات النفط والغاز، بفضل خبرتها في العمل في باطن الأرض، بمكانة جيدة تؤهلها للتفوق في تطوير الهيدروجين الطبيعي، ومن خلال وضع لوائح تنظيمية وحوافز مواتية، يمكن للحكومات أن توفر فرصًا لهذه الشركات لاستكشاف هذا المصدر النظيف وتطويره.
ويمكن أن يساعد الإطار التنظيمي الخاص بشركات النفط والغاز، بما في ذلك تراخيص المواقع والاستكشاف والحفر التقييمي، بنمو قطاع الهيدروجين الطبيعي.
وتتمتع شركات النفط والغاز، بما لديها من رأس مال ضخم، بقدرة كبيرة لقيادة تطوير الهيدروجين الطبيعي، مثلما هو الحال مع تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وربما يمثّل هذا التوجه نقطة تحول، إذ ما تزال حتى أكثر مشروعات الهيدروجين الأبيض تقدمًا، والتي تقودها شركات ناشئة أصغر حجمًا، مدعومة من القطاع الخاص، تواجه تحديّات كبيرة وجداول زمنية غير مؤكدة للوصول إلى قرارات الاستثمار النهائية.
ويمكن أن يحلّ تطوير الهيدروجين الطبيعي محل بعض الاستثمارات في تقنيات الهيدروجين الأزرق والأخضر؛ ما يسلّط الضوء على الأدوار الحاسمة التي ستؤدي التقنيات وتوافر رأس المال في تحديد جدوى الهيدروجين الأبيض.
وفي السياق نفسه، طورت شركة غولد إتش 2 الأميركية (Gold H2) تقنية رائدة لإنتاج الهيدروجين الطبيعي من آبار النفط غير الاقتصادية.
وأعلنت الشركة الأميركية تقنية بلاك تو جولد "الأسود إلى الذهبي" المعتمدة على تحويل حقول النفط المستنفذة إلى أصول لإنتاج الهيدروجين، باستعمال البنية التحتية الحالية.
وتستعمل هذه الطريقة البكتيريا لتحويل النفط الخام المتبقي إلى هيدروجين نظيف بتكلفة معقولة تبلغ 0.80 دولارًا للكيلوغرام، وهي متاحة الآن للعمليات التجريبية.
مدى أهمية الهيدروجين الطبيعي مصدرًا للطاقة
في الوقت الراهن، من المتوقع أن تشكّل طرق إنتاج الهيدروجين البديلة منخفضة الكربون، بما في ذلك التحلل الحراري للميثان والتغويز (تحويل المواد التي تحوي في تركيبها على الكربون مثل الفحم والكتلة الحيوية إلى هيدروجين)، وكذلك استخراج الهيدروجين الطبيعي، جميعها، جزءًا صغيرًا فقط من الإمدادات المستقبلية.
ومع ذلك، إذا نجحت المشروعات التجريبية في إثبات الجدوى التقنية والتجارية ونُفِّذت سياسات داعمة، وبناءً على أحجام الموارد المتاحة، يمكن أن يصل إنتاج الهيدروجين الطبيعي إلى 17 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
فضلًا عن ذلك، فإن من شأن تحقيق مستويات دعم مماثلة لما يحصل عليه الهيدروجين الأخضر، أن يُعزز البنية التحتية لتطوير الهيدروجين الطبيعي، ليحلّ محلّ أنواع الهيدروجين منخفضة الكربون الأخرى مرتفعة التكلفة.
الفاعلون في الصناعة
يقود صناعة الهيدروجين الطبيعي الناشئة عدد قليل من المطورين المدعومين باستثمارات خاصة، إذ إن المشروع التشغيلي الوحيد هو بئر بوراكيبوغو في مالي، الذي يوفر الكهرباء لقرية صغيرة.
رغم ذلك، تدرس بعض البلدان إمكان تطوير الهيدروجين الطبيعي، وتمكين الأنشطة الاستكشافية عبر تعديل لوائح التعدين والنفط الحالية، وعدّلت فرنسا قانون التعدين لديها للمضي قدمًا نحو تطوير صناعة الهيدروجين الطبيعي، بينما أبدت ألمانيا شكوكها بشأن فرص استخراجه.
اضف تعليق