أي جهود تقوم بهاء الحكومات على مر الازمان لا تخرج عن جادة الاعمال الإنسانية، فبناء المستشفيات وتعبيد الطرق وغيرها من الإنجازات التي تهم المواطن وتعمل على توفير أجواء من الراحة التي تعمل على غرس القيم في نفوس الأجيال الصاعدة وتهيئتها لتكون قوى منتجة ومساهمة في بناء الحاضر والمستقبل...
بداية يمكن اعتبار ان الهدف الأساس من بناء دولة في مشارق الأرض ومغاربها هي الوظيفية الإنسانية في المقام الأول، فالإنسانية هنا لا تعني حصرها بالمعنى الخيري، بل بما تقدمه لأبناء هذا الشعب من فعل سياسي تنموي قائم على خدمة الافراد والنهوض بواقعهم.
يمكن إدراج بناء المدارس والجامعات في الاحياء السكنية ضمن الإنجازات الإنسانية الكبرى، التي تقدمها الدولة لمن يسكن ويقيم على ارضها، فلا يخلوا عمل او وظيفة تؤديها المؤسسات الحكومية من مسحة إنسانية، لكن ومن المفارقات الغريبة ان اغلب ما تؤديه الحكومات الحالية لا يأتي ضمن هذا الإطار.
الأفعال السياسية في الوقت الحالي لا تلتقي بمبدأ الإنسانية، الى ما ندر منها، وإذا أحصينا اغلب القرارات المتعلقة بالمواطن البسيط، نجدها لا تصب بمصلحته، وغير داعمه لوجوده وهو يعيش حياة هانئة قادر بموجبها على توفير احتياجاته الأساسية من مسكن ومأكل وملبس يليق بمكانة الانسان التي حفظها له الدين الإسلامي وحرص على عدم المساس بها او التقليل من شأنه.
نتناول على سبيل المثال القرارات الحكومية الأخيرة المتعلقة برفع سعر البنزين والضرائب وغيرها، جميعها غير مراعية للجوانب الإنسانية، وكأن متخذ القرار غير معني بهذه الجوانب، وان الشغل الأهم والدافع الأبرز هو الحصول على أكبر قدر من الأموال وانتزاعها بالإكراه من المواطنين.
تركز الدولة بمنظورها العام على الانسان وخدمته، وهو القطب الذي تدور حوله جميع الجهود، وذلك بهدف تأمين حياة كريمة للمواطنين بمختلف شرائهم وقومياتهم، فالحياة الكريمة التي يجدها الفرد في بلده تعزز لديه شعور الانتماء للمكان، ويتولد معه روابط لا يمكن التفريط بها، وقد ينتهي الى الشعور بالفخر نتيجة الوجود في المكان والعمل على تطويره.
أي جهود تقوم بهاء الحكومات على مر الازمان لا تخرج عن جادة الاعمال الإنسانية، فبناء المستشفيات وتعبيد الطرق وغيرها من الإنجازات التي تهم المواطن وتعمل على توفير أجواء من الراحة التي تعمل على غرس القيم في نفوس الأجيال الصاعدة وتهيئتها لتكون قوى منتجة ومساهمة في بناء ورفد الحاضر والنهوض في المستقبل.
السياسة والإنسانية يجب الا يفترقا على مدار الوقت، فالسياسية دون التحلي بالإنسانية تصبح ممارسة وحشية مهمتها الانقضاض على الآخر والاستحواذ على مصائر الشعوب، من خلال السيطرة على مصادر الأموال والتلاعب بالمال العام والوظائف والمناصب الحساسة.
وبناء على فكرة الإنسانية التي لا يجب ان تفترق عن العمل السياسي، يصبح توفير العلاج والطبابة والرعاية الصحية، بمعايير عالية الجودة، عملاً إنسانياً بامتياز، إذ تتجلى الإنسانية هنا في تخفيف آلام مريض، وتحسين الصحة العامة ورفع معدل الخدمات العامة المقدمة للفرد.
مواكبة التنمية العالمية والتطور التكنولوجي عبر إدخال المصانع الحديثة والنهوض بالصناعة الوطنية ركيزة أساسية من ركائز العمل الإنساني الحكومي، فمتى ما قامت الحكومة بواجباتها الطبيعية وتحملت المسؤولية الكبيرة في تجويد الحياة على حدود ارضها، حينها تكون افرغت مسؤوليتها الإنسانية امام مواطنيها.
ولا يمكن ان يهمل الانسان دون الشعور بمسؤولية تجاهه من قبل الحكومة وذلك فيما يتعلق بتطوير ذات الافراد وتنمية قدراتهم ومهاراتهم الفردية، وينضوي تحت ذلك إقامة الفعاليات العلمية والممارسات الرياضية وبناء مرافقات لهذا الغرض، والاهتمام بالمعارض التكنولوجية وابتعاث الطلبة للاطلاع على الثقافات المختلفة ونقل تجاربهم الى البلد للنهوض بالقطاعات العملية والصناعية وغيرها.
مهم جدا ان يمتزج كل حقل من حقول العمل السياسي بفلسفة انسانية، ليصبح العمل الإنساني منتشراً في نسيج المجتمع عبر المؤسسات الحكومة وبالتالي يتحول إلى أسلوب حياة، وهكذا، يكون النجاح للحكومات إذا حرصت على ان تعطي افعالها بعداً سياسياً، استناداً إلى أن السياسة هي فن إدارة شؤون الناس، وتطويرها وفقاً للضرورات والحاجات والمستجدات.
اضف تعليق