تعد الشوكولاتة إحدى أكثر المأكولات شعبيّة في العالم، والكثير منا مولع بها، وعندما نذكرها أول ما يخطر في بالنا طعمها الحُلو اللذيذ وأشكالها المختلفة، ففي روسيا تلاحظ أسد يزأر من اللذة او شرفة مقهى محاطة بورود أو قارب يطوف في اقنية البندقية، للوهلة الأولى تبدو هذه اللوحات الشعبية كغيرها من الأعمال الفنية، لكن ما يميزها هو أنها مصنوعة من الشوكولا وقابلة للأكل.

فتذكرنا الشوكولاتة بطفولتنا البريئة والسعادة التي تغمرنا عندما نتناولها، ولكن يبقى قسم كبير من الأشخاص يخافوا تناولها ويفكرون في إنها تسبب تسوس الأسنان أو البدانة أو السكري..الخ، والقسم الأخر يجدها تمده بالشباب المفعم بالحيوية والنشاط، وترفع المعنويات المحطمة وتشعره بالسعادة، وباختصار إن الشوكولاتة طعام حلو جميل يمثل المشاعر اللطيفة وأوقات الفرح والغبطة أو استعراض جميل أو تطلعات مشرقة، لذا نجد إنها أكثر طعام محبب لدي الناس في العالم.

على صعيد اقتصادي إنّ حوالي الثلثين تقريباً من الإنتاج العالمي من الكاكاو مصدره غرب أفريقيا، تحتل فيه دولة ساحل العاج الصدارة بحوالي 43%، وذلك حسب تقديرات منظّمة الكاكاو العالمية WCF، وإنّ هناك العديد من سكّان العالم الذين يعتمد قوت عيشهم على الكاكاو، ويقدّر عددهم بحوالي 50 مليون شخص، حيث إنّ الأبحاث العلميّة حول فكّ شيفرة المجموع ألمورثي (الجينوم) لشجرة الكاكاو يمكن أن تؤدّي إلى احتماليّة حدوث تطوير لمردود الإنتاج.

وتشهد بعض الشركات المصنعة للشوكولاتة الفاخرة مثل مونديليز انترناشونال ومارس تنافسا كبيرا لتحقيق مبيعات اكبر، لان أسعار الشوكولاتة سترتفع كما في الأعوام السابقة، إذ تشير تنبؤات اقتصادية إلى أن أحوال الطقس الرديئة والجافة قد قلصت من حجم الكاكاو المنتج، والذي يعتبر عنصراً أساسياً بصناعة الشوكولاتة، يأتي هذا في وقت ارتفعت في أسعار الكاكاو بمقدار 12 في المائة هذا العام لغاية الآن، وهذا يؤثر على أرباح صناع الحلوى الشهية ويجبرهم على رفع أسعار منتجاتهم، ونستله تبيع أيضا منتجات من الشوكولاتة الفاخرة لكن القسط الأكبر من المبيعات يأتي من الأنواع العادية مثل كيت كات وكرانش وباترفينجر وأيرو.

وفي السياق ذاته تحاول حفنة من صانعي الشوكولا المتمرسين في بلجيكا إحداث تحول في هذه الأوساط التقليدية عادة، من خلال الإشراف على العملية برمتها انطلاقا من حصاد الحبوب وصولا إلى صناعة الشوكولا الفاخرة، ففي بلد تشكل فيه الشوكولا مصدر فخر وطنيا.

ويرى بعض المتخصصين في الشؤون الاقتصادية ان العالم يشهد حالياً ازدهارا في صناعة الشوكولا، نتيجة النمو السريع في الطلب من البلدان النامية والناشئة التي تتميز بنموها الاقتصادي السريع مثل الصين والهند وأيضاً أفريقيا، حيث أن النمو الاقتصادي غير المسبوق الذي حصل في العقود الماضية، ومستويات التحضر التي ارتبطت بهذا النمو، وضخامة حجم الاقتصاد، جميع هذه العوامل ساعدت الصين والهند لتكونا أسواق النمو الرئيسية لاستهلاك الشوكولاتة، بالإضافة إلى أن النمو الاقتصادي الأفريقي الكبير منذ 15 سنة ماضية وحتى الآن، تمت ترجمته في الحاضر إلى تزايد في استهلاك الشوكولاتة في القارة التي تنتج معظم حبوب الكاكاو حول العالم.

من جهة اخرى يسعى قيمون على بيوت بلاستيكية في إنكلترا إلى إبقاء نبتات كاكاو خالية من الأمراض للحفاظ على الإنتاج العالمي لهذه الحبوب المهمة جدا لمحبي الشوكولا، في صبيحة يوم شتوي مشمس وبينما الحرارة الخارجية ثماني درجات مئوية، تبقى الحرارة مستقرة على 23 درجة داخل "المركز الدولي لحجر الكاكاو (اي سي كيو سي) مع نسبة عالية من الرطوبة لمحاكاة الأجواء في المناطق المدارية حيث ينبت الكاكاو.

بلجيكا

في سياق متصل تحاول حفنة من صانعي الشوكولا المتمرسين في بلجيكا إحداث تحول في هذه الأوساط التقليدية عادة، من خلال الإشراف على العملية برمتها انطلاقا من حصاد الحبوب وصولا إلى صناعة الشوكولا الفاخرة، ففي بلد تشكل فيه الشوكولا مصدر فخر وطنيا، يعتبر صانع الشوكولا بونوا نيان واحدا من نحو 12 خبيرا في هذا المجال يتوجهون مباشرة إلى أفريقيا والقارة الأميركية وآسيا لتحقيق أفضل مذاق ممكن. بحسب فرانس برس.

ويقول الخبراء إن مصدر أفضل شوكولا في العالم هي حبوب الكاكاو التي تجفف تحت أشعة شمس أميركا اللاتينية في ساحة بلدة تشواو على ساحل الكاريبي في فنزويلا، ويتحدث بونوا نيان باحترام عن حبوب الكاكاو هذه التي ترد مشغله في مدينة اوان الصغيرة في ضاحية لييج في جنوب بلجيكا، فهو ينتمي الى ناد ضيق في العالم مع بيار ماركوليني من بلجيكا أيضا، يسعى إلى تحويل أوساط الشوكولا التقليدية عادة من خلال التحكم بالعملية من حصاد حبوب الكاكاو وصولا إلى إنتاج الشوكولا الفاخرة.

ويقول نيان البالغ 41 عاما "احتجنا إلى ثلاث أو أربع سنوات للتحكم بذلك فعلا ولنفهم تأثير طريقة العمل في مزارع الحبوب على الشوكولا بحد ذاته"، وقد بدأ نيان يعمل كمهندس في مجال التعدين في بلجيكا قبل أن يحدث هذا التحول الجذري في حياته عند بلوغه سن الثلاثين، ويؤكد "أدركت فجأة إني لم اختر المسار الصحيح لم اختر مصيري. كنت اطمح إلى ابتكار شيء وان أحيا شغفي كل يوم".

الشوكولا مصنوع بحب، شغفه هذا كان بالشوكولا مع اهتمام بأدق التفاصيل في عمله، ويوضح "الشوكولا الجيد يصنع بحب, الشوكولا الجيد يصنع بحبوب مصدرها مزرعة صغيرة يتم اختيارها ولا يخلط إنتاجها بحبوب مزرعة مجاورة"، ويضيف "إنها شوكولا يعرف في إطارها مزارع حبوب الكاكاو بحاجات صانع الشوكولا ويحترم كل خطوات التخمير والتجفيف من دون اختصار المراحل".

وقد اختار نيان شخصيا تسع مزارع بعد زيارات عدة الى فنزويلا والاكوادور وكوبا ومدغشقر وبالي في اندونيسيا، ويأمل قريبا بالحصول عل حبوب من بيرو حيث اشترى أرضا قبل فترة قصيرة، وهو يستورد 25 طنا من حبوب الكاكاو سنويا في بلد ينتج 650 ألف طن من الشوكولا في السنة غالبيتها من جانب ماركات كبيرة من قبيل غوديفا وليونداس ونوهاوس.

إلا أن التوجه مباشرة إلى المصدر يكلف غاليا، فهو يشتري كيلوغرام حبوب الكاكاو بسعر يراوح بين ستة يوروهات و12 يورو في حين ان كيلوغرام الشوكولا الجاهز للاستخدام الذي يباع إلى الصانعين يكلف 3,50 يوروهات، اما محبو الشوكولا فيدفعون 4,20 الى 7,20 يوروهات ثمن لوح شوكولا من صنع بونوا نيان.

تغيير التقليد، العودة إلى الجذور لا تقتصر على حبوب الكاكاو فوراء واجهة زجاجية كبيرة في مشغله آلتان كبيرتان ينظر إليهما الزبائن بفضول، فإحدى هاتين الآلتين تعود إلى خمسينات القرن الماضي وقد أخذت من مصنع مهجور في آسيا وتستخدم في التحميص، أما الثانية وهي آلة طاحنة فمجهزة بدولابين من الغرانيت يحولان الحبوب المحمصة إلى محلول الشوكولا وهو أساس كل الوصفات، وتعود الآلة إلى القرن التاسع عشر وكانت تستخدم للزينة في مصنع في اليونان وقد تم ترميها بفضل مؤهلات عمال بلجيكيين.

ويقول نيان "إنها تقنيات قديمة توفر مذاقا مميزا"، ويحدد مشغل الآلة وهو احد العاملين الـ16 في المشغل متى يوقف عملية الطهو وهي خطوة اساسية ودقيقة تفضي إلى إبراز طعم الكاكاو، وهذه العملية هي التي تسمح لنيان بصنع شوكولا مر بنسبة 70 % يتمتع بطعم قوي من دون ان يكون مر المذاق. وقد بدأ نيان نشاطه في مرآب والدي زوجته وقد وسع عمله ثلاث مرات في غضون عشر سنوات.

ولديه اليوم أربعة متاجر في بلجيكا في حين ان انتاجه من الشوكولا يباع في حوالى 12 متجرا في اليابان وهو يجري مفاوضات في الصين والولايات المتحدة فضلا عن دراسته لتعاون محتمل مع متجر هارودز الشهير في لندن. وهو يبيع إنتاجه عبر الانترنت أيضا، ويختم قائلا "نحن جيل يقلب التقاليد وطرق العمل القديمة، ونحن نساهم نوعا ما في التقليد البلجيكي".

ايطاليا

قد تفتح وفاة الملياردير الإيطالي ميشيل فيريرو الباب أخيرا أمام إبرام صفقة تشمل إمبراطورية الشوكولاتة التي تحمل اسمه مع قيادة الجيل الثالث من الأسرة للشركة إلى مستقبل يضم شركات متعددة الجنسيات تزداد تعطشا للصفقات، وكان ينظر للشركة المنتجة لشوكولاتة نوتيلا وفيريرو روشيه كهدف مغر لمنافسين مثل مونديليز انترناشيونال ونستله ومارس وهيرشي. لكن قوة العلامات التجارية والهامش المرتفع للشوكولاتة وتباطؤ قطاع المواد الغذائية المعبئة بوجه عام قد يجعل من الشركة الإيطالية هدفا مجزيا لأي شركة أغذية عالمية. بحسب رويترز.

ونأت فيريرو انترناشونال - التي تحيط أنشطتها بالسرية وتأسست قبل 69 عاما - بنفسها عن إبرام الصفقات التي كانت من سمات مساعي النمو في قطاع السلع الغذائية على مدى العقد المنصرم، وتقول مصادر مطلعة إن الوضع قد يتغير. وقالت المصادر إن فيريرو سبق لها التفكير في شراء كادبوري لكنها تراجعت بعد أن رفض رب العائلة مساعي أبنائه، ومرة أخرى ترددت أنباء في عام 2013 عن إجراء الشركة محادثات بشأن عملية استحواذ من نستله.

وقال مدير في فيريرو لرويترز مشترطا عدم ذكر اسمه "فكرة التحالف مع نستله قد تعود للحياة، يقول جيوفاني (فيريرو الرئيس التنفيذي) دائما إن الشركة كبيرة ولكن ليس لديها ثقل لتصبح لاعبا عالميا ولذا فقد يعلن عاجلا أو آجلا عن صفقة استحواذ. الأب هو من كان يعترض على أي شيء"، وأضاف المدير أن جيوفاني فيريرو الذي تولي رئاسة الشركة منفردا في 2011 بعد وفاة شقيقه الأكبر بيترو فجأة ينبغي أن يكون مسيطرا على أغلبية الأسهم ليحظى بحرية أكبر في إحداث أي تغيير.

لكن متحدثا باسم فيريرو قال إن شيئا لن يتغير، وقال المتحدث "الشركة غير مدرجة في البورصة والأسرة تملكها كاملة" مضيفا أنه لا يعرف تفاصيل وصية ميشيل أو كيف سيتم توزيع الأسهم، وأسس والدا ميشيل الشركة في عام 1946 ويعمل بها أكثر من 30 ألفا فيما يزيد عن 20 دولة وتستحوذ على نحو ثمانية بالمئة من سوق الشوكولاتة العالمية.

انكلترا

من جهتهم يسعى قيمون على بيوت بلاستيكية في إنكلترا إلى إبقاء نبتات كاكاو خالية من الأمراض للحفاظ على الإنتاج العالمي لهذه الحبوب المهمة جدا لمحبي الشوكولا، في صبيحة يوم شتوي مشمس وبينما الحرارة الخارجية ثماني درجات مئوية، تبقى الحرارة مستقرة على 23 درجة داخل "المركز الدولي لحجر الكاكاو (اي سي كيو سي) مع نسبة عالية من الرطوبة لمحاكاة الاجواء في المناطق المدارية حيث ينبت الكاكاو. بحسب فرانس برس.

وتوضح هيذر لايك وهي فنية تعمل في المكاتب الجديدة للمركز التي تمولها صناعات الشوكولا البريطانية والحكومة الاميركية، لوكالة فرانس برس "زراعة نبتات الكاكاو ليست بالأمر السهل"، وتضيف "فهي لا تحب الشمس او العتمة كثيرا ومن الصعب الحصول على المناخ المثالي لها"، ويقع هذا المركز في بلدة اربورفيلد على بعد ستين كيلومترا غرب لندن ويضم 400 نوع من اشجار الكاكاو في بيوت بلاستيكية من حوالى الف متر مربع، وهذه الهيئة التابعة لجامعة ريدينغ تعود الى 30 عاما.

وتجمع النبتات في البرية خلال رحلات الى المناطق المدارية يختار خلالها الباحثون الغرسات وبذور اشجار الكاكاو الخالية من الامراض. وهي تأتي ايضا من عمليات نقل بين دول منتجة تطلب وضعها من الحجر في المركز للتأكد من سلامتها، ويضطلع المركز أيضا بدور حيوي للدول المنتجة التي تعاني ضغوطا بسبب الطلب العالمي المتزايد الذي يغذيه بروز طبقة متوسطة كبيرة في آسيا.

ويوضح اندرو دايمند مدير المركز "كل بلد منتج للكاكاو يواجه تحديات معينة مرتبطة بالطفيليات والامراض ومحدودية المحصول او ظواهر مناخية قصوى"، ويضيف "إن الهدف الرئيسي للمركز هو السماح بنقل نبتات الكاكاو بشكل آمن من منطقة إلى أخرى"، واصل الكاكاو في أميركا الجنوبية اساسا الا انه ينتج الان بغالبيته في افريقيا الغربية التي تؤمن 73 % من الكميات المتوافرة عالميا وفق المنظمة الدولية للكاكاو. ولا تزال اميركا الجنوبية تنتج 16 % في حين تنتج آسيا 11 % من هذه الكميات.

وتركز الإنتاج الكبير يجعله عرضة للكثير من العوامل. فساحل العاج وغانا تؤمنان 60 % من الإنتاج العالمي، وقد سجلت أسعار الكاكاو في ايلول/سبتمبر الماضي قفزة كبيرة ليصل سعرها الى 3400 دولار للطن في نيويورك في خضم انتشار وباء ايبولا الذي كان يهدد بالوصول اكبر منتجين له، وفي غياب انتشار الوباء في هذين البلدين، عادت الاسعار لتنخفض الا انها زادت رغم ذلك بنسبة 15 % في العام 2014 بعدما ارتفعت بنسبة 25 % في 2013.

وفي بريطانيا لا تنتشر اي حشرات ضارة او امراض من شأنها التأثير على الكاكاو ويمكن للمركز ان يطور بهدوء نوعيات مقاومة قبل ان يرسلها الى مناطق أخرى من العالم، وتوضح لايك "عندما نصدر، نقطع اغصان صغيرة من الشجرة وننزع عنها الأوراق ونرسل فقط القضبان"، ويمكن للدول المنتجة بعد ذلك ان تطور نبتات مماثلة جينيا لتلك التي حصلت عليها، ويعمل المركز على درس تأثير التغير المناخي ويريد ان يطور انواعا جديدة اكثر مقاومة للجفاف.. والمساهمة تاليا بجعل سعر علبة الشوكولا في متناول عدد اكبر من الناس.

روسيا

الشوكولا الفاخرة اليدوية الصنع التي تباع بأسعار باهظة احيانا هي متعة يتمسك بها الكثير من محبي الشوكولا في روسيا رغم الأزمة التي تضرب البلاد، ويؤكد ديمتري ابريكوسوف صاحب ماركة الشوكولا "ابريكوسوف وابنائه" وهي من الاقدم في روسيا "الازمة لا تؤثر بتاتا على مبيعات الشوكولا اليدوي الصنع"، ويوضح لوكالة فرانس برس "لوح الشوكولا اليدوي الصنع بسعر الف روبل (15 يورو) يوفر احساسا مختلفا تماما" عن الشوكولا الصناعي الذي غالبا ما يباع بسبعين روبلا (يورو واحد) و"الناس مستعدون لدفع هذا المبلغ". بحسب فرانس برس.

فالشوكولا الغني بالسيروتين "هرمون السعادة"، "يساعد على ما يبدو الروس على العيش بخفة اكثر والا يغرقوا في الاكتئاب" على ما يرى فيتالي بونوماريف صانع الشوكولا في شركة "كونفايل" الروسية، ويشير إلى أن "المفارقة تكمن في ان الطلب على الشوكولا اليدوي الصنع زاد رغم الأزمة"، وفي مؤشر على إن الشوكولا يصمد في وجه هذه الاجواء الملبدة، انطلق معرض الشوكولا في موسكو قبل يومين بحفاوة في العاصمة الروسية بعد توقف دام سبع سنوات.

وقال الفرنسي فرنسوا جانتيه مؤسسة معرض الشوكولا، في مراسم الافتتاح "الشوكولا غذاء استثنائي فهو يوفر حتى في الفترات الصعبة، بعض السعادة"، وتتخبط روسيا منذ أشهر عدة في ازمة اقتصادية حادة بسبب العقوبات الغربية التي فرضت عليها بسبب النزاع في اوكرانيا وتراجع سعر النفط وهما عاملان اديا الى تراجع سعر صرف الروبل بالنصف مقارنة بمستواه العام الماضي، ويعاني الروس أيضا من تضخم كبير يؤثر على صناعة الشوكولا بسبب ارتفاع اسعار حبوب الكاكاو المحددة بالعملة الأجنبية، الا ان اوساط الشوكولا الروسية لا تشتكي من الوضع فالكاكاو منتج يرفض الروس التخلي عنه.

ويسمح معرض الشوكولا الذي يشارك فيه 20 صانع شوكولا روسيا من اصل 30 مشاركا، للروس بالتحقق من ان حبوب الكاكاو تأتي من الخارج، لكن الواح الشوكولا منتج وطني، وهي حجة لا يستهان بها في عمليات التسويق في ظل الحصار الغذائي المفروض على روسيا منذ آب/اغسطس والذي يشمل الكثير من المنتجات الغربية، وتلقى صناعة الشوكولا الروسي التي تتطور بسرعة، رواجا، ويقول ابريكوسوف "الكثير من الناس في روسيا راهنا يستثمرون المال والخبرة في صناعة الشوكولا اليدوي الصنع".

وقد أصبح للكثير من الشركات التي تبيع الشوكولا اليدوي الصنع "الفاخر" وجود في السنوات الاخيرة في موسكو كما في مدن اخرى مثل كيروف (900 كيلومتر شرق العاصمة الروسية) وإيكاتيرينبورغ في جبال الاورال، وفي بلد مثل روسيا التي غالبا ما تشهد فترات برد قارس، ثمة طلب كبير على "الشوكولا اليدوي الصنع الفعلي لأنه يساهم في رفع المعنويات وفي تعزيز المناعة" على ما يؤكد ابريكوسوف.

ويعتبر إن قطاع الشوكولا اليدوي الصنع "واعد جدا في روسيا" موضحا إن صانعي الشوكولا الروس "يميلون الى اختيار النوعية الافضل" من دون الاكتراث بالسعر، ويختم يفغيني تروستينتوف منظم معرض الشوكولا في موسكو قائلا ان "الشوكولا هو افضل وسيلة لمكافحة الاكتئاب، وفي وضعننا الراهن يجب استهلاكه يوميا حتى لا نفقد تفاؤلنا".

من جهة اخرى تلاحظ أسد يزأر من اللذة او شرفة مقهى محاطة بورود او قارب يطوف في اقنية البندقية... للوهلة الاولى تبدو هذه اللوحات الشعبية في روسيا كغيرها من الاعمال الفنية، لكن ما يميزها هو أنها مصنوعة من الشوكولا وقابلة للأكل، ويقول سيرغي البالغ ثماني سنوات "هذا ليس صحيحا، ما اراه ليس مصنوعا من الشوكولا"، وذلك خلال تأمله احد هذه الاعمال المميزة، لكنه سرعان ما يتذوق العمل لتبدو بعدها البسمة على محياه ويصرح "بلا، هذا حقا شوكولا". بحسب فرانس برس.

وتقر تاتيانا مسؤولة المبيعات في متجر البسة في موسكو بأن قريبها الصغير "يتحقق" للمرة العشرين من طبيعة ما يراه وإمكان الا يعدو كونه ديكورا لا أكثر، وتروي هذه المرأة المتحدرة من موسكو والبالغة 35 عاما "زملائي اهدوني لوحة مشابهة لكن على شكل مزهرية لمناسبة يوم المرأة في الثامن من آذار/مارس، كان ذلك رائعا، أدركت على الفور اي هدية سأقدمها لسيرغي في عيد ميلاده".

ويلقى الرسم بالشوكولا رواجا في الغرب منذ فترة طويلة لكنه لم يشق طريقه للشهرة على نطاق واسع في روسيا الا في السنوات الأخيرة، ومع أن هذه التقنية لا تزال تستخدم في فرنسا خصوصا في محترفات الاطفال ويمنع تذوق الاعمال المصنوعة من خلالها والتي تقام بشكل رئيسي على الورق او القماش، لكن محبيها في روسيا يسعون الى رفعها الى مصاف الفنون.

وتقول ايرينا ايلدارخانوفا صاحبة شركة كونفايل الروسية المؤسسة سنة 2001 والحائزة الوحيدة على ترخيص في روسيا لتنفيذ لوحات من الشوكولا، لوكالة فرانس برس "اننا نعتبر لوحة الشوكولا عملا فنيا مصنوعا بالاستعانة بمادة رائعة"، من ناحيته يلفت فيتالي بونوماريف الفنان الاخصائي في الرسم بالشوكولا داخل شركة كونفايل إلى ان لوحة من هذا النوع "تسمح بالتعبير بشكل رائع عن الاحاسيس" لأن الشوكولا "غالبا ما يرتبط بانتظار عيد او بالحب والفرح".

ويستعين بونوماريف بالشوكولا الابيض الممزوج بثفل التفاح او الليمون او الكرز للحصول على الوان قوية. وعندما يكون ذلك غير كاف، يمكنه اللجوء الى ملونات غذائية للحصول مثلا على اللون الأزرق، وبعد انجازها بعناية كبيرة بالاستعانة بالأصابع او بملعقة صغيرة على قالب كبير للشوكولا الابيض، تجمد اللوحة سريعا. لذلك في هذه الجلسة، تبقى على لوح مسخن وفق بونوماريف، كما أن الفنان لا يحق له التفكير كثيرا كي لا يجد نفسه من دون عدة عمل.

من هنا يستغرق انجاز لوحة من الشوكولا بين يوم وثلاثة ايام، ومعدل زنتها يبلغ 1,5 كلغ كما يصل عرضها الى 75 سنتيمترا وفق بونوماريف، وحالما تنجر اللوحة، يمكن أكلها في اللحظة نفسها أو تذوقها بكل أمان خلال السنة او تزيين المنزل على مدى عشر سنوات اذا ما تم احترام الارشادات المتعلقة بدرجات الحرارة المناسبة للحفظ، وفق إيلداخانوفا.

هذه اللوحات المصنعة في روسيا منذ اثني عشر عاما لطالما صنفت كهدايا فاخرة ولها زبائن من النخبة بينهم العائلات المالكة في اوروبا والشرق الاوسط اضافة الى مسؤولين سياسيين ونجوم رياضيين، وتخبر إيلداخانوفا بأن احد المدعوين الى زفاف الامير وليام وكايت ميدلتون سنة 2011 طلب انجاز رسم للثنائي مصنوع من الشوكولا سعيا منه لتقديم هدية مميزة يمكن منحها "على اعلى المستويات".

ومن بين الأشخاص الآخرين الذين تلقوا بورتريهات لهم مصنوعة من الشوكولا هناك البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر والرئيس الاوكراني السابق ليونيد كوتشما وأحد مشايخ المملكة العربية السعودية، لكن في السنوات الأخيرة، تجذب اللوحات المصنوعة من الشوكولا عددا متزايدا من الروس العاديين رغم سعرها الذي يراوح بين 500 و1400 دولار، وانهيار سعر صرف الروبل لا يؤثر كثيرا على مبيعات هذه اللوحات التي لم تسجل اي تراجع لا بل "حققت ارتفاعا طفيفا" منذ بداية الازمة العام الماضي بحسب ايلداخانوفا.

ولا تكشف شركة كونفايل عن حجم مبيعاتها الا انها تنجز شهريا ما بين 10 و30 لوحة كلها مصنوعة على الطلب -- سواء عن طريق الانترنت او في متاجر. وتعتزم الشركة تأسيس فروع لها مستقبلا في الإمارات العربية المتحدة والصين، وتلفت ايلداخانوفا إلى إن "الرجال يحبون كثيرا البورتريهات في حين تطلب الشركات رسما لمبانيها -- الامر له بعد رمزي: الحياة في شركتنا ستكون حلوة كطعم الشوكولا"، لكن الشائبة الوحيدة هي أن البعض "لا يصدقون ان اللوحات مصنوعة من الشوكولا الحقيقي" عند تلقيهم لوحات كهدية، لذا "يحاولون شمها قبل تذوقها حتى انهم يكسرون قطعا صغيرة منها".

فرنسا

فاز الفرنسي فينسان فاليه الجمعة ببطولة العالم للشوكولا التي نظمتها شركة "كاكاو باري" احد فروع مجموعة "باري كالوبو" السويسرية العملاقة، خلال المعرض الحادي والعشرين للشوكولا في باريس، وقالت "كاكاو باري" التي تنظم "وورلد تشوكوليت ماسترز" كل سنتين منذ العام 2005 في العاصمة الفرنسية "هي المرة الاولى التي يفوز بها طاه فرنسي بالبطولة". بحسب فرانس برس.

وحل فنسان فاليه (27 عاما) مكان الايطالي دافيده كوماتشي الذي فاز العام 2013، وسيحمل لقب "افضل حرفي شوكولا في العالم"، ويخوض فاليه هذا المجال منذ 12 عاما وقد اختير افضل متدرب في منطقة فانديه (غرب فرنسا) العام 2006 وهو يدير منذ العام 2011 مختبر الحلويات التابع لتييري باماس في انغليه (جنوب غرب) وهو افضل حرفي في فرنسا في مجاله أيضا.

وقد تواجه فاليه مع 19 مشتركا اخر من العالم باسره وفاز بالمسابقة التي كانت بعنوان "من وحي الطبيعة" بفضل منحوتة امرأة لها رأس اسد وجلد مخطط يبلغ ارتفاعها 1,70 متر، وقد خضع المشاركون لستة اختبارات خلال المسابقة التي امتدت على ثلاثة أيام، وقال رئيس لجنة التحكيم ميشال بوروشون في بيان "خلال المسابقة برهن فنسان فاليه عن مستوى عال جدا في مجال الابتكار والابداع" مشيدا بـ"ببراعته ومهارته والرؤية التي اثبتها خلال النهائي".

نستله تريد نصيبا أكبر من سوق الشوكولاتة الفاخرة

الى ذلك أقر الرئيس التنفيذي لشركة نستله التي تمتد أنشطتها من طعام الأطفال إلى علاجات التجاعيد بان انتاج الشوكولاتة وهو أحد أقدم منتجاتها أصبح مصدرا للإحباط، ونستله من بين الكثير من شركات السلع الاستهلاكية التي تسعى إلى الاستفادة من اهتمام المستهلكين بالمنتجات الفاخرة والطبيعية والمبتكرة والحصرية والعضوية لتعزيز مبيعات الأغذية المعلبة التي تعاني من الركود في أوروبا وأمريكا الشمالية منذ الأزمة المالية العالمية. بحسب رويترز.

وتتمتع قهوة نسبريسو التي تنتجها نستله بمكانة جيدة في سوق القهوة الفاخرة بدعم من التوزيع الحصري والتكنولوجيا المتطورة والاعلانات التي يظهر فيها الممثل الأمريكي الشهير جورج كلوني، لكن الشركة لم تحقق نجاحا مماثلا في مجال الشوكولاتة، وقال الرئيس التنفيذي للشركة بول بولكه للمستثمرين في مؤتمر في بوسطن في الرابع من يونيو حزيران حيث ناقش أيضا تراجع حماس الشركة للمنتجات الخاسرة "الشوكولاتة الممتازة هي مبعث احباطي الصغير".

وجددت تصريحات بولكه التكهنات بأن الشركة المشهورة بإنتاجها الكبير في سوق الشوكولاتة قد تسعى إلى عمليات استحواذ من أجل دور أكبر في القطاع الممتاز خاصة في الولايات المتحدة، ورفض متحدث باسم نستله التعقيب على أي خطط، وقال جون كوكس المحلل لدى مؤسسة كيبلر شوفرو "أعتقد ان الشركة ستطرح نوعا من المبادرات الخاصة بالشوكولاتة على المستوى العالمي خلال الشهور أو الأرباع المقبلة".

وباعت نستله شوكولاتة بنحو 7.5 مليار فرنك سويسري (8.39 مليار دولار) في 2013 وهو ما يمثل ثمانية في المئة تقريبا من مبيعات الشركة، ويأتي نشاط الشركة في مجال انتاج الحلوى في المركز الثالث بعد مونديليز انترناشونال ومارس في سوق عالمية تبلغ حجم مبيعاتها في قطاع التجزئة 196 مليار دولار وفقا لبيانات يورومونيتور انترناشونال، وتبيع نستله أيضا منتجات من الشوكولاتة الفاخرة لكن القسط الأكبر من المبيعات يأتي من الأنواع العادية مثل كيت كات وكرانش وباترفينجر وأيرو، وقال بولكه "نحاول الوصول إلى إجابة. ستكون رحلة طويلة لكن لدينا نوعية جيدة من الشوكولاتة ..لدينا المعرفة والصنعة" مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من المشكلة يرجع الى الهيكل اللامركزي للشركة، وأضاف "يجب أن تكون أنواع الشوكولاتة الفاخرة متجانسة على المستوى العالمي مثل نسبريسو، وهو ما يتناقض مع طبيعة شركتنا لذا يجب علينا التوصل إلى طريقة للتغلب على ذلك".

اضف تعليق