دوامة الصراع الانتخابي وما ينتج عنها من اولويات أوقع الناخب العراقي والعملية الديمقراطية في حرج كبير خصوصا على مستوى المشاركة بالانتخابات والتشكيك بنتائجها وعدم الاهتمام بها لأسباب عدة.

ولتبين تلك الحقيقة عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات في كربلاء المقدسة حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (إصلاح النظام الانتخابي كضمانة للحقوق والحريات في العراق)، وذلك بمشاركة نخبة من الأكاديميين وعدد من الصحفيين، وذلك بمقر جمعية المودّة والازدهار في المحافظة.

 افتتح الحلقة النقاشية الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز ادم، وابتدأ حديثه ببعض التفاصيل المهمة عن موضوع" (إصلاح النظام القانوني مقدمة لضمان الحقوق والحريات في العراق) خاصة وان العراق قد مر بمخاض عسير بعد العام (2003) تمخض عنه إقرار دستور دائم للبلد في عام (2005)، هذا الدستور أكد في المادة (5) و(6) بان الشعب العراقي هو مصدر السلطات، ومصدر شرعية هذه السلطات أيضا ويمارس هذه السلطة من خلال الانتخاب بالاقتراع".

"كما عبر عنه الدستور العام السري المباشر لاختيار ناخبيه، وان النظم الديمقراطية في العالم لا تخرج عن ثلاثة أنوع، هناك الديمقراطية المباشرة عندما الشعب يمارس السلطة التشريعية والتنفيذية بنفسه، وهذه أصبحت صعبة إذ من المستحيل أن يجمع أبناء الشعب في مكان ما كي يمارسوا السلطة التي يملكونها".

 يضيف الحسيني "الديمقراطية شبه المباشرة المطبقة في سويسرا على مدار دساتيرها القديمة والحديثة، وآخرها دستور (2002) وقبله دستور (1874) والذي يعطي للشعب إمكانية أن ينتخب نوابا عنه، ولكن هو يمارس بعض مظاهر السلطة كالاقتراح الشعبي أي إن الشعب يستطيع اقتراح مشروع قرار ويستطيع أن يعترض على قانون أقره البرلمان".

 يكمل الحسيني "وهذه التجربة تحتاج إلى نضج سياسي ووعي لأبناء الشعب، ربما وجد المشرع الدستوري انه لم يتكامل بعد في العراق، لذا تم اختيار النوع الثالث من الديمقراطية وهي الديمقراطية النيابية، التي تعني إن أبناء الشعب ينتخبون نوابا عنهم يمارسون السلطة خلال مدة محددة في الدستور وتصل إلى أربعة سنوات والشعب يحاسبهم في نهاية هذه المدة، بان يعيد انتخاب الصالح ويطرح الطالح منهم".

 هذا وقد أشار الحسيني، "إلى وجود تشكيلين على مستوى الدولة العراقية يمكن أن يمثلون إرادة الشعب التشكيل، الأول هو مجلس النواب العراقي والتشكيل الثاني هو المحافظات غير المنتظمة بإقليم، لانتخاب ممثليهم في المجالس المحلية التي تشكل احد أضلع الحكومة المحلية التي عبر عنها قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) لسنة (2008)، بأنها حكومية محلية تتكون من طرفين طرف المحافظ أو المحافظة وطرف آخر هو مجلس المحافظة الذي سميه بأنه السلطة التشريعية والرقابية كما عبر عنها قانون(21) قبل وبعد تعديله في عام (2013)".

استرسل الحسيني، "اليوم هذه السلطة الإدارية التي تمتلك بعض الاختصاصات المهمة على الصعيد المالي والإداري مقبلين على اختيارها واختيارها لا يتم إلا من خلال المرور بعقبة الانتخابات والانتخابات قد نظمها المشرع العراقي بقانون انتخاب مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (36) لسنة (2008) المعدل وهذا القانون قد شهد تطورات عديدة على صعيد الانتخابات الفائتة إذا عدل ثلاث أو أربعة تعديلات متتالية بعد عام(2009) و(2012)".

ضمانات الوعي الدستوري للانتخابات

هذا وقد استضاف المركز الأستاذ الدكتور (غسان المعموري) أستاذ القانون الدستوري في جامعة كربلاء ليستعرض أهم ضمانات الوعي الدستوري للانتخابات بوصفها حق لكل العراقيين من جهة، ومن جهة ثانية كيف نظم الدستور وضع المحافظات والأقضية، وتعرض في ورقته إلى الباب الثاني من الدستور في باب الحقوق والحريات في فرعه الأول في باب الحقوق المدنية والسياسية المادة(20) منه، للمواطنين رجالا ونساء حق المشاركة في الشؤون العامة وصرح بهذا الحق والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح.

وتطرق المعموري، "أيضاً إلى الفصل الثالث في باب السلطة القضائية وأشار إلى انه من ضمن مهام المحكمة الاتحادية العليا على وجه التحديد مادة (93) منها ثالثا الفصل في القضايا التي تكشف عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الأفراد وغيرهم حق الطعن المباشر بالمحكمة".

 وأضاف المعموري" ورابعا الفصل في المنازعات التي تحدث بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية وهنا إشارة واضحة على انه هناك إدارات محلية على مستوى أصغر وحدة إدارية وهي الناحية القضاء المحافظة تختص المحكمة الاتحادية بالنظر بهذه المنازعات".

وأشار المعموري أيضاً إلى، "الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات ففي الباب الخامس في سلطات الأقاليم، أشار بشكل مباشر في المادة (16) في الفصل الأول أقاليم يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية، المادة (117) اقر إن هذا الدستور عنه نفاذة بان إقليم كردستان وسلطاته القائمة إقليما اتحاديا".

 يكمل المعموري، "إلى أن نصل إلى المواد (20) و(21) والى المادة (121) حتى نصل إلى الفصل الثاني محافظات التي لم تنتظم في إقليم المادة (122) وتتكون المحافظات من عدد الأقضية والنواحي والقرى، ثانيا تمنح المحافظات التي لم تنتظم في إقليم الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة بما يمكنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية وينظم ذلك بقانون".

كما أكد المعموري، "حيث يعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظ الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس، رابعا ينظم بقانون انتخاب مجلس المحافظة المحافظ وصلاحياتهما، المادة (123) دستورية يجوز تفويض سلطات الحكومة الاتحادية للمحافظات أو بالعكس من موافقة الطرفين وينظم ذلك بقانون".

استنتاجات وتوصيات الباحث

في السياق ذاته قال المعموري، "إن أداة العملية السياسية والديمقراطية يجب أن تنظم بقانون خاص بها فليس بالضرورة أن يكون مشابها للقانون الذي سبقه أو ممكن أن يكون ذلك القانون مع إجراء بعض التعديلات عليه ما دار ويدور الآن في الساحة السياسية ظهور مشاكل خلافية تخص قانون (36) لسنة (2008) مع التعديلات التي طرأت عليه وبإمكاننا أن نجمل تلك المشاكل بتسع أو عشر نقاط وهي:

1_ تقليل عدد المقاعد إلى النصف.

2_ تقليل عمر المرشح من ثلاثين عام إلى خمسة وعشرين عام وان يكون حاصل على شهادة البكالوريوس صعودا.

3_ الانتخاب لا يكون على أساس التمثيل النسبي.

4_ طريقة احتساب المقاعد وفق نظام ( سانت ليكو) تحتاج لمراجعة

5_ موعد الانتخابات لازال متأرجحا مع المطالبة بتأجيلها لعام واحد.

6_ موعد إعلان نتائج الانتخابات محط اعتراض المفوضية المستقلة للانتخابات.

7_ يجب أن تقسم المحافظة إلى عدة دوائر انتخابية.

8_ طريقة الانتخاب لابد أن تكون فردية وليست على أساس القوائم.

ورأى العموري، بعض المقترحات بهذا الصدد وهي كالتالي؛

المقترح الأول: يرشح ثلاث محافظين عن كل محافظة يتم اختيارهم من رئاسة الوزراء عن كل محافظة ليتم انتخاب أحدهم من قبل مجلس المحافظة.

المقترح الثاني: طريقة احتساب المقاعد تعتمد طريق اسمها ( دي هونت) بمعنى انه تقسم الأصوات الصحيحة لكل قائمة متسلسلة الأرقام وآلية احتساب المقاعد ستبقى على (سانت ليكو).

المقترح الثالث: عبارة عن فقرتين الأولى بقاء فقرة العتبة الانتخابية على 5% فما وفق وهي محاولة لإقصاء المنافسين من الأحزاب الصغيرة، الفقرة الثانية تغيير قانون الانتخابات وتصفية مفوضية الانتخابات من الزوائد غير المستقلة والمطالبة بتعميم الانتخابات في جميع أنحاء العراق من دون استثناء أي محافظة تحت حجة الإرهاب وعدم الاستقرار الأمني.

المقترح الرابع: ضرورة إقرار قانون انتخاب يتناسب مع طبيعة النظام البرلماني المبني على أساس الكتل النيابية بمعنى يبقى الحال كما هو عليه.

المداخلات

 بعدها انتقل النقاش إلى طرح المداخلات من قبل الحاضرين للاطلاع على آرائهم وأفكارهم حول موضوع إصلاح النظام الانتخابي كضمانة للحقوق والحريات في العراق فكانت كما يلي:

 أشار الدكتور حيدر بدر عبود جامعة كربلاء، إلى "إن الانتخابات ليس بها محاسن وأساس ذلك جاء بفضل الإستراتيجية الأمريكية لأنها اعتمدت نظام فاشل ومضر بالواقع العراقي لابد أن نستفيد من تجارب الأمم الأخرى كسويسرا أو فرنسا وذلك من خلال الابتعاد عن الكتل والكيانات وان نكتفي بانتخاب الأشخاص كي نبعد تأثير الكتل والأحزاب السياسي".

 من جانبه تحدث الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، عن "أن موضوع الانتخابات موضوع يؤرق العراقيين كثيرا فالحلقة التي من المفترض إنها تكون حلقة لإصلاح النظام باتت تولد فشلا بعد فشل، خبراء الوضع الانتخابي يتحدثون عن متلازمة ثلاثية (القانون الجيد، المفوضية المستقلة، والمتابعة أو المحاسبة)، هذه المتلازمة يجب ان توجد كي تنتج لك عملية انتخابية صحيحة وبرلمان جيد وبطبيعة الحال ستنتج لدينا حكومة غير مشوهة".

 يضيف الصالحي" مفوضية الانتخابية المستقلة فهي إلى الآن لم تنجح في إعداد قاعدة بيانات حقيقية منذ عام (2005) فهناك أسماء توفاها الله إلا أنها موجودة وبالمقابل هناك أشخاص أحياء إلا أنهم غير مسجلين لدى المفوضية، الشيء الآخر إن قانون الانتخابات تم تصميمه من قبل الكتل السياسية نفسها وهي لا تسمح بإيجاد أي منافس لها".

 الصالحي ينهي مداخلته بالقول، "لذا أقترح أن تتم مناقشة قانون الانتخابات من قبل الكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية ويصوت عليه بشكل تفصيلي ودقيق، ثالثا العدالة الانتخابية فلا يمكن مساواة حزب ناشئ مع أحزاب تمتلك السلطة والمال والنفوذ فلابد أن تتوفر رقابة دولية قبل الانتخابات كي نوفر فرص متساوية بالانتخابات".

 من جهته احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات تحدث قائلاً، "الغرض من إعداد هذه الحلقات النقاشية من قبل مركز آدم وهو الدفع نحو الأمام في سبيل ضمان حقوق الأفراد والمجتمع وحرياتهم، وان الغاية من العملية الديمقراطية وصناديق الانتخابات هو أن يحظى الشعب العراقي بحقوق كاملة وبحريات لا يمكن المساس بها".

يضيف جويد، "وان الخلل يكمن في العملية الانتخابية التي تفرز البرلمان الذي بدوره يفرز الحكومة وبطبيعة الحال فان الحكومة هي المعنية برسم السياسات العامة للدولة وتكون النتائج غير صحيحة إذا كانت المقدمات غير صحيحة، ومن هنا تكون الخشية على باقي الحقوق والحريات، واعتقد ان تجربة مجلس الحكم التي أسسها الأمريكان في العراق كانت تجربة سيئة أنتجت التوافق بين "المكونات" بدلاً من نتائج صندوق الانتخابات، ففي حال أن يأتي صندوق الانتخابات بشيء تنتج التوافقات السياسية شيء آخر".

 يكمل جويد، "إن النظام الانتخابي في العراقي استحوذت عليه بعض الكتل الكبيرة واستقوت بدول خارجية وبالمال وبجهات مسلحة ترتبط بها وضيعت كل شيء اسمه انتخابات وعملية انتخابية وحقوق الأفراد، اليوم يمارس ضغط وتهديد من اجل تحديث البطاقة الانتخابية علما إن الانتخاب هو حق للفرد وليس واجبا عليه".

 في السياق ذاته قال الدكتور حمد جاسم محمد تدريسي في جامعة كربلاء، "إن الخلل أولا يقع على النظام السياسي العراقي خصوصا ومع وجود مئات الأحزاب وحتى المفوضية مسيطر عليها من قبل الأحزاب الكبيرة أيضا التأثير الحزبي والعشائري له تأثير على الناخب العراقي سـأل، ما هو النظام الانتخابي الأصلح للعراق؟".

 الأستاذ حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي، "حاول الربط ما بين النظام الانتخابي وحقوق العودة إلى ضمان الحقوق والحريات التي هي أساس دستوري أيضا حمل القاعدة الجماهيرية مسؤولية فشل الواقع الانتخابي والديمقراطي وان عملية النهوض بهذا القطاع تحتاج لفترات وفترات أطول كي نصل إلى بداية مشوار العملية الديمقراطية خصوصا وان هذا المضمار يحتاج إلى بيئة سليمة".

من جهته ابرز الدكتور ضياء عبد الله عبود جابر الجابر الأسدي، عميد كلية القانون - جامعة كربلاء، الكثير من الثغرات القانونية التي تعتري قانون الانتخابات العراقية وهو يحتاج للمزيد من المراجعة ناهيك عن الحلقات الأخرى ذات العلاقة بمفوضية الانتخابات".

اضف تعليق