الازمة الاخيرة بين السعودية وإيران التي تفاقمت بشكل كبير، عقب إعدام رجل الدين الشيعي المعارض الشيخ نمر باقر النمر، واقدام الرياض الى قطع علاقاتها مع طهران إثر الاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، تشهد تصعيدا خطيرا حيث اكد بعض الخبراء انه وعلى الرغم من تعدّد الوساطات الدولية من اجل انهاء هذه الازمة، التي قد تقود لحدوث كارثة جديدة في منطقة الشرق الاوسط، لا تزال المملكة العربية السعودية تواصل تحركاتها وضغوطها من اجل اجبار بعض الدول الخليجية والعربية على اتخاذ خطوات مساندة للمملكة واتخاذ إجراءات ومواقف دبلوماسية ضد ايران وهو ما قد يسهم بتعقيد الامور.
خصوصا بعد ان سعت بعض الدول الى اتخاذ قرارات عاجلة لدعم الرياض، حيث سارعت البحرين والسودان وموريتانيا الى قطع العلاقة الدبلوماسية مع إيران، فيما وخفضت دول اخرى تمثيلها الدبلوماسي في الجمهورية الإسلامية.
وأكد دبلوماسيون وبحسب بعض أن ما أعلنته بعض الدول العربية من قطع للعلاقات الدبلوماسية مع إيران هو رد فعل طبيعي جاء لدوافع طائفية او لغرض استرضاء النظام السعودي وبتالي تحقيق مصالح ومكتسبات اقتصادية لكنه لن يؤدي إلى حل الأزمة الراهنة. كما استبعد المراقبون أن تتبع كافة الدول العربية السياسة نفسها ولأسباب مختلفة خصوصا وان ايران تعد من اهم واقوى دول المنطقة، ولها تأثير في العديد من القضايا الاقليمية السياسية والامنية والاقتصادية.
دول الخليج العربي
في هذا الشأن وقفت دول الخليج العربية إلى جانب السعودية عندما قطعت علاقاتها مع إيران حيث استدعت سفراءها وألغت الرحلات الجوية إلى طهران تضامنا مع المملكة بعد أن أضرم محتجون النيران في سفارتها بإيران. لكن كل دول الخليج العربية باستثناء البحرين لم تصل إلى حد قطع العلاقات مع إيران وهو ما يشير إلى أن هذه الدول الصغيرة وهي غنية بالطاقة لكنها تمتلك قدرات عسكرية محدودة ترغب في الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وتجنب الدخول في صراع شامل مع إيران من شأنه أن يجلب نتائج سيئة.
وتفجرت الأزمة عندما أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر في الثاني من يناير كانون الثاني ورد محتجون إيرانيون على ذلك باقتحام السفارة السعودية في طهران وإضرام النيران فيها. ووصلت التوترات في منطقة الخليج إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ الثمانينات عندما تلقى العراق مساعدات مالية من دول الخليج العربية لتمويل حربه ضد إيران من 1980 إلى 1988 في مسعى عربي لوقف نفوذ الثورة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه.
وحذرت السعودية من انها قد تتخذ خطوات اضافية ضد إيران التي تتهمها الرياض بالتدخل في الشؤون الداخلية العربية. وأثار هذا احتمال استئناف الضغوط السعودية على حلفائها في مجلس التعاون الخليجي للموافقة على المزيد من الاجراءات القوية. وقالت لينا الخطيب المدير السابق لمركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت "دول الخليج (العربية) تحت ضغط شديد من الرياض. معظمها يحاول إرضاء السعودية والحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات مع إيران لمنع المزيد من التصعيد.. يخشون من التورط في الخلاف".
وتضامنا مع الرياض سحبت الكويت وقطر سفيريهما من طهران وخفضت الامارات العربية المتحدة العلاقات معها. وقطعت البحرين العلاقة تماما مع إيران. لكن الروابط التجارية القائمة منذ فترة طويلة والاشتراك في حقول للنفط والغاز ووجود أعداد كبيرة من الشيعة منع الكثير من دول الخليج العربية من غلق الباب امام إيران وفضلوا بدلا من ذلك اتخاذ مواقف حيادية وخطوات دبلوماسية محدودة يمكن التراجع عنها تماما اذا هدأت تلك الضجة.
وتواجه دول الخليج التي يحكمها السنة ورطة منذ وقت طويل بسبب إيران التي اكتسب نفوذها الإقليمي دفعة غير مقصودة من الحرب التي قادتها أمريكا عام 2003 ضد العراق وأطاحت بصدام حسين العدو اللدود لإيران. وتخشى الكثير من دول الخليج العربية الاصغر أن يؤدي تزايد التوتر بين السعودية وإيران إلى تحفيز إيران لاستعراض عضلاتها. وقال دبلوماسي عربي في الدوحة "السعوديون يجرون اتصالات للضغط على الدول بشدة لقطع علاقاتها مع إيران لكن معظم دول الخليج تحاول إيجاد أرضية مشتركة." وأضاف "المشكلة هي أن الارضية المشتركة تتقلص بين الجميع في هذه المنطقة".
وخلص بعض المسؤولين إلى أن قطع العلاقات مع طهران سيعقد الجهود الرامية لانهاء الحرب في سوريا والتي تقدم فيها إيران الدعم العسكري للرئيس بشار الأسد. ويهدد قطع العلاقات ايضا باستعداء إيران وهي قوة اقليمية صاعدة من المنتظر أن تستفيد من تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها بعد اتفاقها النووي التاريخي مع القوى العالمية في يوليو تموز الماضي والتي بدأ يتودد اليها بالفعل المستثمرون الغربيون.
وقال شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت "التصاعدات المفاجئة مثل هذا تثير الكثير من القلق في المنطقة والكثير من الخوف. أسعار النفط تنخفض وتنخفض والميزانيات مقيدة." وتابع "بالنسبة للعلاقات التجارية على الاقل فإن هذا ليس الوقت المناسب لتكوين أعداء." وبرغم أوجه الشبه فيما بينها فإن دول الخليج العربية تتباين من حيث ما تتبناه من رؤى إقليمية وأيضا من حيث الأنظمة الاقتصادية والسياسية.
والعلاقات سيئة بالفعل بين إيران والبحرين وهي مملكة ذات أغلبية شيعية وتحكمها أسرة سنية. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية اتهمت البحرين طهران مرارا بالتدخل في شؤونها الداخلية من خلال دعم جماعات شيعية معارضة منذ بدء احتجاجات الربيع العربي في 2011. لكن الحسابات مختلفة في أماكن أخرى بالمنطقة. فسلطنة عمان تقف بعيدا عن جيرانها الخليجيين وتحتفظ بعلاقات ودية- بل وقائمة على التعاون- مع إيران ولعبت دور الوسيط في بدء المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران فيما أثار غضب شركائها في مجلس التعاون الخليجي.
وتأتي بعد ذلك الامارات العربية المتحدة أهم الشركاء التجاريين لإيران في المنطقة. فبرغم نزاع يرجع إلى عقود من الزمن بين البلدين على جزر صغيرة في الخليج قرب مضيق هرمز تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الامارات صدرت إلى الجمهورية الإسلامية بضائع بأكثر من 12 مليار دولار في العام 2013. وأرسل أغلب تلك الصادرات من دبي حيث تعيش جالية إيرانية كبيرة العدد.
وحجم التجارة ضئيل بين باقي دول الخليج وإيران لكن تلك التبادلات التجارية قائمة منذ قرون. وأغلب تلك التجارة يمر عبر دبي أيضا. وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في مقابلة عقب اجتماع طارئ للجامعة العربية في القاهرة "نحن كعرب لا نريد صراعا أو مواجهة أو حتى حربا مع إيران. نحن نسعى بدلا من ذلك إلى تعزيز تنمية بلداننا وشعوبنا ومنطقتنا"، وإدارة الخلاف بين إيران والسعودية مسألة معقدة بشكل خاص بالنسبة لقطر. فالإمارة الصغيرة الثرية تشترك في أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم تحت مياه الخليج مع إيران التي سعت- عقب الاتفاق النووي- لإغراء شركات النفط الأوروبية والأمريكية للاستثمار في البنية التحتية للطاقة بالجمهورية الإسلامية. واقتربت قطر من السعودية بعد خلاف كان قد نشب بينهما في 2014 عندما سحبت الرياض لفترة قصيرة سفيرها من الدوحة في نزاع بشأن دعم قطر المزعوم لجماعة الإخوان المسلمين.
وبرغم ذلك فقد تطلب الأمر من الدوحة أكثر من ثلاثة أيام بعد الهجوم على السفارة السعودية في الساعات الأولى من يوم الثالث من يناير كانون الثاني لإعلان سحب سفيرها من طهران. ومنعت السعودية خلال تلك الفترة مواطنيها من الدخول على موقع إخباري كبير مملوك لقطريين فيما يشير إلى احتمال تجدد التوتر مرة أخرى بين البلدين. ويرى محللون سببا محتملا آخر لنهج قطر الحذر: فقد أعلنت إيران دعمها للجهود الرامية لتحرير 26 مواطنا قطريا خطفوا في ديسمبر كانون الأول بينما كانوا في رحلة صيد في جنوب العراق.
وشبه المعلق السعودي جمال خاشقجي في مقال نشر بصحيفة قطرية صراع الرياض مع إيران بمعركة أوروبا ضد الفاشية في الثلاثينات. وقال "السعوديون بحاجة إلى أن يعرفوا من يؤيدهم ومن لا يؤيدهم.. لأن المعارك المصيرية الكبرى لا تقبل المواقف الرمادية." وأضاف أن دول الشرق الأوسط تواجه خيارا بين "إما الخضوع لولاية فقيه أو الدفاع عن الحرية". بحسب رويترز.
لكن دول مجلس التعاون الخليجي تجنبت حتى الآن إلى حد بعيد الاضطرابات التي اجتاحت المنطقة ويقول محللون إن التلميحات إلى أن الموقف السعودي المتشدد تجاه إيران قد يسبب انقسامات داخل التكتل الاقتصادي أو يدفع دولا للانفصال عنه هي مبالغة في تقدير الحالة. وقال عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية في الامارات "يمكن أن نظل إلى الأبد نتحدث عن الانقسامات داخل مجلس التعاون الخليجي. نعم بالطبع توجد اختلافات في الرأي.. لكن المبالغة في تقدير ذلك الاختلاف تعني تجاهلا تاما للوحدة والتي تسود أيضا لا سيما فيما يتعلق بإيران." وأضاف "هذا وقت يتصدى فيه مجلس التعاون الخليجي لإيران ويقول ‘سئمنا النهج التوسعي الإيراني وسنكون أكثر عزما على مواجهته".
دعم عربي
الى جانب ذلك حصلت السعودية على دعم عربي قوي في مواجهة إيران، إذ أعلن وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع طارئ عقد بناء على طلب الرياض "التضامن الكامل" معها ودانوا "الأعمال العدائية والاستفزازات الإيرانية"، وأكد وزراء الخارجية العرب في ختام الاجتماع الطارئ الذي عقدوه بناء على طلب السعودية على خلفية الأزمة بينها وبين إيران، "التضامن الكامل مع السعودية في مواجهة الأعمال العدائية والاستفزازات الإيرانية، ودعم جهودها في مكافحة الإرهاب ودورها في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".
كما عبر المجلس عن "استنكاره للتصريحات الإيرانية العدائية والتحريضية ضد السعودية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من الإرهابيين"، في إشارة إلى إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، أحد أبرز وجوه المعارضة الشيعية للأسرة السعودية الحاكمة، مع 46 آخرين بتهمة "الإرهاب" في الثاني من كانون الثاني/يناير الجاري.
وشدد الوزراء في قرارهم الذي امتنع لبنان عن التصويت عليه على "دعم" جهود السعودية "في مكافحة الإرهاب ودورها في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة"، ودانوا "تدخل إيران المستمر في الشؤون الداخلية للدول العربية على مدى العقود الماضية"، معتبرين أن "هذا النهج يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، كما يعتبر انتهاكا لقواعد القانون الدولي ومبدأ حسن الجوار". وندد المجلس "بالتدخل الإيراني في الأزمة السورية وما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية"، وكذلك "بتدخلات إيران في الشأن اليمني الداخلي عبر دعمها للقوى المناهضة لحكومة اليمن الشرعية وانعكاس ذلك سلبا على أمن واستقرار اليمن ودول الجوار والمنطقة بشكل عام".
وطالب الوزراء إيران بـ"الامتناع عن السياسات التي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات في دول الخليج العربي"، ودعوا طهران إلى "وقف دعم الميلشيات والأحزاب المسلحة داخل الدول العربية". وكان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي قال في افتتاح الاجتماع الوزاري إن "المنطقة لا تتحمل أي اعمال استفزازية وأي محاولة لبث الفتنة الطائفية بين مواطني الدول العربية". واعتبر أنه "يقع على عاتق إيران مسؤولية ترجمة ما تعلنه عن رغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية وإزالة التوتر إلى خطوات جادة وملموسة، وأن تقوم بخطوات فعلية لإزالة كافة أسباب التوتر والكف فورا عن أي تدخلات تمارسها".
وتحدث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في الجلسة الافتتاحية، مؤكدا أن الاعتداءات الإيرانية على سفارة بلاده في طهران وقنصليتها في مشهد "تعكس بشكل واضح السلوك الذي تنتهجه السياسة الإيرانية في منطقتنا العربية بالعبث في مقدراتها والتدخل في شؤون دولها وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية بها وزعزعة أمنها واستقرارها". بدورها، نددت مصر بـ"التدخـل الإيراني في الشؤون الداخلية السعودية"، مؤكدة وقوف مصر "إلى جانب المملكة العربية السعودية وإخوتنا في الخليج العربي وقفة صلبة". بحسب فرانس برس.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمته إن "مصر ترفض بشكل تام ما صدر عن المسؤولين الإيرانيين من تهديدات" للسعودية "بسبب قيامها بإنفاذ قوانينها الداخلية على مواطن سعودي، بين آخرين، لمجرد أنه ينتمى إلى الطائفة الشيعية التي تشكل غالبية الشعب الإيراني". وتساءل شكري "هل يقبل المسؤولون الإيرانيون أن تتدخل دول أخرى مثلا عندما تطبق إيران قوانينها في التعامل مع مواطنيها من السنة؟".
السودان مصالح جديدة
في السياق ذاته وعندما أعدمت السعودية رجل دين شيعيا بارزا مما دفع محتجين ايرانيين إلى إقتحام سفارة المملكة في طهران وإضرام النار فيها كان السودان بين ثلاث دول فقط قطعت علاقاتها مع إيران تضامنا مع الرياض. وعززت الخطوة التي اتخذها السودان تحولا سياسيا كبيرا. فعلى مدى العامين الأخيرين أدار السودان ظهره للتحالف الذي استمر ربع قرن مع إيران من أجل تقوية علاقاته مع السعودية التي أبدت استعدادا أكبر لتقديم دعم مالي تشتد إليه حاجة الخرطوم.
وضخت السعودية بالفعل استثمارات أكبر من تلك التي ضختها أي دولة أخرى في السودان إذ بلغت استثماراتها هناك حوالي 11 مليار دولار معظمها في قطاع الزراعة. وعلى مدى السنة الأخيرة أودعت السعودية مليار دولار في البنك المركزي السوداني ووقعت اتفاقات لتمويل بناء سدود على نهر النيل لتوليد الكهرباء بل وتعهدت بضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع الزراعي.
هذا الدعم السخي يوضح السبب في أن السودان آثر العلاقات الاقتصادية مع السعودية على علاقته مع إيران التي تركزت في معظمها على الأسلحة في وقت يعاني فيه انهيارا للعملة وارتفاعا حادا في البطالة. وقال الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم "الحكومة إتخذت قرار الابتعاد عن التحالف مع إيران بعد أن قيمت العلاقات مع إيران ووجدتها مضرة اقتصاديا وسياسيا." وأضاف قائلا "إيران لم تقدم أي مساعدات اقتصادية للسودان وهذا ما جعل الحكومة تظن أن العلاقة مع إيران مجرد عبء."
ويمثل التحول صوب الرياض مسارا جديدا يسلكه الرئيس السوداني عمر البشير الذي احتفظ بالسلطة لأكثر من 25 عاما في بلد مضطرب من خلال التنقل بين تحالفات مختلفة. ففي أوقات أخرى تقرب البشير من أسامة بن لادن والولايات المتحدة وطهران. وانضم البشير العام الماضي إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن لمحاربة الحوثيين المتحالفين مع إيران وأظهر لدول الخليج السنية أن بمقدروه المساهمة بدور فعال في معركتها الرامية للحد من نفوذ الجمهورية الإسلامية.
وتقول وزارة الدفاع السودانية إنها أرسلت ثلاث طائرات حربية وبعض القوات البرية لتأمين منشآت في ميناء عدن بجنوب اليمن ومناطق أخرى وإن كانت الطائرات والقوات لم تشارك بشكل يذكر في المهام القتالية حتى الآن. وقام السودان أيضا بتدريب آلاف الأفراد من القوات اليمنية. وكانت علاقات السودان مع السعودية متوترة في معظم الفترة التي قضاها البشير في السلطة منذ عام 1989. فقد أيد الرئيس السوداني الغزو العراقي للكويت المجاورة للمملكة في 1990 وخرج محتجون إلى شوارع السودان لدعم صدام حسين وانتقاد أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية، وفي 2013 وصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها حين منعت السعودية طائرة البشير من المرور عبر مجالها الجوي إلى إيران. وعلى النقيض من ذلك عزز البشير العلاقات الودية مع طهران التي توجت بزيارة للرئيس الإيراني آنذاك هاشمي رفسنجاني في 1991 ورأى البلدان -اللذان أدرجتهما الولايات المتحدة في قائمتها للدول الراعية للإرهاب وفرضت عليهما عقوبات- منفعة متبادلة في التحالف ضد المحاولات الغربية لعزلهما.
وساعد السودان إيران على بسط نفوذها بأن صار المدخل الرئيسي لصادرات الأسلحة الإيرانية إلى أفريقيا وفقا لما ذكره مصدران يراقبان تجارة الأسلحة. وتنفي الخرطوم المشاركة في هذه الأنشطة. وفي المقابل إستفاد السودان من التكنولوجيا العسكرية الإيرانية التي ساعدته على أن يصبح منتجا مهما للأسلحة في أفريقيا. غير أن الحسابات تغيرت مع تفاقم المشكلات الاقتصادية التي يواجهها السودان وخصوصا بعد أن فقد ثلاثة أرباع إيراداته النفطية حين إنفصل جنوب السودان في 2011. بحسب رويترز.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني أحمد الخليفة الشامي إن الجيش دعم التحول في السياسة مشيرا إلى أن "التعاون العسكري مع إيران كان محدودا على خلاف ما تقوله أجهزة الإعلام." وأضاف الشامي "الجيش لن يتضرر بقطع العلاقات مع إيران نظرا لأن كل التصنيع الحربي يتم بأيادي وخبرات سودانية." وكان السودان قال إن دعمه للحملة العسكرية في اليمن يمثل نقطة تحول في العلاقات مع السعودية لكنه ليس مرتبطا بضخ المزيد من الاستثمارات. كما أشار إلى أنه لم يقطع علاقاته مع إيران في مقابل مساعدات سعودية، وقال علي الصادق المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية إن بلاده تتطلع لأبعد من ذلك في العلاقة الجديدة. وأضاف قائلا "نحن ننظر لشراكة استراتيجية مع السعودية ونحن نتجاور على شواطئ البحر الأحمر ونعمل سويا لتأمين هذه السواحل ضد التحديات التي تواجه البلدين والمنطقة".
اضف تعليق