حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني المتطرف وكما يقول بعض الخبراء، يعيش اليوم أزمة كبيرة بسبب الانقسامات والخلافات المستمرة في صفوف أعضاء وقيادات الحزب، الذي يسعى كما تشير بعض المصادر، منذ فترة إلى تلميع صورته والابتعاد عن الظهور كتشكيلة عنصرية ومناهِضة للمهاجرين والمسلمين واليهود، مثلما شاع عنه بسبب مواقف كبار قادته منذ عقود، تلك الخلافات والانقسامات عدها البعض بداية النهاية لهذا الحزب المتطرف الذي أسسه جان ماري لوبان في سنة 1972، وبقي رئيساً له حتى يناير 2011. لتحل بعده ابنته مارين لوبن التي دخلت في حرب مفتوحة والدها، بسبب تصريحاته المخالفة لتوجهات وخطط الحزب الجديدة كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على مارين لوبن التي اعتمدت على رصيد والدها قد سعت الى إخراج الحزب من صورته النمطية وعمدت إلى تغيير في هرمية التشكيلة السياسية بتغيير الوجوه القديمة واختيار قيادات جديدة، هذا بالإضافة الى الخطط الجديدة ومنها التقرب الى بعض الجماعات والدول الإسلامية بهدف تغير صورة الحزب السابقة، ولعل من أهمها زيارة مصر ولقاء شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي تعرض الى انتقادات شديدة بسبب هذه الزيارة التي عدها البعض استفزازا صريح لمشاعر المسلمين خصوصا وان رئيسة "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرفة مارين لوبان لها آراء معادية للإسلام والمسلمين، وسبق للوبان أن شبهت صلاة المسلمين في الشارع بفرنسا بالاحتلال خلال الحرب العالمية الثانية، كما سبق أن أعربت عن قلقها حيال ما اعتبرتها محاولة لـ"أسلمة" أوروبا. وقد قال بيان صادر عن الأزهر، إن أحمد الطيب، وافق على طلب مارين لوبان لمقابلته، واضعا القرار في إطار "انفتاح الأزهر الشريف على الآخر والحوار الإيجابي مع جميع التيارات والاتجاهات الفكرية." وذكر البيان أن بين دوافع قبول اللقاء "ابتغاء مصلحة المسلمين العليا في بقاع الأرض".

لوبان يقاضي حزبه

وفي هذا الشأن يتواصل مسلسل الفضائح في حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف. فبعدما تم إقصاؤه من صفوف الحزب في شهر مايو/أيار الماضي، قرر أحد زعمائه التاريخيين، جان ماري لوبان، رفع دعوى قضائية ضد "الجبهة الوطنية" للنقض في القرار. وقرر السياسي الفرنسي المخضرم جان ماري لوبان، 86 عاما، أحد مؤسسي حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف رفع دعوى قضائية ضد إدارة الحزب بسبب قرار هذه الأخيرة إقصائه من صفوفه بحجة أنه قام بتصريحات مثيرة للجدل.

وقال جان ماري لوبان في حوار مع إذاعة " أوروبا 1" الفرنسية "لقد وقعت ضحية مؤامرة نصبت من طرف المكتب السياسي للحزب وأنا أطلب من القضاء التدخل لإعادة النظر في هذا القرار". ويذكر أن مارين لوبان، التي تولت رئاسة الحزب في يناير/كانون الثاني 2011 خلفا لوالدها، هي التي بادرت بإقصائه بسبب تصريحاته "العدوانية" وتصرفاته "غير المقبولة" كما قالت آنذاك. وانتقد جان ماري لوبان المؤتمر الذي سيعقده بهدف تغيير قانونه الداخلي، ووصف هذا المؤتمر بـ"فخ يراد منه إبعادي نهائيا من صفوف الحزب". وتساءل لوبان "هل من المعقول أن يتم إبعاد مسؤولين كانوا وراء تأسيس الحزب في السبعينيات وناضلوا من أجله وخاضوا معارك سياسية كثيرة ثم تبديلهم بمسؤولين شبان همهم الوحيد الوصول إلى السلطة؟".

وجدير بالذكر أن جان ماري لوبان حاول في الأيام القليلة الماضية طي صفحة المناوشات والنزاعات مع ابنته مارين ودعاها إلى الحوار، لكن سرعان ما اتضح له أن رئيسة "الجبهة الوطنية" ليست على نفس الخط. وقال في هذا الشأن "لا يوجد حوار بيننا. أنا منفتح لكل الاقتراحات الإيجابية التي يمكن أن تأتي من مارين لوبان، لكن يبدو أنها غير مستعدة لذلك". بحسب فرانس برس.

وأضاف جان ماري لوبان أنه ليس في حرب مع حزب "الجبهة الوطنية"، لكن مع النائب الثاني لرئيسة الحزب وهو فلوريان فيليبو الذي يعتبر من أبرز المنتقدين للمؤسس السابق للحزب. ويعتقد لوبان أن فلوريان فيليبو هو الذي يقف وراء القرارات وكأنه هو "الرئيس الحقيقي" للحزب، في حين تحولت ابنته مارين لوبان حسب رأيه إلى إعلامية متميزة تتحدث باسم الحزب في الوقت الذي باتت فيه القيادة والنفوذ الفعلي في أيدي فيليبو. ويرى لوبان أن فيليبو يخفي نواياه، فاتهمه بأنه "يملك طموحات كبيرة، أبرزها تولي منصب رئاسة الحزب في يوم من الأيام".

إعلان عن حزب جديد

في السياق ذاته أعلن السياسي الفرنسي المخضرم جان ماري لوبان، 86 عاما، أنه يفكر في تشكيل حزب سياسي جديد بعد أن جمدت ابنته مارين لوبان عضويته في حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف بسبب تصريحاته المثيرة للجدل. وفي حوار مع إذاعة "كورتوزيه" المقربة من اليمين المتطرف، أعلن جان ماري لوبان، الرئيس السابق لحزب "الجبهة الوطنية" (اليمين المتطرف) أنه يفكر في تأسيس حزب سياسي جديد بعد أن جمدت عضويته كرئيس شرف للجبهة الوطنية من قبل ابنته مارين لوبان.

وأوضح جان ماري لوبان أن "الجمعية السياسية التي هو في صدد تأسيسها لن تنافس حزب "الجبهة الوطنية" بل هدفها الأساسي هو احتضان واستقبال كل الناشطين السياسيين الذين لا يتقاسمون الأفكار والخط السياسي المعتمد من قبل "الجبهة الوطنية"، مضيفا أنه يسعى إلى استعادة الخط السياسي المتبع من قبل "الجبهة الوطنية" منذ سنين، أي عندما كان رئيسا لهذا الحزب.

من جهة أخرى، أكد جان ماري لوبان أنه سيستمر في العمل السياسي طالما ملك القوة الضرورية لذلك، واصفا نفسه بـ"السمك المقاتل". وقال: "أريد أن أسس جمعية سياسية موازية لحزب "الجبهة الوطنية" لإرغام هذا الأخير على العودة إلى "الطريق الصحيح". وواصل أنه لا يريد أن يصبح فلوريان فيليبو (نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية حاليا) رئيسا "للجبهة"، متهما هذا الأخير "باستخدام" مارين لوبان لأجل مصالحه الشخصية". ويبقى السؤال المطروح من هم الناشطون الذين سينضمون إلى حزب جان ماري لوبان الجديد في حال أصبح أمرا واقعا ومن سيشكل المكتب السياسي للحزب وأين سيكون مقره وكيف سيكون خطه السياسي ومن سيموله.

من جانبها أكدت مارين لوبان أنها لم تعد تتحمل أخطاء وتصريحات والدها. وأشارت إلى أن قرار والدها جان ماري لوبان تشكيل حزب سياسي جديد هدفه التشويش على "الجبهة الوطنية" وخلق انقسامات بداخله. وردت مارين لوبان على أسئلة بعض قراء جريدة "لوباريزيان" المتعلقة بحزب "الجبهة الوطنية" الذي تترأسه منذ 2011 وتحدثت عن المرحلة الصعبة التي يمر بها الحزب بسبب الصراع المفتوح بينها وبين والدها.

وعلقت لوبان على قرار والدها إنشاء حزب جديد بأنه "قرار يراد منه التشويش على "الجبهة الوطنية"، مشيرة "أن كل المحاولات الهادفة لزعزعة الحزب وخلق انقسامات بداخلة لن تنجح". وتحدثت بنوع من السخرية حول حزب جان ماري لوبان الذي من المفترض أن يؤسسه قريبا بالقول بأنه سيضم فقط "بعض الأصدقاء وكل المنبوذين والذين استبعدوا من الجبهة الوطنية". وواصلت أن الأحداث التي عرفتها "الجبهة الوطنية" مؤخرا أرهقتها وكانت تتمنى أن لا تعيش مثل هذه الأحداث التي أثرت كثيرا عليها حسب تعبيرها، مشيرة إلى أن حزب "الجبهة الوطنية" وقع ضحية "مؤامرة" دون أن تكشف عمن يقف وراءها. بحسب فرانس برس.

وتابعت مارين لوبان أنه مهما تراكمت المشاكل والخلافات، فسيتم معالجتها خلال المؤتمر الاستثنائي الذي سيعقده الحزب في شهر يوليو/ تموز المقبل". وفي سؤال هل تشعرين بالراحة اليوم بعد ما قمت بتصفية حساباتك مع جان ماري لوبان، أجابت مارين." نعم. أصبحت أنام بشكل أحسن. في السابق، كنت أشعر بقلق شديد كلما أسمع بأن والدي سيعطي مقابلة صحفية أو يقوم بتصريح وكنت دائما أتساءل ما هي طبيعة التصريحات التي سيدلي بها. في الحقيقة هو (جان ماري لوبان) يريد تخريب كل ما أنجزته على رأس الحزب ولم يتقبل فكرة أن الحزب تغير".

وخلصت إلى أن القطيعة مع والدها كانت ضرورية بسبب التصريحات الخطيرة التي يدلي بها من حين إلى آخر، مثل تلك التي قام بها حين تهجم على المغني باتريك بروييل". وأنهت:"لقد أنذرته مرارا، لكنني لم أعد أتحمل مثل هذه التصرفات".

الى جانب ذلك أعلنت مارين لوبان معارضتها ترشح والدها، جان ماري لوبان،إلى انتخابات مجالس المناطق في أواخر العام 2015. وكتبت مارين لوبان التي بدأت منذ سنوات عدة مسارا لتحسين صورة حزبها "يبدو أن جان ماري لوبان دخل في دوامة حقيقية بين إستراتيجية الأرض المحروقة والانتحار السياسي. ونظرا إلى هذا الوضع أبلغت جان ماري لوبان أنني سأعارض" ترشيحه إلى انتخابات مجالس المناطق في أواخر العام 2015.

كي يرتاح ضميري

على صعيد متصل رد جان ماري لوبان، المؤسس والزعيم التاريخي لحزب " الجبهة الوطنية" المتطرف على قرار تعليق عضويته في الحزب بعنف وحمل ابنته مارين، كل ما يخطط ضده. وقال في حوار خاص للإذاعة الفرنسية " أوروبا 1" " أشعر بالعار والخجل كون رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" (مارين لوبان) تحمل نفس الاسم الذي أحمله وأتمنى أن تغيره بسرعة. وأضاف "يمكنها أن تصل إلى ذلك عبر زواجها مع شريك حياتها أو مع فلوريان فيليبو (نائب رئيس الحزب) أو مع شخص آخر. أنا لا أتمنى أن تحمل رئيسة "الجبهة الوطنية" اسم عائلة "لوبان"، مؤكدا أن ابنته تتعامل معه بشكل "غير لائق تماما".

وبينما تسعى مارين لوبان إلى منع والدها من التحدث باسم حزب "الجبهة الوطنية"، رد الأخير أنه لم يتحدث مرة واحدة باسم الحزب، إلا عندما كان الرئيس"، مشيرا أنه لا ينوي اعتزال السياسة". وقال:" سأدافع عن نفسي بكل الوسائل لأسترجع كرامتي ولإظهار حقيقة الوضع داخل الحزب وأعتقد أن العديد من المناضلين في الجبهة يريدون أن يكشفوا لمارين لوبان عن أفكارهم عن ومواقفهم إزاء ما يحصل في الحزب". بحسب فرانس برس.

كما اتهم جان ماري لوبان ابنته بإطلاق أكاذيب بشأنه هدفها التآمر عليه وتغيير إدارة الحزب بشكل جذري لكي تكون أكثر مساندة لمارين لوبان. وقال:" أدرك أنها (مارين لوبان) محاطة بمسؤولين لديهم توجه ديغولي واشتراكي وينحدرون من أصول مختلفة، من بينهم فلوريان فيليبو، نسوا من ترأس حزب "الجبهة الوطنية" طيلة 40 عاما وفي النهاية، تمنى جان ماري لوبان أن لا تفوز ابنته في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2017 كونها تفتقد إلى المبادئ التي يجب أن يتحلى بها أي رئيس دولة:". وأنهى:" أقول لها تزوجي لكي تغيري أسمك وليرتاح ضميري".

انتقادات متواصلة

من جانب اخر أكد فلوريان فيليبو، نائب رئيس حزب "الجبهة الوطنية" المتطرف، في حوار مع "لوجورنال دو ديمونش" أن جان ماري لوبان، أحد مؤسسي الحزب، لم يكف عن انتقاده وانتقاد ابنته مارين لوبان بالقول بأنها غير قادرة على تحمل مسؤوليات سياسية. ورد فلوريان فيليبو، نائب رئيس حزب "الجبهة الوطنية" المتطرف بشدة على الانتقادات التي وجهها له جان ماري لوبان، الرئيس السابق للحزب، وقال إذا استمر جان ماري لوبان على هذا النحو فسينتحر سياسيا، مبديا استغرابه لتمني لوبان لابنته مارين الخسارة في الانتخابات الرئاسية 2017.

وأضاف فيليبو في حوار مطول مع جريدة " لو جورنال دو ديمونش": جان ماري لوبان لم يكف عن شتمي منذ عدة أيام وفي انتقاد ابنته مارين إلى حد القول بأنها غير قادرة أن تترأس الحزب بحجة أن النساء غير قادرات على تقلد مناصب ذات مسؤولية سياسية عالية. فيما أكد أن مارين لوبان امرأة شجاعة ولديها كل الخصال الضرورية لقيادة "الجبهة الوطنية". وفي سؤال يتعلق بالحزب الجديد الذي يسعى جان ماري لوبان إلى تأسيسه قريبا والمنافسة التي يمكن أن يفرضها على حزب "الجبهة الوطنية"، أجاب فلوريان فيليبو أن من بين 85 ألف ناشط في الحزب، 12 شخصا فقط غادروه لغاية الآن، موضحا في الوقت نفسه أن المناضلين الذين سيلتحقون بحزب جان ماري لوبان الجديد هم أناس منبوذون وغير مرغوب بهم لدينا". بحسب فرانس برس.

وواصل أن حزبه يحارب الأفكار المتطرفة والعنصرية وأن الحزب الذي يمثله (يعني الجبهة الوطنية) هو حزب وطني وغير عنصري ويدافع عن الهوية الوطنية ومصالح فرنسا السياسية والاقتصادية. وبخصوص تبديل اسم الحزب الذي أعلنت عنه مارين لوبان سابقا، أكد فلوريان فيليبو أنه لا يوجد أي شيء مقدس في السياسية وكل شيء قابل للتغيير، لكن السؤال غير مطروح حاليا، موضحا أن هناك خطا سياسيا واحد في الحزب وهو خط مارين لوبان، خط مربح بالنسبة له كونه جعل الحزب يفوز ب 25 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الأوروبية والإقليمية السابقة.

اضف تعليق