عودة إلى صفحة رأي وآخر

إتصلوا بنا

أنت تسأل ونحن نجيب

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

الشعوب العربية..المستقبل للأساليب اللاعنفية

على الرغم مما يثيره مناوئو الأساليب اللاعنفية من تشكيكات بجدوائيتها، والعقبات التي يضعها أولئك في طريقها ، إلا أن الواقع الحالي يكشف عن أن المستقبل إنما هو للاعنف، وذلك من خلال الوقوف على الممارسات التي تقوم بها الشعوب العربية في طريقة التعامل مع حكوماتها.

 ولعل نقطة البداية جاءت ببركة القضية الفلسطينية، إذ أدركت الشعوب العربية المقيدة إن أضغف الإيمان الذي يمكنها من الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يعاني الأمرّين على أيدي العصابة الصهيونية، إنما يكمن في الأساليب والطرق اللاعنفية، فكانت الدعوة إلى مقاطعة البضائع والمنتجات الأميركية والصهيونية، والمقاطعة واحدة من أهم الممارسات اللاعنفية، وكان التظاهر السلمي، وهو أيضا كسابقته، إلى غير ذلك من الوسائل اللاعنفية.

لقد كانت هذه فاتحة خير لممارسات مماثلة، ولكن ليس بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وإنما فيما يتعلق بمطالب الشعوب العربية في مقابل حكوماتها.

ففي البحرين التي تعيش حالة من الإنفتاح السياسي الذي تمثل بالإصلاحات السياسية التي رافقت وصول الأمير السابق، والملك الحالي حمد بن عيسى آل خليفة إلى رأس السلطة في البلاد.

فقد أقدم البحرينيون قبل أيام على تنظيم تظاهرة  مصغرة إحتجاجا على الرقابة التي تفرضها الحكومة، عن طريق شركة الإتصالات ـ التي تحتكر خدمة خطوط شبكة الإنترنت ـ حيث تمثلت تلك الرقابة بتعطيل بعض المواقع التي تعتقد الحكومة بأنها تثير النعرات والفتن الطائفية.

المحتجون وهم عشرون شخصا تجمعوا أمام مقر شركة الإتصالات، واضعين على أفواههم أشرطة لاصقة بما يشير إلى أن الحكومة تمارس سياسة كبت حرية التعبير بحقهم، فيما حملوا معهم اللافتات التي تندد بتلك السياسة.

لقد أثبت هذا الأسلوب اللاعنفي المصغر حضاريته وجدواه في آن معا.

فهو لم يعط للحكومة ذريعة للتعامل معه بخشونة، لعدم إقدام المحتجين على أي شيء من شأنه أن يثير البلبلة، أو يخل بالأمن العام.

ثم أن الحكومة في معرض تعاملها مع الأمر أعلنت، عن طريق وزير اتصالاتها نبيل يعقوب الحمر ـ الذي طالب المتظاهرون باستقالته ـ عن أنها لم تقدم على تعطيل تلك المواقع، وبأنها على استعداد لإعادتها فيما لو قرر القائمون عليها الإلتزام بقواعد الحوار.

إن هذه الممارسات اللاعنفية التي باتت تجتاح ميدان العلاقة بين الشعوب والحكومات تدل بوضوح على وعي الشعوب بعدم جدوى الأساليب العنفية في الإيصال إلى الأهداف المرجوة فكان لا بد من الرجوع إلى الأصل ـ اللاعنف ـ الذي طالما أهمل، لثبوت نجاحه في الإيصال إلى تلك الأهداف، والطموحات.

كما أنها تنذر إلى جانب ما تقدم ذكره بهدم أركان مبدأ يقوم على الحديد والنار، وبما يعد بأن المستقبل إنما هو للاعنف

حيدر البصري