عودة إلى صفحة رأي وآخر

إتصلوا بنا

أنت تسأل ونحن نجيب

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

لاجئوا الشرق.. رحلة من الموت إلى الموت

هربا من الإضطهاد الذي يعيشونه في بلدانهم، وأملا في الحصول على حياة حرة كريمة، تنطوي على رغد العيش، يتهافت المواطنون من أبناء الشرق على ركوب موجة اللجوء إلى الغرب، غير آبهين بما يعرض، ويكتب عن تلك الحوادث التي يتعرض إليها من سبقهم في طريق الرحلة إلى جنة الغرب التي طالما حلموا بها.

إن عدم اعتناء الذين تتطلع أنظارهم إلى العالم الآخر بمثل تلك الحوادث، يعد ظاهرة تستحق الوقوف عندها كثيرا.

 فالمتعارف هو أن الإنسان عادة ما تكون تجربة من سبقه مدعاة له إلى عدم الإنجرار لأخطاء تلك التجربة، وسلبياتها، ولكن الأمر هنا على خلاف ذلك.

ففي كل يوم تطالعنا الصحف، والمحطات المرئية والمسموعة بخبر عن زورق غرق هنا، وجماعة تجمدوا في تلك المسالك التي يعتمدها المهربون هناك، وغيرهما الكثير، ومع ذلك لا تجد من يعتني بمثل تلك الأخبار على رغم القطع بصحتها.

فآخر ماقرأت من تلك الأخبار هو عثور: (صيادوا سمك أستراليون على جمجمة إنسان، وعظم حوض، وذراع في جوف سمكة قرش).

إن هذا الخبر مما اقشعر له بدني حقا، ولكن هل وقف هذا حائلا دون إقدام البعض على سلوك نفس الطرق لمغادرة بلدانهم أملا بالوصول إلى الفردوس ؟

ثم هل منع مثل هذا الخبر الفظيع عقول البعض الآخر من التفكير بركوب نفس الموجة ؟

كلا.

 ففي كل يوم تتوجه قوافل الهاربين من بلدانهم شمالا وجنوبا، سالكة طرق البر، والبحر، والجو بهدف الحصول على اللجوء، والعيش في كنف تلك الدول.

إن هذه الظاهرة ـ ظاهرة عدم الإعتناء بالمخاطر ـ تكشف عن نفس يائسة يمتلكها أولئك الناس الذين لم يعد منظر الموت اليومي يشكل أمامهم عائقا، في سبيل بلوغ هدفهم المرسوم.

ترى من أين جاء هذا اليأس ؟

إن منشأ هذا اليأس هو الإضطهاد، والقمع الذي يمارس يوميا من قبل غالبية حكام الشرق إزاء شعوبهم. فلاحرية، ولا كرامة، ولا، ولا، ولا......

فإذا لم يتمكن الإنسان من ممارسة أبسط شروط إنسانيته، وإذا منع من القيام بأبسط حقوقه الأساسية، هل يحسب مثله على جماعة الأحياء؟

إذن مثل هذا الإنسان هو ميت بين الأحياء، وإذا كان كذلك فما هو المانع الذي يمنعه من ركوب موجة البحث عن حياة ؟

ولكن فات هؤلاء أنهم يرون، ويسمعون يوميا عن تلك الرحلة التي لا يمكن أن توصف بغير " رحلة الموت ".

ومع ذلك إذا ما سئل أحدهم عن ذلك فإن الجواب لابد سيكون: وما الضير في المسألة، ما دامت الرحلة هي رحلة من الموت إلى الموت

حيدر البصري