أن يكونوا الشيعة أو.. لا يكونوا في رأي الإمام الشيرازي

 

عادةً.. ما يذكر نطق اسم (الشيعة) بمظلوميتهم عبر أغلب مراحل التاريخ، وفي المرحلة الراهنة حيث استطاع الشيعة المسلمون من إيجاد موضع اجتماعي مؤثر لهم في بلدان عديدة من العالم رغم كل تشابك تعقيد توجهات السياسات الدولية السلبية، اصبحت راية الشيعة ترفرف في نفوس المؤمنين، معرفة بهوية الشيعة المسالمة لتصل مضامين رسالتهم الدينية إلى أبعد مسافة من الكون الأرضي، حتى ليكاد اليوم أن لا يكون إنسان لم يسمع باسم – الشيعة – بعد.

ولعل مثل هذا الامتياز المعنوي المقوي للعزم عند الفرد الشيعي المؤمن، قد وضعه على محك المسؤولية الروحية، ليكون بحدود إمكانياته الصريحة في الحوار الاجتماعي العام، كداعية جاء للإسلام، بعيداً عن أي مهادنة، ممكن أن تطال شيئاً من ثوابت الأخلاق الرفيعة والمواقف الإيمانية السمحة عند الناس الشيعة.

* الإسلام في مدرسة الشيعة

الواقع الاسترشادي بين جمهور الشيعة في العالم لصيق بتبليغ رسالة الإسلام بصورته الحقيقية، وإعطاء النموذج الطيب للإنسان الشيعي المؤمن، من منطلق تقديس النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته الأطهار: فاطمة الزهراء والإمام علي وبنوهما بقية الأئمة الأطهار (عليهم أفضل الصلاة والسلام) الذين أكرمهم الله بعدل تقييمه في كتابه المنّزل في (القرآن الكريم) بآيته المحكمة: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)[1]، والمستوعبة لدى الشيعة المؤمنون تماماً بما لا يقبل العقل أن يفضل عليهم أحد في تسلسل الأعلمية في إدارة شؤون الأيمان، بعد أن عرّف الله القادر على كل شيء بأن نهج النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وامتداده عبر ابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين من أئمة آل النبي الإثني عشر فيها توصية تعريف إلهية, ولأنها مقولة الرب الخالق عنهم، فقد كان الأئمة (ع) دعاة أشاوس للفضيلة وسيادة الإيمان، أينما حلّوا أثناء حياتهم. من هنا فإن عقائد الشيعة تنصب للولاء المطلق للنبي الأعظم محمد (ص) وآل بيته الأطهار، مع عدم إنكار الإخلاص والتضحية والتفاني المبذولة من قبل بعض صحابة النبي (ص) المخلصين الذين آزروه بأنفسهم ومصيرهم عند بدء نشر رسالة الدعوة إلى الإسلام، وحتى النفس الأخير من حياتهم وعلى أساس من هذا كله فإن طرح سؤال من قبيل: من هم الشيعة الحقيقيون وما هو مذهبهم؟ يجيب عنه الإمام السيد محمد الشيرازي في كتيبه الموسوم بـ (من هم الشيعة) الصادرة طبعته الأولى سنة 1386هـ عن مؤسسة المجتبى للطباعة والنشر في الصفحة (15)، إذ جاء فيها هذا النص الموثق من قبل النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعريف الشيعة: (... سمى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أتباع علي (عليه السلام) بهذا الاسم كما رواه المؤرخون كلهم في كتبهم).

وفي هامش المصدر الآنف المرقم (1) الوارد في ذات الصفحة (15) نقرأ هذا النص المسنود: (قال رسول الله (ص) مشيراً إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام): (والذي نفسي بيده أن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة) راجع تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج2 ص442... والمناقب للخوارزمي الحنفي: ص62.. وكنوز الحقائق للمناوي: ص83.. والى آخر ذلك من مصادر المذاهب السنية.

* الطريق الصالح أول سمات الشيعة

الكلمة الطيبة والعمل المخلص، هما من الصفات الثابتة في شخصية الإنسان المسلم الشيعي، وضمن فهم الغاية من وجود الدين الإسلامي في هذه الحياة، يتم رسم معالم الإلتزام بالمسلك القويم، حيث تكون المعاملة الإنسانية بأبهى صورها، وحيث أن العديد من شرائح المجتمعات التي تعتنق المذاهب السنية، لم تطلع تماماً وبدقة على حقيقة المذهب الشيعي الإسلامي أحياناً، رغم المعايشة المستمرة بين أهالي السنة والشيعة، إذ مما يؤسف له أن أكثر الآراء السنية المتحفظة من الناس الشيعة وباستثناء المجتمع في العراق، مستمدة من التراث الشفوي الناقص، المتناقل عنهم فيما بين أولئك الأخوة السنة، فإن التعاطي بهذا الجانب المظلم لا يؤمل أن يستمر في ظل الأوضاع الإعلامية المحلية والدولية المنفتحة، وتلك المهمة للتعريف بثوابت المبدأ الشيعي الإسلامي تكاد أن تصبح واجباً عند كل المسلمين الذين يريد الله سبحانه وتعالى أن يكونوا مؤمنين أو لا يكونوا على شيء من الدين الإسلامي إذ أن حالة التقرب إلى الله خالق الكون لا تتم عادة على مزاج سلبي، فالإسلام قوي بشيعته وسنته، وهذا ما يستوجب إعلاء كلمة الوحدة الفاعلة بين كل المسلمين الذين يضعون في اعتبارهم الأول، أن لا إسلام يخالف القرآن أو يخالف الأحاديث الشريفة للنبي محمد، وبذاك فقط يمكن التقدم بخطوات ثابتة كفيلة بتحقيق نهضة المسلمين بما يرضاه الله، فكل شيء بغير مرضاة الله هو من الكبائر المنافية لمبادئ الجهاد.. السلمي المطلوب.


1- سورة الأحزاب الآية (33).