السيد عارف نصر الله متحدثا الى صحيفة تشرين السورية: الامام الشيرازي عرف بمواكبته للتطور العلمي الحديث ويعدّ ‏مثالاً للعالِم والمرجع المتنور...

 

 

التقت «تشرين» السيد عارف نصر الله مسؤول العلاقات العامة في ممثلية المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي، في مناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي ، وأجرت معه الحديث التالي:

 

لماذا الاحتفال برحيل الامام محمد الحسيني الشيرازي؟ ‏

** عرف التاريخ الإسلامي بتخليد رموزه ومنهم المفكرون والعلماء المؤرخون، وهذا الأمر لا يقتصر على المسلمين فقط، بل جميع الأقوام والشعوب تحتفل وتخلد رموزها، ويعد الامام الشيرازي أحد المفكرين والعلماء الإصلاحيين والمجددين في الفكر الإسلامي، ويشهد له هذا الكم الهائل من التأليف إذ وصلت مؤلفاته إلى 1300 مؤلف. وعبر عنه من قبل الاتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية خارج الوطن العربي «بسلطان المؤلفين» ولقب بنادرة التاريخ في التأليف. لذلك فإن الاحتفال بهذا اليوم هو تجديد لأفكاره وطروحاته الحضارية. والاستفادة منها ما أمكن. وربما سيكون هذا الاحتفال مبادرة لعقد المؤتمرات والندوات لدراسة فكره النير والشمولي. وبحث اهم ما طرحه الراحل من قضايا تهم العرب والمسلمين. وبالذات القضايا المصيرية الملحة، مثل قضية فلسطين وهي القضية المركزية في العالم العربي والاسلامي، حيث ان الراحل كان له عدة مؤلفات خص بها هذه القضية المركزية. ‏

وكان اخوه الامام السيد صادق الحسيني الشيرازي ينوب عنه في الكثير من المسائل. بالاضافة الى التدريس في مدينة «قم». وقد نال درجة الاجتهاد التي يعطيها كبار العلماء في حياة الامام الراحل. ولذلك صار الخلف الشرعي له، بعد وفاته. ‏

وذلك فإن الاحتفال بالذكرى السنوية للراحل، هي نوع من الوفاء له وحث الخطى على نهجه. ‏

انهاض الامة ‏

* اين تقع الوحدة الاسلامية في فكر الامام الراحل؟ ‏

** إن دعوة الإصلاح والتجديد التي نادى بها الراحل هي عصارة تجارب أكثر من سبعين عاماً هي سنوات عمره الشريف والتي حاول فيها ان يوجه الأمة إلى أهم خطوة في سبيل هذا الإصلاح وهي إشاعة روح الوعي في الأمة وإنهاضها. ‏

وهكذا كانت عناوين كتبه الرئيسية (السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(ممارسة التغيير) ‏و(حكومة الألف مليون مسلم) و(الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام...) بالإضافة إلى مئات العناوين التي سطع فيها هذا الفكر التجديدي والذي يأخذ بعين الاعتبار المعاصرة ومتابعة التطورات في عالم اليوم فتراه يكتب عن الاستنساخ البشري ويكتب عن الادارة والاجتماع والقانون والفلسفة بالاضافة الى الموضوعات والمشكلات المعاصرة ومنها قضايا البيئة والعولمة وكتب اخرى لاتزال تحت الطبع والنشر ومنها كتاب حول الانترنت. ‏ لذلك فان الامام الشيرازي عرف بمواكبته للتطور العلمي الحديث ويعدّ ‏مثالاً للعالِم والمرجع المتنور في هذا الكون الذي تتلاطمه الأمواج من المشكلات والفتن والظلم وهو صامد أمامها صمود الجبل الأشم. ‏

وقد شخّص أهم مشكلات الأمة والعلاجات الناجعة لها حيث طرحت في الكثير من مؤلفاته القيّمة. ‏

أما فيما يخص الوحدة الإسلامية، فقد طرح سماحة الراحل مبدأ الأخوة ‏الإسلامية كقانون يحكم الأمة الإسلامية، وتجد هذا المبدأ يتكرر في كتبه ومؤلفاته ومحاضراته، ويحث على ان الأسلوب الأمثل للتقارب بين المذاهب هو الحوار الأخوي الذي يبنى على أساس مصلحة المسلمين العامة وقد اعتمد في حواراته أو من يوصيهم بالحوار والتوجيه ان يتبنوا الحوار العلمي الهادف والهادئ وتغليب اسلوب اللاعنف في البحث والحوار. ‏

روح الانتفاضة ‏

* واين تقع قضية فلسطين في فكره وابحاثه؟ ‏

** كتب الامام الراحل حول الصراع العربي الإسرائيلي عدة مؤلفات عالج فيها قضية القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وعملية التهويد التي تجري على هذه المدينة ،بالإضافة الى الخطر الإسرائيلي الذي يهدد العرب والمسلمين وقد حذر سماحته منذ ما يزيد على عشرين عاماً من ان أي عملية مصالحة مع الصهاينةهي عملية وهمية ولا يمكن ان يعقد صلح حقيقي مع هؤلاء الصهاينة لأنهم يريدون الغدر وليسوا بأصحاب قيم وخلق ومبادئ، وهم يسعون وراء هدفهم الكبير لتشكيل دولتهم المزعومة من النيل الى الفرات، بل ذهب الامام الراحل الى اكثر من ذلك عبر رسالة موجهة الى عرفات قبل اكثر من 15 عاما بالمحافظة على روح الانتفاضة وديمومتها واستمراريتها والاستفادة من الاعلام لاظهار مظلومية الشعب الفلسطيني البطل، وتأجيج الضغط الدولي على المنظمات الدولية للوقوف مع القضية الفلسطينية. والعمل الجذري المركز مع عدم استخدام اساليب الصهاينة وتعريتهم وفضح اساليبهم ومخططاتهم التوسعية من اجل تحرير أرض فلسطين المغتصبة. ‏

ودعا الى عدم الارتماء في حضن المستعمرين الصهاينة والأجانب والذلة بالدخول في معاهدة خاسرة وباطلة.

القدس اسلامية أولاً ‏

* وماذا عن مكانة القدس؟ ‏

** بالنسبة الى قضية القدس هي قضية إسلامية أولاً ولها من القداسة ما يجعلها العاصمة الثانية بعد مكة والمدينة من حيث أهميتها في العالم الإسلامي كما ان الديانات السماوية تقدس هذه المدينة لذلك فلا الصهاينة ولا أي قوة أخرى بإمكانها انتزاع القدس من أهلها الشرعيين وهم العرب والمسلمون لا غيرهم أولاً : ولا من قداستها الإسلامية والعالميةبالدرجة الثانية. ‏

لذلك فالقدس عربية ـ إسلامية ثبتت تاريخياً، وقد نقل الامام الراحل هذه الحقيقة ‏التاريخية وكيف ان الصهاينة دخلوا على هذه المدينة المقدسة قبل الاحتلال البريطاني لها وتسللوا إليها وتمكنوا من الاستيطان فيها واغتصابها. ‏

الدور السوري

* كيف تنظرون الى دور سورية على الساحتين العربية والاسلامية؟ ‏

**  شكل دور سورية على الساحتين العربية والإسلامية ثقلاً ملموساً من خلال ‏المواقف التاريخية المتوازنة في سياستها تجاه القضايا العربية والإسلامية وقد شهدت المؤتمرات العربية والإسلامية حضوراً فعالاً للقيادة السورية أثر في تحويل المواقف الدولية لصالح قضايا الأمة المصيرية. ‏

وقد عانت سورية الكثير من الضغوط السياسية والاقتصادية في سبيل البقاء على تلك المواقف المبدئية. ‏

وقد نالت سورية بفضل ذلك احتراماً منقطع النظير من قبل الشعوب العربية والإسلامية. ‏

ومثالاً لذلك موقف الرئيس الراحل حافظ الأسد (رحمه الله) مع المفكر الإسلامي ‏الشهيد السيد حسن الشيرازي لبناء المؤسسة العلمية الدينية في سورية، ووجود الجاليات العربية والإسلامية على أرض سورية واحتضانها وفتح المجال أمامها للعمل الفكري والثقافي والديني، ووجود جو الحرية في هذا البلد جعل منه محط أنظار العرب والمسلمين ليكون وطناً لهم وهو دليل على حكمة القيادة السورية واهتمامها قولا ً وفعلا ً بالأمة العربية والاسلامية وشعوبها. ‏

أخيراً نشكركم على إتاحة هذه الفرصة لتعريف الرأي العام بهذا الرمز الإسلامي الكبير. ‏