بيان صادر عن العلاقات العامة في الحوزة العلمية الزينبية وممثلية الامام الشيرازي بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل الامام الشيرازي قدس سره

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)

لم يكن رحيل الإمام المجدد الشيرازي الثاني (قدس سره) حدثاً كغيره من حيث وقعه على العالم الإسلامي سيما من أطلع على فكره وآراءه في إنهاض الأمة ورسم مستقبلها وتعيين مواضع القوة والضعف فيها، حيث شخّص سماحة الإمام الراحل أهم هذه المفاصل وسعى حثيثاً في دعم نقاط القوة ومعالجة مواطن الخلل والضعف وقد تحمّل على أثرها الكثير من المصاعب والمتاعب فقد كان أول مرجع صدر بحقه حكم الإعدام من قبل السلطات العراقية عام1972 مـ كونه المرجع الديني الوحيد في عصره الذي تصدى لهذه السلطات فكانت الإنطلاقة الأولى من قبل المرجعية الدينية المتصدية للظلم في العراق كما كان سماحته (قدس سره) أول من أسس التبليغ السيار والذي كان قد انتشر في الكثير من المناطق العراقية، حيث شخّص عامل الجهل والتخلّف الذي كان يخيّم على العراق والأمة الإسلامية آنذاك .

وكانت للراحل هموم ورؤى ثاقبة في معالجته لقضايا العالم الإسلامي حيث قدم العديد من الأطروحات كالحرية والشورى والأخوة الإسلامية كمقدمة للسبل التي بيّن مضامينها الكفيلة بالوصول إلى الحكومة الإسلامية العالمية، وواصل الإمام الراحل (قدس سره) ـ هذه المسيرة الوضّاءة بأسفارٍ تعدت الألف كتاب والتي تناولت معظم المجالات الدينية والحياتية وهكذا كانت حياته ـ قدس سره  الشريف ـ سجلاً حافلاً بالإنجازات حتى نال القاباً لم يعرفها أحد من العلماء قبله وآخرها لقب (سلطان المؤلفين) الذي أطلقه مجمع البلاغة العالمي.

وفي مثل هذه الأيام من العام المنصرم ومع أمل العودة إلى كربلاء الذي كان يراه قريبا، كان الرحيل أقرب، وبينما كان سماحة الإمام الشيرازي (قدس سره الشريف) يردد مقولته قبل شهر رمضان (... لقد إشتقت إلى كربلاء وأدعوا ربي أن يريني يوماً أعود فيه للصلاة من جديد في حرم جدي الحسين(عليه السلام) ...).

كانت يد المنون قد نالت من هذا العالم والذي سطع إسمه في سماء العالم الإسلامي بفكره الموسوعي وبنظرته الثاقبة للأمور، رحل وهو يدعو إلى وحدة المسلمين وحكومة الالف مليون مسلم ولكن دعوته الأقرب إلى قلبه الشريف كانت بإسم العراق، فلم يخل كتاب من كتبه أو محاضرة من محاضراته إلا وجاء ذكر للعراق فيها، لأنه (قدس سره)  كان يرى للعراق مركزية في العالم الإسلامي وحضوراً في ذاكرة التاريخ ومستقبلاً سيكون فيه عاصمة للعالم الإسلامي في دولة الحق الموعودة في قيامها على يد صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه.

إن تعظيم الذكرى الأليمة لرحيل الامام الشيرازي (قدس سره الشريف) والاحتفال بها من شعائر الله فإحياء أيام العلماء واستحضار مواقفهم وبطولاتهم وتسليط الضوء على أفكارهم النيرة وعلومهم الوضاءة وتبني القيم والمبادئ الاسلامية والانسانية السامية التي عاشوا فيها ولها، واجب انساني واخلاقي وعلمي ونهضوي وهو في نفس الوقت موقف وفاء وعرفان بالخدمات الجليلة والأعمال العظيمة التي جاد بها ذلك العالم الهمام والمجاهد الكبير والعلم البارز والمرجع القائد الامام محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) دون ان ينتظر جزاءً او شكوراً الا رضا الله تعالى، وهنا يسجل (أعلى الله مقامه) لنا ولجميع المسلمين من جديد موقفاً خالداً يكون خير زاد للأجيال القادمة في سبيل النهوض بأمتهم عبر نكران الذات وتوجيه الجهود كلها لله وفي سبيل خدمة الاسلام والمسلمين والانسانية جمعاء.

وإننا إذ نتذكر هذه المواقف الخالدة للإمام الراحل قدّس سره الشريف فإننا نحث الخطى ونتابع السير مع خلفه المرجع الديني الإمام السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) لإكمال المسيرة التي بدأت من كربلاء وستعود إلى كربلاء لتنطلق منها من جديد في رسم مستقبل عراق الإسلام الذي رسمه الإمام الراحل عبر رؤاه، عراقاً تعددياً، حراً ونتابع مع خلفه المسيرة الراشدة في إعلاء كلمة الله وخدمة الإسلام العزيز ونشر علوم اهل البيت (عليهم السلام) ونصرة المظلومين والمستضعفين والسعي الجاد في حل مشاكل المسلمين والنظر في قضايا الأمة المصيرية ورسم الخطط الحقيقية لتفعيل حركة المسلمين في كل أنحاء العالم لبناء أمة إسلامية قوية على أسس حضارية وإنسانية سامية.

العلاقات العامة      

للحوزة العلمية الزينبية

وممثلية الإمام الشيرازي

9/12/2002م      

 4 شوال 1423هـ