التطهير والتوتر الطائفي  يروع سكان بغداد

ما زال الخوف من العنف الطائفي يروع كثيرا من سكان بغداد بعد موجة سفك الدماء التي حركها تفجير مزار شيعي مهم يوم الاربعاء الماضي.

وقال سليم سامرائي (35 عاما) وهو عامل طلاء في حي العامرية بغرب بغداد "انا خائف هنا برغم انني سني يعيش في منطقة سنية."

واضاف "قضيت الليلة الماضية في منزل جيراني (الشيعة) لان هؤلاء الرجال الذين يرتدون الملابس السوداء قد يقتحمون بيتي ويقتلونني كما قتلوا اخرين."

وتسيطر قوات الجيش العراقي على تقاطعات الطرق الرئيسية في العامرية لكن السكان سدوا مداخل الشوارع الاصغر بحواجز من جذوع الاشجار واطارات السيارات والحجارة.

غير ان اجواء الخوف التي تخيم على المدينة امر يمكن فهمه.

فقد قالت الحكومة يوم الثلاثاء ان 379 شخصا قتلوا وجرح 458 اخرون في حوادث العنف منذ تفجير المسجد الذهبي في سامراء وهو من بين أقدس أربعة مزارات لدى الشيعة في العراق.

ورفعت السلطات يوم الاثنين حظرا للتجول في ساعات النهار فرض على مدى ثلاثة ايام في بغداد لوقف موجة سفك الدماء ومع ذلك فقد ظلت كثير من المتاجر مغلقة في ساعات العمل العادية في اليوم التالي وتجنب المارة القليلون في الشوارع جذب الانتباه.

وكانت محطة العلاوي للحافلات في بغداد شبه خالية.

وقال علي عبد الزهراء الموظف بالمحطة ان بعض الاسر تخشى السفر بين بغداد ومدينة كربلاء الشيعية الى الجنوب وهي رحلة تعبر الحافلات خلالها مناطق سنية.

وكانت شكرية محمد وهي امرأة من كربلاء في الخمسين من عمرها من بين الركاب القليلين في المحطة. وقالت انها كثيرا ما تأتي الى بغداد لشراء السلع لتبيعها في السوق المحلية في مدينتها. واضافت انها عادة ما تبيت الليلة في بغداد لتسافر في الصباح التالي الا انها تتلهف هذه المرة على العودة.

وتابعت "اخاف ان قضيت الليل هنا أن أقتل."

ويفكر بعض سكان بغداد في ترك المدينة.

وقال عبد القادر شاكر وهو حارس في مصرف "انا ذاهب مع اسرتي الى اقاربي في كربلاء حيث سنقضي عدة ايام الى ان تعود الامور الى طبيعتها."

واضاف "وان لم تعد فسأترك بغداد كلية واستقر في كربلاء لان الوضع غير امن بالمرة."

 

هذا وقد عاشت العاصمة العراقية الثلاثاء يوما داميا مع عدة تفجيرات اودت بحياة 60 عراقيا على الاقل بينهم نحو 24 في انفجار بالقرب من مسجد شيعي مما يهدد بوقوع صدامات طائفية جديدة.

ورغم انتشار الدبابات في العاصمة العراقية للمحافظة على الهدوء الهش بعد الاشتباكات الطائفية التي اعقبت تفجير قبة مرقد الامامين الهادي والعسكري في سامراء الاربعاء واوقعت 379 قتيلا وهددت باثارة حرب اهلية هزت بغداد سلسلة اعتداءات كان اخرها مساء الثلاثاء عندما انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من مسجد شيعي وسوق للدواجن في حي الحرية موقعة 25 قتيلا و43 جريحا وفقا لوزارة الداخلية.

وفي الوقت نفسه سقط صاروخ كاتيوشا بالقرب من مسجد شيعي دون ان يوقع ضحايا. وسبق هذين الانفجارين ثلاثة اعتداءات هزت في وقت متزامن تقريبا احياء شيعية وسنية مختلطة في بغداد وادت الى مقتل 30 عراقيا واصابة 130 اخرين وفق مصادر في الشرطة والمستشفيات.

واوضح مصدر في وزارة الداخلية ان ستة اشخاص قتلوا واصيب 18 بجروح في انفجار سيارة مفخخة بالقرب من سوق ارخيتة في منطقة الكرادة (وسط).

ثم قتل 24 شخصا واصيب 118 بجروح في تفجير سيارة مفخخة في الشارع العام في منطقة بغداد الجديدة (جنوب شرق) قرب مكتب بريد وفي عملية انتحارية في محطة للوقود في منطقة الامين (شرق) حيث فجر انتحاري يرتدي حزاما ناسفا نفسه وسط حشد من الاشخاص المنتظرين لشراء الوقود المنزلي.

من جهة اخرى اعلن مصدر في وزارة الدفاع العراقية مقتل خمسة وجرح سبعة من حراس مستشار وزير الدفاع الفريق دحام راضي العسل في انفجار عبوة لدى مرور موكبه في شرق بغداد.

واكد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان "العسل نجا من الانفجار ولم يصب باي اذى".

ووسط المخاوف من الانزلاق الى فتنة طائفية بين الشيعة والسنة اكد الرئيس الاميركي جورج بوش ان العراقيين امام خيار بين "الفوضى والوحدة" الا انه اوضح انه تلقى كيدا من زعماء جميع الطوائف العراقية بانهم سيعملون على احلال الهدوء.

واكد رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري الذي يزور تركيا ان "احداثا مؤسفة تجري في العراق. انها اعمال ارهابية ترتكب وفق مخطط".

الا انه سعى الى تهدئة المخاوف التركية مؤكدا ان "الوضع تحت السيطرة" وان هذه "الاحداث لن تؤثر سلبا على عملية تشكيل الحكومة" التي لم تشكل بعد رغم مرور ثلاثة اشهر على الانتخابات العامة.

وقد اعلن مستشار الامن الوطني موفق الربيعي الثلاثاء توقيف عشرة من المتورطين في تفجير مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري مشيرا الى انهم على صلة بتنظيم القاعدة وان بينهم اربعة من حراس المرقد.

وقال مستشار الامن القومي في العراق يوم الثلاثاء انه تم احتجاز أربعة من الحراس الذين كانوا يتولون حماية مزار شيعي تم تفجيره في الاسبوع الماضي للاشتباه بهم في الهجوم الذي دفع البلاد الى شفا حرب اهلية.

وقال موفق الربيعي لرويترز ان السلطات العراقية لديها خيطين قويين عن تورطهم لكنه لا يود الحديث عن ذلك لان من شأنه ان يقوض التحقيق مضيفا انه تم اعتقال ستة اشخاص اخرين بشأن التفجير الذي نسب الى متشددين من تنظيم القاعدة الذي يسعى الى بذر العنف الطائفي في العراق.

وقال وزير الدولة لشؤون الامن القومي عبد الكريم العنزي انه ماتزال توجد تساؤلات بشأن المهاجمين الذين امضوا ساعات طويلة يضعون القنابل ولم يقتلوا أيا من الحراس الثمانية الذين عثر عليهم مقيدين لكن لم يمسهم أذى.

وقال انه ليس اسلوب اولئك الذين يشنون مثل هذه الهجمات ابقاء الحراس على قيد الحياة وان السؤال هو لماذا لم يقتلوهم. واضاف انه امر غير اعتيادي.

وقال العنزي وهو شيعي ان المهاجمين أمضوا الليل كله في وضع القنابل بعد ان قيدوا الحراس.

واضاف انه يشتبه في بعض الحراس وان احدهم قريب لارهابي والاخر كان قائدا بعثيا سابقا ومازالت التحقيقات مستمرة.

وانحى مسؤولون عراقيون وامريكيون باللائمة في تفجير المزار الشيعي على تنظيم القاعدة وقالوا ان هذا التنظيم يريد تدمير مشروع الديمقراطية بينما اتهمت القاعدة شيعة بتنفيذ الهجوم لاستخدامه ذريعة لشن هجمات انتقامية على السنة.

وقبل يومين من هجوم سامراء أغضب السفير الامريكي زلماي خليل زاد الشيعة عندما ضغط علانية على الحكومة لاشراك السنة في حكومة وحدة وطنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس  2  /اذار/2006 -1 /صفر/1427