هل يمكن تجنب نشوب حرب اهلية في العراق على ضوء التطورات الاخيرة؟

شهد الوضع في العراق تصعيدا خطيرا جدا مع الاحداث الطائفية التي وقعت في الايام الاخيرة الا ان خبراء في الشأن العراقي يرون انه ما زال من الممكن تفادي نشوب حرب اهلية في هذا البلد.

ويقول غسان سلامة الخبير في شؤون الشرق الاوسط ومستشار الامم المتحدة السابق لشؤون العراق "العنف حاليا ياتي باثارة من فوق ولم يتغلغل بعد الى القاعدة اي المجتمع كله فهو نتاج صراع اقليمي بين ايران والولايات المتحدة".

وادى تفجير قبة مرقد الامام علي الهادي الذي يعد من اهم المقدسات الشيعية في مدينة سامراء السنية شمال العراق الاربعاء الى اعمال انتقامية استهدفت السنة ومساجدهم.

واعتبر سلامة ان "العراق رهينة صراع اقليمي بين الولايات المتحدة وايران لان طهران تريد منع واشنطن من تشكيل حكومة موالية لها وفي الوقت نفسه لا يمكن قيام حكومة معادية للولايات المتحدة".

واضاف "اذا استمر هذا المازق ولم تشكل الحكومة سريعا يمكن عندها ان تغرق البلاد في حرب اهلية".

وقد حذر مختلف الزعماء العراقيين من فتنة طائفية الا ان القائمة السنية الرئيسية وهي جبهة التوافق علقت مشاركتها في مفاوضات تشكيل الحكومة بسبب ما يتعرض له السنة من هجمات وتجاوزات.

وحذر الرئيس العراقي جلال طالباني الخميس لدى استقباله الزعماء السياسييين من ان "نيران الفتنة اذا تاججت لن تبقي على شيء ولن يسلم منها احد وان اخمادها واجب مقدس يتحقق بوحدة وطنية".

وقال "ان بلادنا تمر بمرحلة عصيبة وتقف امام اختبار عسير ولكي نعبر الى بر الامان فاننا بحاجة الى نبذ الفرقة ولم الصفوف وتوحيد الكلمة ورد السهم الى نحور الارهابيين والتكفيريين ومشعلي نيران الفتنة".

من جانبه قال محمود عثمان النائب الكردي الذي حضر الاجتماع "هناك تخوف لدى القادة العراقيين من وقوع حرب اهلية في البلاد".

ويرى يوست هيلترمان الذي يتابع الملف العراقي لحساب مجموعة "انترناشونل كرايسز غروب" للابحاث ومقرها بروكسل انه "اذا لم تتخذ اجراءات عاجلة لتغيير الاتجاه فان البلاد ستتجه الى حرب اهلية".

ومن بين هذه الاجراءات اشار الى "دعوات الى الهدوء من قبل الزعماء الدينيين السنة والشيعة وتشكيل حكومة وحدة وطنية" مضيفا ان "ما تقوله الولايات المتحدة اليوم بشان الحكومة القادمة وقواتها المسلحة صحيح لكن ربما جاء متاخرا كثيرا".

وكان السفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زادة اكد الاثنين ان "المشكلة الاساسية في العراق هي الصراع القومي والديني .. ويتعين على مختلف الاطراف التوصل الى تلاحم وطني يمر اولا بتشكيل حكومة وحدة وطنية".

واضاف السفير الاميركي ان بلاده لن تقدم مساعدة مالية لتشكيل قوة امنية عراقية اذا تم تشكيل الحكومة العراقية القادمة على اسس طائفية.

ويرى عالم الاجتماع العراقي هشام داوود ان "الوضع انتقل خطوة نوعية نحو مواجهة خارجة عن السيطرة. وهناك تهديد بالاتجاه نحو مواجهة على مستوى القاعدة اذا لم يتم احتواء الموقف سريعا".

واكد هذا الباحث المتخصص في الشؤون العشائرية انه "ينبغي اولا طمانة الشيعة" مشددا على ان "الامر الملح الان ليس تشكيل الحكومة لانه ينبغي اولا تهدئة الوضع قبل الجلوس حول مائدة المفاوضات".

وقال "تسعى الاطراف الشيعية اليوم الى استغلال الوضع لمصلحتها بتشديد موقفها مثل عبد العزيز الحكيم (رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق اكبر حزب شيعي) الذي ذهب الى حد انتقاد تدخل السفير الاميركي. كما يستغله ايضا السنة لتعزيز موقعهم وانسحبوا من المفاوضات".

هذا وقالت مصادر الشرطة العراقية ان افراد ميليشيا شيعية اشتبكوا مع مسلحين في جنوب بغداد يوم الجمعة بينما وقفت قوات الامن العراقية التي تحاول فرض حظر التجول عاجزة عن وقف الاشتباك.

وقالت المصادر ان الاشتباكات وقعت بين مسلحين مجهولين ربما من الاقلية السنية وأفراد من ميليشيا جيش المهدي الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي دعا مؤيديه يوم الجمعة الى عدم مهاجمة السنة أو مساجدهم.

ولم يعرف على الفور هل اصيب احد في المناوشات التي وقعت في منطقة السيدية والتي تقوض حظر التجول الذي اعلن لمدة يوم واحد من جانب الحكومة التي تحاول وقف العنف بين السنة والشيعة في يوم العطلة الاسبوعية.

وقال سكان في المنطقة التي يقيم فيها اشخاص من الشيعة والسنة انهم سمعوا اصوات اطلاق نار كثيفة ومستمرة ليل الخميس.

وابتعد العراقيون عن الشوارع في العاصمة والمحافظات المحيطة بها التي بها سكان من الشيعة والسنة حيث زاد التوتر منذ الهجوم على مزار شيعي يوم الاربعاء اثار اعمال عنف انتقامية ضد المساجد السنية.

لكن عدة الاف من الشيعة انتهكوا حظر التجول وتوافدوا على المساجد في مدينة الصدر الشيعية في شرق العاصمة حيث التأييد للصدر مرتفع.

وشوهد افراد من ميليشيا جيش المهدي يجوبون الشوارع في اليومين الماضيين. ويتهم السنة جيش المهدي بأنه في قلب اعمال العنف الطائفية التي هزت وحدة العراق.

وقالت مصادر الشرطة انه تم احضار 20 جثة لأشخاص قتلوا ليل الخميس وصباح الجمعة الى المشرحة.

وقتل نحو 200 عراقي في بغداد وحدها منذ يوم الاربعاء مما دفع المسؤولين والسياسيين الى توجيه نداءات بالهدوء وسط مشاعر قلق متزايد من الانزلاق الى حرب أهلية شاملة.

شبكة النبأ المعلوماتية -السبت 25  /شباط /2006 -26 /محرم الحرام/1427