مادوف وإدارة اكبر عملية نصب واحتيال في التاريخ

شركات ومصارف ومستثمرين ومنظمات خيرية ضحايا احتياله

 

شبكة النبأ: اعلن محامون اسبان في مدريد بعدما تقدموا بدعوى في الولايات المتحدة ان عدد ضحايا عملية الاحتيال التي يشتبه بأن المليونير الامريكي برنارد مادوف قام بها قد يبلغ ثلاثة ملايين ضحية مباشرة او غير مباشرة حول العالم، وقال المحامي خافيير كريماديس خلال مؤتمر صحافي انه "بحسب احصاءاتنا هناك ثلاثة ملايين شخص على الاقل متضررين من قضية مادوف ثلاثة ملايين فرد يمكن ان يكونوا قد تضرروا بشكل مباشر او غير مباشر".

واوقف برنارد مادوف في 11 كانون الاول/ديسمبر بعدما اقر انه انشأ صندوق استثمارات احتيالي يدفع ارباحا الى المستثمرين فيه من اموال مستثمرين جدد. وقد وضع فورا قيد الاقامة الجبرية بعدما دفع كفالة قدرها عشرة ملايين دولار.

واوضح المحامي ان هذه الارقام تم التوصل اليها بعد اجراء عملية تقاطع للمعلومات المجمعة من قبل ثلاثين مكتب محاماة حول العالم تتولى الدفاع عن ضحايا عملية الاحتيال الهائلة هذه المقدرة قيمتها بـ50 مليار دولارا والموزعين على 25 بلدا.

وكان برنارد مادوف قد افلت من السجن بانتظار محاكمته، لكن القضاء عزز شروط وضعه في الاقامة الجبرية، ومادوف موضوع منذ الكشف عن هذه الفضيحة في الاقامة الجبرية في شقته الفخمة في مانهاتن. وكان المدعي العام اعتبر ان المشتبه به خالف الشروط المفروضة عليه. لكن القاضي الفدرالي رونالد ايليس رفض طلب النيابة العامة واصدر في الوقت ذاته امرا بوضع جردة مفصلة بالاغراض القيمة التي يملكها برنارد مادوف.

واعلنت النيابة العامة بعد ذلك نيتها استئناف القرار. وكتب المدعي ليف داسان في رسالة وجهها الى القاضي ايليس "تنوي الحكومة استئناف قرار الحكومة".

وهذه الكفالة مغطاة بقيمة شقته وممتلكاته لكن القضاء اكتشف ان مادوف وزوجته روث ارسلا حلى ومجوهرات وساعات واشياء قيمة اخرى تبلغ قيمتها مليون دولار الى اقارب لهما. وعثر المحققون في مكتبه على شيكات محررة تبلغ قيمتها 173 مليون دولار. بحسب فرانس برس.

واكد محامي مادوف ان موكله لن يلوذ بالفرار قبل محاكمته وانه لا يشكل اي خطر على المجتمع. ويضع مادوف سوارا الكترونيا وقد صودر جواز سفره وتخضع شقته لمراقبة على مدار الساعة.

وامر القاضي مادوف وضع "جردة بكل الاشياء القيمة الموجدة في شقته في منهاتن" موضحا انه سيتم التحقق من هذه الجردة كل اسبوعين. وستتحقق السلطات كذلك من محتوى البريد الذي يوجهه مادوف "للتأكد من عدم نقله اي من ممتلكاته".ولم توجه بعد التهمة الى مادوف وقد اقر شخصيا لدى توقيفه ان صندوقه خسر حوالى 50 مليار دولار.

ويقول خبراء قانونيون ان القاضي يحاول الحصول على تعاون مادوف مع التحقيق الامر الذي يفسر ابقائه في ظل نظام الحرية المشروطة رغم غضب الرأي العام.

وكتبت صحيفة "ديلي نيوز" الشعبية الصادرة في نيويورك الاثنين "زجوه في السجن وارموا المفتاح" في حين دعت محطة "سي ان بي سي" التلفزيونية الى ارساله الى معتقل غوانتانامو.

وقال سائق سيارة امام مجموعة من الصحافيين امام البناية التي يسكنها مادوف "زجوه في السجن يجب ان يودع السجن".

ويطالب الكثير من ضحايا مادوف من جامعات ومصارف ومستثمرين خاصين ومنظمات خيرية بوضعه في السجن.ويؤكد مادوف انه تصرف بمفرده لكن القضاء يتساءل كيف ان اقاربه ومستشاريه المقربين لم يتنبهوا لتصرفاته.

وقد هزت هذه القضية السلطة المشرفة على البورصة الاميركية التي تحقق الان بشأن احد مفتيشها السابقين اريك سوانسون المتزوج من قريبة لمادوف.

وقررت السلطة بدء تحقيق داخلي لتوضيح اسباب الفشل في رصد عملية الاحتيال رغم ورود "تنبيهات متكررة منذ العام 1999 على الاقل".

واقر رئيس السلطة المشرفة على البورصة الاميركية كريستوفر كوكس ان "ادعاءات ذات صدقية ومحددة حول ممارسات مادوف ابلغت الى موظفي السلطة بشكل متكرر منذ العام 1999 على الاقل لكنها لم ترفع الى اللجنة بتاتا لكي تتحرك على اساسها".

ووجه المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس اللوم الى سلطات الاشراف الاميركية قائلا "وجود اللصوص لا يشكل مفاجاة لكن السؤال ماذا تفعل الشرطة؟"

وعملية الاحتيال الهرمية المتهم بها مادوف كانت تقضي بدفع فوائد المستثمرين لديه من خلال اموال مستثمرين جدد. وفضحت عملية الاختلاس عندما اراد زبائن استعادة اموالهم بسبب الازمة المالية.

ومنذ اعترافاته الاسبوع الماضي لا يمضي يوم من دون ان تكشف مؤسسات مالية ومنظمات خيرية خسائرها المحتملة.

وقالت سلطة الاسواق المالية الفرنسية في بيان ان المدخرين الفرنسيين الذين استثمروا في سندات تديرها جماعيا مؤسسات مالية قد "يخسرون مئات ملايين اليورو" بسبب فضيحة مادوف.

وفي اوروبا اقر مصرف سانتاندر وهو الاكثر تضررا حتى الان من هذه القضية ان خسائره المحتملة قد تصل الى 2,33 مليار يورو. وقد تصل خسائر فورتيس الهولندي الى مليار يورو و"اتش اس بي سي" ثالث مصرف عالمي الى مليار دولار.

وقد تأثرت بالفضيحة كذلك مصارف "ناتيكسيس" و"بي ان بي باريبا" ومؤسسات تابعة لحائز جائزة نوبل ايلي فيسل والمخرج ستيفن سبيلبرغ.

فضيحة مادوف تضرب المنظمات الخيرية اليهودية في الصميم

وينضم الاف من الفقراء الذين يتلقون مساعدات من مؤسسات انشأها يهود ستضطر الى اقفال ابوابها الى قافلة المصارف العريقة ضحايا عملية الاحتيال الضخمة التي قام بها برنارد مادوف.

وما ان اوقف الوسيط الاميركي الذي قدر بنفسه خسائر المستثمرين معه بخمسين مليار دولار اصدرت مؤسسة "جيت" بيانا توضح فيه ان مؤسسيها جان وكينيث ليفي-تشرش كلفا برنارد مادوف ادارة رؤوس اموالهما وان المال تبخر ..مع سقوطه.

واعلن البيان ان مؤسسة جيت التي انشئت العام 2000 في نيويورك لمساعدة السجناء ولا سيما الشباب منهم "ستغلق ابوابها".

وقد اطاحت موجة مادوف بعدة منظمات خيرية شكلها كبار المحسنين اليهود ومعها الرجال والنساء الذين كانوا يعتمدون على سخائها للاستمرار.

ويقول غاري توبين رئيس "اينستيتوت فور جويش اند كوميونتي ريسيرتش" في سان فرانسيسكو (كاليفونيا غرب) ان "الاموال التي كانت مخصصة لاعمال خيرية فقدت كليا". واضاف "لا نعرف حتى الان اذا كانت تقدر بمئات الملايين او المليارات لكن المبالغ ضخمة". بحسب فرانس برس.

والحقت فضيحة الاحتيال التي قام بها المدير السابق لبورصة ناسداك في نيويورك اضرارا بمؤسسة "فوندر كيندر" للمخرج ستيفن سبيلبرغ الذي قال انه استثمر في صناديق مادوف لكنه لم يكشف عن حجم خسائره.وتدعم المؤسسة خصوصا "سيدرز-سيناي ميديكال سنتر" و"شباد تشاريتي شيلدرن اوف تشرنوبيل".

ويقول خبراء ان جزءا كبيرا من النشاطات الخيرية اليهودية من توفير الغذاء لمسنين معوزين وادوية الى الفقراء ودروس اللغة العبرية مهدد بسبب انعاكسات فضيحة الاحتيال هذه التي وقع فيها هؤلاء المانحون اليهود الاثرياء.

ويقول توبين "ان بعض المؤسسات كان يمكن ان تستمر في التبرع بـ5 الى 6 ملايين دولار على مدى 20 سنة لكن هذه الدولارات تبخرت الان".

خسارة أبوظبي لـ400 مليون$ بفضيحة احتيال مادوف

وفي نفس السياق قالت تقارير صحفية إن صندوق "جهاز أبوظبي للاستثمار" المملوك من حكومة الإمارة قد يكون أحد ضحايا قضية احتيال مزعومة بلغت قيمتها 50 مليار دولار، ألقي القبض في إثرها على الرئيس السابق لبورصة "ناسداك" بيرنارد مادوف.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن "جهاز أبوظبي للاستثمار" الذي يعتبر أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، مع أصول قد تناهز 875 مليار دولار كان قد استثمر مبلغ 400 مليون دولار لدى شركة مادوف.

وفي تقرير مطوّل تناول تاريخ مادوف وتجربته، ذكرت الصحيفة أن شركته الاستثمارية انتقلت من جذب المستثمرين اليهود في بعض المناطق الأمريكية - بفضل علاقات مؤسسها - إلى جذب مستثمرين من حول العالم، خاصة من المنطقة العربية، وعلى رأسهم صندوق أبوظبي.

وأضافت أن الصندوق الإماراتي كان قد استثمر مطلع 2005 قرابة 400 مليون دولار في شركة مادوف عن طريق مؤسسة "Fairfield Sentry Fund" التي بلغت استثماراتها في شركة مادوف أكثر من سبعة مليارات دولار، ما يجعلها أكبر ضحاياها.

ووفقاً لنيويورك تايمز، فإن "جهاز أبوظبي للاستثمار" كان يمتلك حصة كبيرة من "Fairfield Sentry Fund،" ورغم التخفيضات التي أجراها عبر استهلاك سندات خلال 2005 و2006، فإن حصته ظلت عند مستوى اثنين في المائة.ولم تستبعد الصحيفة أن يكون بين عملاء مادوف أيضاًَ بنك الكويت الوطني ومصرف نيويورك.

ولم يصدر عن "جهاز أبوظبي للاستثمار" أي رد على هذه المعلومات، كما لم تتمكن CNN بالعربية من الحصول على تعليق من الجهات المختصة فيه.

يذكر أن مجموعة من أكبر المؤسسات المالية العالمية تعكف حالياً على إحصاء خسائرها في قضية مادوف، حيث قال "رويال بانك أوف سكوتلاند - RBS" البريطاني إن خسائره قد تصل إلى 400 مليون جنيه إسترليني، كما رجح مصرف "BNP باريبا" الفرنسي أن تبلغ خسارته قرابة 350 مليون يورو (479 مليون دولار).

وقال "بانكو سانتاندرد" الإسباني إن استثماراته المباشرة المكشوفة في شركة مادوف الاستثمارية تصل إلى أكثر من 17 مليون يورو، بينما قدر ثاني أكبر مصارف إسبانياBBVA، خسائره المحتملة بـ300 مليون يورو.

وبدورها أعلنت "نمورا" القابضة اليابانية الاثنين عن 27.6 مليار ين (303 مليون دولار) مكشوفة، قائلة إن تأثيرها على رأس مالها سيكون محدوداً.

التحقيق يتقدم ببطء وانتحار رجل اعمال فرنسي

ولم ينجح التحقيق في قضية مادوف حتى الان في كشف متواطئين ولا سيما داخل عائلة رجل المال الاميركي برنارد مادوف فيما انتحر رجل مال فرنسي في نيويورك بعدما حاصره التحقيق في عملية الاحتيال.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مصادر قريبة من التحقيق ان مارك واندرو مادوف نجلي رجل الاعمال الذي اوقف في 11 كانون الاول/ديسمبر لاتهامه بالقيام بعملية احتيال "هرمية" عالمية مستمرة منذ عقود وطاولت خمسين مليار دولار يؤكدان انهما لم يكونا على علم بشيء.

كما يؤكد افراد اخرون من العائلة ولا سيما بيتر شقيق برنارد مادوف وابنة احد اشقائه متزوجة من موظف سابق في سلطة ضبط اسواق المال الاميركية انهم علموا بالفضيحة من رجل المال نفسه عشية توقيفه في 11 كانون الاول/ديسمبر. وكان ابناه من قرر ابلاغ القضاء. بحسب فرانس برس.

وجميع هؤلاء الاقرباء كانوا شركاء في شركة سمسرة في البورصة يملكها برنارد مادوف وتوظف 120 شخصا وكان مركزها في المبنى نفسه الذي تشغله شركة مادوف على جادة مانهاتن الثالثة انما في طوابق مختلفة.

وكلف ايرفينغ بيكارد مصفي شركة السمسرة مصرف لازارد اتمام عملية البيع فيما قدمت شكاوى جديدة في القضية الى المحاكم.

ورفعت جامعة نيويورك عشية عيد الميلاد شكوى بحق ازرا ميركن وهو مستثمر عهدت اليه ب94 مليون دولار وهي تتهمه بانه لم يتحقق بشكل كاف من امان الصناديق التي اودعت الاموال فيها.

وبحسب وول ستريت جورنال فقد امر القضاة ميركن ب"عدم اتلاف الوثائق المتعلقة بقضية مادوف" اذ طاولت عملية الاحتيال الى حد بعيد صندوق ارييل الذي كان يديره.

وحملت هذه الفضيحة احد مؤسسي شركة اكسيس انترناشونال لادارة الاموال تييري دو لا فيلهوشيه (65 عاما) على الانتحار صباح الثلاثاء قبل عيد الميلاد في مكتبه على جادة ماديسون بدون ان يترك اي رسالة بعدما تورط في القضية بمبلغ يصل الى 31 مليار دولار.

ويجري تحقيق حول المكتب الصغير الذي كان يدقق في حسابات برنارد مادوف كما يجري تحقيق اخر داخل سلطة ضبط اسواق المال وقد تبين انها اخطرت منذ فترة طويلة بامكانية وجود تجاوزات غير انها لم تتصرف عمليا ولم تباشر ملاحقات.

ويبقى في الوقت الحاضر برنارد مادوف (70 عاما) المتهم الوحيد في هذه القضية التي اوقعت عشرات الضحايا من الذين عهدوا باموالهم سواء مباشرة او غير مباشرة الى شركته وبينهم مصارف كبرى وثروات خاصة وجمعيات.

ومادوف الذي كان في السابق رئيس مجلس ادارة بورصة ناسداك هو حاليا في الاقامة الجبرية وفرض عليه وضع سوار الكتروني وقد رفعت بحقه شكوى مدنية من سلطة ضبط اسواق المال وشكوى جنائية من الحكومة الاميركية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 22/شباط/2009 - 26/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م