شبكة النبأ: بمناسبة مرور ثلاثين عاما
على إنتصار الثورة الإسلامية في إيران أجرت صحيفة "ماينجي" اليابانية
حوارا مع الشيخ المنتظري و هو من أبرز قادة الثورة و مؤسسي "الجمهورية
الإسلامية" الذي شغل منصب نائب القائد في العقد الأول من عمر الثورة، و
فيما يلي نص الحوار:
السؤال 1: ذكرتم في كتاب مذكراتكم: "إنني كنت
أحذر دائما السجّانين ومدراء السجون من المعاملة غير الإسلامية مع
السجناء، وكنت دائما أرسل ممثلين إلى السجون ليراقبوا أمر مراعاة
الاخلاق الإسلامية وعدم ظلم السجناء وعدم هدر حقوقهم". لكن البعض يعتقد
أن التشدد وإبعاد الفئات المعادية للثورة من أمثال مجاهدي خلق أدت إلى
إستحكام أسس الثورة الإسلامية إلى الآن؟
- كما ورد فيما ذكرتموه عن مذكراتي فإن ما كان محل إلتفاتي وحساسيتي
في السابق والحال هو أن لجميع الأفراد سواءاً المعارض أم الموافق حقوقا
إنسانية ويجب أن تراعى تلك الحقوق. وحساسيتي هذه قد زادت أكثر حينما
رأيت أن من يُعتقل -و سبب الإعتقال هو معارضته للنظام- يُواجه بأسوأ
المواجهات في السجون. وأحيانا الأحكام الصادرة بحقهم لا تناسب جرمهم
ولا تراعى الحقوق الإنسانية بالنسبة لمن يقضي فترة محكوميته في السجن.
و الأسوأ من كل ذلك بعد معركة "المرصاد" اُعدم بعض من حكم عليه سابقاً
بالسجن لفترة أعوام بسبب أنهم كانوا لا يزالون على مواقفهم.
إنني لم أكن و لن أكون معارضاً لتنفيذ حكم من يرتكب جرماً و هذا
الحكم قد صدر عن محكمة صالحة مع مراعاة جميع مراحل الدعوى سواءاً من
مرحلة صدور قرار الإتهام، و حق إمتلاك المحامي، و حق الإستئناف و ..؛
ولكنني كنت أعتقد أنه أولا لا يمكن مواجهة الفكر بالقوة القهرية، و
ثانيا إن صدر حكم فلماذا لا يمتلك المحكوم عليه حق الدفاع أو حق توكيل
المحامي أو حق الإستئناف؟!، و لماذا لا يعامل بحسب كونه إنسان؟!، و
بكلمة واحدة فإني كنت أنتقد التشدد و العنف و هضم الحقوق.
طبعا لابد من الإشارة إلى هذا الأمر أن المعارضين أيضا كانوا في
فترة من الزمن يمارسون العنف، وكانوا يستخدمون السلاح و بأعمالهم فرضوا
العنف والتشدد على النظام و الثورة، والبعض من خلال ممارسة أعمال
الإرهاب والإغتيالات أعطوا ذريعة للنظام ليشدد على المعارضين منذ ذلك
الحين وإلى الآن. ومن هنا فإن العنف الصادر من قبل الطرفين في الساحة
أدى إلى سنّ سنة و نهج سيء لدى المؤسسات الأمنية و القضائية في البلد و
ذلك من أجل إستحكام اُسس النظام، و لا زلنا مبتلين به.
سؤال 2: بالرغم من أن سماحتكم قد فقدتم نجلكم
الكريم في حادثة إرهابية قام بها مجاهدي خلق، إلا أنكم كنت تأكدون على
المواجهة المصحوبة بالرأفة الإسلامية، واقترحتم ذلك على السيد الخميني.
بإعتباركم والداً فقد إبنه في حادثة إرهابية، هل كنتم تُكنّون البغض
لهذه الفئة؟
- لايخفى على أحد معارضاتي الفكرية مع منظمة مجاهدي خلق التي غيّرت
إيدولوجيتها منذ سنوات قبل الثورة. في تلك الفترة كنت مع أشخاص كـ آية
الله طالقاني في السجن و كنا نلتقى معهم و بما أنهم قد غيّروا أفكارهم
و كانوا ينتمون إلى الماركسية قمنا بمعارضتهم من الناحية الفكرية و
العملية. و منذ تلك الفترة تعرّفت على قادتهم و أفكارهم ورأيت غرورهم
الكاذب و بناءاً على هذا رأيناهم بعد الثورة قد فصلوا طريقهم عن الشعب.
وبعد ذلك أيضاً لم أتفق مع هذه الفئة أبداً، في حين أنهم كانوا يلتقون
بإسمهم ورسمهم وشعارهم مع آية الله الخميني وكانوا يتحدثون معه. طبعا
ربما هو أيضا كان يريد أن يتم الحجة عليهم. فالسادة من منظمة مجاهدي
خلق كانوا يريدون حصة أكبر وذلك من خلال طبائعهم الطالبة للإستئثار
بالسلطة وهذا كان لا يتلائم مع سائر الثوار. فقاموا بأعمال عنف، ولم
يقتلوا إبني فحسب بل قتلوا الكثير من الكبار و النخب الحوزوية
والجامعية وكذلك الناس العاديين، وبذلك فرضوا خسائر كثيرة على البلد.
السؤال 3: لقد كتبتم رسالتين إلى الإمام
الخميني قبل رحيله بتاريخ 9/5/1367 و 13/5/1367، [1988] وأبديتم سخطكم
الشديد على إنتهاكات حقوق الإنسان في السجون. هل آية الله الخميني كان
غير مطلع على هذه الإنتهاكات أو المحاكم غير العادلة؟ أم أنه كان مطلعاً
ولم يفعل شيء؟
- أستبعد أنه كان مطلع على الوضع السيء في السجون. وبعض الذين كان
هو يلتفت إليهم إما لم يستطيعوا وإما لم يرغبوا في أن يقدموا له
التقارير، وإما كانت حواشيه يلاحظون مراعاة حاله (الصحية) فسعوا إلى أن
لا ينقلوا الأخبار و التقارير إليه. في يوم من الأيام قلت له: سيدنا!
إذا كان شخص لا يوافق الثورة ولا يوافقك لكنه منشغل بأمر نفسه ولم
يمارس أي نشاط فهل يحق لنا حبسه في السجن؟ فقال: لا !، هل أنا من أصول
الدين لكي يوضع في السجن من لا يقبلني؟، كان رأيه مثل هذا. ولكن البعض
كان يفعل أشياء بإسمه ورسمه وكانت تحصل أعمال بإسمه وبالنتيجة أدت إلى
أضرار و خسائر للإسلام والثورة وشخص آية الله الخميني.
سؤال 4: في مقابلة سابقة مع الصحيفة في
فبراير 2007 قلتم: "أن الثورة كانت من أجل حرية جميع أبناء الشعب، لا
حرية الحكومة لتكمم أفواه المعارضين". الآن و بعد مضي ثلاثين عاماً من
حدوث الثورة الإسلامية في إيران، كيف ترونها؟
- كان آية الله الخميني قد رفع شعاراً ونحن تبعاً له والناس أيضا
بواسطة تلك الشعارات جاءوا إلى الساحة و انتصرت الثورة، وكان الشعار هو
"الإستقلال و الحرية والجمهورية الإسلامية".
الإستقلال قد حصل إلى حد ما، لكن عن الحرية و الجمهورية الإسلامية
لا يزال طريق طويل أمامنا. وعن الحرية يجب القول أنه بالرغم من
الشعارات الحالية التي يرفعها المسؤولون ونموذج على ذلك ما قالوه في
أمريكا بأن إيران أكثر البلاد حرية في العالم، فإن هذا القول غير صحيح
و تسحق الحريات المشروعة و المقررة في الدستور بسهولة و ذلك من خلال
الحصانة التي وضعها السادة لأنفسهم أمام الدستور و الشرع!. ولا تزال
الكثير من الأحزاب لا تمتلك الحرية، و بعض الفئات السياسية بسبب
معارضتها لأسلوب الحاكمين اعتبرت غير قانونية. ووسائل الإعلام المادحة
للحاكمين هي الحرة فقط و لها أن تقول ما تشاء أو أن تكتب بما تُؤمر به،
ولكن الإعلام المستقل عن الحكومة يتحمّل مشاكل من ناحية السلطات
والمؤسسات الأمنية و القضائية. وبعض الأشخاص محظورين عن البث والتصوير.
المسؤولين يتحدثون عن وجود الظلم و عدم العدالة في العالم؛ ألا يوجد
في بلدنا ظلم و عدم عدالة و تعدي على حقوق الآخرين؟!، لقد قلت في خطبة
صلاة عيدالفطر: لماذا أغلقتم منذ عشرة أعوام الحسينية التي بنيت بأموال
شخصية و كانت محل تدريس الفقه و الاخلاق الإسلامية و إقامة المجالس
الدينية؟، بعد قولي هذا رأيتم ما حصل، لقد إعتقلوا حجة الإسلام الشيخ
مجتبى لطفي أحد أعضاء المكتب و تعرّض بيته و بيت صهري للتفتيش و صادروا
أشياء كثيرة. لماذا إحتلّوا مكاتبنا في مشهد وقم؟
وحول الجمهورية أيضا لابد من القول: مع التدخل الظالم للمؤسسات
المنصوبة كمجلس صيانة الدستور أو بعض المؤسسات العسكرية، تحولت
الإنتخابات إلى تنصيبات بشكل عملي. ووصموا أناس لائقون وثوريون
ومجرّبون في الخدمة إلى المجتمع والناس وصموهم بتهمة معاداة الدين
والنظام وتحت ذرائع واهية، والسبب الوحيد هو أنهم كانوا ينتقدون.
وعمليا رفضت صلاحياتهم. وكل من هو في مذاقهم يخرج إسمه من صناديق
الإقتراع و يعتبرونهم –خطأ- ممثلين عن الناس!، ومن الواضح أنهم وكلاء
الدولة لا وكالة الملة!
إن السادة يلاحظون فقط الولاية المطلقة، ولكنهم يضعون سائر بنود
الدستور تحت أقدامهم. إن الولاية المطلقة التي يعتبرها السادة أنها فوق
القانون تؤدي إلى حكومة فردية و ديكتاتورية، هذا في حين أنه يجب أن
يكون الفقيه -بسبب كونه فقيهاً- مشرفاً على السلطات الثلاثة لكي لا
تمارس عملاً مخالفا لموازين الإسلام، لا أن يتدخل في كل جزئيات البلاد،
و أن لا تكون أي قدرة للناس و لمن ينتخب بواسطة الآراء الحقيقية للناس.
سؤال 5: السيد الخاتمي الرئيس السابق كان
يبدي سياسة لينة تجاه مجاهدي خلق وقبل توبة الكثير من أعضائه وأعطى إذن
عودتهم إلى الوطن. البعض يعتقد أن سياسة السيد الخاتمي كانت في زمن قد
أثمرت فيه المواجهات المشددة التي كانت تمارسها الجمهورية الإسلامية في
إيران لتضعيف منظمة مجاهدي خلق. ما رأيكم؟
- لست مطلعاً على سياسات السادة، ولكن يوجد من بين أعضاء مجاهدي خلق
من غُرر بهم و بسبب بعض المواجهات العنيفة و المشددة قد غادروا الوطن،
أو بأي سبب من الأسباب قد ندموا و تعبوا من تعاونهم مع المنظمة، فأتمنى
أن يعودوا إلى أحضان الشعب من خلال عفو عام.
سؤال 6: هنالك تحسن مشهود في وضع حقوق
الإنسان نسبة إلى الأعوام الماضية في إيران. لكن منظمات حقوق الإنسان
الدولية كمنظمة العفو الدولية لا تزال تنتقد وضع حقوق الإنسان في إيران
وتطالب بتحسينه. كيف تقيّمون أمر حقوق الإنسان في إيران في الوقت
الحاضر؟ وإن كانت هنالك مشاكل فما السبيل لرفعها؟
- أن يقال أن وضع حقوق الإنسان في الحال الحاضر أفضل من السابق فهو
أمر واضح. لكن أولئك الذين يمارسون الإنتهاكات لا يزالون يعتقدون
بممارستها لكنهم يسعون أن يدخلوا من دائرة القانون ويظهروا أن أعمالهم
قانونية. و الأهم من ذلك إن معظم أعمالهم ليست خافية عن أعين الناس
ووسائل الإعلام، وهذا يؤدي بهم إلى أن يضطروا بالجواب. وهذه أرضية
مناسبة. لكن للأسف هنالك أشخاص لا يزالون في السجون بجرم إبداء آرائهم
الإنتقادية كـ الشيخ هادي قابل و بعض الطلبة. وبعض من كان مسجون في
السنوات السابقة قد اُطلق سراحه بكفالات باهظة ولكن لا يُعرف تكليفهم
بعد. وبعض الأموال والأماكن قد احتلت وصودرت ولم تسترجع. |