الناخبون العراقيون يجتذبون انتباه العالم

الانتخابات تُفقد القاعدة مزاياها في نينوى

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: انبرى العديد من المحليين النفسيين والسياسيين في ظاهرة غير مسبوقة الى تحليل المشهد العراقي في الفترة الاخيرة مركزين ملاحظاتهم على انتخابات مجالس المحافظات بالذات.

حيث يرى جمع من المحليين والمتابعين لهذا الشان ان الناخب العراقي استطاع تجاوز العديد من العقبات الرئيسية التي كانت تقف حائلا دون اختيار ما هو اصلح.

وتعد تلك الانتخابات من انجح الممارسات الديمقراطية التي حدثت في البلاد منذ الاطاحة بالنظام الديكتاتوري السابق، نسبة الى حجم المشاركة المتنوعة التي شاركت خلالها اغلب اطياف الشعب العراقي، بعد الانتخابات الأولى التي جرت في الثلاثين من كانون الثاني يناير عام 2005.

الانتخابات تجاوزت مرحلة خلط الأوراق

وقال باحث متخصص بعلم النفس، إن الانتخابات أظهرت تراجع العقل الانفعالي لدى المواطنين وتنامي الوعي بالمسؤولية عندهم، في حين عد باحث متخصص بعلم الاجتماع أن المواطن العراقي تجاوز مرحلة خلط الأوراق أو الولائات السياسية بقضية إدارة الدولة أو أي موضوع آخر يتعلق بمصلحته.

وأضاف رئيس الجمعية النفسية العراقية أ.د. قاسم حسين صالح  أن الشيء الإيجابي الذي ميز انتخابات مجالس المحافظات التي جرت السبت الماضي (31/1) هو “إدراك العراقي ضرورة استبعاد عاملي الانفعال والعاطفة في التصويت”، مشيرا إلى أن ذلك يعني “تراجع العقل الانفعالي الذي تحكم بالانتخابات السابقة لصالح العقل المنطقي بنحو يبشر بتحول ثقافي وتنامي الوعي بالمسؤولية عند المواطنين”. بحسب أصوات العراق.

وعلى المنوال نفسه ذكر الباحث المتخصص بعلم الاجتماع د.خالد حنتوش ساجت أن المواطن العراقي “تجاوز مرحلة خلط ولائاته السياسية بقضية إدارة الدولة أو أي قضية تتعلق بمصلحته كمواطن”، موضحا أن مؤشرات تراجع التيارات الدينية بانتخابات مجالس المحافظات بحسب استطلاعات رأي عديدة “أظهرت وعي المواطن العراقي ونجاحه بالفصل بين الدين وحياته كمواطن يبحث عن الخدمات الضرورية للحياة”.

كما أفاد الدكتور قاسم حسين صالح أن الانتخابات العراقية “تضمنت أربع مراحل أولها ما يمكن تسميته بسايكولوجية الضحية من جراء ممارسات النظام السابق ضد مكونين رئيسين في المجتمع العراقي هما الشيعة والأكراد”، مبينا أن اتباع هذين المكونين عانوا من ظهور انفعالي عارم كان من نتيجته أن أصبح الولاء الشيعي لرموزهم والشيء نفسه بالنسبة للأكراد”.

وأوضح أن المرحلة الثانية يمكن تسميتها بـ”سايكولوجية الاحتماء حيث توزع العراقيون بعد سقوط النظام السابق على من يحميهم وأصبح الولاء للقوة التي تحميهم بنحو مشروط بعقد اجتماع غير معلن بين الطرفين”، منوها إلى أن مفاده هو “أنا أحميك بشرط أن تكون معي وذلك ما تحكم بالانتخابات التي جرت بعد سقوط النظام السابق”.

وتابع د.صالح أن المرحلة الثالثة التي يمكن تسميتها بـ”سايكولوجية المسؤولية الهشة حيث شهدت ادلاء المواطنين بأصواتهم بحرية في الانتخابات التشريعية أو المحلية”، مستدركا لكنهم “لم يمارسوا المسؤولية الوطنية ولا حتى الشخصية في ذلك”، بحسب رأيه.

وأردف أن المرحلة الرابعة والأخيرة تمثلت بـ”سايكولوجية الوعي بالمسؤولية والشيء الجيد فيها هو ما شهدته انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة”، لافتا إلى أن المواطن “أعطى فيها صوته للمرشح الذي توافرت فيه عناصر الكفاءة والنزاهة والقدرة على تلبية حاجات المواطنين بغض النظر عن الطائفية والمذهبية”.

وذكر رئيس الجمعية النفسية العراقية أن العراقين “بدأوا يتعافون من الاحباط الذي أصابهم سابقا”، معربا عن اعتقاده أن “الانتخابات البرلمانية الثالثة تشكل فرصة جديدة للعراقيين الذين يتميزون بقابلية التعليم السريع وأن الدورة البرلمانية الثالثة ستكون أفضل لاسيما بعد خروج المحتل من العراق”.

إلى ذلك قال د.خالد حنتوش ساجت إن نسبة الاقبال التي بلغت  51% تعد “طبيعية مقارنة بالتجارب الديمقراطية المماثلة بالعالم”، مبينا أن العراق “خرج من النسب العالية التي كان يحصل عليها المرشحون لأي منصب ما يدلل على أن المواطن العراقي بدأ يسير بالاتجاه الصحيح”، بحسب تعبيره.

واستطرد د.ساجت أن امتناع نسبة كبيرة من المواطنيين عن التصويت في الانتخابات “ناجم عن الاحباط الكبير الذي أصيبوا به من خلال نتائج الانتخابات البرلمانية السابقة التي استغلت فيها القوائم المبينة على أساس الطائفة أو الدين أو القومية جهل المواطن في حينها بمفهوم الديمقراطية أو المواطنة”.

واشار إلى أن القوائم التي قادت العملة السياسية حتى الآن “كرست جهدها للحصول على أكبر امتيازات شخصية وتجاهل المواطن وحالة مما سبب ردة فعل شعبية سلبية تحتاج إلى وقت وعمل جاد وطويل لتغيرها”.

وتعد انتخابات مجالس المحافظات التي انطلقت السبت الماضي (31/1) في 14 محافظة، هي الثانية من نوعها في العراق بعد الانتخابات الأولى التي جرت في الثلاثين من كانون الثاني يناير عام 2005 ، بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب، وهي المرة الأولى أيضا التي يتم اختيار أعضاء مجالس الانتخابات بالاقتراع المباشر، بعد أن كانت عضوية مجلس المحافظة تجري من خلال التعيين المباشر من قبل الدولة في عهد النظام السابق والأنظمة التي سبقته.

كما اجمع محللون سياسيون في العراق، على ان النتائج الاولية لانتخابات مجالس المحافظات اظهرت ان  هناك مؤشرا على “انبعاث” وعي جديد للناخبين.

وقال المحلل والسياسي ضياء الشكرجي إنه “يبدو حسب الظاهر بالنسبة لنتائج الانتخابات الاولية لحد الآن ان ائتلاف دولة القانون هو المتقدم وهنالك تراجع لقوائم أخرى كقائمة شهيد المحراب”، والانتخابات تمثل “في تصوري خطوة أو مؤشراً نحو أنبعاث وعي جديد عند الناخب العراقي”.

واضاف ان “الوعي السياسي لا يكتمل بسرعة لان التجربة الديمقراطية تجربة حديثة ومن الطبيعي ان الشعب يحتاج الى التعرف على السياسي ولذلك فان الوعي يتعمق تدريجيا، وهنالك شي واضح وهو تراجع أو أنحسار القوى الدينية”، مستدركاً “صحيح أن قائمة دولة ائتلاف القانون حزب الدعوة هي حزب أسلامي، ولكن أعتقد ان الغالبية التي أنتخبت قائمة دولة الائتلاف لا أتصور انها أنتخبت حزب الدعوة كحزب أسلامي وانما انتخبت النهج والمنحى الاخير الذي نحاه رئيس الوزراء بالأشهر الاخيرة”.

واشار الى ان ذلك التوجه للمالكي يتكثل في “تسيد القانون وأيقاف القوى المتطرفة بألاضافة الى التركيز على لا مركزية الدولة ثم التقاطع الذي حصل بينه وبين حليفة في قضاية كثيرة كاستخدام الرموز الدينية وفيدرالية الجنوب”، وهذا امر “متوقع عندما تفكك الائتلاف وبقي المجلس والدعوة”.

وهنالك تغيرات في توجهات الرأي العام العراقي من خلال مشاركة القوى السياسية الجديدة في الانتخابات”.

واضاف الحديثي ان “هناك قوى ليبرالية ربما تستطيع أن تستغل اخفاق بعض التوجهات الطائفية والدينية في أنتاج شي من العملية السياسية على المستوى الخدمي والاقتصادي في العراق لمحاولة اعطاء الثقة للناخب العراقي”.

ولفت الى ان “هنالك امكانية لكسب التحالفات التقليدية التي سيطرت على العملية السياسية خلال الأربع سنوات المنصرمة حيث لم يعد التكتل الطائفي الديني منتجا ولم يعد يلبي حاجات المواطن، واعتقد ايضا أن هنالك تغيرا على الساحة العراقية وان لم تكن هذه الانتخابات سوف تؤدي الى تغير جذري”.

اما المحلل السياسي ريبين رسول فانه يرى كذلك ان “نتائج الانتخابات ستفرز واقعاً جديداً وهو ان القوائم الوطنية ستكون لها حيزاً أكبر والقوائم المتمسكة بألطائفية ستتراجع وهذا مانلمسه من خلال الاستنتاجات الاولية”، مع العلم انها “غير دقيقة لحد الآن ولكن ربما قد تكون قريبة من الواقع”. بحسب أصوات العراق.

واضاف رسول ان “المجتمع العراقي مل من الخطاب الطائفي الذي ساد خلال السنوات الماضية واذي لم يجن منه العراقيون شيئاً، وان هنالك توجهاً وطنياً نحو العودة الى الخطاب الوطني العراقي”، معربا عن اعتقاده بان “النتائج ستعطي القوائم المشاركة في الانتخابات والاحزاب السياسية درسا جديدا وهو عدم الاعتماد على الخطاب الطائفي والتوجة نحو الخطاب الوطني”.

الانتخابات خطوة ناجحة لردم العقبات

من جانبها رأت وكالة اسوشيتد برس  Associated Press  في تحليل لها، أن الانتخابات المحلية في العراق ظهرت أنها حققت نجاحا وهذا يعني خطوة كبيرة نحو ديمقراطية مستقرة من شأنها أن تعجل بقدوم اليوم الذي تتمكن فيه القوات الأمريكية من الرحيل، لكن ذلك كله مجرد خطوة في طريق مليء بالعقبات.

ويرى كاتب التحليل، روبرت ريد، أن التصويت كان “مجرد فصل في قصة”، فالعراق، حسب ما يراه ريد “يواجه عقبات جمّة وعديدة قبل أن يتضح ما إذا ستدوم الإنجازات الأمنية التي تحققت على مدى العامين المنصرمين”.

ويشير ريد إلى أن الرئيس اوباما “رحب بالانتخابات التي جرت في أجواء سلمية بوصفها أخبارا طيبة للجنود الأمريكيين وعائلاتهم، واتفق مع الرأي القائل بإمكانية عودة عدد مهم من تلك القوات إلى بلاده في غضون عام”.

لكن ريد يرى أن التكهنات بشأن العراق “تنطوي على مخاطرة”، ويضيف أن السفير الأمريكي المنتهية مهمته، راين كروكر، قال ملاحظة طريفة هي إنه يعرّف “التوقعات على المدى البعيد”، مستدركا أن مدى التكهنات في العراق “لا يتجاوز أسبوعين”. بحسب رويترز.

ويذكر ريد أن النشوة التي أحاطت باقتراع مجالس الحكم المحلي في غالبية محافظات العراق “لا تختلف كثيرا عن التصريحات المتفائلة التي تلت الانتخابات الوطنية في يناير كانون الثاني وديسمبر كانون الأول 2005″.

في ذلك الوقت، كما يقول ريد، “أشاد مسؤولون أمريكيون وعراقيون بذلك التصويت بوصفه ضربة قاصمة للمتمردين ـ على الرغم من أن أعدادا كبيرة من السنة بقوا مبتعدين عن صناديق الاقتراع في الانتخابات الأولى في العام 2005″.

ويتابع ريد تحليله “بعد ذلك بعام، كانت البلاد على شفير حرب أهلية وطرد الناخبون الأميركيين الجمهوريين من الكونغرس كرفض كبير لسياسات إدارة بوش في العراق”.

إن مثل هذه الانقلاب الكبير بالحظوظ “غير مرجح هذه المرة”، كما يرى الكاتب الذي يوضح أن القوات الأمنية العراقية “صارت أكثر قوة، والجمهور العراقي استنزف تماما بالحرب، وعانت جماعات المتطرفين في أوساط السنة والشيعة على حد سواء، هزيمة كبيرة”.

ويعتقد ريد أن مع حصوله على قليل من الدعم الشعبي لمهمة العراق في داخل الولايات المتحدة، فمن المرجح أن اوباما “يمضي قدما باتجاه سحب قوات كبيرة هذا العام ـ حتى مع وجود مستوى من عدم الاستقرار لا تقبل به غالبية البلدان”.

إن النتائج الرسمية للاقتراع لم تظهر إلى الآن، لكن التوقعات القائمة على تسريبات من أحزاب عراقية يقول ريد “تبين أن حلفاء رئيس الوزراء نوري المالكي هم أكبر الفائزين على حساب الأحزاب الدينية، التي تتهم بإغراق البلاد في حمام دم طائفي قبل عامين”، على حد تعبير ريد.

علاوة على ذلك، يرى الكاتب أن العرب السنة “يبدون وكأنهم استعادوا السلطة على حساب الأكراد في منطقة الموصل المضطربة، التي هي آخر مناطق القتال بين القوات الأمريكية والمتطرفين السنة ومن بينهم القاعدة في العراق”.

ويرجح ريد أن هذا من شأنه أن “ينزع فتيل التمرد في هذه المنطقة إذا شعر المجتمع السني في الموصل أن لديه حصة في الحكومة المحلية”.

كما من شأن هذا، يضيف الكاتب، أن “يشحذ التوترات بين الحكومة والأحزاب الكردية القوية التي تنأى أصلا عن القيادة الوطنية في بغداد”.

سيتوقف الكثير من هذا، حسب ريد، على “هامش الفوز في كل من المحافظات الأربعة عشرة التي جرى فيها التصويت. كما أن نسبة المشاركة المتدنية التي بلغت 51% أشّرت مستوى عاليا من اللامبالاة والإحباط بين أوساط العراقيين من أن السياسيين أهملوهم”.

وإذا كان هذا الهامش ضيقا، حسب ما يتوقع ريد، فمن الممكن أن “يحصل الفائزون الأوائل والثواني على العدد نفسه من المقاعد. وقد يتمكن الثواني من التعامل مع أحزاب أصغر للسيطرة على الحكومة المحلية، حتى من دون الفوز بنسبة كبيرة من الأصوات”.

ويعتقد ريد أن هذا الأمر “سيترك للأحزاب الدينية ـ التي لديها علاقات وثيقة بأجهزة الأمن العراقية ـ ما يكفي من القوة لاستعادة موقعها في الانتخابات البرلمانية الوطنية التي تعقد في نهاية العام 2009 الجاري”.

ويتكهن ريد بأن التلاعبات السياسية والصفقات التي ستبدأ في الأسابيع القليلة المقبلة “قد تهدد ما تتوق إليه الولايات المتحدة من وراء الانتخابات، ألا وهو الاستقرار”.

وبالفعل، والكلام لريد، “يزعم شيوخ العشائر من السنة غربي العراق أن حكومة مرتبطة بالحزب الإسلامي سرقت الانتخابات في المحافظة، وهي تهمة ينكرها ذلك الحزب”.

فهؤلاء الشيوخ يقول ريد “استداروا ضد القاعدة في العام 2007 وما زالوا يتوافرون على ميليشيات عشائرية مسلحة، وهو أمر يثير المخاوف من صدامات مسلحة قد تندلع في الأسابيع المقبلة”، كما يظن ريد، الذي يضيف أن جماعات سياسية في الجنوب الشيعي “منقسمة أيضا وبالقدر نفسه”.

ويرى ريد أن كل تلك القضايا “قد تحل بنحو سلمي ـ أو بغيره. وبأن الغموض يكمن وراء قلق الجيش الأمريكي من رحيل سريع من العراق، على الرغم من الضغط السياسي في الولايات المتحدة لإنهاء حرب لا شعبية لها بأسرع وقت ممكن”.

ويختتم ريد تحليله بكلام ينقله عن محلل البنتاغون السابق، انتوني كردسمان، مفاده أن “العراق كله عمل كبير ما يزال جاريا، عمل سيأخذ سنوات عدة على الأقل ليصل إلى أي استقرار ذي شأن”.

وكاتب التحليل، روبرت ريد، يشغل منصب مدير مكتب وكالة اسوشيتد برس في بغداد ويغطي الحرب فيه منذ العام 2003.

القاعدة تفقد مزاياها

ويقول محللون في شؤون الدفاع ان النجاح الذي حققته الاحزاب السنية العربية في الانتخابات في محافظة نينوى قد يجعل المحافظة الشمالية التي مازالت تشهد أعمال عنف أقل ترحابا بالقاعدة في وقت بدأ فيه زعماء الجماعة في الخارج يفقدون اهتمامهم بالعراق.

وقال ديفيد كليريدج مدير مؤسسة جانوسيان لادارة المخاطر الامنية "القاعدة في حد ذاتها قررت التركيز أكثر على أفغانستان من العراق."

وأضاف "انهم (في العراق) لم يعودوا يتمتعون بالمزايا التي كانت لهم. القاعدة لن تختفي من المشهد لكنها ستصبح حركة ارهابية ثانوية مثلما هي في اماكن كثيرة."

وعلى الرغم من انخفاض العنف في شتى انحاء العراق الى مستويات غير مسبوقة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 الا ان نينوى ومناطق اخرى قاطع فيها السنة العرب الانتخابات السابقة عام 2005 مازالت متفجرة.

وغيرت انتخابات المحافظات بدرجة كبيرة الخريطة السياسة للعراق الذي يشكل فيه الشيعة أغلبية. وفي محافظة نينوى وعاصمتها الموصل يمكن ان تلعب الانتخابات دورا محوريا لاشاعة مزيد من الهدوء.

وكانت القاعدة قد اعادت تنظيم صفوفها في الموصل بعد ان طردت من معاقلها السابقة في بغداد والانبار في الغرب حين انقلب عليها زعماء عشائر سنية تحالفوا مع الولايات المتحدة.

وكان من الصعب ان ينعكس التحسن الامني في شتى انحاء العراق على محافظة نينوى المقسمة بين العرب والاكراد والتركمان.

في الموصل يخاف العراقيون من السيارات الملغومة وينظرون بتشكك الى حركة السيارات ويحذر رجال الشرطة من القناصة ويخشى السكان من انتشار مسلحي القاعدة الى درجة تجعلهم يخافون من فتح الباب لاي طارق.

وقال محمد طيب (73 عاما) الذي كان عاملا للبناء وهو يدخن سيجارة امام مسجد بقبة خضراء "نريد الامن قبل كل شيء."اعطنا الامن وكل شيء سيأتي بعد ذلك."

ونجح هجومان عسكريان للقوات الامريكية والعراقية العام الماضي في اضعاف القاعدة لا القضاء على المنظمة المتشددة التي لها وجود أيضا في محافظة ديالى شمالي بغداد، لكن ليس كل الهجمات التي تقع في الموصل هي من تدبير القاعدة.

ويتعقب الجيش الامريكي ما لا يقل عن 13 جماعة متمردة هناك من بينها عدد كبير من الجماعات العلمانية وغالبيتها سنية وطنية من بقايا حزب البعث التابع للرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وقاطع السنة العرب انتخابات المحافظات عام 2005 مما جعلهم يشغلون عشرة مقاعد من بين مقاعد محافظة نينوى وعددها 41 مقعدا رغم انهم يشكلون 60 في المئة من تعداد السكان. اما الاكراد ويشكلون ربع السكان فقط فقد شغلوا 31 مقعدا.

وفي انتخابات يوم السبت فازت كتلة الحدباء السنية العربية التي تلقى قبولا لدى كثير من البعثيين السابقين في نينوى بما وصل الى 48.4 في المئة من الاصوات بينما حصلت الجماعة الكردية الرئيسية على 25.5 في المئة.

وأعاد ذلك التوازن الى العلاقات السياسية بين السنة والاكراد. واذا كان البعثيون السابقون كما يعتقد كثيرون هم لب التمرد في الموصل فقد يقنعهم تشكيل مجلس محافظة أكثر شمولا بالعدول عن القتال.

وقال اثيل النجفي زعيم كتلة الحدباء قبل الاعلان عن النتائج الاولية ان فوز قائمة الكتلة السنية سيدفع كثيرين الى القاء السلاح، ولا يبدو ان الزعماء الاكراد سيثيرون ضجة.

وقال خاسرو جوران نائب محافظ نينوى وهو كردي ان الاكراد يعرفون حجمهم ويعرفون حجم التأييد الذي يملكونه وان هذا التأييد لا يمكن ان يزيد عن ثلث الاصوات.

ومن المرجح ان يكون تزايد الهدوء بين البعثيين السابقين في نينوى بمثابة انباء سيئة للقاعدة، فقد كان وجود القاعدة في الموصل مفيدا للبعثيين فقط حين كانوا يريدون اشاعة الفوضى. لكن دون ذلك هم بالاساس معادون تماما لتفسير القاعدة المتشدد للاسلام.

وقال مسؤول امريكي كبير في الموصل "البعثيون يقولون لنا.. الموصل مدينة متطورة... لا تهتم باجندة الاسلاميين وستنقلب على الاسلاميين."

ويقول تيم ريبلي الكاتب العسكري والمعلق في شؤون الدفاع " يبدو ان العراق أصبح عنده حكومة الان. مناخ الدولة الفاشلة ولّى."

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين 9/شباط/2009 - 13/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م