تجريف البساتين في كربلاء.. آراء متباينة بين المواطن والمسؤول

عدسة وتحقيق: علي سامي المسعودي

شبكة النبأ: يعاني العراق من ازمات متعددة ومعقدة واهمها ازمة السكن التي اصبحت هماً كبيرا يشغل بال الاف الشباب من المتزوجين الجدد فضلا عن العوائل التي تتكدس في بيت واحد بعدما يتزوج الشاب ولايجد مكاناً للاستقرار سوى بيت الاهل...

وكان من تداعيات ازمة السكن أن يلجأ المواطنين للبحث عن حلول واقعية تناسب امكانياتهم المادية حيث اصبحت اسعار الاراضي السكنية جنونية وبعيدة جدا عن متناول اغلب الناس، ومن هنا قام اصحاب البساتين في كربلاء بتجريف مساحات واسعة من ممتلكاتهم وعرضها للبيع على اساس قطع سكنية، بموجب سند جماعي، وهو ما أُطلِق عليه بأراضي (البستنة)..

ولكن كانت لهذا الامر تداعيات عديدة وآراء متباينة من قبل مواطنين ومسؤولين في المحافظة، ومن هنا كان لنا هذا التحقيق لتسليط الضوء على هذه المسالة الحيوية.

آمال الدين الهر، مدير مديرية الزراعة في كربلاء، قال عن ظاهرة التجريف، ان التخطيط العمراني يستوجب تجريف بعض البساتين القريبة من مركز المدينة، حيث ان هذه المناطق يجب تجريفها لانها قريبة من مركز المدينة مثل منطقة باب الخان ومنطقة باب بغداد والجاير وشارع ميثم التمار كونها لاتبعد اكثر من 500م من مركز المدينة، وبالتالي لها اثر سلبي على جمالية المدينة.

واضاف الهر، لابد من التطور، والبناء قرب المدينة ليس له اثر سلبي لأنه سيكون ملحقاً بها، ولكن التجريف في مناطق زراعية خارج مركز المحافظة لانقبل به، لأن له اثر سلبي على الانتاج الزراعي كما حدث في منطقة الحر حيث جرفت بساتين مساحتها حوالي 2كم، والتجريف في مناطق قريبة من مركز المدينة او اطراف المدينة له انعكاسات سلبية، حيث المدينة مقبلة على تلوث كبير لافتتاح معامل صناعية فيها.

ثامر القزويني، نائب محافظ كربلاء، قال، في مايخص ظاهرة تجريف البساتين شُكلت في محافظة كربلاء لجنة تكونَت من ممثل عن المحافظ وممثل عن وزارعة الزراعة والبلديات ومديرية التسجيل العقاري، وبعد عدة اجتماعات قدمت اللجنة توصياتها بهذا الخصوص:

1-  توجه اللجنة بلاغاً الى كافة مالكي البساتين والاراضي الزراعية واصحاب الحقول التصرفية بوجوب استغلال هذه الاراضي الزراعية وادامتها.

2- مفاتحة السيد وزير الزراعة لغرض توجيه بيان بنفس المضمون رقم 1، على اعتبار ان البساتين ثروة وطنية، وكذلك صدور بيان من قِبل وزير الزراعة الى كافة محافظات العراق ومن ضمنها كربلاء، واصدار انذار لاصحاب الاراضي الزراعية يتم نشره في الصحف المحلية، يؤكد على ضرورة عدم تجريف البساتين.

3- مفاتحة مديريات بلديات كربلاء من اقضية ونواحي بعدم تسهيل او اعطاء اجازة بناء للمخالفين.

4- مفاتحة مديرية التسجيل العقاري للعمل بالقرار 222  لسنة 1977 .                                         

5-  مخاطبة مديريات الماء والمجاري وكذلك دائرة الكهرباء والاتصالات بعدم تقديم الخدمات لهم.         

6-  تكليف رؤساء الوحدات الادارية اي الاقضية والنواحي بهذا الخصوص ومعالجة المخالفات التي تحدث في مناطقهم.

7- تحريك دعاوى جزائية على مكاتب الدلالية التي تقوم بتوزيع الاراضي السكنية في البساتين.

8- مخاطبة الاجهزة الامنية للتعاون مع الدوائر ذات العلاقة، ومد يد العون في سبيل معالجة المقررات هذه.                 

واضاف القزويني، بعد اقرار السيد المحافظ لتوصيات اللجنة تم تحويل المقررات الى القسم القانوني في المحافظة لغرض اعداد بيان باسم السيد المحافظ.

وتابع القزويني، اما بالنسبة للأحياء السكنية العشوائية، فهي حالة تخص الحكومة المركزية لأن الاحياء التي أستُحدِثَت كثيرة، والاهم من ذلك هو الخشية من تعارض تلك الاحياء مع مشروع التصميم الاساسي المُعَد لمدينة كربلاء مستقبلاً.

المواطن احمد علي، قال عن رأيه بتجريف البساتين والبناء على ارضها،  ارى ان هذه الظاهرة من اشد الظواهر قسوة على طبيعة مدينة كربلاء ومناخها وهي من العوامل الضارة بمناخ المدينة فضلا عن الحاق الضرر بجماليتها، فالجميع يدرك ان هذه المدينة كانت تمتاز بمناخ لطيف ومساحات خضراء واسعة تحيط بها اما في الوقت الحاضر فان التجريف قضى على اغلبية تلك الجمالية واصبح الجو اكثر تلوثا بالغبار بعد ازالة  العديد من البساتين التي كانت مصدّاً طبيعيا للرياح ومصدرا للاوكسجين.

المواطن قاسم حسن كان له رأي مغاير حيث قال، ان اسباب هذه المشكلة هي الاداء الحكومي القاصر والذي لم يضع خطة لمعالجة ازمة السكن المستفحلة في المحافظة بل وفي كل البلد، خصوصا ان كربلاء تتوسع جغرافيا بسبب كثرة القاطنين في المدينة، وزيادة عدد النفوس، وهذا  هو سبب رئيسي برأيي.

اما بخصوص القول في ان تجريف البساتين يؤثر على بيئة المدينة وجماليتها فأنا ارى ايضا انه راي غير سديد على اعتبار ان كربلاء آخذة بالتوسع عام بعد اخر ولابد من مشاريع اسكان بمحاذاة المدينة لتسهيل امداددات البنى التحتية والخدمات لها، ومن جانب اخر فإن الحكومة اذا كانت راغبة بتجميل كربلاء واكسابها مناخا معتدلا فعليها التفكير بحزام اخضر من الاشجار والشتلات المعمّرة والتي تتمتع بميزات تحمّل للضروف البيئية المتباينة وقلة استهلاك المياه. وبذلك نكون قد حللنا ازمة السكن التي تستفحل يوما بعد اخر وفي نفس الوقت اكسبنا مدينتنا جواً لطيفا يتمتع بميزات صحية..

المواطن حامد ابو جابر، قال، انا باعتقادي كصاحب ملك شرعي، قمت بشراء هذه المساحة من الارض من المالك الشرعي بغض النظر عن كونه عقد زراعي او طابو صرف، فهو صاحب الملكية وتم التصميم على هذا الاساس.

واضاف ابو جابر، لم أجد حّلاً سوى شراء هذا النوع من الاراضي حيث ان اسعار القطع السكنية في كربلاء قد بلغت حدّاً جنونيا ولايمكن ان يوصف.. استطيع ان اقول لك ان اسعارها بقدر او اكبر من اسعار القطع السكنية في العاصمة بغداد، واعتقد ان ارتفاعها سيستمر طالما ظلّت الحكومة متفرجة على ازمة السكن في البلد دون اجراءها لحلول جذرية.. ولا أقول سوى " نسلّم امرنا لله الواحد الاحد".

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين 9/شباط/2009 - 13/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م