
شبكة النبأ: ظل منصب نائب الرئيس
الأميركي، على امتداد معظم التاريخ الأميركي، محط تندر من قبل الأشخاص
الذين شغلوا هذا المنصب، غير أن دور نائب الرئيس في واقع الأمر يكتسب
أهمية أكبر بكثير من التصور العام، طبقا لمعرض جديد أقامه المتحف
القومي للصور والرسوم التابع لمؤسسة سميثسونيان للمتاحف.
ويركز المعرض الذي حمل عنوان "رؤساء مقبلون" وشارك في تنسيقه
المؤرخان سيدني هارت وجيمس باربر على نواب الرؤساء الأميركيين الـ14
الذين نجحوا في الوصول إلى منصب الرئيس. وقد اضطلع هؤلاء الرجال بمنصب
القائد الأعلى "إما نتيجة لوفاة الرئيس، أو عن طريق الانتخابات بفضل
اختيار أحزابهم لهم كمرشحين للرئاسة، أو نتيجة لاستقالة الرئيس الحالي،
كما أوضحت هارت لموقع أميركا دوت غوف.
ويتتبع المعرض آثار حياة نواب الرؤساء المهنية من خلال مجموعة من
اللوحات والصور والرسوم الكاريكاتورية السياسية وعينات من الرسائل
والكتب النادرة.
وهناك رسالة واحدة، على وجه الخصوص، توضح أن منصب نائب الرئيس كان
مثار تندر قبل وقت طويل من تولي جون نانس غارنر، الذي كان يشغل منصب
نائب الرئيس فرانكلين روزفلت من العام 1933 إلى العام 1941، والذي قال
عن هذا المنصب بأنه "يكاد لا يستحق أكثر من دلو بُصاق دافئ"، أو كلمات
بهذا المعنى. وفي رسالة كتبها جون آدامز، الذي شغل منصب نائب الرئيس في
عهد الرئيس الأميركي الأول جورج واشنطن، في العام 1793 إلى زوجته أبغيل،
وصف فيها منصب نائب الرئيس بأنه أتفه منصب يتوصل إليه إبداع الإنسان.
وتقول هارت إنه على الرغم من عبارات الازدراء والسخرية التي تكال
على منصب نائب الرئيس، فإنه لم يرفض الاضطلاع بهذا المنصب سوى عدد قليل
من السياسيين، حين عرض عليهم. وقد شغل هذا المنصب "نحو ثلث رؤساء
الولايات المتحدة الـ44، تم النظر إليه باعتباره سبيلا من المحتمل أن
يقود شاغله إلى منصب الرئيس.
إقامة سابقة يحتذى بها
نص دستور الولايات المتحدة على وجه التحديد، أصلا، على أن يتولى
الفائز بالمرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية منصب نائب الرئيس،
ولكن المشاكل توالت في أعقاب ذلك حين أخذت الأحزاب السياسية في الظّهور
في سبعينات القرن السابع عشر. وأشارت هارت إلى أنه أصبح في نهاية
المطاف من الضروري إدخال تغيير على إجراء اختيار نائب الرئيس نظرا لأن
المرشح الذي يحتل المركز الثاني ينتمي إلى حزب مختلف عن حزب الرئيس
المنتخب، كما حدث عندما أصبح توماس جيفرسون نائبا للرئيس جون آدامز في
العام 1797. وأخيرا، في العام 1804، تم إدخال التعديل الثاني عشر على
الدستور، وتم بموجبه إعادة تعريف الكيفية التي يختار بها الناخبون
الرئيس ونائبه. وقضى بأن يكون منصب الرئيس ومنصب نائب الرئيس منصبين
متعاونين لا متعارضين.
وفي حين أن حق نائب الرئيس في خلافة الرئيس، في حالة حدوث وفاة
الرئيس أو عجزه، يعد في الوقت الراهن أمرا مفروغا منه، فإن هذا المبدأ
لم يتم حسمه حتى خلف نائب الرئيس جون تايلر الرئيس وليام هنري هاريسون
في العام 1841.
وذكر المعرض أنه عندما توفي هاريسون وهو لا يزال في منصبه، "تولى
تايلر على الفور سلطات الرئاسة بثلاث طرق: أداء اليمين الدستورية لتولي
منصب الرئيس (وهي عادة دأب الرؤساء على ممارستها حتى يومنا هذا)؛ ثم
ألقى خطاب التنصيب؛ وأصدر تعليماته إلى أعضاء مجلس وزراءه بأنه هو
الوحيد الذي سيتخذ القرارات وليس أغلبية أعضاء مجلس وزرائه، كما كان
الحال عندما كان هاريسون رئيسا. في بداية الأمر، كان هناك بعض الالتباس
حول ما إذا كان ينبغي اعتبار تايلر الرئيس أو الرئيس بالنيابة، ولكن
الإجراءات التي اتخذها تايلر بدأت عادة من شأنها أن تحكم تعاقب الخلافة
على الرئاسة في المستقبل. وقد تم تدوين هذا العرف القانوني في التعديل
الـ25 من الدستور الأميركي في العام 1967.
المرور عبر المرحلة التاريخية
ومن بين اللوحات التي ضمها المعرض لوحة زيتية (تحمل عنوان الساعات
الأخيرة في حياة لنكولن، لجون باتشيلدر، المولود بين حوالي العام 1865
و1770) تسلط الضوء على أهمية منصب نائب الرئيس في وقت الأزمات الوطنية.
وتصور هذه اللوحة لينكولن، الذي صرعته رصاصة من بندقية قاتل في العام
1865، وهو على فراش الموت، تحيط به زوجته ونجله الأكبر وعدد من زملائه
البارزين. ويبدو إلى يساره نائب الرئيس، أندرو جونسون، جالسا على كرسي
هزاز. كان المشهد كئيبا، ولكن وجود جونسون يبعث إشارة مطمئنة تدل على
الاستمرارية، على الرغم من أنه ما لبث أن أثبت للشعب فيما بعد أنه رئيس
غير فعال نجا بالكاد من تنحيته من منصبه في محاكمته بتهمة التقصير في
مجلس الشيوخ الأميركي.
وقالت هارت إن ظهور ثيودور روزفيلت على المسرح القومي أكسب منصب
نائب الرئيس الأهمية التي يستحقها؛ حيث خدم في عهد وليام مكينلي من 4
آذار/مارس إلى 14 أيلول/سبتمبر 1901، وكان يعتبر شخصية سياسية فائقة
النشاط ويتحلى بمناقب عظيمة. ويجسد معرض "الرؤساء المقبلون" التأثير
الذي خلفه روزفلت من خلال رسم كاريكاتوري يصور سقوط ظله المكبر جدا
الذي يمتد عبر حديقة البيت الأبيض، الذي يعتبر بمثابة تهديد مرتقب يخيم
على قلوب المسؤولين الفاسدين الذين يخشون منه. وقد أراد روزفلت الذي
اعتلى سدة الرئاسة إثر اغتيال مكينلي مواصلة برنامج الإصلاح الذي بدأه
سلفه. وكان ارتقاؤه إلى سدة الرئاسة يعتبر نقطة الانطلاق للتقدمية
الأميركية.
وهناك صور شهيرة لنواب رؤساء مرموقين آخرين؛ مثل كالفين كوليدج الذي
تبدو عليه علامات الحذر، حيث يبدو وكأنه نموذج للاستقامة التي تتميز
بها منطقة نيو انغلاند؛ وهاري ترومان المتقد بالحماس والنشاط؛ وريتشارد
نيكسون، تلك الشخصية المبهمة والغامضة؛ وليندون جونسون القوي، الذي ظهر
وهو يسترضي زميلا سياسيا له تارة ويعنفه تارة أخرى. ويقدم النص المصاحب
لكل صورة فكرة عن شخصية كل رجل: فعلى سبيل المثال، كانت فطنة كوليدج
التي أصبحت اليوم طي النسيان، تثلج في يوم من الأيام صدور أبناء وطنه
وتدخل عليها البهجة والسرور؛ بينما ساعد المزيج الذي كان يتحلى به
جونسون من سحر الجنوب وعادته في التخويف والترهيب في الصعود إلى سدة
الحكم.
ومسك ختام المعرض هو عبارة عن شريط فيديو تم فيه تسجيل مقابلات مع
أربعة من نواب الرؤساء السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة؛ حيث
يستطيع الزوار بواسطة استخدام شاشة تلفزيونية تعمل باللمس مشاهدة وسماع
مذكرات والتر مونديل (الذي خدم في عهد جيمي كارتر)، وجورج بوش الأب
(نائب الرئيس رونالد ريغان)، ودان كوايل (الذي خدم في عهد جورج بوش
الأب)، وديك تشيني (نائب الرئيس الأميركي جورج ووكر بوش).
وأوضحت هارت أن منصب نائب الرئيس قد تطور مع مر السنين، ولكن الذين
شغلوا هذا المنصب يدركون حقيقة أساسية واحدة وهي: أن نائب الرئيس لا
يتوفر له أي مصدر مستقل للسلطة؛ وأن كل السلطة التي تتاح له هي التي
يختار الرئيس منحه إياها." |