تبدُّل شعارات الإسلاميين نضج سياسي ام إدراك لحاجة الواقع

 

شبكة النبأ: الوعود بالأمن بدلاً من أداء التكليف الشرعي، بزّات انيقة لمرشحين مبتسمين بدلاً من صور رموز الدين، خدمة الوطن وتوفير الخدمات بدلاً من خدمة المذهب والطائفة… هذا أبرز ما لاحظه أبو احمد كل صباح وهو في طريقه إلى عمله خلال الفترة التي واكبت الدعاية الانتخابية لانتخابات مجالس المحافظات التي جرت السبت الماضي.

كل الكيانات سواء الإسلامية منها أو العلمانية، تتوحد بقواسم مشتركة، وعود بتوفير الخدمات، تشغيل العاطلين عن العمل، وتوفير الأمن لكل العراقيين، لكن خطابها هذا، كما يقول ابو احمد “سرعان ما يتبدل نحو الطائفة أو الفئوية بعد وصولها إلى مقاعد المجالس المحلية”.

يقول ابو احمد” سبحان الله… بالماضي القريب كانت هذه القوائم تملأها صور العلماء وشعاراتهم الدينية والآن تبدلت هذه الصور لرجال يلبسون البدلات الأنيقة ووعود بتطبيق القانون والقضاء على البطالة وتقديم الخدمات“.

مسألة تبديل الشعارات، وجد فيها بعض السياسيين محطة لتسجيل الاتهام بعدم القدرة على الإيفاء بالوعود، فيما يبرر آخرون تلك الاتهامات بحاجة المجالس المحلية إلى الخدمات أكثر من أي شيء آخر.

القيادي الكردي وعضو التحالف الكردستاني محمود عثمان، يرى أن تبديل شعارات الإسلاميين بشعارات أخرى تتحدث عن تحسين الخدمات ومعالجة البطالة وتحقيق الأمن هو أمر طبيعي بسبب ما قاله بأنه “إخفاق بعض الإسلاميين في تقديم خدمة للمواطن عندما رفعوا بعض الشعارات الإسلامية”.

ويضيف” إن بعض الأحزاب الإسلامية جاءوا وفق الشعارات الإسلامية إلا أنهم لم ينفذوها، لذلك  بدءوا يركزون على البرامج القريبة من الواقع“. بحسب تقرير لـ اصوات العراق.

رئيس حزب الأمة العراقية عضو مجلس النواب مثال الالوسي، يصف عملية تبديل الشعارات الدينية والإسلامية بالشعارات الخدمية بأنه اعتراف بالفشل، وهو يدعو المواطن العراقي الى التمييز بين كم الشعارات الهائل ليختار من بينها المناسب“.

وأوضح أن” تبديل الأحزاب الإسلامية لشعاراتهم دليل على اعترافهم بفشلهم، لكن وعي المواطن يمكن أن يبين تلك الشعارات وتطبيقاتها“.

لكن عضو مجلس النواب عن حزب الفضيلة كريم اليعقوبي، يرى أن تبديل الشعارات لم يكن بسبب التحول في الرؤى بل لمنع المفوضية استخدام الرموز الدينية، وان انتخابات مجالس المحافظات هي لغرض اختيار شخصيات قادرة على إدارة المجتمع خدميا، وهو ما يفرض طبيعة شعارات كهذه.

وقال إن “منع استخدام الرموز الدينية في قانون الانتخابات هو أحد أسباب تبديل الدعاية الانتخابية من دينية إلى خدمية وأمنية، مضيفا أن “انتخابات مجالس المحافظات هي لاختيار شخصيات لقيادة المحافظة خدميا.”

وأشار إلى إن “اغلب القوائم الانتخابية تركزت على تلبية رغبات المواطنين ونزاهة المرشحين لما عانوه من فساد إداري في الدورات السابقة.” منوها إلى إن “وعي الناس للبرامج الانتخابية جعل الأحزاب حذرة في اختيار برامج قريبة من طموح الشارع العراقي “.

وكان قانون الانتخابات الذي اقره مجلس النواب في 24/9/2008 قد منع استعمال الرموز الدينية ودور العبادة للدعاية الانتخابية.

يرى بعض المحللين السياسيين أن تحول الشعارات، هو إدراك الأحزاب السياسية لحاجة الشارع العراقي، لكن آخرون لا يعتقدون بأن الأحزاب قد تخلت عن شعاراتها، ومن تخلى منهم فهو لحساب إنجاز تحقق خلال فترة معينة.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد عامر حسن فياض، يرى أن تبديل شعارات بعض القوائم الإسلامية إلى شعارات خدمية هو” إدراك هذه الأحزاب لهموم الشارع العراقي“. وهو يعتبر تلك العملية ” ايجابية ” لأنها ” إدراك السياسي بحاجة المواطن“. وهو يدل، وفق الفياض، بأن طارحي هذه الشعارات قد بدأوا يتعلمون دروب السياسة بشكل أفضل.

وقال إن “اتخاذ أغلب الأحزاب الحالية شعارات الخدمات وتحقيق الأمان لأنها أصبحت أكثر قبولا لدى الشعب العراقي من جهة، وان السياسي أصبح اقرب للواقع من جهة أخرى“.

ويضيف” هذه الشعارات تعبر عن هموم الشعب العراقي وطرحها ربما يفضي الى قبول المرشح “. يتوقع وبدافع تجربة المواطن العراقي خلال الانتخابات السابقة يمكن تمييز بين ما أسماه بالحقيقي والوهم ويقول أن “المواطن العراقي بدأ يتعامل مع الأمور الواقعية وليس مع الأحلام“.

وعلى خلاف الفياض، اعتقد المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي أن الشعارات الإسلامية ما زالت الأكثر حظا في الفوز في الانتخابات الحالية، و” إن أحزابا إسلامية كبيرة ما زالت متمسكة بشعاراتها الدينية في حملتها الانتخابية الحالية،  وتبديل بعض شعارات القوائم الإسلامية هو لتسخير ما تحق من إنجازات أمنية “.

وهو يرى” توقيت الانتخابات في هذا التأريخ وهو شهر محرم وصفر مقصود لتوظيف شعائر محرم للحملات الانتخابية.”

ويضيف “صحيح  إن هناك شعارات أخرى لبعض الأحزاب تركز حول وعود تقديم الخدمات توفير الأمن وغياب الخدمات، إلا أن حظوظ الشعار الإسلامي سيكون الأقوى أمام جميع هذه الشعارات”.

وهو ما يراه رئيس الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق وعضو مجلس النواب عباس البياتي، في استبعاده أن يكون الإسلاميون قد تخلوا عن شعاراتهم.

وأوضح “إنهم لم يتخلوا عن شعاراتهم وهم ينتهجونها في برامجهم على أرض الواقع، ولكن ما دفعهم إلى رفع الشعار الخدمي هو حاجة المحافظات للخدمة.”

وأضاف أن “معركة الانتخابات هي معركة خدمية، وما يهم المواطن هو تحقيق العدالة والخدمة، وبذلك فان جميع المرشحين سواء كانوا إسلاميين أم غيرهم يحاولون أن يقدموا هذه الخدمة من خلال الشعارات الخدمية التي رفعوها“.

وشدد البياتي على إن “الشعار هو التعريف بالنفس، وإن كسب الناخب يتحقق من خلال البرنامج الموضوعي الواقعي، والأشخاص الكفوءين هم الذي ليس عليهم شائبة في الفساد“.

وهو يرى أن الفوز بحاجة إلى برنامج وان الشعب العراقي بحاجة إلى من له القدرة والقابلية على تحقيق هذا البرنامج الخدمي ورفع معاناتهم.

أبو احمد الذي طال وقوفه أمام شعارات المرشحين، يتمنى ان تكون صحيحة وهو يقول” لا يهمني من في هذه الصورة قدر ما يهمني صدق كلامه، ووعوده “.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 4/شباط/2009 - 8/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م