المفوضية العليا للانتخابات.. أخطاء ينبغي تلافيها

علي حسين عبيد

شبكة النبأ: لم يكن أمرا مفاجئا أن يشيد المتابع من خارج العراق وداخله، بخطوة انتخابات مجالس المحافظات، فقد شكلت إنجازا مهما وكبيرا على طريق بناء العراق الديمقراطي الحر، وبارك العراقيون بعضهم بعضا، واستبشروا خيرا بالنتائج حتى قبل إعلانها رسميا من لدن المفوضية العليا، نعم .. لقد رأينا الفرح يتقافز في وجوه العراقيين، وهم يحثون الخطى نحو غد أكثر تطورا وازدهارا، فيما أشاد السياسيون والمثقفون وغيرهم بهذا الحدث الديمقراطي الذي اتخذ من يوم الحادي والثلاثين من كانون الثاني 2009  صفحة لخلوده .

لقد كانت هذه الانتخابات خطوة متحضرة تليق بإنسان الحضارات التي تجذّرت في هذه الارض المعطاء، ومع ذلك... أبت الشوائب (كعادتها) إلاّ أن ترافق هذه العملية فتثلم شيئا من كمالها، والسبب الرئيس كما هو واضح، يقع على المفوضية العليا المشرفة على الانتخابات، ومع اننا نتفق ونوافق على ان التأسيس سيخضع دائما لهفوات هنا وهنات هناك، غير أن ما حدث من حرمان لعدد كبير من الناخبين بالادلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، جعلنا وغيرنا نتساءل لماذا حدث ذلك؟!.

إن الاخطاء التي قد تقع في مراحل التأسيس لعمليات البناء والتطور، غالبا ما تكون خارج المتوقع أو خارج نطاق السيطرة، ولذلك قد نجد العذر للقائمين عليها، او المتسببين بها في حالة وقوع مثل هذه الاخطاء، بيد أن ما حدث في انتخابات مجالس المحافظات (برغم اتفاقنا على أهميتها ودرجة نجاحها) كان يمكن تلافيه فيما لو توافرت المهنية وتنمية هاجس الشعور بالمسؤولية.

لقد كان واضحا ذلك العبء الكبير الذي يقع على المفوضية العليا المشرفة على الانتخابات، ولطالما اعلن القائمون عليها استعدادهم الكامل لانجاز ما يقع عليهم من مهام على افضل وجه، لاسيما اننا خضنا عمليات انتخاب مماثلة مما يفرض على المفوضية وعناصرها الافادة من الاخطاء السابقة لتصحيحها وعدم الوقوع بها او حتى بغيرها بقدر المستطاع.

واذا أردنا الآن أن نتحدث عن حرمان عدد كبير من المواطنين العراقيين من التصويت كما ذكرت وسائل الاعلام العراقية وغيرها، فمن يتحمل ذلك سوى المفوضية وما يرتبط بها من حلقات ادارية؟، ثم اذا كانت هذه الاخطاء جلية وواضحة للعيان، فمن يحاسب المفوضية على هذه الاخطاء؟.

نعم نحن نتفق على ان العراقيين يخوضون تجربة ديمقراطية وليدة ورائدة في المنطقة، لكن هل يقودنا ذلك الى التغاضي عن الاخطاء التي كان يمكن تلافيها بقليل من المهنية والحرص والمتابعة؟.

لقد وصل عدد كبير من الناخبين الى مراكزهم الانتخابية ولم يجدوا اسماءهم فضاعت عليهم فرصة التصويت وضاعت علينا كشعب درجة اضافية من النجاح لهذه الانتخابات الرائعة.

اننا حين نتحدث بهذه الصيغة ونؤشر مكامن الخلل في مراحل البناء، إنما نهدف الى تلافي الاخطاء بأقصى ما يمكن من الجهد والحرص، لأننا قادمون على خطوات انتخابية قريبة ومتعددة، وينبغي أن نقلل هامش الخطأ الى أقل درجة ممكنة، وهذا لن يتم من دون رصد أخطائنا بأنفسنا، ومن ثم التنبيه إليها وتفادي الوقوع بها ثانية، كما أن مسألة الثواب والعقاب يجب أن لا تسقط من حسابات الجهات ذات العلاقة، فمن يعلن أي من العراقيين قدرته على التصدي لهذه المسؤولية او تلك عليه في الوقت نفسه أن يتحمل أخطائه.

لذلك نرى وجوب المقارنة الذاتية للفرد بين امكاناته وبين المهام الملقاة على عاتقه، فلا يصح ان اعلن نفسي مديرا او موظفا في هذا المشروع او ذاك وأنا لا أمتلك مقومات القيام بهذا العمل، كما يجب أن لانعلق أخطاءنا او ضعف ادائنا على شماعة التجريب وحداثة المضمار الذي نخوض فيه، نعم نحن نؤسس، نعم نحن نخوض مرحلة تحول من حال الى حال، لكن يجب ان يرافق هذه المرحلة حرص كبير على تجاوز او تقليل الاخطاء الى ادنى حد ممكن، وفي هذا الصدد نرى:

1-  تشكيل لجنة او لجان متخصصة تقوم منذ الآن بدراسة وتمحيص مجريات عملية انتخابات مجالس المحافظات، لوضع اليد على مكامن الخطأ مهما تعددت او تنوعت، ثم اقتراح المعالجات الصحيحة والدقيقة للفعاليات الانتخابية القادمة.

2-  تأشير أسباب الاخطاء على مستوى التخطيط والتنفيذ، وإعفاء من يفتقد للكفاءة، وإسناد مهامه الى من هو اكثر قدرة في مجال ادارة الانتخابات.

3-  أن تتحمل الجهات ذات العلاقة ومنذ الآن مسؤولياتها في هذا المجال من حيث تدريب الكوادر المطلوبة في المراقبة والادارة وما شابه.

4-  أن يتم تذكير الناخبين بصورة دورية بسجلاتهم وتحديثها وما يتعلق من امور توضيحية لمراكز الاقتراع وغيرها بقصد ابقاء الصلة قائمة بين الناخب وبين العملية الانتخابية.

5-  أن يتحمل جميع وكلاء المواد الغذائية مسؤولية إبلاغ المواطنين المسجلين ضمن وكالاتهم بأسماء مراكز الاقتراع وأماكن وجودها، وأن يفهم الوكيل بأن عمله هذا إلزاميا وليس طوعيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 4/شباط/2009 - 8/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م