شبكة النبأ: يتناول الباحث الاكاديمي
الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة رشيد الخالدي موضوع الاخفاق في
اقامة دولة فلسطينية من خلال قراءة للتاريخ والحاضر تبدو مختلفة عن
كثير مما يطرح ويتناوله البحث في موضوع دولة الفلسطينيين.
يقول رشيد الخالدي في مقدمة كتابه انه يبحث في فشل الفلسطينيين في
اقامة دولة قبل انشاء دولة اسرائيل عام 1948 وما كان لهذا الفشل من
تاثير في السنوات التي تلت ذلك.
عمل الخالدي وعنوانه "القفص الحديدي.. قصة الصراع الفلسطيني لاقامة
دولة" صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وجاء في 325
صفحة كبيرة القطع كانت حصة "الكتاب" منها 260 صفحة اما البقية فراوحت
بين هوامش ومصادر ومراجع. وكان الكتاب قد صدر بالانجليزية سنة 2006 ثم
صدر بالعربية بترجمة قام بها هشام عبد الله يمكن تلافي بعض اخطائها
اللغوية.
قال المؤلف "يبحث هذا الكتاب في فشل الفلسطينيين في اقامة دولة
مستقلة قبل العام 1948 وهو عام انشاء دولة اسرائيل على حطام فلسطين
العربية.. وتأثير ذلك الفشل في السنوات التي تلت.
"يثير مثل هذا الموضوع سلسلة من الاسئلة ترتبط بالحاضر بقدر ما
ترتبط بالماضي. ما الفائدة من هذه الدراسة اذا كانت الدولة الفلسطينية
المستقلة -وفق اي معنى حقيقي لكلمة "مستقلة" وبعد ما يقارب ستة عقود
منذ العام 1948- لم تقم بعد.. كما ان انشاءها ما زال يواجه عقبات هائلة.."
بحسب رويترز.
اضاف ان العقبات امام الدولة الفلسطينية "بدت وكأنها تنمو مع تصاعد
العنف في قطاع غزة ولبنان صيف العام رر2006."
والكتاب الذي كان في طور الكتابة في يوليو تموز 2006 خلال حرب
اسرائيل على لبنان وطبعا قبل الحرب الاخيرة على غزة في ديسمبر كانون
الاول المنصرم كما قال عنه رشيد الخالدي "لا يتحدث عن النزاع بل عن
طرفه الفلسطيني وتحديدا عن الجهود التي يبذلها الفلسطينيون لتحصيل
الاستقلال في وطنهم.
"وتوضح الحرب المستمرة في غزة ولبنان -مرة اخرى- كيف تتشابك هذه
الجهود مع العناصر الاقليمية والدولية. وتوضح ايضا الاهمية البالغة
لقراءة متأنية للتاريخ الفلسطيني الحديث من اجل الحصول على فهم للنزاع
الشرق اوسطي."
ورأى ان السعي الفلسطيني للاستقلال "هو مجرد عنصر من عناصر عدة لابد
من الاحاطة بها لفهم اسباب النزاع في الشرق الاوسط. لكن لان هذا السعي
كان شديد المركزية -بالنسبة للاحداث هناك- لما يقارب قرنا من الزمان
فقد قاد تجاهله المتعمد الى ذلك النوع من التفكير التبسيطي والمنحاز
والمضلل لدى المسؤولين الامريكيين مما ساعد على توليد المشاكل العميقة
التي تعاني منها المنطقة."
والكتاب كما يقول الخالدي "يثير... مسائل اخرى ايضا.. هل الدراسة
التاريخية حول سبب حدوث امر ما -او عدم حدوثه كما في هذه الحالة- مبررة
لانها تلقي الضوء على بعض انواع التشابه مع احداث جارية حاليا.. ام ان
هاتين المحاولتين الفاشلتين في بناء الدولة -واحدة في الماضي واخرى
جارية حاليا- منفصلتان تماما بعضهما عن بعض.. وهل اي محاولة لدراستهما
من منطلق علاقة كل منهما بالاخرى خطأ تاريخي كي لا نقول انها تحريف
للتاريخ.."
وقال الخالدي "وقد يسألني البعض لماذا وصفت الفشل في تحقيق دولة
فلسطينية مستقلة على انه فشل فلسطيني.. وتحديدا لماذا التركيز على دور
الفلسطينيين في هزائمهم السابقة في حين انهم الطرف الاضعف من بين جميع
الاطراف الذين شاركوا في الصراع الطويل لتقرير مصير فلسطين والذي بلغ
ذروته في العام رر1948."
وتوصل الى القول"... ان الفلسطينيين وحتى اليوم ما زالوا اضعف بكثير
-حسب كافة المقاييس- من القوى التي تقف في طريق تحقيقهم دولة مستقلة.
ويبدو واضحا انه في العقود التي تلت 1948 ابتلي الفلسطينيون ببعض
المشاكل التي اصابتهم قبل ذلك التاريخ. السؤال الذي يبقى دون جواب
مسألة ما اذا كان الفشل السابق قد يساعد على منع الفشل المستقبلي..."
وتحت عنوان فرعي هو "اعادة النظر في التاريخ" كتب الخالدي يقول "
هذه ليست "مراجعة" تاريخية حسب خطوط المؤرخين الذين ظهروا في اسرائيل
في السنوات الاخيرة. فالمراجعة التاريخية تتطلب للمقارنة رواية رئيسية
موثوقة وراسخة قائمة على اسس قد تكون معيبة بطريقة ما.
"ووفق هذا المعنى فان "المراجعة" التي كتبها عدد من المؤرخين وعلماء
الاجتماع الاسرائيليين -امثال افي شلايم.. ايلان بابيه.. وتوم سيجيف
وبني موريس واخرون- تقع بالكامل ضمن هذا التقليد لان ما يجادلون
لتفنيده هو الاساطير القومية لدولة اسرائيل التي شكلت وصاغت روايات
اسرائيل عن تاريخ البلد. تلك الاساطير هي -علاوة على ذلك- العمود
الفقري للنسخة التي تلقاها الغرب عن تاريخ النزاع في المنطقة."
ومن بين اهم تلك الاساطير عن دولة اسرائيل الوليدة القول ان عدد
الجيوش التي "غزت اسرائيل بعد انشائها حسب وصف تشكيلة الروايات
القياسية يتراوح بين خمسة وعشرة. الا انه لم يكن هناك سوى سبع دول
عربية مستقلة في العام 1948 (بعضها يصعب القول انه مستقل حسب المعنى
الحقيقي للكلمة) اثنتان منها -السعودية واليمن- لم يكن لديهما جيش
نظامي ولا تملكان وسيلة لارسال قوات مسلحة الى فلسطين.
"اضف الى ذلك.. من الجيوش الخمسة الباقية لم يعبر احدها (الجيش
اللبناني) قط الحدود الدولية مع فلسطين."و جيشان (هما جيش شرق الاردن
والعراق) امتنعا تماما عن عبور حدود الدولة العبرية حسب التقسيم الذي
وضعته الامم المتحدة بناء على تفاهم سري اردني مع بريطانيا والقيادة
الصهيونية... وواحد (الجيش السوري) قام باختراق بسيط عبر حدود دولة
اسرائيل الجديدة. الاختراق الجدي الوحيد والذي دام لفترة طويلة في
اراضي الدولة اليهودية التي تقررت حسب خطة التقسيم الجديدة هو اختراق
الجيش المصري.
"في تلك الاثناء جرت اشرس المعارك في العام 1948 مع الجيش الاردني
خلال الهجمات الاسرائيلية المتعددة لاجتياح المناطق التي خصصتها الامم
المتحدة للدولة العربية او المنطقة التي وصفتها الام المتحدة "بالمنطقة
العازلة" المحيطة بالقدس. وهذه القصة عن غزو كاسح قامت به عدة جيوش
عربية واساطير اخرى ليست مجرد عنصر مهم في اصل الاسطورة الاسرائيلية..
فهي تكاد تكون اسطورة عالمية. وبقبول المراجعين الاسرائيليين او "
المؤرخون الجدد" كما يطلق عليهم في بلدهم -لها- فانهم يدعمون مهمة
مثبطة للهمة بقدر مزدوج." |