وصلت الدعاية الانتخابية هذه الايام الى ذروتها،واشتدت حمى الحملات
الانتخابية، وبدأت الرحلات المكوكية للسادة المسؤولين بين المحافظات
العراقية لتصل الى أبعد القرى النائية، وتهافتت الاصوات والخطب والكل
يدعي الحب الى ليلى، وبكت عيون وتباكت عيون أخرى على الوضع (المزري
للمواطن العراقي)،وامتدت الولائم ونحرت الذبائح، واكتست العوائل
الفقيرة والغنية على حد سواء ففي يوم الانتخاب الكل متساوون وصوتهم
واحد، وفتحت مزادات الشعارات ونادى المنادي، انا وانا وانا اما الناخب
المسكين فيريد ان يسمع ويرى ولايتكلم مادامت المدن تمطر بالسادة
المسؤولين، بعد سنوات الجفاف فهو يعرف أن بعد الانتخابات لاترى مسؤولا
ينادي بها ولا حنجرة تصدح لمظالمها،لذا فهي تمني النفس بما تسمع.
وهنا كان لزاما على السادة المتحزبين أن يشدوا الرحال فجني الثمار
على الابواب ولأجله فلتبح الاصوات ولتلتهب الحناجر لأجل اليوم الموعود
الذي تجنى به الاصوات في صناديق الاقتراع، وقدم الساعون الى كسب
الاصوات الوعود البنفسجية التي يسيل لها اللعاب،ووصلت الوعود
الانتخابية الى الحد الذي نستطيع ان نطلق عليه الضحك على الذقون. وعلى
مبدأ كذب كذب حتى يصدقك الناس، وعود تنطلق وبدون توقف وهي ليست من
صلاحيات الحكومات المحلية بل ان البعض بدء يرسم السياسية الخارجية
للعراق، وأخر يوعد ناخبيه بمجانية التعليم وهكذا تتوالى الوعود مادامت
مجانية وبها تنحصد الاصوات.
صحيح أن الحرية والجو الديمقراطي الذي نعيشه اليوم قد فتح المجال
واسعا أمام كل المكونات والاحزاب والتيارات ان تمارس طقوسها السياسية
وحقها الدستوري في مجال الانتخابات، وان تعرض برامجها الانتخابية
واهدافها المستقبلية والتعريف بمرشحيها، بشرط أن لاتطلق هذه البرامج
الى ذهن المتلقي او الناخب وهو يعرف انها مجرد عبارات وأوهام وشعارات
لاتمس الحقيقة بشى والهدف منها كسب الاصوات على حساب الوطن والمواطن
وبالتالي فهي أساءة كبيرة لمحتوى ومفهوم الديمقراطية، وكذلك فأن الوعي
والثقافة الانتخابية للناخب العراقي قد أزدادت قياسا الى الانتخابات
الماضية ولذا فمن الصعوبة أن توهم الناخب بوعود وشعارات ليس لك القدرة
على تحقيقها.
كما علينا أن لا نستغل الناخب العراقي لتحقيق المكاسب السياسية
والحزبية لأجل الحصول على المناصب.
لقد كانت الديمقراطية من الاهداف السامية التي ضحى في سبيلها
العراقيون على امتداد اكثر من 35 سنة خلال حكم البعث المهزوم، وامتدت
التضحيات خلال السنوات الخمسة المنصرمة في مواجهة عصابات القاعدة
والتكفيرين وفلول النظام البائد، من اجل ان تبقى اشاعة الجو الديمقراطي
ومتنفس الحرية الذي أتانا بعد طول انتظار، ولكي ننتقل بالعراق الجديد
الى صفوف الدول المتقدمة في مجال الديمقراطية ومثال يحتذى به في دول
العالم الثالث، وهذا ليس ببعيد اذا ما تعاضد السياسيين في أشاعة الجو
المثالي للتنافس الحر والشريف بعيدا عن المزايدات والشعارات واحترام
المنافس مهما اختلفت بيننا الرؤى والافكار، وأحترام الناخب من خلال وضع
البرامج السياسية الواقعية والقابلة الى التطبيق على ارض الواقع والتي
يحس من خلالها المواطن العراقي بصدق الشعارات والخطابات وحتى لا يصدق
قول الشاعر:
ردت صوتي أمس توعدني بالتفاح
وصلت لمنصبك تحجيلي بالخضرة
daoodn@yahoo.com |