الخوف من أوباما

عباس النوري

خطاب الرئيس الأمريكي رقم 44 قد أثار مخاوف العديد من المسئولين السياسيين العراقيين، وبدأوا يلوحون بالمعاهدة العراقية الأمريكية وعلى أمريكا الالتزام ببنودها.

صحيح لوح الرئيس الأمريكي المنتخب بأنه يدعو لسحب القوات الأمريكية من العراق بمسئولية ويترك العراق للعراقيين. وقد كان بعض الساسة العراقيين على عجالة من أمرهم ليكونوا الأوائل في تفسيراتهم لما نوه الرئيس الأمريكي في أول خطاب له في حفل تنصيبه.

ولكلمة بمسئولية معنى ظاهر وتعني أنه مقدر للمعاهدة الأمنية، وقد أعطي معني أنه لا يعرض القوات لمخاطر الانسحاب السريع. خوف البعض من أن أوباما سيترك العراق بسرعة تفوق خيالات البعض. وقد يكون خوف الآخرين أن الديمقراطية لم تكتمل أسسها في عراق اليوم والولايات المتحدة  تترك العراق.

 وكأن البعض يتصور أن سياسة أمريكا تتغير بتغير الرئيس. ولا يتصورون أن السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية مدروسة ومعدة منذ سنين وتطال لخمسون عاماً أو على الأقل عشرون. والقاعدة تقول أن الرئيس الأمريكي يتبع سياسة بلده ويدافع عن أمنه القومي ولا يخالف الدستور...ولا يعارض مجلس الشيوخ، ويستمع لمراكز البحوث الإستراتيجية... والقائمة لا تنتهي.

قد يختلف أسلوب رئيس أمريكي عن سابقه بالنبرة وطريقة الحديث والتوجه لأهمية الاقتصاد أو الوضع الداخلي...ولكن لا تتنحى عن الحلم من السيطرة على الكون وليس فقط أن تكون الدولة العظمى الوحيدة في العالم.

وقد فسر البعض اللين في حديث الرئيس أوباما، والتوجه الجديد مع العالم الإسلامي حسب قوله، ولكن لا يمكن أن يقلب جميع الدراسات والقرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية...وهنا يجب أن نعي معنى ومفهوم الإدارة فهي لا تعني شخصاََ متمثلاً بالرئيس الأمريكي. فليس من حقه التنازل عن الدعم على سبيل المثال...لإسرائيل...من أجل العرب والمسلمين...فلا يجب أن يحلم البعض أن أمريكا وجميع حلفائها سينحازون للعرب والمسلمين على حساب إسرائيل.

أما قوله عن سياسة من نوع آخر ...مع أنه حذر الحكومات من عدم وضع اللوم على الولايات المتحدة الأمريكية وهم وصلوا للحكم من خلال الرشاوى والمؤامرات...وهذا يعني أن الديمقراطية في طريقها لجميع الدول العربية والإسلامية...والعالم سوف لن يكون بلا حرب في عهد أوباما بل العكس صحيح، ولو أننا ألقينا نظرة سريعة على أكبر معاوني الرئيس الجديد نراهم من الصقور...وأخطر شخصية مرشحة لتزايد الحروب في منطقة الشرق الأوسط وعموم العالم النامي هي وزيرة الخارجية الأمريكية الجديدة هيلري كلينتون.

العراق بالخصوص والشرق الأوسط عموما منطقة كانت في حلم الإمبراطوريات القديمة والحديثة ولها مكانة اقتصادية وجغرافية وبشرية وما في أرضها من أسرار.

القوات الأمريكية سوف تترك العراق ولكن وفق الأصول والمواد التي وردت في المعاهدة، ولكن لا يمكنني أن أصدق أن أمريكا سوف تتخلى عن العراق خاصةً وعن باقي دول الشرق الأوسط  عامةً ولا بعد ألف عام. وقد تتخلى أمريكا بعض الشيء عن سيطرتها على العالم لأن وجود الصين والاتحاد الأوروبي وقوتهما الاقتصادي والسياسي المتمثل بالدبلوماسية الهادئة التي ممكن أن تبدأ أمريكا باتخاذها كوسيلة جديدة للتعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور في العالم بصورة عامة وفي أمريكا بشكلٍ خاص. وتستبدل سياسة (الفوضى الخلاقة) بــسياسة (الدبلوماسية الخلاقة) حسب رؤيا كيسنجر. وأن زمن وضع الأمور بيد المخابرات الأمريكية لخلق المؤامرات والانقلابات أو السيطرة العسكرية من خلال الحروب كما حصل في العراق ...ومحاولة تجربة جديدة قد تسجل عصر أوباما العصر الهادئ مع التمسك القوي بمركز أمريكا الأول في العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/كانون الثاني/2009 - 29/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م