2009: سلّة انتخابات تحدد معايير الديمقراطية في العراق

الاحزاب تتبادل الاتهامات حول تحريف قانون الانتخابات

شبكة النبأ: يعول العديد من المراقبين المحليين والدوليين على انتخابات مجالس المحافظات القادمة كمعيار اساسي لقياس مدى تقدم الديمقراطية في العراق. ففي ظل التجاذبات السياسية والاتهامات المتبادلة التي صاحبت فترة الاعداد للممارسة الانتخابية، يطمح اغلب العراقيين ان تثمر تلك الجهود بشئ من الاصلاحات القادرة على التغيير، فيما تتبادر الاراء المشككة بنتائج تلك الممارسات مسبقا في نظرا لما افرزته الانتخابات السابقة.

في انتخابات 2009 يُحدد مستوى الديمقراطية

وتوقع باحث امريكي ان يكون العام 2009 حاسما في مستقبل العراق، ذلك ان سلسلة الانتخابات والاستفتاءات التي سيشهدها ستقرر ما اذا سيكون بلدا ديمقراطيا “راسخا او ينهار”.

ورأى سكوت كاربنتر، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، في مقال له ان الانتخابات العديدة التي من المقرر اجراؤها في العام المقبل تقدم صورا عن الحرية في العراق وتبرهن حتما ما اذا ستتعزز تجربة العراق الديمقراطية او تنهار.

واستدرك قائلا إن رمي صحفي بحذاءه رئيس الولايات المتحدة قد يكون احدث صورة عن الحرية في العراق، الا أن ادارة اوباما اذا ارادت صورا افضل من الاحذية عليها ايلاء اهتمام افضل بهذا البلد.

وطبقا للمعهد الجمهوري العالمي، كما نقل كاربنتر، فان العراق قد يعقد ما يصل الى عشرة انتخابات في العام 2009، وهو ما يعني اكثر مما عقد في البلدان العربية مجتمعة في العام الحالي.

واستعرض الكاتب تلك الانتخابات قائلا انها تتضمن الانتخابات المحلية في الشهر المقبل؛ وانتخابات المجالس البلدية؛ والاستفتاء على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة؛ واستفتاء محتملة على كركوك واخر بشان رغبة اهل البصرة في حكمها ذاتيا على غرار كردستان العراق؛ واخيرا الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في نهاية العام المقبل.

وعبر كاربنتر عن اعتقاده بأن كل واحد من هذه الانتخابات ستأتي باجابة عن قضية حاسمة في مستقبل العراق “هل يمكن للعراق ان يخرج منها خاليا من الطائفية الشللية؟ هل سيدخل السنة في المناطق الغربية الى الفضاء السياسي مرة اخرى وهم الذين تخلوا عنه في العام 2005؟ هل ستؤمن السلطات المحلية المزيد من الاستقلالية عن بغداد المركزية؟ هل ستكون هناك مناطق فيدرالية في العراق غير كردستان؟ هل بامكان العراق ان يتجنب صراعا على كركوك يشبه ما حدث في سراييفو؟ هل سيكون هناك انتقال ديمقراطي للسلطة من جماعة سياسية الى اخرى؟”.

ورأى الكاتب ان الاجابة عن هذه الاسئلة لن تكون سهلة، فكل سؤال يطرح مخاطر ومصاعب امام الحكومة الحالية وامام الولايات المتحدة، التي تأمل الخروج من العراق بحلول العام 2011، ان لم يكن قبل ذلك.

لكن ما وراء التخطيط للبدء بخفض القوات الامريكية، كما لاحظ الكاتب، فان فريق اوباما الانتقالي لم يعط الا اشارات ضئيلة عن اهدافه في العراق للعام 2009 او عن كيفية “الحشد” لهذا المشكل.

وعن ما ستكون عليه وجهة نظر الادارة الامريكية، على سبيل المثال، في الاستفتاء على البصرة؟ قال اذا ما تمت الموافقة على الحكم الذاتي في البصرة، فان من المحتمل ان يؤدي هذا التصويت الى تقسيم العراق بالطريقة التي دعا اليها نائب الرئيس المنتخب جو بايدن عندما كان سيناتورا.

وعن وجهة نظر الادارة في الحاجة الى اجراء المزيد من التغيرات على قانون الانتخابات البرلمانية، قال ما لم يُعدَّل هذا القانون، فمن المحتمل ان “تواصل الاحزاب الطائفية هيمنتها في بغداد”.

وتساءل قائلا اذا ما “شكل متمردون او ميليشيات تهديدا يعرقل انتخابات كانون الاول ديسمبر المقبل البرلمانية، هل ستسعى ادارة اوباما الى تامين تلك الانتخابات، حتى لو كانت القوات الامريكية منسحبة من المدن؟ وهل سينسق فريق مجلس امن وطني واسع برئاسة نائب مستشار الامن الوطني السياسات ويقدم توصيات الى الرئيس، ام ستتولى وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلنتون القيادة؟”.

ومضى في تساؤلاته قائلا “هل سيكون هناك سفير بقدرات عالية في العراق يكون متمكنا مثل راين كروكر،  السفير الحالي، او سيكون هناك فراغ في هذا المنصب يسبب تراخيا؟”.

وقال الباحث الامريكي ان الكثيرين يعملون تحت “وهم ان الديمقراطية في العراق ما زالت مجرد نتاج لخيال الرئيس بوش الايديولوجي والواقع يقول ان العملية السياسية العراقية لمّا تزل الامل الوحيد لدى امة هشّة للتوصل الى قرارات حول مستقبلها”.

وبين قائلا “من دون ان تشير ادارة اوباما بنحو صريح الى التزامها بالديمقراطية في العراق وتعمل من اجل الدفاع عن المكتسبات التي تحققت، فلربما ترسل اشارة بأنها لا تعنى بكيفية التوصل الى الاستقرار في العراق بقدر ما تعنى باستقرارها هي”.

وتابع القول اذا ما تم التخلي عن “السياسات الحزبية في العراق فستبقى قوة السلاح هي الوحيدة في الميدان، وهذا احتمال مقلق في بلد متعسكر بهذا النحو”.

وأورد الكاتب اعداد القوات العراقية المسلحة بالاضافة الى الجماعات والميليشيات قائلا “طبقا لدليل معهد بروكنغز الخاص بالعراق، فان حجم قوات الامن العراقية يصل الى 558.279، من اصل سكان البلد البالغين 29 مليونا”.

وأضاف أنه على هذا الرقم، “يمكن اضافة 106.000 من البيشمركة الكردية، وكذلك ما يقرب من 100.000 من السنة من مجموعات ابناء العراق، ونحو 60.000 من ميليشيات مقتدى الصدر”.

واستشهد الكاتب بقول المنظر العسكري والمؤرخ البروسي كارل فون كلوزيفتش (1831) الذي يعد واضع استراتيجية الحرب المعاصرة ان “فشل السياسة يعني ان الحرب تتواصل بوسائل اخرى”.

واختتم كاربنتر مقاله قائلا ان “الرئيس بوش قد تعرض الى الانتقاد لأنه غامر برئاسته من خلال اجتياح العراق في العام 2003. وعلى الرئيس اوباما الا يغامر برئاسته من خلال عدم اهتمامه في العام 2009″، معتبرا أن “الرهان في عام انتخابات العراق قد لا يكون عاليا ـ فالرئيس المنتخب بمواجهة الشعب العراقي والولايات المتحدة”.

تحريف قانون الانتخابات

وفي ذات الشأن كشفت مؤخرا الكتلة الصدرية في مجلس النواب العراقي، أن قانون انتخابات مجالس المحافظات المقر في البرلمان والمصادق عليه من قبل رئاسة الجمهورية تم تحريفه في الجريدة الرسمية، متهمة جهة سياسية متنفذة داخل البرلمان العراقي بتحريف قانون انتخاب مجالس المحافظات المنشور في جريدة الوقائع العراقية الرسمية. بحسب نيوزماتيك.

وقال المتحدث باسم الكتلة الصدرية في مجلس النواب العراقي احمد المسعودي إن "جهة سياسية كبيرة ومعروفة وتمتلك نفوذا كبيرا داخل مجلس النواب العراقي قامت بتحريف نسخة قانون انتخاب مجالس المحافظات المقرة في البرلمان وإرسالها إلى جريدة الوقائع العراقية، لنشرها بعد إضافة فقرة للقانون تسمح باستخدام الرموز الدينية في الدعاية الانتخابية".

وأضاف المسعودي أن "الكتلة الصدرية لم تكتشف هذا التحريف في القانون المنشور في الجريدة الرسمية إلا منذ أيام قليلة"، موضحا بالقول "إننا لم نكن نتوقع أن يتم تحريف القوانين المقرة في البرلمان العراقي بهذا الشكل الواضح والصريح والمخالف للقانون العراقي، لأن جميع القوانين المشرعة في البرلمان لم يتم التلاعب بها من قبل، لذلك لم نراجع النسخة المنشورة في جريدة الوقائع والمتعلقة بقانون انتخاب مجالس المحافظات في حينها".

وكان قانون انتخاب مجالس المحافظات الذي اقره البرلمان في الرابع والعشرين من شهر أيلول الماضي، نشر في الجريدة الرسمية العراقية (الوقائع) في شهر تشرين الأول من العام المنصرم بعد مصادقة مجلس الرئاسة العراقي عليه.

 وتنص المادة 35 من قانون انتخاب مجالس المحافظات المصادق عليه على انه "يمنع استخدام دوائر الدولة ودور العبادة بأي وسيلة كانت لأغراض الدعاية الانتخابية".

ولفت الناطق باسم الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي إلى أن "فقرة استخدام الرموز الدينية في الدعاية الانتخابية التي كانت محل جدل كبير ورفضت خلال التصويت على قانون انتخاب مجالس المحافظات، بدت واضحة في القانون المنشور في الجريدة الرسمية".

 وأكد المسعودي أن "إضافة هذه الفقرة لم يكن بالصدفة"، متهما جهات وصفها بـ"المتهم الأول والرئيس بتحريف القانون بهذا الشكل" بأنها "حاولت منذ البداية إدخال فقرة استخدام الرموز الدينية لقانون الانتخابات".

ورفض المسعودي ذكر هذه الجهة بالتحديد، إلا انه أشار إلى أنها "جهة متنفذة وتمتلك إمكانية داخل مجلس النواب للتصرف بهذا الشكل" حسب تعبيره.

وكان القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي النائب عن قائمة الائتلاف الموحد جلال الصغير قال في تصريحات سابقة  أدلى بها قبيل التصويت على قانون انتخاب مجالس المحافظات "أن المجلس الأعلى متمسك بحق استخدام الرموز الدينية في الشعارات الانتخابية، باعتبارها إحدى الحريات التي كفلها الدستور".

وشدد المسعودي على أن "هذا التزوير الواضح يمثل سابقة خطيرة في عمل البرلمان، لأنه يفتح الباب أمام عمليات تزوير أخرى قد تطال القوانين المهمة، التي ينوي مجلس النواب تشريعها خلال الفترة المقبلة".

وطالب المسعودي "بفتح تحقيق سريع وعاجل ورفيع المستوى لتحديد الجهة المسؤولة عن هذا التحريف، والاختراق الذي حصل في أروقة مجلس النواب العراقي".

 يذكر أن مجلس النواب العراقي صوت، في الرابع والعشرين من شهر أيلول الماضي  بالإجماع على قانون انتخاب مجالس المحافظات بعد جدل كبير دام عدة أشهر بين الكتل السياسية حول الفقرات الخاصة بإجراء الانتخابات في كركوك والسماح باستخدام الرموز الدينية في الدعاية الانتخابية ومسالة تمثيل الأقليات.

تبريرات لاتهامات التحريف

وكشف القيادي في قائمة الائتلاف العراقي الموحد جلال الدين الصغير أن المشكلة الناشئة حول الاختلاف في صيغة قانون الانتخابات، التي اقرها البرلمان العراقي، سببها مصادقة الرئاسة العراقية على مسودة للقانون غير التي أقرها البرلمان في الرابع والعشرين من أيلول الماضي.

وأوضح الصغير  أنه "بعد إقرار البرلمان العراقي قانون انتخابات مجالس المحافظات قامت رئاسة البرلمان بإرسال إحدى مسودات القانون، التي تنص على فقرة تتيح استخدام دور العبادة والرموز الدينية للدعاية الانتخابية، عن طريق الخطأ إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليها، ولم ترسل النسخة التي أقرها البرلمان".

وأضاف الصغير وهو قيادي في كتلة الائتلاف البرلمانية أن "مجلس رئاسة الجمهورية صادق على المسودة المرسلة عن طريق الخطأ على أنها القانون المقر في البرلمان"، مبينا أن "الخطأ تم اكتشافه بعد وصول المسودة التي صادقت عليها رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب".

ولفت الصغير إلى أن "الخطأ تم تداركه بسرعة، وأعادت رئاسة البرلمان العراقي إرسال مسودة قانون الانتخابات المقرة إلى مجلس رئاسة الجمهورية للمصادقة عليها"، مضيفا أن "رئاسة الجمهورية عادت وصادقت على القانون الأصلي".

وأكد الصغير أن "مجلس رئاسة الجمهورية صادق على القانون، الذي اقره البرلمان العراقي، وتم الانتهاء من هذه المسألة خلال شهر تشرين الأول الماضي"، معربا عن اعتقاده بأن "النواب الذين تحدثوا عن إضافة فقرة تنص على السماح باستخدام دور العبادة والرموز الدينية لقانون الانتخابات إنما يتحدثون عن الخطأ الذي وقعت به رئاسة البرلمان العراقي عن طريق إرسال مسودة غير المسودة التي أقرها البرلمان إلى رئاسة الجمهورية".

وشدد القيادي في قائمة الائتلاف العراقي الموحد على أن "الموضوع تم حله في شهر تشرين الأول الماضي، أي في نفس الشهر الذي صادق فيه مجلس الرئاسة على المسودة غير الصحيحة لقانون الانتخابات"، لافتا إلى انه لم يطلع على نسخة قانون انتخابات مجالس المحافظات المنشورة في جريدة الوقائع العراقية، "التي تحدث بعض النواب عن وجود إضافة لإحدى الفقرات فيها، لم يصادق عليها البرلمان العراقي" على حد قوله.

لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية هي الفيصل

من جهته قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محسن السعدون إن لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم النيابية هي الفيصل والوحيدة القادرة على معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالادعاءات بوجود تحريف في قانون انتخاب مجالس المحافظات.

 وأوضح السعدون أن لجنة الأقاليم هي اللجنة المختصة بإصدار قانون انتخاب مجالس المحافظات لأنها هي من أعدته وأرسلته إلى مجلس النواب للتصويت عليه"، مشيرا إلى أن "لجنة الأقاليم يجب أن توضح طبيعة ادعاءات هؤلاء النواب، فيما إذا كان هناك اختلاف في النسخة التي صوت عليها البرلمان عن النسخة المنشورة في جريدة الوقائع العراقية.

ولفت السعدون الذي ينتمي إلى كتلة التحالف الكردستاني إلى أن "قانون الانتخابات الذي صوت عليه البرلمان العراقي في 22 تموز الماضي حصل فيه نقض للمادة 24 المتعلقة بكركوك وفقرة استخدام الرموز الدينية والكوته النسائية وتمثيل الأقليات"، مبينا أن "لجنة الأقاليم عدلت في هذه الفقرات، وربما حصلت اجتهادات لدى أعضاء مجلس النواب العراقي بعد عملية النقض، مما أدى إلى حصول تفسيرات مختلفة لفقرات القانون" حسب تعبيره.

 دعا السعدون الكتل التي تتحدث عن حصول تحريف في قانون انتخاب مجالس المحافظات إلى "تقديم دليل مادي ملموس يثبت صحة ادعاءاتها لكي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجهة التي غيرت في القانون".

واستبعد السعدون حصول أي اختلاف في النسخة المقرة في البرلمان العراقي لقانون انتخاب مجالس عن النسخة المنشورة في جريدة الوقائع العراقية، مؤكدا أن "عملية تزوير القوانين عملية صعبة جدا، لأن القوانين المقرة في البرلمان تمر على عدة لجان وعلى هيئة رئاسة مجلس النواب قبل إرسالها إلى الجريدة الرسمية" حسب قوله.

يذكر أن مجلس النواب العراقي صوت، في الرابع والعشرين من شهر أيلول الماضي  بالإجماع على قانون انتخاب مجالس المحافظات بعد جدل كبير دام عدة أشهر بين الكتل السياسية حول الفقرات الخاصة بإجراء الانتخابات في كركوك والسماح باستخدام الرموز الدينية في الدعاية الانتخابية ومسالة تمثيل الأقليات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 25/كانون الثاني/2009 - 27/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م