أهوار العراق: إدارة سيئة ووعود حكومية وأممية غير قابلة للتطبيق

بعد ست سنوات من التغيير لامؤشرات لتحسن الاوضاع

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: قام النظام السابق بتجفيف اغلب الأهوار في مناطق جنوب العراق بعد عام 1991، عقب معارك بين قوات الجيش، ومسلحين من الأحزاب المعارضة لنظامه في الأهوار، الأمر الذي أدى الى تهجير الاف العوائل التي كانت تسكنها فضلاً عن هلاك العديد من الحيوانات والطيور النادرة والإضرار بالتوازن البيئي في مناطق جنوب العراق عموماً.

وبينما أقام برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة مؤتمرا حول سبل تطوير الاهوار في الجبايش شرق الناصرية تضمن إطلاق ورشة عمل للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي فإن الجهود الرامية لإعادة المياه ومقومات الحياة الى الاهوار بعد ست سنوات من التغيير في البلد، لازالت مضطربة وتعاني الادارة السيئة والاهمال وعدم الالتزام بخطط سنوية واضحة المعالم وجدّية التنفيذ، الامر الذي أخذ يهدد بانتشار ظاهرة الجفاف من جديد مما سوف يؤدي إلى كارثة بيئية واجتماعية كبيرة.

تفاقم جفاف الأهوار سيؤدي إلى كارثة بيئية واجتماعية

وحذر عدد من الباحثين والخبراء في الشأن الاقتصادي والبيئي في مؤتمر في غرفة تجارة محافظة البصرة، من أن انتشار ظاهرة الجفاف في الأهوار سوف يؤدي إلى كارثة بيئية واجتماعية.

وقال رئيس لجنة إنعاش الأهوار حامد الظالمي إن "المؤتمر يهدف إلى دعم السياسات الاقتصادية والخطط المستقبلية لإنعاش الأهوار في جنوب العراق". وأضاف الظالمي أن "مناطق الأهوار تعاني حاليا من مشاكل عديدة، ومن أبرزها انخفاض منسوب المياه وملوحتها"، مشيرا إلى أن "المؤتمر ناقش كذلك آليات تطوير الواقع الاقتصادي والخدمي والبيئي في هذه المناطق".

فيما قال سكرتير لجنة إنعاش الأهوار في مجلس محافظة البصرة علاء البدران إن "ظاهرة الجفاف التي تفاقمت مؤخراً في مناطق الأهوار كانت من أبرز محاور المؤتمر".

وشدد البدران الذي يترأس نقابة المهندسين الزراعيين في المحافظة على أن "استمرار تفاقم ظاهرة الجفاف في أهوار الجنوب سوف تؤدي إلى كارثة بيئية واجتماعية"، موضحا ان "الجفاف في الاهوار يسهم في زيادة درجات الحرارة وحودث نزوح سكاني كبير بين سكان هذه المناطق، فضلا عن هدر جميع الأموال التي تم إنفاقها على مشاريع تطوير الأهوار". بحسب تقرير لـ نيوزماتيك.

من جهته قال مسؤول الأهوار في مديرية الموارد المائية في محافظة البصرة فيصل عبد القادر إن "شحة المياه وتنامي ظاهرة الجفاف هي مشكلة بيئية عامة تعاني منها جميع مناطق العراق وبعض دول الجوار"، وأضاف "من أجل معالجة هذه المشكلة في مناطق الاهوار لابد أن تكون هناك حصص مائية ثابتة إلى مناطق الأهوار، لكن من الصعب تحقيق ذلك في المرحلة الراهنة بسبب انخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات"

فيما لفت مسؤول منظمة طبيعة العراق في محافظة البصرة جاسم الأسدي الى إن "الطريقة التي اتبعت لإعادة المياه إلى مناطق الأهوار التي عانت من التجفيف لسنوات طويلة كانت غير صحيحة"، موضحا أن "سكان الأهوار قاموا في عام 2003 بتحطيم السدود التي كانت تحول دون تدفق المياه إلى الأهوار وهذا الفعل أدى إلى إعاقة الدورة الهايدروليكية للمياه".

وأضاف الأسدي الذي قامت منظمته بإقامة معرض للصور الفوتوغرافية لمناطق الأهوار أن "الحل من وجهة نظرنا يكمن في إنشاء سدود ونواظم تقوم بتنظيم عملية رفد الأهوار بالمياه بشكل شبه طبيعي"، حسب تعبيره.

وقال القنصل الأمريكي في محافظة البصرة رامون نكرون. الذي كان مشاركاً في المؤتمر، أن "السنوات الماضية شهدت عقد الكثير من المؤتمرات التي أكد المشاركون فيها على ضرورة  إنعاش الأهوار بصورة فعلية"، معتبرا ان "هذا المؤتمر سوف يكون خطوة جادة باتجاه تحسين الأوضاع في الأهوار".

وقد خرج المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه خلال العام الحالي بتوصيات تضمنت الدعوة إلى تحويل بعض مناطق الأهوار إلى محميات طبيعية وتفعيل اتفاقية "رامسار" الخاصة بالأراضي الرطبة، إضافة إلى السعي لمعالجة ظاهرة الجفاف، أما على المستوى الاقتصادي لسكان الأهوار فقد دعا المشاركون في ختام المؤتمر إلى تفعيل الجوانب الاستثمارية والزراعية في الأهوار من خلال تقديم الدعم إلى المزارعين وإنشاء معامل صديقة للبيئة، فضلا عن تنفيذ مشاريع خدمية علاوة على رفع المستوى الثقافي لسكان الأهوار.

وتعتبر منطقة الأهوار العراقية أكبر نظام بيئي من نوعه في الشرق الأوسط، وهي ذات أهمية كبيرة من النواحي البيئية، الاجتماعية والثقافية، بحسب ما ذكره برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، الذي أكد أن تدهور الوضع في مناطق الأهوار العراقية يعد إحدى الكوارث البيئية والإنسانية الكبرى التي تواجه العراق.

الأمم المتحدة تسعى لضم منطقة الهلال الخصيب إلى قائمة التراث العالمي 

وقالت منظمة الأمم المتحدة، إنها ستقدم عرضا لضم منطقة الهلال الخصيب في العراق إلى قائمة التراث العالمي، حسب بيان صدر عن المنظمة الدولية.

وأوضح البيان أن "منظمة الأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة تعتزمان تقديم عرض لضم منطقة الهلال الخصيب في العراق، والتي يعتبرها البعض مكان جنة عدن الأصلي، إلى قائمة التراث العالمي".

وأضاف البيان أن "المنظمتين تسعيان من وراء إطلاق المشروع إلى المحافظة على المنطقة وحمايتها، كونها تعد تجمعا لأنواع نادرة من الحيوانات وموقعا فريدا للتراث الثقافي للسكان الأصليين المعروفين باسم عرب الأهوار".

وأشار البيان إلى أن "برنامج البيئة أطلق في عام 2004 مشروعا بكلفة 14 مليون دولار لإصلاح الأراضي وإعادة المنطقة إلى طبيعتها وبدعم من صندوق الأمم المتحدة الإستئماني للعراق واليابان وإيطاليا مع مشاركة المجتمعات المحلية". بحسب اصوات العراق.

ونوه البيان إلى أن "مياه الأهوار جفت خلال نظام صدام حسين السابق، وبحلول عام 2002 تراجعت المنطقة التي كانت تغطي مساحة 9000 كيلومتر مربع إلى 760 كيلومترا فقط، مما دعا ببرنامج البيئة من فقدان الأهوار تماما خلال خمس سنوات ما لم يتم اتخاذ إجراء عاجل لإصلاحها".

وذكر البيان أن "كل من اليونسكو وبرنامج البيئة يعملان الآن مع السلطات العراقية لوضع خطة لتقديم عرض للجنة التراث العالمي في إدخال المنطقة إلى قائمته" متوقعا أن "تدخل المنطقة في القائمة بحلول عام 2011".

الأمم المتحدة تضع خططاً إستراتيجية لاهوار شرق الناصرية

وأقام برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة على قاعة المركز الثقافي بالناصرية، مؤتمرا حول سبل تطوير الاهوار في قضاء الجبايش شرق الناصرية تضمن إطلاق ورشة عمل للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي بمشاركة سبعة برامج تابعة للأمم المتحدة في جنوب العراق.

وافتتح المؤتمر بكلمة لرئيس مجلس المحافظة احسان الطائي عرض فيها “أهمية عمل برامج الأمم المتحدة وكونها تملئ الفراغ الذي قد تتركه الفعاليات الحكومية.” داعيا إلى ان “يكون المؤتمر نقطة البداية لتخطيط علمي سليم يراعي خصوصية المنطقة وحاجاتها الأساسية.”

وقام منسقو المنظمات المشاركة ببرنامج التنمية المحلية باستعراض تصوراتهم عن  المنطقة المستهدفة بالمؤتمر والعراقيل التي  واجهت البرامج السابقة التي أقيمت فيها وبعض الحلول للتغلب علي و معالجتها .

وشدد منسق منظمات الأمم المتحدة لبرنامج التنمية المحلية في الجنوب سنان شاك على “أهمية عملية التخطيط التنموي والمفردات التي يسعون إلى تحقيقها من خلالها، فضلا عن تبادل الاستراتيجيات بين دوائر الدولة الخدمية ومنظمات الأمم المتحدة سعيا للتكامل  فيما بينها.”بحسب اصوات العراق.

وأعلن المؤتمر عن إطلاق ورشة عمل تشترك فيها برامج الأمم المتحدة العاملة في جنوب العراق فقط وهي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الامم المتحدة الإنمائي للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومنظمة الامم المتحدة للثقافة والعلوم(اليونسكو) ومنظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة للخدمات والمشاريع.

وتتضمن الورشة بحسب منسق الأمم المتحدة في الجنوب وضع خطط استراتيجية لتطوير الاهوار في قضاء الجبايش شرق مدينة الناصرية في مجالات تقديم الخدمات والحفاظ على الثروة البيئية.

ويشارك في اعمال الورشة نحو 120 شخصا يمثلون مختلف القطاعات الخدمية والبحثية والعلمية.

يذكر أن  اهوار الجبايش تقع على بعد 95 كم شرق مدينة الناصرية عن مركز المدينة وتبلغ مساحة هذا الهور 600كم2 ويبلغ عدد سكانها 38000 إلف نسمة.

منظمة بيئية تعزو سبب انخفاض ماء الأهوار للإدارة السيئة

وأوزعت منظمة طبيعة العراق المهتمة بالبيئة، سبب انخفاض الماء في الاهوار إلى الإدارة السيئة وعدم الوضوح الذي تعاني منه الإدارات المائية مما يتسبب بإهدار كميات كبيرة من المياه القليلة الداخلة للعراق وعدم الاستفادة منها بشكل صحيح.

 وأوضح المهندس جاسم الاسدي مدير المنظمة التي مقرها (الجبايش) أن ” معدلات مناسيب المياه بنهر دجلة تشهد انخفاضا كبيرا إذ بلغ منسوب الماء 80 م مكعب بالثانية بعد أن كان 300 م مكعب في الثانية بذات الوقت من العام الماضي، فضلا عن قيام الجانب الإيراني بعمل سدادت لقطع إمدادات المياه عن هور الحويزة خلافا للأعراف والقوانين الدولية”. مشددا أن هذا أضاف عاملا جديدا للجفاف الذي عانى منه البلد في السنوات الماضية.

وأضاف أن “كمية المياه الخارجة من الأهوار باتجاه شط العرب ومن ثم البحر أصبحت أكثر من كمية المياه التي تدخله من نهري دجلة والفرات وهذا هدر لثروة لا يمكن تعويضها حاليا قبل أن يكون هو تجفيف للاهوار مما يعني إنهاء التنوع البيئي فيها ووقوع كارثة بيئية”.

وألقى الاسدي باللوم على إدارة الموارد المائية قائلا”عليها أن تتحمل مسئولياتها وتحول دون حدوث هذا” .

وكشف إلى أن هنالك “حلول بسيطة يمكنها أن تساعد على رفع مستوى المياة في الاهوار في الوقت الحالي”.

وأقترح أن “تقوم الموارد المائية ببناء سد يتحكم بمرور المياه الى الخليج يبنى عليه جسر أنبوبي يحتوي على أنابيب معدنية لعبور المياة منه بصورة مقننة على أطراف شط العرب بالمعقل”. لافتا أن ذلك يعمل على تقليل تدفق المياة الحلوة للشط وبالتالي هذا سيرفع مستوى المياة بالهور بمقدار متر على الأقل.مما يعني إضافة كمية كبيرة من المياة الى مخزون الهور.

وتابع “نحن في نهاية فصل الجفاف وهي المرحلة الأقسى في السنة بالنسبة للهور أذ لوحظ جفاف مناطق من الاهوار الوسطى بعد أن كانت مغمورة بالمياه في الفترات السابقة.”

يذكر أن كمية المياة المطلوبة لإرجاع اهوار ذي قار على عمق 1م هي 2.6 مليار م3، بينما تحتاج الاهوار الى أكثر من 5.3مليار م3 ليكون  العمق فيها 2م، علما أن مساحة الاهوار المجففة والتي لم ترجع الى طبيعتها لحد الآن هي  2619كم2اي ما يعادل 1047600 دونم بحسب المصادر الحكومية المختصة.

زراعة واسط تقترح تحويل هور الدلمج إلى محمية طبيعية

وأعلن مدير زراعة محافظة واسط سلام اسكندر عن انتهاء المديرية من إعداد دراسة تهدف إلى تحويل "هور الدلمج" نحو، 35 كم غرب مدينة الكوت، إلى محمية طبيعية للطيور والحيوانات المختلفة.

وقال اسكندر في حديث لـ"نيوزماتيك"، إن "الدراسة التي تقدم بها احد المهندسين في دائرة زراعة واسط، تقترح تحويل هور الدلمج إلى محمية طبيعية ومنتجع سياحي متكامل الخدمات، لما يمتلكه الهور من تنوع بيئي وجغرافي"، مضيفا إن "المقترح يتضمن أيضا بناء فنادق وملاعب ومسابح وكازينوهات وأحواض اسماك ومزارع لتربية الجاموس على الأراضي المحيطة بهور الدملج".

وأشار اسكندر إلى أن تنفيذ مقترح تطوير هور الدلمج الذي تبلغ مساحته 60 ألف دونم، والذي يقع بين محافظتي واسط والديوانية، هو أمر ممكن، بسبب وجود شبكات من الطرق التي تصل بينه وبين عدة مدن في محافظتي واسط والديوانية، فضلا عن وجود قناة للتحكم في كميات المياه الداخلة والخارجة منه.

ولفت مدير زراعة محافظة واسط إلى أن "تنفيذ هذا المقترح من شأنه أن يساعد على تشغيل عدد كبير من العاطلين عن العمل والذين يسكنون في المنطقة المحاذية لهور الدلمج، فضلا عن  حماية الطيور والحيوانات الموجودة في الهور، والتي قد  تتعرض للانقراض، بسبب أساليب الصيد الجائر التي يتبعها البعض في ظل عدم وجود حماية لها" حسب تعبيره.

وأكد اسكندر أن "هور الدلمج يعتبر من المصنفات العالمية، حسب إعلان المنظمة العالمية للحفاظ على البيئة التابعة إلى الأمم المتحدة، مبينا أن ما يحتويه الهور من تنوع بيئي وجغرافي ساهم في جذب أنواع كبيرة من الطيور والحيوانات البرية خلال مواسم الهجرة السنوية".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/كانون الثاني/2009 - 26/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م