إنتخب .. إنتخب..

فعل أمر لا يفيد للمتسقبل

محمد علي جواد تقي

ِتزدحم صور المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات وهي تحمل وعوداً وشعارات من الوزن الثقيل الى جانب عبارات: (إنتخبوا مرشحكم...)، فيما الناس يمرون من عندها مرور الكرام، تاركين فعل الأمر (إنتخب) دون الأخذ بفعل الجزم الذي يتميز به، كما هي القاعدة النحوية.

ليقل المرشحون ما يشاؤون، فهو من حقهم الطبيعي، لكن من حق الناس أو الناخبين أيضاً معرفة ما يخبؤه فعل الأمر هذا، حتى القرآن الكريم الذي لم يهجره البعض، عندما يوجه الأمر إلينا فانه يرفقه بالأجر والمثوبة والعاقبة الحسنة، إذ هو مطلب فطري كامن في داخل كل انسان، "إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرّاً وعلانيةً يرجون تجارةً لن تبور".

فاذا كانت هذه الانتخابات تمثل تجربة أخرى لإبرام عقدٍ بين الحاكم والمحكوم، فلابد من توفر شروط هذه العقد، وأهمها الوضوح والشفافية في مضامين هذا العقد، كما جرى الحديث في هذا المجال حول الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة، فاتفق الجميع على رفض أي غموض أو عبارات فضفاضة أو متأرجحة بين تفسيرات متعددة وغير ذلك، بداعي الحرص الشديد الذي أظهره الكثير على سيادة البلاد ومستقبل الشعب العراقي ، لذا من حق الناس، وهم مقبلون على تجربة ديمقراطية جديدة أو كما يحلو للبعض تسميتها بـ(العرس الانتخابي)! أن يروا أنفسهم، أو يجدوا مكانهم في زحمة اللافتات والشعارات البرّاقة والطويلة، فوجود هذه اللافتات والاسماء لن يدوم طويلاً على الجدران والأعمدة، إلا انهم الباقون على الأرض مع ما يحملونه من الهموم والمشاكل والازمات، يبحثون عمن يعينهم على حملها أو ايجاد مخرج للتخلص منها، علماً انهم شاركوا في تجارب سابقة ولم يلحظوا تغييراً أساسياً في الظواهر الشاذة التي تفرز الكثير من المشاكل والأزمات التي يعاني منها الجميع مثل الفساد الأداري أو غياب القيم والمعايير الاخلاقية.

فماذا لو بادر أحد المرشحين لإعطاء الحق للناخبين بالاعتراض والنقد للمجلس الجديد وأعضائه المنتخبون في حال حصول تباطؤ أو تسويف أو غير ذلك في مختلف الأعمال والمهام الملقاة على عاتق المسؤولين الجدد؟ 

 وللعلم فقط، فان النظام الديمقراطي، من حيث النظرية، يحمّل الاحزاب المشاركة في الحملات الانتخابية مسؤولية المعارضة والتقويم والاصلاح، كما يخولها حق الترشيح للفوز بالسلطة والحكم، فالحزب أو التيار أو أية جماعة أخرى تكون خارج التشكيلة الحكومية أو السلطة التنفيذية، فانها تشكل إحدى دوائر الضغط والمعارضة لهذه الحكومة لتعبر عن الرأي العام.

ونحن عندنا – ولله الحمد- طموح جامح نحو تشكيل الحكومات المحلية، بحيث تعد مجالس المحافظات أحد أشكال السلطة التنفيذية ويكون المحافظ هو الحاكم ورئيس هذه السلطة، هذا الى جانب صفتها التشريعية والنيابية، فمعنى هذا ان الجهات وحتى المرشحين المستقلين الذين يعدّون أنفسهم متمخضين من رحم المجتمع ولديهم محض الثقة، أمامهم مسؤولية المعارضة والإصلاح وفتح قنوات التعبير عن الرأي أمام الناس في المستقبل مثل تنظيم التظاهرات والاعتصامات وغير ذلك.

وجميل ما قاله أحد الأصدقاء بان كل من رشح نفسه في هذه الانتخابات، فانه ثبت إسمه في التاريخ السياسي العراقي، وبما ان التاريخ يضم مختلف الأسماء والنماذج فاننا نتوسم خيراً بجميع المرشحين بان يكونوا اسماءً مضيئة في الحاضر والمستقبل يهتدي به الناس ولا يضلوا سواء السبيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/كانون الثاني/2009 - 24/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م