قضايا الانتخابات: الإجماع على قدوم رياح التغيير

هموم العراقيين بين تزاحُم الدعاية والتشكيك بالبرامج الانتخابية

 

شبكة النبأ: اجمعت شرائح واسعة من العراقيين على ان الكفاءة والنزاهة تعدّان مقياساً أساسياً لاختيار المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها نهاية الشهر الحالي، ومن جهة اخرى رأت هذه الشرائح بأن ملصقات الدعاية الانتخابية المنتشرة على واجهات المحال والعمارات والبيوت السكنية والجدران والابنية الحكومية تعد فوضى بصرية شوَّهت الشكل الحضاري للمدن، داعين الى ضرورة تحديد امكنة خاصة لهذه الملصقات بالاتفاق مع الدوائر المختصة.

ويرى مثقفون من البصرة جنوب العراق ان رياح التغيير قادمة مع انتخابات مجالس المحافظات، فقد قال الشاعر كريم جخيور أرى أن الانتخابات القادمة “ستحمل معها رياح التغيير وبالتأكيد نحن متفائلون بذلك، لعلها تصل بأسماء جديدة لخدمة هذه المدينة الكبيرة”.

وأوضح هناك “قوائم كبيرة وقوائم صغيرة،  و القوائم الصغيرة هي جزء من القوائم الكبيرة وهي محاولة من القوائم الكبيرة لتشتيت الأسماء بهذه الطريقة”. مستدركا لكن “هناك أسماء جديدة لعلها تصل إلى مجالس المحافظة،  وأنا على قدر كبير من الأمل بأن ذلك سيكون واقعا”.

ورأى الناقد والكاتب عبد الغفار العطوي أن الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات “ستغير خارطة التحالفات وتفهم التكتلات السياسية والأحزاب والتجمعات إن هناك دورة أخرى.. وهو الأهم،  وإن هذه الدورة من الدورات الانتخابية  التي ستؤثر على مسيرة الديمقراطية، مما يتطلب من الناخبين مراعاة مبادئ وأفكار تجمعاتهم في طرح إستراتيجية تغيير المجتمع العراقي”. بحسب اصوات العراق.

وأوضح بمعنى أن هناك “مراقبة شديدة على الذي يترشح إلى مجلس المحافظة ويكون تحت طائلة الرقابة والمحاسبة”. لافتا إلى أن “الإدارة السيئة للدورة السابقة تحتم على أعضاء المجلس القادم أن يتجنبوا جميع السقطات والإشكالات”.

واستدرك العطوي أن المواطن البصري لم  “يلمس أي تطور أو تغيير في الخدمات .أو في العمران خلال الدورة السابقة”. لافتا إلى أن من محاسن الدورة اللاحقة لمجلس المحافظة هو أنها  “ستؤكد أن السلطة سيتم تداولها وفق مشروع تقديم الخدمات  للمواطن،.وان الطريق صعب لمن يريد الوصول إلى مجلس المحافظة”.

وتابع  “بمعنى أن هناك رقابة وأحزاب ستفشل و وجوه جديدة ستصل وستغير من رؤية وتفكير الأحزاب التي كانت مسيطرة على مجالس المحافظات” .

وعبر التشكيلي صدام الجميلي عن مخاوفه من نوعية المرشحين على مقاعد مجلس المحافظة قائلا أن ” أغلب المرشحين بل معظمهم شخصيات غير واعية لبناء مؤسسات الدولة، واعتقد أنا أحد المتشائمين بسبب هذا”.

 وأضاف أن هؤلاء “يمارسون دائما عمليات تجميل وتضليل قد تغري البسطاء، لكنها لا تجد مكانا مع الإنسان الواعي أوً عند المثقفين .لأنها لا تبحث عن التغيير الجذري “. مشددا “نحن بحاجة إلى بناء المؤسسات الثقافية من اجل صناعة دولة حقيقة على أسس راسخة ومهمة” .

وأطلق الشاعر البصري المعروف كاظم الحجاج العنان لامنياته قائلا أن الانتخابات القادمة “لا تحتاج إلى رأي بل تحتاج إلى أمنية، ونحن نتمنى أن تكون هذه الانتخابات تمهيدا للانتخابات الكبيرة القادمة للمجلس الوطني وان يكون فيها وعي الناخب بمستوى الهم العراقي”.

بغداديون يعتبرون الكفاءة والنزاهة مقياسا لانتخاب المرشحين

وأجمع بغداديون على ان الكفاءة والنزاهة تعدّان مقياساً لاختيار المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في (31/1) الجاري.

وقال مهند العبودي (36) عاما، وهو معاون مدير بمدرسة ابتدائية في مدينة الصدر شرقي بغداد ان “المرحلة المقبلة تتطلب عقولا متفتحة ومتفهمة للوضع العالمي لأن حياة العراق السياسية والاقتصادية مرتبطة بمحيطها العالمي بشكل او بآخر، لذا سانتخب من هم معروفون بالكفاءة والنزاهة وذوي طابع ليبرالي غير متشدد”.

وأضاف العبودي أن “المرحلة المقبلة تحتاج ايضا الى وجود اشخاص لديهم المام لما وصل اليه العالم من تطور وامكانيات اضافة الى القدرة على القيادة والتخطيط الحضاري”.

من جهته، رأى نزار الهاشمي (44) عاما وهو صحفي حر يسكن جنوب غربي بغداد أن “التكنوقراطيين عادة ما يمتلكون الخبرة في الادارة والتخطيط وممكن ان يكونوا اصحاب كفاءة نظرا لخبراتهم وشهاداتهم التي تؤهلهم”. وأستدرك قائلا “من الصعب الاختيارعلى اساس النزاهة، لكن اختيار الكفاءة ممكن من خلال المؤهلات العلمية”. بحسب اصوات العراق.

وأضاف ان “الليبرليين لديهم تجربة في الادارة والتخطيط، فقد جربنا التيارات الدينية والقومية في الانتخابات الماضية ولم تكن النتائج لصالح الشعب، اذ عمدت هذه التيارات بقصد او دون قصد الى تجزئته إلى فئات ومناطق، ما ادى الى استبعاد الكثيرين من أصحاب الخبرة والكفاءة عن مواقع المسؤولية”.

إلا أن مداح مهدي (31) عاما وهو موظف في مكتب للبريد السريع وسط العاصمة قال “انا اتابع يوميا عبر وسائل الاعلام المتعددة والملصقات الدعائية اسماء وصور المرشحين، لكنني لم اشارك في الانتخابات”.

وأوضح مهدي ان “سبب امتناعي عن التصويت لأنني لم اجد حتى الآن من يمثلي في المحافظة ولا ارى هناك من هو كفوء لينفذ برنامجه الانتخابي ووعوده، وهذا ماتبين جليا خلال الانتخابات الماضية، حيث مازال الامن هشا ونسبة البطالة ترتفع وكذلك حال الكهرباء والخدمات الاخرى”.

فيما قال ابو رامي (34) عاما ويسكن حي الصناعة قرب الجامعة التكنلوجية وسط العاصمة “انا شخصيا سأختار العلمانيين او الليبراليين لأنهم يتمتعون بالكفاءة والنزاهة على حد سواء ولا يعملون لصالح احزابهم او قومياتهم”.

وأضاف ان “الانتخابات النيابية الماضية افرزت سيطرة واضحة للأحزاب الدينية والقومية، الأمر الذي خلق الكثير من الأزمات السياسية الواحدة تلو الاخرى، دون ان يكترث الفائزون باحتياجات البلد او المواطن”.

من جانبها اعتبرت نداء سعيد (45) عاما وهي ربة بيت تسكن في حي الاعظمية شمالي بغداد ان “الكفاءة والنزاهة امران مهمام يجب ان يتمتع بهما المرشح، وان كان تابعا لحزب اسلامي او ديني او قومي”.

مواطنون يرحبون بتعليق استيفاء اجور الخدمات واخرون يعتبرونه دعاية انتخابية

ورحّبَ مواطنون بقرار رئيس الوزراء نوري المالكي تعليق استحصال تكاليف الكهرباء والماء والهاتف لحين تدقيق التسعيرات من قبل الوزارات المعنية، فيما عدّه آخرون “جزء من الحملة الدعائية” التي تجري استعدادا لانتخابات مجالس المحافظات.   

ففي محافظة البصرة (590 كم جنوب بغداد) قال المواطن غانم كاظم (كاسب) ”نرحب بكل قرار حكومي يرفع ضغط الظروف المعيشية الصعبة عن كاهل المواطن ، وأتمنى أن تسعى الحكومة الى الغاء هذه الفواتير وليس تعليق استحصالها لحين تدقيقها”.

وأعرب كاظم عن أمله في “ألا يكون قرار رئيس الوزراء متزامنا مع مع الحملة الانتخابية لمجالس المحافظات”.

من جهته أوضح الخبير الاقتصادي جبار الحلفي أن هذه الخطوة “جاءت بعد النداءات الكثيرة من المواطنين ومنظمات المجتمع المدني، خصوصا بعد أن أعلنت وزارة الكهرباء أنها سترفع سعر الوحدة الكهربائية إلى عشرة أضعاف “.

وزاد الحلفي “هذا قرار انساني وصائب ويعبر عن تفهم لما يعانيه الناس”، لكنه أستدرك “طرح القرار في هذا الوقت يدخل في سياق الدعاية الانتخابية لقائمة رئيس الوزراء”، مشيرا الى أن قرارت سابقة “قد تدخل في سياق الدعاية الانتخابية” منها دمج المصرف الاشتراكي بمصرف الرافدين وصرف الرواتب وفروقاتها في هذه الفترة.

وكان المالكي قد أوعز الاثنين الماضي (12/1) بإيقاف استيفاء اجور خدمات الماء والكهرباء والهواتف الارضية من المواطنين لحين تدقيقها واحتساب الاجور الصحيحة المطابقة لحجم الاستهلاك اليومي لهذه الخدمات وفق ما ذكر بيان للمكتب الاعلامي لرئيس الوزراء.

أما في كربلاء (110 كم جنوب غرب بغداد) فقد أبدى عدد من المواطنين رضاهم على خطوة رئيس الوزراء معتبرين اياها “خطوة في الاتجاه الصحيح”.

يقول ذو الفقار علي عامر (موظف) إن هذه الخطوة كانت “منتظرة من رئيس الوزراء الذي لايرضى على ظلم المواطنين”.

ويضيف عامر “جاءتنا قوائم الكهرباء بمبلغ 60 الف دينار وهو مبلغ كبير قياسا إلى عدم توفر الكهرباء بشكل مستمر، كما استلمنا فواتير خدمة الهاتف لعام 2005 فقط حيث بلغت تكاليفها 270 الف دينار، لانعلم كم ستكون كلفة الاعوام الاخرى لكننا سمعنا بأنها ستتضاعف”.

من جهة أخرى دعا مهند خليل (موظف) رئيس الوزراء للايعاز بأن “تطرح لجان التدقيق تقوم فكرة تخفيض أجور الخدمات”، واستطرد “هذه خطوة من شأنها أن تريح المواطنين، لكننا نريد أيضا خفض أجور الوحدة الحسابية للماء والكهرباء والهواتف”.

وبيّن خليل “تم تعيين موظفا قبل عام، ومرتبي الشهري لايتجاوز 200 الف دينار، بينما تبلغ اجور الكهرباء 50 الف دينار وأجور الهاتف الأرضي 100 الف والماء 40 الف، أصحاب المرتبات العالية لايمكنهم تحمل مثل هكذا تكاليف فكيف يتحملها مواظفون مثلنا؟”.

وفي محافظة صلاح الدين (175 شمال بغداد) أيد عدد من المواطنين قرار المالكي واصفين اياه بأنه يحقق مصلحة المواطن، فيما قال آخرون إنه لايتعدى كونه “دعاية انتخابية”.

يقول عبدالله محمود حسين (مدرس) إن “من واجبات رئيس الوزراء الدستورية هي النظر الى الحالة المعيشية للمواطن، وهذا القرار صائب ولا شك فيه، فاتورة هاتفي بلغت مليون دينار وهذا غير صحيح اطلاقا”. ويضيف حسين “الكهرباء شبه منعدمة والماء شحيح كما فضلا عن رداءة خدمة الهاتف”.

أما كمال صالح (موظف) إن القرار “يصب في مصلحة المواطن الذي أنهكته الضرائب العالية وغير المنطقية، لكن توقيت القرار لايمكن تفسيره سوى أنه دعاية انتخابية”.

ملصقات الدعاية الإنتخابية فوضى بصرية شوَّهت بغداد

واتفق فنانون تشكيليون على أن ملصقات الدعاية الانتخابية المنتشرة على واجهات المحال والعمارات والبيوت السكنية والجدران تعد فوضى بصرية شوهت الشكل الحضاري للعاصمة بغداد، داعين الى ضرورة تحديد امكنة خاصة لهذه الملصقات.

وقال الفنان التشكيلي عبد الرحيم ياسر إن “بغداد في هذه الأيام ملوثة بملصقات لا حصر لها وبلا حرفية وبألوان تثير الإشمئزاز وهو ما شوّه شكل العاصمة”.

ومع قرب اجراء انتخابات مجالس الاقضية والنواحي في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري تتزاحم ملصقات الدعاية الانتخابية على جدران أغلب أحياء العاصمة والتي تروج كل منها لمرشح معين بأشكال وألوان مختلفة، وقد تكون هناك في الرقعة الواحدة عدة ملصقات بحيث يتم تمزيق الواحدة وتوضع الأخرى فوقها.

وأوضح ياسر أن “الكثير من الملصقات التي اعدت للحملة الإنتخابية هي بعيدة عن اولويات مهنة التصميم، بينما نجد في بلدان اخرى يقوم بذلك ابرز المصممين والفنانين لإختيار الصورة المناسبة التي تثير الإنتباه من حيث اللون والإلتفاتة وحروف الكتابة وفضاء الصورة ليكون المصمم قد صمم عملا فيه الكثير من الذكاء والدراية”.

وانتقد ياسر “مفوضية الإنتخابات لعدم امتلاكها الآليات الكافية لردع التجاوزات، ففي أي انتخابات بالعالم لا يمكن المساس بجمالية العاصمة، خاصة اننا شهدنا ولفترة غير قصيرة حملة لأمانة بغداد من اجل رفع الملصقات عن جدران الشوارع في بغداد وتنظيفها، وما ان اكتمل العمل عادت ظاهرة الملصقات فذهبت حملات الأمانة سدى”. بحسب اصوات العراق.

وتسائل ياسر عن ظاهرة تعدد الملصقات في المكان الواحد قائلا “ما معنى وفائدة ان يوضع عشرين ملصقا متقاربا على الحائط نفسه؟ وأين هي امانة بغداد كي تخصص مواقع محددة للصق الدعاية الإنتخابية وان تؤجر فضاء بغداد بشكل قانوني لمن يريد أن يعلن؟”.

وختم قائلا إن “الملصقات الانتخابية هي واعمدة الكهرباء المتهالكة وأسلاك المولدات تلوث جميعها فضاء عاصمتنا، كونها جميعا على وتيرة واحدة تشوش النظر وهي تحمل صورة شخص امامه سماعة او رافعا يده وخلفه علم العراق”.

من جهته، عبر الفنان التشكيلي صلاح عباس عن أساه لأن “تكون طريقة لصق لافتات الاحزاب ودعاياتهم الانتخابية ثمارا للتحول الديمقراطي في العراق بوضعها على الجدران وفي كل مكان بشكل يؤذي البصر”.

وقال عباس إن “إحدى علامات تنظيم الخطاب السياسي هي أن تكون الملصقات منظمة بطريقة عصرية حضارية، لذا فان على امانة بغداد ان تضع في بالها فكرة وضع شاشات تلفزيونية كما معمول به في أربيل، وتجري الدعاية بالتنسيق مع المرشحين بحيث يمنح كل مرشح عشر ثواني أو 15 ثانية بالتتابع في أرجاء مختلفة من بغداد”.

وفي ذات السياق، طالب رئيس تحرير مجلة (تشكيل) صلاح عباس “السياسيين العراقيين الى اعادة النظر بما شوهوه من مناظر، عبر ملصقات متجردة من اللمسات الفنية خدشت الذوق العام وخطابها فيه ترويج للشخص أكثر مما هو مصلحة وطن”.

وأبدى عباس لوكالة (أصوات العراق) استغرابه من فائدة كثرة ملصقات المرشح أو الجهة الواحدة قائلا “وجدنا صورهم تتساوى مع صور المطلوبين للقوات الأمنية!”.

أما الفنان التشكيلي حسن النصار، فقال لوكالة (أصوات العراق) “يبدو ان سياسة الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب هي التي يحتكم اليها العراق الآن وخبر دليل على هذا البوسترات التي صممت من قبل أناس غير متخصصين وليس لديهم أي علاقة بالجماليات وبالوظيفة الادائية للبوستر ومفهومه”.

وأوضخ النصار أن “هذا الكم الكبير من الملصقات الحالية ادى الى حدوث فوضى بصرية شوهت المدينة أكثر مما هي مشوهة بفعل آثار الحرب والارهاب ناهيك عن الطريقة العشوائية للصقها”.

وطالب النصار امانة بغداد بـ”تخصيص امكنة ومساحات محددة لذلك، وبشكل شخصي انظر الى أي ملصق دعائي كبضاعة رخيصة لا تثير الإنتباه بل انها تستفز المتلقي فترى أغلب البوسترات أحدثت تأثيرا عكسيا اذ ظهرت حالة تمزيقها في الشارع والتي يفسرها البعض على انها تنافس انتخابي وهي في حقيقتها اسنفزاز بنسبة 90%”.

وبين قائلا “انا كانسان، ليس لدي سلوكيات عدوانية، تنتابني رغبة تمزيق هذه الملصقات بسبب الاستفزاز البصري الذي  تحدثه بالإضافة الى مايختاره المرشحون من عبارات سطحية ليس لها علاقة بالمهام التي تنتظرهم ان فازوا، فالذي يجمع الملصقات الفوضى في الألوان والخطوط والأشكال”.

إلى ذلك، قال الفنان التشكيلي فهد الصكر “لا اجد ان هناك أي بصمة فنية توزعت على الكثير من البوسترات التي تبرز مرشحي مجالس المحافظات، إذ أستُسهل الأمر لدى المصمم لقلة التكلفة او لسرعة الإنجاز ما أفقد الملصق الكثير من الجوانب الفنية التي تظهره بشكله الفني اللائق”.

وأوضح الصكر أن “هناك جانبا آخر أفقد البوستر حيويته لدى المتلقي العراقي وهو التوزيع العشوائي للملصقات في الكثير من مناطق بغداد والمحافظات، فصارت غير مؤثرة او غير محببة بسبب اناطة توزيعها لصبية لا يدركون طبيعة العمل المكلفين به”.

هموم العراقيين تتخطى ألوان ورموز الملصقات المتزاحمة على جدرانهم

كان أبو مريم جالسا على كرسي في باحة داره في منطقة بغداد الجديدة، شرقي بغداد، في صبيحة يوم مشمس عندما سمع طرقات كأنها تثبّت شيئا ما على حائط منزله، وما أن خرج ليعرف ما يجري حتى بادره شخص بإلقاء التحية: تسمح لي أخويه علّقت هذي اللافتة!.

فما كان من أبي مريم إلاّ أن يهزِّ رأسه موافقا، ففي كل الأحوال فإن اللافتة معلقّة الآن أمامه! تقدّم أبو مريم قليلا ليجد قطعة قماش بيضاء علّقت على حائط منزله كتب عليها باللون الأزرق “انتخبوا ابنكم […] رقم القائمة […]”.

تحول أبو مريم، 36 سنة، ويعمل مهندس كهرباء بنظره قليلا فرأى الجدار وقد امتلأ بصور نخيل وأعلام عراقية وصور أشخاص بعضهم يرتدي زيا عربيا تقليديا، وآخرون يرتدون بدلات أنيقة ويبتسمون تحيط بهم عبارات رغم اختلافها فهي تتشابه في غاياتها.

هكذا امتلأت جدران مؤسسات حكومية وأسواق وبيوت بل حتى ركائز جسور وأعمدة كهرباء، بملصقات تعدّ جزءا أساسيا في حملة انتخابية تقدَّم للمشاركة فيها نحو 14,429 مرشحا في عموم العراق من بينهم حوالي 3,921 امرأة، ليتنافسوا على 440 مقعدا في المحافظات المشمولة بالانتخابات.

وتجرى في الحادي والثلاثين من كانون الثاني الجاري انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي في عموم العراق عدا محافظة كركوك واقليم كردستان بمحافظاته الثلاث.

ففي بغداد، يوجد هناك 57 مقعدا، منها ثلاثة للأقليات، وفي الموصل 37 مقعدا، خصص منها اثنان للأقليات، وفي البصرة 35 مقعدا، مُنح واحد للأقليات، حسبما ذكر موظف في المفوضية.

لكن بعض الفنانين يرون أن ملصقات الحملة الانتخابية لم تقم على متطلبات فنية ولم تأخذ بالحسبان أن الحدث هو انتخابات “مجالس محافظات” وليس “برلمانية”، أي أن مجلس المحافظة يتوافر على سلطات تنحصر في تقديم الخدمات وهي أقل صلاحية من سلطة البرلمان.

الفنان المصمم بسام الصعب، 34 سنة، من حي الزعفرانية تحدث عن الملصقات من وجهة نظر فنية قائلا إن “البوسترات عادة ما تحمل رسالة بصرية قائمة على عنصري الوظيفة والجمال ;ففي الانتخابات فان التركيز يكون على العنصر الوظيفي، أي إيصال رسالة محددة من المرشح إلى الناخبين” .

وأضاف لوكالة (أصوات العراق) أن “الملصقات الانتخابية الموجودة حاليا في الشوارع تحمل إما شعار الحزب أو الكيان الذي ينتمي إليه المرشح، أو أنها تستخدم رموزا عامة كخريطة العراق أو النخلة… وهذا لا علاقة له ببرنامج عمل الحزب أو الكيان السياسي”.

ويلاحظ المصمم أن “اغلب البوسترات توحي بأنها لم تشكّل بيد فنان، إنما شخص يجيد استخدام الكومبيوتر، لذلك “لا نجد فيها فكرة واضحة ومؤثرة إنما مجرد رموز موضوعة عشوائيا ومتشابهة في ألوانها”.

ويجد المصمم أن تصميمات ملصقات المرشحين “تكاد كلها تحمل الفكرة نفسها بدون ابتكار فني جذاب”.

وكانت المفوضية العليا للانتخابات حظرت استخدام “المقدّس” لأغراض انتخابية. فقد شهدت انتخابات العام 2005 البرلمانية بروز شعارات طائفية أو فئوية أو أثنية، واستخدام صور أماكن مقدسة وشخصيات دينية بارزة، بهدف استقطاب الأصوات في بيئة مشحونة طائفيا وسياسيا آنذاك، لكن بعض المرشحين اختاروا أن يضعوا صورهم الشخصية.

الدكتور ردام حرج محمد، مدير مكتب جامعة سانت كليمنتس للتعليم المفتوح في الأنبار، قال لوكالة (أصوات العراق) إن “المرشحين بمحافظة الأنبار يستخدمون صورهم الشخصية في ملصقاتهم”.

وفسِّر ذلك بأن “ربما هذا من حق المرشحين لأنهم يسعون إلى استقطاب أبناء عشائرهم وأقاربهم، فكل عشيرة في الرمادي قدمت على حد علمي أربعة أو خمسة مرشحين، بل لدينا عشيرة تسكن بالقرب من منطقتنا، الصوفية، قدّمت 45 مرشحا”.

صور مرشحين وقوائم تترك الشوارع لتوضع تحت أقداح الشاي هرباً من التمزيق!!

قيل أن الحاجة أم الاختراع، وحاجة المرشحين في واسط في التعريف بأنفسهم أمام الناخبين دفعت بعضا منهم إلى ابتكار نوع جديد من الدعاية الانتخابية، معتمدين بذلك على مواردهم الخاصة، فمنهم من قام بطبع أنواع مختلفة من التقويم الجديد (رزنامة) ووزعه على الناخبين، فيما قام مرشحون آخرون، بطبع أسمائهم على الأقلام والحقائب والقداحات، وغير ذلك من الحاجيات لتوزيعها على الناخبين، فيما لجأ فريق آخر إلى طلاء جدران منزله الخارجية بدعايته الانتخابية، أو قام بتعليق اليافطات الخاصة به على واجهة المنزل.

وربما يعود سبب لجوء بعض المرشحين إلى هذا النوع من الدعاية، إلى تمزيق الملصقات واليافطات وصور المرشحين، التي أشعلت فتيل الاتهامات بين الكتل، أو هو أسلوب مبتكر يدل على شطارة المرشح في السعي لكسب الأصوات، مع قرب موعد إجراء الانتخابات نهاية الشهر الحالي.

هرباً من التمزيق توضع تحت اقدح الشاي

يقول المرشح علي الرومي، "أثارت انتباهي ظاهرة تمزيق الملصقات الانتخابية، ففكرت في نوع جديد من الدعاية يضمن سلامة دعاياتي، لذلك قمت بطبع كميات من الرزنامة (التقويم الميلادي لعام 2009) وبه معلومات كاملة عني ووزعته على الناخبين". بحسب نيوزماتيك.

 ويضيف الرومي "عندما وجدت إقبالا كبيرا على الهدايا الدعائية، قمت أيضا بطبع تلك المعلومات على كمية من الأقلام ووزعتها بنفس الطريقة، وكان ذلك مثار إستحسان بين الناخبين"، ويشير إلى أن "تكاليف هذه المنتجات الدعائية ربما تكون أقل من تكاليف البوسترات واللافتات، إضافة إلى أنها لا تتعرض للتمزيق أو التشويه وتكون بمثابة هدايا شخصية بسيطة".

ويرى مرشح آخر كاظم الزاملي في حديث لـ"نيوزماتيك"، أن "عملية تعليق اللافتات والبوسترات فيها الكثير من المشاكل، فهي يمكن أن تتلف نتيجة للعوامل الجوية أو تتعرض للتمزيق كما يحدث الآن، لذلك بادرت بشراء كمية من الحقائب اليدوية الصغيرة وقمت بإلصاق كارت تعريفي بسيط عليها ووزعتها على المعارف والأصدقاء".

 ويبين الزاملي أنها "أفضل أنواع الدعاية، فضلا عن أن تكاليفها المادية بسيطة، مقارنة بالبوسترات التي لابد من طبعها بألوان وبكميات كبيرة".

فيما يقول مرشح قائمة تجمع الإنقاذ المستقل، ماجد عبد الرحمن الطائي، في حديث لـ"نيوزماتيك"، إن "القائمة رأت أن يكون هناك نوع جديد من الدعاية الانتخابية لمرشحيها، إضافة إلى الدعاية الورقية المعمول بها، لذلك قمنا بطبع شعار القائمة ورقمها على قطع بلاستيكية صغيرة توضع تحت أقداح الشاي".

ويوضح الطائي أن "القائمة ربما كانت أول من قام بهذا النوع من الدعاية، والتي شجعت مرشحين آخرين على القيام بذلك أو ابتكار وسائل جديدة في الدعاية".

ويقول المرشح حسن شهد العزاوي في حديث لـ"نيوزماتيك"، "كنت أول من بدأ بلصق الصور والبوسترات مع انطلاق الدعاية الانتخابية، لكنني فوجئت في اليوم التالي بتمزيق وإتلاف القسم الأكبر منها".

ويوضح العزاوي "تصورت أنني ربما أكون مستهدفا من جهة ما تريد النيل مني، وأصبت بصدمة كبيرة" ويضيف "لكن ظاهرة تمزيق الدعاية الانتخابية شملت الكتل الأخرى حين بدأت بنشر صورها وملصقاتها، لذلك فكرت بطريقة أخرى للدعاية".

ويضيف العزاوي، "لجأت إلى طلاء السياج الخارجي لمنزلي وكتبت عليه دعايتي الانتخابية، ولفت ذلك انتباه الآخرين وفعلت الأمر في أكثر من مكان مستعينا بمنازل أقاربي وأصدقائي، ودافعي في ذلك، أن المنزل مكان معلوم يعطي فرصة كبيرة للجيران والمارة بأن صاحبه هو مرشح منطقتكم فانتخبوه".

ويقول مرشح آخر لانتخابات مجلس محافظة واسط مناضل جاسم العلاف إن "منزلي يقع على الشارع الرئيس وموقعه يتيح فرصة للمرشحين الآخرين باستغلاله لأغراض لصق البوسترات واليافطات، لذلك اضطررت إلى شغل سياجه الخارجي كله لي".

ويوضح العلاف في حديث لـ"نيوزماتيك"، "قمت كذلك بتعليق يافطات كبيرة في الطابق الثاني من المنزل وفي مكان واضح للعيان" ويرى أن "ذلك أفضل من عدة يافطات في أماكن أخرى لتكون صيدا سهلا للعبث والتشويه".

مرشحون يجمعون على ثقتهم بالناخب وعدم خضوعه لمحاولة شراء الأصوات

ووسط الحديث عن محاولة بعض القوى السياسية شراء أصوات الناخبين لتعزيز مواقفهم في الانتخابات المحلية التي تشهدها البلاد أواخر الشهر الجاري، استبعد مرشحون امكانية خضوع الشارع العراقي لمحاولات شراء الاصوات؛ لان العراقيين بدءوا يدركون اهمية الانتخابات وأثرها في تغير الخارطة السياسية للبلاد.

وقال حيدر حسين علوش المرشح عن اتحاد المستقلين العراقيين “أعتقد ان الديمقراطية فتحت الباب امام الجميع للمشاركة في الانتخابات لاختيار الافضل من خلال هذه القائمة او تلك، لكنني اعتقد ان اي محاولة غير قانونية لشراء اصوات الناخبين هي وسيلة يتبعها الفاشلون للحصول على مالا يستحقونه واعتقد ان الشعب العراقي هو اقدر من ان تنطلي عليه هكذا الاعيب”. بحسب اصوات العراق.

واضاف علوش “المستوى الذي وصل اليه الشارع العراقي بعد تجربة الانتخابات السابقة فرضت عليه ان يكون اكثر حرصا واعمق تفكيرا في عملية الاختيار وأظن ان العراقيين سيصوتون للاصلح”.

وحول ما يشاع من وجود بوادر لشراء أصوات الناخبين وهل ستساهم في التأثير على نتائج الانتخابات قال ” اعتقد ان وجدت هذه البادرة فهي على نطاق ضيق وهي بحد ذاتها تشكل خرقا لقوانين المفوضية المستقلة للانتخابات وأرى انها لن تؤثر كثيرا على نتائج الانتخابات لان الشعب العراقي اصبح واعيا وملما لما يجري من حوله”.

ومن جانبه، رأى رفعت مرهون الصفار المرشح عن القوى الديمقراطية المستقلة أن “محاولة بعض القوى السياسية شراء أصوات الناخبين تصرف غير شرعي ولا قانوني ولا اخلاقي واعتقد انه لا يتماشى مع افكار العراقيين وما يطمحون له”.

وقال، نعم ما يشاع فعلا ان هناك عمليات لشراء اصوات الناخبين لكنني اعتقد بان هذا الشيء هو فعل غير قانوني وغير ديمقراطي الا انني لم اشاهد ذلك بعيني”.

وفيما اذا كانت هذه المحاولات ستؤثر على نتائج الانتخابات، قال الصفار “نعم سيؤثر ذلك على نتائج الانتخابات لانه بحد ذاته نوعا من انواع التزوير، فبعض القوائم ترغب الناس باعطاءها كارتات شحن لهواتفهم النقالة والبعض الاخر يأخذون على الناخب اغلظ الايمان لانتخابهم”.

وأوضح “اكرر قولي بان العراقيين هم اكبر من هكذا تظليلات غير أخلاقية فهي لا تتاسب واخلاق الشارع العراقي”.

وعن الاسباب التي تحول دون مفاتحة المفوضية المستقلة للانتخابات بهذه الخروقات اشار “لا يوجد دليل مادي على هذا الخرق لكن كل الناس تتحدث عنه باستمرار ونسمع يوميا اشكال مختلفة من هذه الروايات”.

وكان رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد قال في وقت سابق ان عدد اسماء الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي، بلغ 15 مليون اسم في قوائم المفوضية في جميع محافظات العراق عدا اقليم كردستان، بينهم 700 الف مهجر، فيما بلغ عدد المرشحين 14 ألفا و431 مرشحا من ضمنهم 3,612 مرشحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 21/كانون الثاني/2009 - 23/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م