شؤون كردية: تدهور الديمقراطية بهيمنة الحزبين الرئيسيين

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تمتعَ اقليم كردستان في شمال العراق بحالة من الاستقرار الامني والسياسي منذ فترة طويلة، الامر الذي ساعد في تاهيل مؤسساته ومرافقه الحيوية بشكل جيد نسبياً.

فيما شرعنت العملية السياسية بعد التغيير للاكراد اقامة فيدرالية اقليم كردستان كخطوة ديمقراطية تهدف الى النهوض بواقع تلك المنطقة في مختلف القطاعات، حيث وفرت تلك العملية ادارة السكان المحليين للاقليم بشكل مستقل عن السلطة المركزية في بغداد.

لكن لا تزال تلك الفيدرالية الفتية تواجه الكثير من التحديات والعثرات لحداثة مؤسساتها المدنية والسياسية، حيث تشكو العديد من الشخصيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني بعض التداخلات والتناقض وسوء استخدام السلطة لدى بعض قيادي الاحزاب الحاكمة.

فيما عبرت بعض تلك الشخصيات خشيتها من تدهور الوضع الديمقراطي في الاقليم وانفراد بعض الشخصيات بالسلطة.

مؤشِرات لتراجع الديمقراطية في كردستان

مؤخرا اعلنت أربعة أحزاب انها بصدد اعداد تقرير لتقديمه الى القيادة السياسية الكردية لابداء قلقها وخشيتها من تراجع العملية الديمقراطية في الاقليم مستقبلا.

وقال القيادي زانا روستاي ان “الحزب الاشتراكي الكردستاني وحزب كادحي كردستان والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي في كردستان ستبدي في تقرير قلقها وخشيتها من تراجع العملية الديمقراطية في الاقليم مستقبلا”. بحسب أصوات العراق.

فيما اجتمع في مدينة السليمانية كل من محمد حاجي محمود رئيس الحزب الاشتراكي الكردستاني وقادر عزيز رئيس حزب كادحي كردستان وعلي بابير امير الجماعة الاسلامية وصلاح الدين بهاء الدين الامين العام للاتحاد الاسلامي في كردستان لوضع اللمسات الاخيرة على التقرير نصف السنوي حول تقييم الاوضاع في كردستان.

وبين روستاي وهو عضو في برلمان كردستان ان “التقرير يسلط الضوء على مجموعة محاور من بينها: محور العلاقات مع الحكومة الفدرالية في بغداد ومحور مكافحة الفساد ومحور تطوير العملية السياسية في اقليم كردستان العراق والمشاركة الفعالة للاحزاب السياسية في هذه التجربة”.

وأوضح ان “الاحزاب تطالب بالمشاركة الفعالة للاحزاب السياسية في كردستان وأن يكون لهم راي في القرارات السياسية وأن تجري الانتخابات في كردستان في موعدها وتطبيق مبدأ التوافق في اقليم كردستان بين المكونات السياسية والقومية والدينية”.

وأعرب روستاي عن خشيته من أن “لا تجرى الانتخابات في كردستان بمواعيدها المقررة لأن المقدمات تدل على ذلك بسبب عدم اصدار قوانين خاصة بالانتخابات”، معتبرا ذلك “تراجعا في العلمية الديمقراطية”.

وتشارك الاحزاب الكردستانية الاربعة في حكومة اقليم كردستان العراق حيث يشغل الاتحاد الاسلامي حقيبة وزارة التجارة في حكومة الاقليم بالاضافة الى وزارة للاقليم وتشغل الجماعة الاسلامية وزارة البيئة وحزب كادحي كردستان وزارة شؤون البرلمان، فيما يشغل الحزب الاشتراكي وزارة للاقليم في حكومة الاقليم.

وللاحزاب الكردستانية الاربعة مقاعد في برلمان كردستان، إذ يشغل الاتحاد الاسلامي تسعة مقاعد والجماعة الاسلامية خمسة مقاعد والحزب الاشتراكي مقعدا واحدا وحزبي كادحي كردستان مقعدا واحدا من مجموع 111 مقعدا من مقاعد البرلمان في كردستان.

مطالبات للتدقيق بأموال الحزبين الرئيسيين

كما طالبت تلك الاحزاب تأسيس هيئة للنزاهة، تقوم بإصلاحات إدارية وقانونية وسياسية، وتدقق بالموازنة المالية للعائدات والأموال التي يحصل عليها الحزبين الرئيسين، مؤكدين وجود فساد في الإقليم.

وعرض مسؤولون من الأحزاب الاربعة في مؤتمر صحفي عقد بأربيل، برنامج أحزابهم للإصلاحات في الإقليم على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.

 وأوضح القيادي في حزب الكادحين، فتاح زاخويي، في المؤتمر الصحفي، إن "برنامج الإصلاحات يطالب بإتباع الشفافية في المجالات المالية، وتحديد الموازنة وتقديمها ومناقشتها بالبرلمان"، وأضاف "كما نطالب بإجراء إصلاحات سياسية وقضائية واقتصادية وإدارية، وإتباع العمل المؤسساتي في رئاسة الإقليم والبرلمان والحكومة وفي الجهاز القضائي، واستحداث مؤسسات جديدة في مجال القضاء ومكافحة الفساد". بحسب نيوزماتيك.

وأشار زاخويي إلى أن "الأحزاب المشاركة في الحكومة والبرلمان، لا تعلم حجم الموازنة المالية لعائدات وأموال الإقليم، التي يحصل عليها الحزبين الرئيسين، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، والديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني"، مطالبا "بوضع قانون للمنح والموازنات المالية التي تحصل عليها الأحزاب والمنظمات."

وأكد زاخويي، أن "سلطات إقليم كردستان تتذرع بوجود خلافات لها مع بغداد، وبوجود أعداء خارجيين للإقليم، كسبب لعدم تنفيذ برنامج الإصلاحات" مبينا أن "تلك المبررات مرفوضة."

وقال عضو المكتب السياسي للإتحاد الإسلامي، صلاح الدين بابكر، إن "الأحزاب المجتمعة قررت عرض خطط الإصلاحات على وسائل الإعلام، بدلا من تقديمها للجهات المسؤولة، بهدف تشكيل مزيد من الضغط، على تلك الجهات لتنفيذ الإصلاحات" مؤكدا أن "من حق الناس ووسائل الإعلام، أن تعرف المشاكل والفساد في الإقليم."

وأضاف قيادي الاتحاد الإسلامي، أن "مسألة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية، ضرورة ملحة لا يمكن تأجيل تطبيقها تحت أي ذريعة أو ظرف" مشيرا إلى أن "حجم الإصلاحات التي نفذت في الأعوام الماضية، هي دون مستوى طموح الناس في الإقليم."

من جانبه طالب عضو قيادة الجماعة الإسلامية زانا سعيد، أن يكون لحزبه والأحزاب الأخرى مشاركة حقيقية وفاعلة في العملية السياسية بالإقليم"، موضحا أنها "ترفض المشاركة الهامشية والشكلية في الحكومة والبرلمان."

يذكر أن الأحزاب ذاتها قامت مطلع العام الماضي 2008 بتقديم مجموعة من المقترحات لإجراء إصلاحات للحكومة والجهات ذات العلاقة، إلا أن الحكومة لم تطبقها، بحسب عضو قيادة الجماعة الإسلامية زانا سعيد.

برلمان كردستان يقر خلال 62 جلسة 18 قانونا ويصدر خمسة قرارات

تشريعيا عقد برلمان كردستان خلال عام 2008، 62 جلسة أقر خلالها 18 قانونا وأصدر خمسة قرارات، بحسب المستشار الاعلامي لرئيس البرلمان.

وأوضح طارق جوهر، أن “البرلمان في مجمل 62 جلسة بينها ثلاث جلسات طارئة أو غير اعتيادية صادق على 18 قانونا وأصدر خمسة قرارات من أبرزها قانون العمل الصحفي الذي رفضه رئيس الاقليم عندما أثار حفيظة الأوساط الصحفية الكردية وصادقه بعد اجراء تعديلات عليه”.

وكان البرلمان الكردستاني أقر في جلسته الرابعة من الدورة الثانية للسنة الرابعة التي عقدت في الـ22 من أيلول سبتمبر الماضي قانون العمل الصحفي في الإقليم بعد تغيير عدد من المواد التي أثارت حفيظة الأوساط الصحفية والإعلامية الكردية، وصادق رئيس الاقليم مسعود البارزاني على القانون بعد اسبوعين من مصادقة البرلمان.      

وأضاف جوهر أن “من القوانين الهامة أيضا قانونا منع سوء استخدام الهواتف النقالة وديوان الرقابة المالية”.

ووفقا لجوهر، فإن “البرلمان رفض في جلسته التي عقدها في الـ23 من تموز يوليو الماضي مصادقة مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي أقره مجلس النواب العراقي”.

ويذكر ان برلمان كردستان عقد 79 جلسة خلال عام 2007 وصادق خلالها على 39 قانونا وأصدر ثلاثة قرارات. بحسب أصوات العراق.

ويبلغ عدد مقاعد برلمان كردستان 111 مقعدا، اربعون منها للاتحاد الوطني الكردستاني ومثلها للحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما حصلت الأحزاب والكيانات البرلمانية الأخرى على 31 مقعدا.

تشدد في استقدام العمال الأجانب

في الشأن الاقتصادي لم يعد اقليم كردستان العراق يرحب بالتدفق الكثيف للعمال الاجانب، بعد أن تبين أنهم باتوا ينافسون سكانه على فرص العمل. واتخذت الحكومة المحلية قراراً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، يوقف تجديد رخص الإقامة للعمال الأجانب ويمنع استقدام مزيد منهم.

ولم يلق هذا القرار ترحيباً من العمال الأجانب، ورأت عاملة أثيوبية انه «سيشكل ضربة قوية لعائلتها في بلادها»، التي تعتمد على مردود عملها الى حد بعيد».

وتوافد الآلاف من العمال الأجانب، ومعظمهم من بنغلادش والهند والصين والفيليبين وأندونيسيا وأثيوبيا والصومال، الى إقليم كردستان العراق خلال السنوات الأخيرة، من خلال شــركات متخصصة في اســتيراد اليد العاملة الأجنبية، وتعمل غالبيتهم في المتاجر الكبرى أو في المطاعم أو المنازل والفنادق كعمال خدمات.

وتعتبر ظاهرة استقدام العمال الأجانب الى إقليم كردستان، احد ابرز إفرازات النهضة الاقتصادية والعمرانية التي يشهدها، متقدماً على بقية مناطق العراق. ويتقاضى هؤلاء راتباً شهرياً يتراوح بين 100 و250 دولاراً، ويتعهد مستخدمهم بتوفير المأكل والمسكن لهم، إضافة الى التزامه دفع ثمن تذكرة سفر الى بلدانهم مرة واحدة في السنة.

ولتسهيل استيراد الأيدي العاملة الأجنبية، تأسست شركات عدة متخصصة لها ارتباطات بمثيلات لها في الإمارات والأردن ودول أخرى.

وكانت وزارة العمل في حكومة الإقليم أصدرت تعليمات حملت الرقم 1 في العام الماضي، اســتناداً الى أحكام المادة 23 من قانون العمل رقم 71 لعام 1987، توضح التزامات شركات توظيف اليد العاملة الأجنبية وواجباتها أمام وزارة العمل.

وكانت تقارير صحافية وأخرى صادرة عن منظمات تهتم بحقوق الإنسان، أفادت في أواخر العام الماضي، أن عدداً كبيراً من العمال الذين استقدموا الى كردستان، زعموا انهم خُدعوا من قبل الوسطاء الذين رتّبوا لهم إجراءات السفر إلى الإقليم والعمل فيه. وانهم ما أن وصلوا الى أراضي الإقليم، جردتهم الشركات الموظفة من جوازات سفرهم وهواتفهم، لضمان عدم عودتهم الى بلدانهم.

ونفى عضو إداري في إحدى شركات استيراد اليد العاملة الأجنبية هذه التهم في شكل قاطع، وأوضح في حديث الى «الحياة» أن «الشركات المتخصصة تتكفل بنفقات استحصال تأشيرات لدخول العمال الى إقليم كردستان وأجور النقل، إضافة الى نفقات الإقامة والمأكل، لحين تشغيلهم».

وكان وزير حقوق الإنسان في إقليم كردستان، يوسف محمد عزيز، أفاد ان بعض العمال الأجانب في الإقليم يتعرضون الى سوء المعاملة «بسبب قلة الخبرة في التعامل مع هذه الظاهرة»، وشدد أن وزارته ســتتعاون مع وزارة الشــؤون الاجــتماعية لوضع ضوابط قانونية تحكم عملهم وحقوقهم

الأسعار تواصل انخفاضها

في شأن متصل واصلت الأسعار انخفاضها في إقليم كردستان العراق خلال شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي مقارنة بما كانت عليه خلال شهر تشرين الاول الذي سبقه بمقدار 1.72% كما أشرت منظمة آسك (ASK) الأمريكية الكردية الدولية لمراقبة التضخم في الإقليم.

وجاء في التقرير الذي أصدرته المنظمة عن معدلات التضخم في إقليم كردستان العراق لشهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي أن بيانات الرقم القياسي التجميعي تشير إلى أن مجاميع الأسعار كانت قد استمرت بالانخفاض وبشكل تجميعي في الإقليم في شهر تشرين الثاني كما كان عليه الحال في شهر أيلول سبتمبر”، مبينة ان “هذا ما توضحه نتيجة التحليل التي تبين أن هناك انخفاضاً في مستويات الأسعار بمقدار 1.72% في شهر تشرين الثاني قياساً إلى شهر تشرين الأول أكتوبر الذي سبقه”.

وعزت المنظمة في تقريرها السبب في ذلك الانخفاض إلى “وجود مجاميع سلعية كثيرة مقيمة فيها الأسعار بالدولار”، منوهة إلى أنه “على الرغم من ثبات أسعار هذه السلع، إلا إن الدولار عانى من انخفاض في سعر صرفه تجاه الدينار العراقي”.

وتابعت “كما لوحظ أن هناك انخفاضا في أسعار بعض المجاميع السلعية المقيمة بالدولار الأمر الذي أدى إلى انخفاض في مستويات أسعار تلك المجاميع السلعية”، مبينة أن ذلك “قاد إلى انخفاض بالرقم القياسي للأسعار”.

وذكرت المنظمة أن سبب الانخفاض في الأسعار في مدن الإقليم “ناتج عن مجاميع المواد الغذائية والدخان والمشروبات والسلع والخدمات المتنوعة والأدوية والخدمات الطبية”، لافته إلى أنها لاحظت “ارتفاع في الأسعار الأقمشة والملابس والوقود والإنارة والنقل والمواصلات وأخيرا مجموعة الإيجارات والأدوات والسلع المنزلية”.

وأستدركت “إلا أن الانخفاض في أسعار المجموعة الأولى كان قد التهم الارتفاع  في أسعار المجموعة الثانية”، وأردفت “لهذا السبب وجدنا أن هناك انخفاضا في هذا الرقم”.

يذكر أن منظمة ئاسك ــ ASK (American Society For Kurds) هي منظمة أمريكية كردية دولية مكتبها الرئيس موجود في مدينة تالاهاسي عاصمة ولاية فلوريدا الأمريكية ولها مكتب رئيس في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، وقد تأسست ASK في عام 1997 في الولايات المتحدة الأمريكية وتعمل في الإقليم منذ عام 1999.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الثاني/2009 - 22/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م