يطرح الدكتور السيف سؤالاً ملح عن كيفية ضمان القانون لحرية المواطن
في مقاله "كيف يضمن القانون حرية المواطن؟ معتبرا ان الحرية والقانون
ليسا على طرفي نقيض لسقط احدهما الاخر, يقول “وهذا يتعارض إلى حد كبير
مع النظريات التي ترى أن القانون بطبعه قيد على الحرية.
من المفهوم أن القانون ضروري لسلامة الحياة الاجتماعية مثلما الحرية
ضرورية لانسانية الانسان. الاشكالية اذن تكمن في الموازنة بين متطلبات
هذه ومتطلبات ذاك”
فمن الضروري قبل تقييم هذا التساؤل ان نعرف هدف القانون والذي يتمثل
في حماية حقوق الاخرين, وتنظيم المعاملات الحياتية بشكل عام. لذا من
الطبيعي جدا ان يضع القانون حدود فاصلة بين التعديات والحريات مع
امتدادها.. غير ان هذا السياج الفولاذي الذي يفرضة القانون يلقى قبولا
عقلائيا تفرضه طبيعة المصالح الاجتماعية والبشرية لامة ما.
من هنا فان سؤال التوازنات بين الحرية والقانون يسبقه سؤال اخر اكثر
الحاحا عن من يضع القانون؟, وكيف يضمن هذا التوازن؟ فبملاحظة التجارب
البشرية في شتى ميادين المعرفة العلمية والعملية, نرى ميلا لجهة ما على
حساب الجهة المقابلة...كما في التجربة (الدكتاتورية او الديمقراطية
الغربية) وغيرها الامر الذي تفرضة الطبيعة البشرية في تجاذباتها
الداخلية, والخارجية كما في التوازنات والصراعات الجيوسياسية.
المشكلة في القانون الوضعي مراعاته للمصالح الحيوية لجهة او تيار او
امة على حساب فئات اخرى, دون اهتمام او شعور بقيمة الانسان, فحتى
الديمقراطية الغربية التي تنتعش فيها الحريات الفردية و...ليست معنية
بهذه الحريات مادامت لا تتعارض مع المصالح الحيوية والجيوسياسية والتي
تستلزم ظلما لفئات وتيارات اخرى.. فهذه الحرية قد تخضع للمحاكمات
والمحاسبات مثل ما حصل للمفكر الفرنسي روجية غارودي الذي كتب عن
اليهود...او كما يحصل لغيره. فالقانون الذي جرم روجية غارودي لتعرضه
للصهيونية لم يجرم المتعرضين والمهاجمين للاسلام في جميع الدول الغربية
والتي تدعي الحرية.. الحرية الفردية في الغرب يقابلها حصار ودمار
وعقوبات على دول اخرى..
من هنا فان التساؤل يبقى مفتوحا عمن يضع القانون؟ وقدرته على حفظ
التوازن بين انسانية الانسان ومستلزمات حمايته وتنظيم حياته؟ فهل
تستطيع القوانين الوضعية ان تحفظ هذا التوازن؟ انا لا اريد ان اشير
للقانون الاسلامي كصيغة سماوية مادامت تخضع للفهم البشري المتصارع؟
ومادامت لا تجد الخبير بهذا القانون والقادر على ابراز تجلياته!!
نعم يبقى اقرارنا بامكانية ايجاد صيغة قانونية تدرك قيمة الانسان,
وتعطيه هامشا من الحرية والارادة. فيا ترى من له الحق في صياغة
القانون؟ وكيف سيراعي هذه التوازنات. |