ديك تشيني.. ظل بوش الخفي والنهاية البعيدة عن الأضواء

اقوى نائب للرئيس والاكثر اثارة للجدل

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: ريتشارد بروس تشيني، ولد عام 1941، سياسي أمريكي ونائب الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، منذ عام 2001 وحتى نهاية الولاية الثانية لبوش الاسبوع المقبل.

بدايته السياسية كانت سنة 1978 عندما أنتخب كعضو في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية وايمنغ وإستمر في منصبه إلى سنة 1989. وشغل بين مارس 1989 ويناير 1993 منصب وزير الدفاع في عهد جورج بوش الأب. وعمل بين سنة 1995 و2000 كرئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون العملاقة للخدمات النفطية. اعلن مؤخراً انه ينوي الانسحاب كلياً من الحياة السياسية بعد 20 كانون الثاني/يناير والعودة الى وايومينغ (غرب) بعد ان امضى حوالى 40 عاماً في واشنطن وخدم اربعة رؤساء اميركيين.

وردا على سؤال لإذاعة "سي بي اس" حول ما اذا كان يخطط لترك المسرح السياسي كليا بعد تنصيب الرئيس المنتخب باراك اوباما اجاب تشيني "هذا ما انوي القيام به".

وقال تشيني الذي اعتبر اقوى نائب للرئيس والاكثر اثارة للجدل "وصلت قبل اربعين عاما الى واشنطن وكان من المقرر ان ابقى فيها 12 شهرا. واعتقد ان هذا الوقت كاف. افكر انه آن الاوان لشخص مثلي ان يخلي مكانه للاخرين". واضاف نائب الرئيس الاميركي الذي سيبلغ ال68 من العمر في 30 كانون الثاني/يناير انه يفكر بعدة مشاريع خلال تقاعده السياسي.

واوضح "افكر جديا بفكرة كتابة كتاب. سأمضي بعض الوقت مع عائلتي. هناك الكثير من الانهر التي يمكنني ان اصطاد فيها".

ربع الأمريكيين يقولون إن تشيني أسوأ نائب رئيس

من جهة اخرى كشف استطلاع للرأي أن ربع الأمريكيين تقريباً، يرون أن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني هو أسوأ نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

ووفق الاستطلاع الوطني الذي نفذته شبكة CNN بالتعاون مع "أوبينيون ريسيرتش غروب"، فإن 23 في المائة من العينة قالت إن تشيني هو أسوأ نائب رئيس في تاريخ البلاد، مقارنة مع أسلافه ممن شغلوا هذا المنصب.

فيما رأت نسبة 41 في المائة أن تشيني نائب رئيس سيء مقابل 34 في المائة ممن قالوا إنه نائب رئيس جيد.

ورأت نسبة 1 في المائة فقط من العينة المستطلعة، أن ديك تشيني هو الأفضل في هذا المنصب بتاريخ أمريكا.

هذا ومن المقرر أن يغادر تشيني منصبه في العشرين من الشهر المقبل، ليخلفه نائب الرئيس الجديد الديمقراطي دو بايدن.

ورغم عدم شعبيته، فإن تشيني سيغادر منصبه كأحد أقوى نواب الرؤوساء في تاريخ البلاد. فتشيني لعب دوراً أساسياً في الكثير من سياسات الإدارة الأمريكية في ظل رئاسة جورج بوش الابن، وكان مؤيداً مهماً لتوسيع صلاحيات واستخدام السلطة التنفيذية.

وقال كيتنغ هولاند مدير قسم الاستطلاع في الشبكة "مازال لتشيني العديد من الأنصار في الحزب الجمهوري، فمعظم الجمهوريين في أرجاء البلاد قالوا إن تشيني نائب رئيس جيد.. غير أن ستة من أصل 10 من المستقلين وثمانية من أصل 10 من الديمقراطيين، وضعوا تشيني في ترتيب "سيء" أو "الأسوأ" على الإطلاق."

وفي مقابلة تلفزيونية الأحد، قال تشيني إنه ليس قلقاً من استطلاعات الرأي التي تشير إلى عدم شعبيته. وقال في برنامج "فوكس نيوز صنداي": "إنني مرتاح إزاء ما بلغناه وما حققناه.. وبصراحة لا أريد أن أكون الشخص الذي يمضي معظم وقته في قراءة استطلاعات الرأي.. أظن أشخاص من هذا النوع يجب ألا يخدموا في هذه الوظائف."

تشيني: اتخذنا القرارات الصائبة حيال العراق والحرب على الإرهاب

وفي أول مقابلة تلفزيونية منذ انتخابات ينظر إليها كرفض لسياسات حقبة بوش-تشيني، دافع نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، بقوة عن القرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس جورج بوش، بشن الحرب على الإرهاب، وغزو العراق، المثير للجدل.

ورغم اعترافه بـ"الإحباط" من أخطاء التقارير الاستخباراتية حول أسلحة الدمار الشامل في العراق، إلا أن تشيني جزم خلال مقابلة مع قناة "ABC"، أن "العالم أصبح مكاناً أفضل بدون صدام."

وصرح قائلاً: "أعتقد أننا اتخذنا القرار الصائب رغم أن التقديرات الاستخباراتية الأصلية لم تكن دقيقة في بعض أهم أحكامها.. صدام كان مازال يمتلك القدرات لإنتاج أسلحة دمار شامل، ويمتلك التقنية والكوادر.. إلى  جانب التصميم، لاستئناف الإنتاج بمجرد رفع الحصار الدولي.. كان هذا عاملاً سيئاً."

ودحض تشني الانتقادات الموجهة لإدارة واشنطن بتعذيب المشتبهين بالإرهاب: "أولئك الذين يزعمون بأننا متورطين في التعذيب، أو بانتهاك الدستور أو القوانين بتبني برنامج مراقبة الإرهابيين، أقول لهم: أنتم لا تدركون عما تتحدثون."

وعرّج مدافعاً عن تقنية التعذيب المسماة "الإيهام بالإغراق"، التي حظرت حالياً، تحديداً في قضية، خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11/9 عام 2001 على الولايات المتحدة.

وجادل قائلاً: "هل أتت بالنتائج المطلوبة.. أعتقد ذلك. . خالد شيخ محمد زودنا بثروة من المعلومات.. خلال السنوات الثلاثة أو الأربعة الماضية.. قرابة نصف المعلومات التي نعرفها عن القاعدة جاءت من مصدر واحد." وأردف: "هذه جهود ناجحة على نحو رائع. وأعتقد أن النتائج تتحدث عن نفسها."

ورهن تشيني إغلاق معتقل غوانتانامو العسكري بإنتهاء الحرب على الإرهاب، مضيفاً: "ماذا سنفعل بالسجناء هناك.. إذا اطلقنا سراح من لا يتوجب الإفراج عنهم سيعودون إلى ساحات القتال، وإذا ادخلناهم الولايات المتحدة سيكتسبون تلقائياً حقوقاً قانونية محددة ومسؤوليات، الأمر الذي لن يحدث طالما ظلوا في غوانتانامو."

تشيني يدافع عن قناعة عن حصيلة مكافحة الارهاب في عهد بوش

واستمر تشيني مدافعاً بقوة عن حصيلة عمليات مكافحة الارهاب التي نفذتها ادارة الرئيس جورج بوش لحماية الولايات المتحدة وبدا متشككاً في بقاء زعيم القاعدة اسامة بن لادن على قيد الحياة.

وقال تشيني في مقابلة مع قناة فوكس نيوز "انا فخور بالعديد من الاشياء التي قمنا بها في هذه الادارة واعتقد ان التاريخ سيحكم لصالحنا".واضاف نائب الرئيس "اعتقد ان حماية الامة من اعتداءات جديدة للقاعدة لمدة سبع سنوات ونصف السنة يشكل نجاحا لافتا".

وتابع تشيني الذي لا يحظى بشعبية بين الاميركيين حيث لا يؤيده الا 29 بالمئة منهم بحسب استطلاعات الراي "انا مرتاح جدا لحصيلتنا ولما انجزناه".

وحول موضوع معتقل غواتانامو ومعاملة معتقليه المثير للجدل دافع تشيني الذي يعد احد آخر رموز المحافظين الجدد الذي يشغل منصبا رفيعا في البيت الابيض مجددا عن عمل الادارة الاميركية مشيرا الى معسكرات اعتقال المساجين الالمان خلال الحرب العالمية الثانية وذلك في سياق تأكيد الحق في احتجاز اعداء "حتى نهاية النزاع".

وقال ان هجوم 11 ايلول/سبتمبر "كان عملا حربيا ضد الولايات المتحدة ما جعل من المبرر اللجوء الى كافة الوسائل المتاحة". واضاف تشيني "لجهة حقوق هؤلاء المعتقلين فانهم ليسوا خاضعين لاتفاقية جنيف لانهم مقاتلين غير شرعيين".

ورد بالايجاب من غير تردد حين سئل هل ان كافة الاعمال المثيرة للجدل مثل طرق الاستجواب والاعتقالات وعمليات المراقبة انقذت ارواحا.

هيئة محلَّفين توجه الاتهام الى تشيني وجونزاليس

من جهة ثانية وجهت هيئة محلفين عليا في جنوب تكساس الاتهام الى نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني ووزير العدل السابق البرتو جونزاليس بارتكاب "أنشطة اجرامية منظمة" تتعلق بمزاعم باساءة معاملة سجناء في سجون خاصة. ولم تعرض لائحة الاتهام على قاض يجوز له ان يرفضها.

وقالت هيئة المحلفين العليا في مقاطعة ويلاسي بمنطقة ريو جراند فالي بالقرب من الحدود الامريكية المكسيكية ان تشيني "يتربح من حرمان البشر من حريتهم"، كما ورد في نسخة من لائحة الاتهام التي حصلت عليها رويترز.

وتشير لائحة الاتهام الى "اثار اموال" لملكية تشيني مشروعات لها علاقة بالسجون تشمل شركة فان جارد جروب التي تمتلك حصة في سجون خاصة في جنوب تكساس.

وقالت لائحة الاتهام ان وزير العدل جونزاليس استخدم منصبه "لوقف التحقيقات في ارتكاب اخطاء" في اعتداءات في سجون المقاطعة. وامتنع مكتب تشيني عن التعقيب.

وقالت ميجان ميتشيل المتحدثة باسم تشيني "لم نتلق أي لوائح اتهام. ولا يمكنني التعقيب على شيء لم نتسلمه."

وتشير لائحة الاتهام التي اطلع عليها ممثل الادعاء في المقاطعة خوان جويرا الى قضية جريجوريو دي لا روزا الذي توفى يوم 26 ابريل نيسان 2001 داخل سجن خاص في مقاطعة ويلاسي.

وكتبت هيئة المحلفين العليا انها اتخذت قرارها "بحزن بالغ" لكنها قالت انها لم يكن لديها خيار غير توجيه الاتهام الى تشيني وجونزاليس "لاننا نحب بلدنا".

تقديم شكوى للحفاظ على ملفات تشيني

وقدم عدد من المؤرخين مع مجموعة مراقبة شكوى الى المحكمة الفدرالية في واشنطن للحفاظ على ملفات نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني بعد خروجه من البيت الابيض في كانون الثاني/يناير. بحسب فرانس برس.

ويستند مقدمو الشكوى في مسعاهم الى الاهمية التاريخية لهذه الوثائق المتراكمة منذ ثماني سنوات والمتعلقة بجميع المسائل السياسية الاميركية منذ 2001.

ويخشى المؤرخون والناشطون ان يقدم تشيني الذي يعتبره البعض اشد نواب الرؤساء نفوذا في تاريخ الولايات المتحدة ومسؤولا عن العديد من السياسات المثيرة للجدل التي اتبعتها ادارة الرئيس جورج بوش على تدمير ملفات من مكتبه عند انتقال المنصب الى خلفه.

وقالت آن وايزمان المسؤولة عن قسم المسائل القانونية في مجموعة "مواطنون من اجل المسؤولية والاصول الاخلاقية في واشنطن" (كرو) خلال مؤتمر صحافي عبر الدائرة التلفونية "ما نطلبه من المحكمة هو اصدار امر حفاظ يلزم نائب الرئيس تشيني بالحفاظ على جميع ملفاته" في انتظار صدور قرار عن الكونغرس الذي سينبثق عن الانتخابات المقبلة.

وقالت ميلاني سلون مديرة كرو "ان ملايين الرسائل الالكترونية بين 2003 و2005 اختفت" مذكرة بان تشيني كان يرفض تقديم اي وثيقة الى المحفوظات الوطنية بحجة ان نائب الرئيس "لا ينتمي الى الجهاز التنفيذي" الاميركي.

وشددت على وجوب تمكين "الاجيال المقبلة من درس وفهم الاحداث والسياسات خلال ولاية بوش ومعرفة ما كانت عليه".

واصدر الكونغرس اثر فضيحة ووترغيت عام 1978 حيث اقدم الرئيس ريتشارد نيكسون على تدمير العديد من الوثائق قانونا يلزم كبار ممثلي الدولة بالحفاظ على جميع وثائقهم للاجيال المقبلة. غير ان تشيني ومكتبه اعلنا مرارا ان منصب نائب الرئيس غير معني بهذا القانون.

قاضية تأمر بالمحافظة على سجلات تشيني وحق الإطلاع عليها

وفي تطور لاحق طالبت قاضية فيدرالية نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، بالمحافظة على عدد كبير من السجلات المتعلقة بفترة وجوده في منصبه، وذلك خلال الحكم الذي أصدره لمصلحة إحدى الجماعات الحقوقية الخاصة.

ووجدت القاضية كولين كولار- كوتللي أنه بموجب قانون السجلات الرئاسية، فإن سجلات نائب الرئيس غير مستثناة من الحفظ والوقاية، ذلك أن القانون يمنح "الأرشيف الوطني" مسؤولية حق حماية وحفظ السجلات عند نهاية فترة ولاية الرئيس، وكذلك إمكانية الوصول إليها في أي وقت. بحسب سي ان ان.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش قد سعت إلى الوصول إلى تفسير ضيق للقانون بحيث يسمح للأرشيف الوطني حفظ عدد محدود فقط من المواد.

وقالت القاضية: "إن المتهمين مستعدون فقط للموافقة على أمر حمائي بتتبع تفسيرهم الضيق للغة قانون السجلات الرئاسية"، مضيفة أن هذا الموقف "أثار قلق المحكمة" حيال عدم حفظ بعض السجلات من دون أمر قضائي.

ومن بين المتهمين الذين وردت أسماءهم في القضية، تشيني والمكتب التنفيذي للرئيس، والأرشيف الوطني، وإدارة السجلات.

وكانت منظمة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق"، في واشنطن، قد رفعت قضية تطالب بموجبها بالمحافظة على السجلات الرئاسية، وإفساح المجال أمام المواطنين للوصول إليها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/كانون الثاني/2009 - 15/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م