الحرب في غزة: تعزيز لموقف إيران وصعوبة مهمة أوباما

حلفاء امريكا في المنطقة في موقف اتهام وتخاذل

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يرى محللون ان الهجوم الاسرائيلي على حركة حماس في غزة دعم حتى الان الجبهة الايرانية ووضع تحديات اضافية امام الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما. فقبل سنة تقريبا أحيى الرئيس الامريكي جورج بوش الامال في تحجيم نفوذ ايران في المنطقة عبر احياء عملية السلام الاسرائيلية-الفلسطينية خلال مؤتمر انابوليس في الولايات المتحدة. لكن الهجوم الاسرائيلي المستمر منذ أسبوع عزز الموقف السياسي لحماس الموالية لايران وأضعف موقف السلطة الفلسطينية التي تلقى دعم الامريكيين وتتفاوض مع اسرائيل، على ما يرى محللون ويشدد آخرون غيرهم على وجود خاسرين آخَرين في المنطقة.

فمصر والاردن وهما حليفان للولايات المتحدة والدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان ابرمتا السلام مع اسرائيل تجدان نفسيهما في موقع دفاعي، بسبب الحملات التي تتعرضان لها من قبل دول عربية اخرى ومجموعات متشددة والرأي العام الذي يتهمهما بعدم التحرك لوقف اسرائيل او حثّها والضغط عليها من اجل ذلك.

وقال عمرو حمزاوي المحلل لدى "كارنيغي اندوامنت اوف انترناشونال بيس" ان "المعسكر المتمحور حول ايران سورية وحزب الله وحماس لديه المزيد من النفوذ حاليا بسبب ما يحصل في الشارع العربي".

لكن حمزاوي الذي كان يتحدث في لقاء مع صحافيين عبر الهاتف اضاف ان مصر وتركيا حليفة الولايات المتحدة كذلك لا يزال بامكانهما تغيير هذا الميل في حال نجحتا في التوصل الى وقف اطلاق نار "دائم" وهو امر تدعمه الولايات المتحدة. واشار حمزاوي الى ان حركة حماس لم ترفض وقف اطلاق النار.

وشدد على ان المنطقة مقسمة بشكل واضح مجددا الى معسكر موال لايران وآخر موال للولايات المتحدة مع اتهام مصر والاردن والمملكة العربية السعودية لحماس بخدمة مصالح ايران الشيعية والدولة غير العربية.

اما ناتان براون الذي تحدث خلال المؤتمر ذاته عبر الهاتف مع زملائه في مؤسسة كارنغي فقال ان اعلان اسرائيل للنصر سيكون اسهل عليها مقارنة بالحرب مع حزب الله في لبنان العام 2006 لانها حددت اهدافا ادنى بالنسبة للعملية الحالية. بحسب فرانس برس.

واعلنت اسرائيل رسميا انها تريد وقف اطلاق الصواريخ من قبل حماس على الاراضي الاسرائيلية وليس الاطاحة بحماس التي سيطرت على قطاع غزة بالقوة في يونيو 2007.

وفي الاطار ذاته يقول براون انه سيكون من الصعب على حركة حماس القول انها "صدت" الهجوم الاسرائيلي.

وقال ديفيد شينكر من مؤسسة "واشنطن ايسنتيتوت فور نير ايست بيس" انه يتوقع ان تطلب ايران من حزب الله الامتناع عن خوض حرب جديدة مع اسرائيل كما حصل في 2006 اقله طالما لم تبدأ اسرائيل بهجوم بري على قطاع غزة.

وكتب في مقال نشره موقع المؤسسة الالكتروني ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "سيستمر في انتقاد دول عربية مقربة من الغرب مثل الاردن ومصر واحراجها ويقول انها متواطئة لفرض شروط الاستسلام على المقاومين للمشروع الامريكي-الصهيوني".

واضاف شينكر "من خلال اثارة الاضطرابات المدنية في هذه الدول يحشد نصر الله الدعم لحماس ويقوض حلفاء واشنطن ويؤكد دوره الاقليمي الكبير".

ما أهداف استراتيجية إيران الحقيقية في غزة؟ 

وفي نفس السياق التحليلي لحرب غزة كتب المحلل بوزو دراغاي، مقالاً في صحيفة  لوس انجلس تايمز، جاء فيه: للتعبير عن شعورهم بالغضب مما يجري في غزة، اقتحم طلاب ايرانيون مجمع السفارة البريطانية في طهران، مزقوا العلم البريطاني ثم رفعوا في مكانه العلم الفلسطيني.

وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس محمود احمدي نجاد يدعو لمحاكمة زعماء اسرائيل غيابيا، كانت هناك مجموعة دينية ايرانية تسجل اسماء متطوعين للقيام بعمليات انتحارية ضد الاسرائيليين بينما اقترح ضابط ايراني كبير القيام برد عسكري اسلامي على الهجوم الاسرائيلي المستمر في غزة ضد حركة حماس.

وبهذا تكون جمهورية ايران الاسلامية قد اخذت زمام القيادة في التعبير عن معارضتها للعملية العسكرية الاسرائيلية تلك.

غير ان هذا الاستعراض الجماهيري العنيف يستهدف بشكل رئيسي، كما يقول المحللون، مؤيدي الحكومة المتشددين في ايران الذين يسعى المسؤولون لكسب تأييدهم قبل انتخابات الرئاسة الايرانية في يونيو المقبل.

لكن من الواضح ان هذه المناورات والاحتجاجات الاستعراضية سلاح ذو حدين لأنها تعزز الانطباع السائد في اسرائيل، الولايات المتحدة واجزاء عدة من العالم العربي بأن هناك حلقات اتصال بين ايران وحماس، المجموعة الفلسطينية المسلحة التي سيطرت على غزة عسكريا في منتصف عام 2007.

وأضاف الكاتب دراغاي، لذا لم يكن مستغربا ان وصف الزعماء الاسرائيليون وحلفاؤهم الامريكيون القتال ضد حماس كصراع ضد مجموعة تعمل بالوكالة عن ايران، وتستخدم صواريخ ايرانية تصل الى داخل الدولة اليهودية. فقد وصف رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق بنجامين نتانياهو حماس خلال مقابلة مع شبكة اخبار »سي.بي.اس« بأنها »قاعدة ارهابية« لإيران قرب اسرائيل.

وابلغ جون بولتون، سفير ادارة بوش سابقا في الامم المتحدة، ابلغ شبكة »فوكس« الاخبارية ان ايران، التي هي واحدة من ممولي حماس الرئيسين، دأبت على تزويدها منذ سنوات بالسلاح والمعدات، ووفرت لعناصرها التدريب مما يشير الى مدى ما وصلت اليه ايران من قوة في العالم العربي.

بيد ان ردود ايران على الهجوم الاسرائيلي في غزة تتسم بمظاهر مسرحية ولا تشكل تهديدا برأي المحللين، وذلك لأن غايتها الرئيسة هي تعزيزقوة انصار الخط المتشدد في طهران وليس التمهيد لمواجهة عسكرية من نوع ما مع اسرائيل. فقد استبعد حتى حليفها الرئيسي في لبنان حزب الله القيام بأي تدخل عسكري لمساعدة حماس، وكان قائد ايران الاعلى علي خامنئي حذرا في الدفاع عن الغزاويين، حيث فعل ذلك دون ان يدعو لقتل الاسرائيليين.

بل حتى الفكرة الخطيرة التي تدعو لرد عسكري لم يقدمها ضابط كبير مسؤول عن قوات ايران البحرية والجوية والبرية، بل تحدث عنها ضابط مسؤول عن الاحتفالات السنوية المخصصة للثناء على اعمال اولئك الذين خاضوا الحرب العراقية - الايرانية في الثمانينيات وماتوا فيها.

وتابع الكاتب دراغاي، في معرض تعليقه على ردود الفعل الايرانية، يقول شهرام خولدي الباحث في جامعة مانشستر في بريطانيا: انهم يعبئون قاعدة قوتهم تمهيدا لمواجهة المسائل الرئيسة في حملة الرئاسة. ولا شك ان اعراب ايران عن معارضتها للهجوم الاسرائيلي على غزة، يساعدها ايضا في جذب المتشددين الاسلاميين في العالم العربي اليها.

يقول مائير جافيدانفار، خبير الشؤون الايرانية في القدس: تريد ايران ان تتولى زعامة العالم الاسلامي، ويرى خامنئي ان غالبية سكان هذا العاام تشعر بالغضب مما يجري في غزة، وهو على صواب في هذا بالطبع. لذا هو يحاول ان يكون ممثلا عن هؤلاء لإدراكه ان صمت الحكومات الاسلامية لا يعبر عن رغبات وتطلعات شعوبها.

على أي حال، يرى بعض المراقبين ان مواقف ايران من الاحداث الاخيرة ليست مثمرة بل وتنطوي على خطورة. فقد اقدمت مجموعات متشددة في طهران على نهب فرع تجاري لشركة »بينيتون« التي هي واحدة من الشركات الدولية القليلة العاملة في ايران اليوم.

ويبدو ان انتقادات المسؤولين الايرانيين الحادة لمصر التي تجاور غزة جعلت حكومة القاهرة اكثر تشددا في موقفها من حماس، وابعدت طهران اكثر عن دولة عربية مهمة.

وبصرف النظر اخيرا عما اذا كانت استراتيجية ايران في غزة قد حققت لها بعض النقاط على المسرح الدولي، من الواضح ان الهجوم الاسرائيلي على المدينة كان بمثابة هدية للرئيس احمدي نجاد ودائرة حلفائه المتشددين، فقد انتهز هذه الفرصة وسلم رئيس البرلمان الايراني مشروع قانون لالغاء الدعم الحكومي المستمر منذ وقت طويل على اسعار الوقود والكهرباء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/كانون الثاني/2009 - 9/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م