2008 في العراق: عام الأمن لكنه أيضاً عام الفساد وتردي الخدمات

آراء متباينة تصب باتجاه عدم الرضا بشكل عام

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي استعرض فيه مسؤولون في مجلس محافظة بغداد وامانة العاصمة الجانب الخدمي في العاصمة، قال مواطنون إن مستوى انجاز المشاريع الخدمية لعام 2008 لم يصل الى مستوى الطموح بسبب الفساد الاداري الذي لم ينكر المسؤولون تفشيه في بعض المفاصل.

كما انتقد مواطنون من محافظات عراقية مختلفة الواقع الخدمي في مدنهم عام 2008، فيما ذكر مسؤولون محليون أن هناك مشاريع كثيرة أنجزت، لكنها  تبقى دون مستوى الطموح لأسباب تنوعت بين التخصيصات المالية وتلكؤ المشاريع ومعوقات إدارية وفنية. 

وقالت عضو مجلس محافظة بغداد انعام صالح سريان “إن المجلس أوعز لأمانة بغداد بتنفيذ أكثر من 25 مشروعاً إستراتيجياً عملاقاً، ومئات المشاريع المتوسطة والصغيرة بعد أن خُصص لها مليار دولار واضافت ان المشاريع “تضمنت تنفيذ مشاريع لإنشاء خطوط الصرف الصحي في بغداد مساندة للخطوط القديمة بسبب معاناة المدينة من قدم شبكات المجاري”.

وكشفت سريان عن “العمل بمشروعين جديدين في جانب الرصافة، هما القدس والخنساء، وبلغت كلفة المشروع الاول القدس الذي بطول اربعة كيلو مترات، 63 مليار دينار، بمدة لا تزيد على أربع سنوات والخنساء الذي يبلغ طوله 17 كيلومتراً، بكلفة 97 مليار دينار”، مشيرة إلى أنه “في حالة انجاز هذين المشروعين، سيتم تغطية نسبة 95 % من الصرف الصحي في بغداد”.

وفي جانب مياه الشرب اوضحت سريان ان “المجلس ينفذ الان مشروع ماء الرصافة الكبير بطاقة انتاجية تصل الى 910 متر في اليوم وبكلفة اكثر من مليار دينار عراقي، اضافة الى أنجاز 40% من مشروع خزانات مياه الشرب الارضية ومشروع تصفية المياه”. بحسب تقرير لـ اصوات العراق.

وعن سبب عدم لمس المواطن المشاريع التي تنفذ من قبل امانة بغداد او مجلس المحافظة لحد الان رغم مرور خمسة اعوام على التغيير، ذكرت سريان ان “مجلس محافظة بغداد ينفذ الان مشاريع ستراتيجية كبيرة لا يمكن ان يلمسها المواطن في ليلة وضحاها”، فضلا عن “وجود الفساد والمفسدين في بعض دوائرنا الحكومية التي تعيق تقديم الخدمات او تكون السبب في رداءتها”.

وحول التعاقدات التي ابرمها المجلس نهاية العام الحالي للارتقاء بواقع تقديم الخدمات، قالت عضو مجلس بغداد إن “المجلس يعمل على تنفيذ معملين لفرز النفايات في منطقتي التاجيات وكسرة وعطش ولديه عقد لتجهيز ماكنة تكسير الانقاض و50 شافطة مجاري و30 كابسة شوارع وعشرة خباطات كونكريتية و30 تنكراً للماء والوقود، اضافة الى 100 شافطة ماء ومجاري”.

الى جانب ذلك اشارت الى ان مجلس محافظة بغداد “أوعز للمجالس البلدية في قاطعي الكرخ والرصافة بارسال اسماء متعهدين من المقاولين لاستلام المولدت الكهربائية التي استوردها المجلس لمدينة بغداد لتجهيز المواطنين بالطاقة بسعر رمزي”.

من جهتها شككت المواطنة بتول كاظم، 45 عاماً، من سكنة الرصافة في بغداد بتصريحات المسؤولين القائمين على تقديم الخدمات بقولها لـ(أصوات العراق) إنه “بعد انتظار ممل وشاق وطويل مثقل بالهموم والوعود والتصريحات الرنانة لتحسين الخدمات وتطويرها والمبالغ الطائلة للمشاريع المزعومة التي تتداولها الاجهزة المرئية والمسموعة والمقروءة ، لا نزال نعاني من افتقار التنعم بالخدمات الاساسية والضرورية”، رغم التحسن الطفيف في بعض الجوانب”.

واضافت ان “الحجج والمبررات كانت دائماً طازجة وجاهزة تحت ذرائع الاعمال المسلحة وتردي الوضع الامني، في حين يتم تجاهل الفساد الاداري والمالي يسيطر على الكثير من مفاصل الدولة وبالاخص الخدمية منها”.

مواطنون ينتقدون ضعف الخدمات ومسؤولون يعتبرونها دون الطموح

كما انتقد مواطنون من محافظات عراقية مختلفة الواقع الخدمي في مدنهم عام 2008 ، فيما ذكر مسؤولون محليون أن هناك مشاريع كثيرة أنجزت، لكنها  تبقى دون مستوى الطموح لأسباب تنوعت بين التخصيصات المالية وتلكؤ المشاريع ومعوقات إدارية وفنية. 

في محافظة ذي قار (385كم جنوب العاصمة بغداد)  قال عضو مجلس المحافظة ثجيل كريم لـ أصوات العراق إن “الخدمات التي نفذت في المحافظة هذه السنة  ليست قليلة، لكنها غير كافية سواء في مجال الكهرباء والماء والمجاري والبلديات بسبب عدم وجود التنسيق  بين هذه الدوائر مما اثر ذلك سلبا بين هذه الدوائر.”

وأضاف “لا نقول إن نسب الإنجاز التي تحققت للمواطن 100%، لكن المدينة لازالت بحاجة إلى الكثير من الخدمات .”

وزاد” لو نظرنا على سبيل المثال إلى نسبة إنجاز المجاري بداية هذا العام نجدها 6% لكن هذه النسبة بدأت بالتصاعد، وحققت نجاحا كبيرا كذلك بالنسبة لباقي الخدمات التي يحتاجها المواطن مثل الماء والكهرباء والبلديات وغيرها من الخدمات الأخرى.”

وتابع” إننا ندعو المسؤولين في الحكومة إلى رصد مبالغ خاصة وكافية لهذه الخدمات، فضلا عن خبرات إضافية  لكي نجعل المواطن يشعر بالإنجازات التي تحققت، لان المدينة معدومة تماما والخراب فيها ظاهر للعيان من هذه الناحية منذ الأزمنة الماضية، لكن الكثير تحقق بفضل الجهود التي يبذلها المسؤولون في المحافظة.”

المواطن لطيف غجيري من مدينة الصدر شمال الناصرية يقول ان “الخدمات التي قدمت من قبل المسؤولين في المحافظة لم تكن مدروسة مسبقا.” مبينا ان هناك مشاريع تنفذ في مناطق دون مناطق أخرى مما أبقاها مهملة وتفتقر لأبسط الخدمات مثل مدينة الصدر وحي الشهداء واريدو وغيرها.”

وتقول المواطنة نجاة عبد الكريم  ” أنا من منطقة حي اريدو وان المنطقة التي اسكن فيها لم تطلها عمليات الاعمار، الطرق فيها غير معبدة، والمجاري كذلك، وان البرك والمياه الآسنة تملئ أحياء المنطقة وهناك جهود بلدية متواضعة لمعالجة هذه المشاكل.”

وفي محافظة ميسان (390كم جنوب العاصمة بغداد) يقول المواطن عبد الحسين محمد المحمداوي، 55عاما، إن “معظم أعضاء مجلس محافظة ميسان هم قليلي الخبرة ولهذا كان أداؤهم ضعيفا نوعا ما إذ انشغلوا بموضوع الإقالات الخاصة بمدراء الدوائر الخدمية والأمنية وعدم اختيار بدلاء أكفاء بدلا عنهم”.

وأضاف أن” هذا الأمر أدى إلى ضعف في الخدمات المقدمة للمواطن في قطاعات مهمة ومنها البلديات والماء وغيرها من الخدمات الأخرى”.

وحول تلكؤ المشاريع المنفذة في المحافظة أوضح أن” المجلس لم تكن لديه اي خطة واضحة في إنشاء المشاريع، إذ اعتمد على تخصيصات مشاريع تنمية الأقاليم في تنفيذ مشاريع كبيرة وبالتالي حرمان قطاعات أخرى مهمة.”

فيما اعتبر المواطن جاسم محمد ( 45) عاما، معلم، أن” أداء  المجلس كان جيدا  لامتلاك أعضائه روحية الشباب وإصدارهم قرارات جريئة بإعفاء بعض مدراء الدوائر من مناصبهم لضعف أداءهم وبالتالي القضاء على  حالة الفساد الإداري المنتشرة في بعض دوائر المحافظة”.

وفي كربلاء التي تبعد 110كم جنوب غرب بغداد، تفاوتت قناعة المواطنين بما قدم لهم من خدمات خلال عام 2008، فمنهم من يراها عديمة الفائدة ولم تقدم شيئا، ومنهم من يرى أن هناك مشاريع خدمية نفذت في المدينة الا إن التنفيذ لم يكن بالمستوى المطلوب، فيما يرى المسؤولون أن المشاريع التي نفذت في كربلاء لم تشهد مثيلا لها طوال تاريخها الحديث.

يقول المواطن احمد مهدي (41سنة ) “لم تكن الخدمات بالشكل المطلوب بل ما نراه لا يتعدى عن كونه ذر الرماد في العيون”

وأضاف “كربلاء ومنذ خمس سنوات لم تتغير وما زالت شوارعها عبارة عن مطبات وأتربة ومزابل وكأنها ليست المدينة السياحية التي أطلق عليها عاصمة السياحة الدينية”.

فيما قال المواطن احمد  الطائي موظف(45سنة)”هناك مشاريع خدمية كثيرة نراها وهذه حقيقة ولكن ما يعيب هذه المشاريع إنها لا تنفذ وفق المعايير الهندسية أو الاولويات بل اعتقد إنها تنفذ لمجرد التنفيذ.

في حين عبر المواطن مصطفى خالد خريج عاطل عن العمل (30 سنة ) عن اعتقاده إن”ما شهدته كربلاء من مشاريع اكبر من طاقتها لذلك فان العدد لم يأت بالنوع وربما الكم ساهم في تردي الخدمات على حساب النوع”

وأضاف “السبب الرئيس هو عدم وجود تخطيط علمي للمشاريع وسرعة في بدء التنفيذ لان الجميع يريد أن يعمل وبالتالي فان ما نفذ في المدينة لا يرتقي إلى ما يطمح إليه المواطن.

من جانبه، قال رئيس مجلس محافظة كربلاء عبد العال الياسري “خلال عامين نفذ في كربلاء نحو 440 مشروعا وهذا العدد من المشاريع يعني إن المدينة لم تزل بحاجة إلى مشاريع أخرى.”

وأضاف أن “المدينة كانت تسبح على بركة من الإهمال والمطلوب أن نزيل البركة بمشاريع البنى التحتية” الا انه اعترف بوجود إخفاقات عزاها إلى أسباب متعددة منها “البيروقراطية القديمة وقلة وجود المقاولين الذين يمتلكون موارد مالية كافية.”

واستدرك الياسري “على الرغم من ذلك الا أنها شهدت العديد من المشاريع المهمة مثل مد ما يقارب 300 كم من شبكات المجاري إلى اعمار أكثر من 300 مدرسة .” لافتا إلى إن “سبب التأخر في إنجاز بعض تلك المشاريع يعود إلى حالة عدم الاستقرار الأمني الذي كانت تعيشه مدينة كربلاء بعد سقوط النظام “مؤكدا على إن ” المدينة تحتاج إلى الكثير من المشاريع كونها كانت مهملة من النظام البائد.”

وفي أقصى جنوب العراق في محافظة البصرة يقول الدكتور عادل الثامري، وهو أستاذ في جامعة البصرة، انه  “على الرغم من المبالغ الطائلة المخصصة لأعمار محافظة البصرة من ميزانية تنمية الأقاليم وكذلك من الميزانية الاستثمارية والتكميلية، لكننا لم نلمس أي تقدم في الخدمات المقدمة لأبناء هذه المحافظة “.

وأضاف أن “السبب في هذا يرجع إلى عدم قدرة مجلس المحافظة والدوائر الحكومية على مواكبة التطورات الخاصة بالعمل والإدارة “. مشيرا إلى أن الفساد الإداري يعد ركنا أساسيا في هذا النهج، فضلا عن إحالة المشاريع إلى مقاولين وشركات غير مؤهلة، إضافة إلى سوء الرقابة التي يمارسها المجلس وكوادر المحافظة”.

ويشاركه الرأي المواطن جبار حميد، موظف، بقوله أن “الخدمات  على العموم سيئة جدا وعلى رأسها الطاقة الكهربائية وجميع البنى التحتية لأن الأعمال فيها اعتباطية”

وأضاف أن ما “يتردد عن نسبة 70 % من مشاريع الأعمار  لا أدري هل هي كذبة أم ضحك على الذقون “. معللا قوله بانه “ليس هناك ما هو منظور”.

فيما قال رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة البصرة مناضل عبد خنجر أن المواطن البصري “يلاحظ مدى تطور الجانب الخدمي في البصرة  نتيجة اعمار عامي 2007 و 2008″.

وأضاف “ما هو مقدم هو أقصى ما يستطيع مجلس المحافظة والمحافظة تقديمه ارتباطا بحجم التخصيصات المالية المقدمة الى المحافظة “. مستدركا ولو كانت التخصيصات أكثر وضمن استحقاقات مدينة كالبصرة لكانت الخدمات أفضل بكثير.”

وأوضح أن مستوى الأداء “مرتبط بأداء الشركات المحلية وعدم قدرة الشركات الأجنبية للقدوم والمساهمة في هذه المشاريع بسبب الوضع الأمني كما هو معروف”.

وكشف خنجر في أن في بعض المشاريع المهمة وخصوصا قطاع المجاري “طالبنا الحكومة بمنحنا فرصة لاستقدام شركات أجنبية وخصوصا بعض الشركات الهندية التي نفذت بعض المشاريع للتعاقد معها مباشرة”

 أما في محافظة ديالى (53كم شمال شرق العاصمة بغداد) قال نائب محافظ ديالى عوف رحومي أنه تم إكمال صرف قرابة ثلث المبالغ المخصصة للمشاريع الخدمية داخل الاقضية الخمسة  للمحافظة ضمن ميزانية 2008 ، مشيرا إلى أنها لا توازي مستوى الطموح.

وأوضح لـ أصوات العراق أن “نسبة إنجاز المشاريع ليس بمستوى الطموح بسبب تردي الواقع الخدمي للمحافظة وعدم تنفيذ أية مشاريع مركزية خلال العام الجاري بالرغم من تحسن الوضع الأمني بعد انطلاق بشائر الخير في الثامن والعشرين من تموز 2008

وبين أن “هنالك خلل كبير في آلية صرف المبالغ وذلك بعد أن تم تخصيص جزء كبير من مبالغ الميزانية على المجالس البلدية داخل المحافظة لينعكس ذلك سلبا على الواقع الخدمي، لا سيما وان اغب المجالس البلدية لم تستطيع إنجاز أية مشاريع عملاقة أو مركزية بالتعاون مع الوزارات المختصة وقيامها بصرف الأموال على المشاريع الصغيرة التي لم تسهم في تحسن واقع الخدمات.”

وقال ان الإدارة المحلية تلقت وعودا وتطمينات من وزارتي المالية التخطيط تتضمن السماح بتدوير المبالغ الفائضة من ميزانية 2008 والبالغة 240 مليار دينار تضاف إلى ميزانية 2009 بالرغم من قرار مجلس الاعمار بسحب جميع المبالغ الفائضة للمحافظات الآمنة نهاية العام الجاري وتسليمها الى خزينة الدولة

وأضاف أن “السلطة التنفيذية للمحافظة تتحمل الجزء الأكبر من الإهمال الذي يعانيه القطاع الخدمي بسبب عدم استثمار الاموال في مشاريع حيوية مهمة.

من جانبه، أكد رئيس المجلس البلدي لناحية السلام، ساجد عبد الامير ” انعدام المشاريع الخدمية في جميع مناطق ديالى منذ قرابة ربع قرن.” مبينا أن محافظة ديالى “لم تشهد إنجاز أية مشاريع خدمية كبيرة منذ منتصف الثمانينات عندما تم إنشاء مستشفى بعقوبة العام وسط مدينة بعقوبة.”

وقال مصطفى ابراهيم (مهندس في مديرية مجاري ديالى) “تعاني اغلب مناطق المحافظة من تردي كبير في قطاع الخدمات ومنها مشكلة مجاري المياه، لا سيما خلال فصل الشتاء وان نسبة المناطق المشمولة بخدمات المجاري لا تتجاوز 10% من مناطق ديالى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الثاني/2009 - 8/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م