استعادة السيادة: القوات الأمريكية تحت سلطة العراق لأول مرة

القوات البريطانية اصبحت تحت طائلة القضاء العراقي

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: أصبح الجيش الامريكي في العراق تحت السلطة العراقية ولأول مرة منذ الغزو الامريكي عام 2003 الذي اسقط صدام، في خطوة على درب شاق لاستعادة البلاد سيادتها بعد سنوات من الحرب.

وكانت القوات الامريكية في العراق وقوامها الان أكثر من 140 الف جندي تعمل بموجب تفويض من مجلس الامن التابع للامم المتحدة انتهى عشية العام الميلادي الجديد. بينما اصبحت، اعتبارا من يوم الخميس أول يناير كانون الثاني، تعمل تحت سلطة الحكومة العراقية بموجب اتفاقية امنية وقعتها واشنطن وبغداد في وقت سابق من العام.

وتحدد الاتفاقية مهلة للقوات الامريكية مدتها ثلاث سنوات لتنسحب من العراق وتسحب من القوات الامريكية سلطة احتجاز عراقيين دون صدور امر اعتقال من جانب السلطات العراقية كما تخضع المتعاقدين وفي بعض الحالات القوات الامريكية للقانون العراقي.

وحصل على هذه الشروط الجديدة للوجود الامريكي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي ازدادت ثقته بنفسه وشجعه على ذلك عملية ديمقراطية آخذة في التبلور وانتصارات عسكرية ضد الميليشيات الشيعية وتقدم كبير ضد مقاتلي القاعدة.

وأقام المسؤولون الامريكيون والعراقيون احتفالا صباح الخميس الماضي بمناسبة تسليم السيطرة رسميا للمنطقة الخضراء المحصنة في بغداد وهو المجمع الذي حكمت منه الولايات المتحدة العراق مباشرة لاكثر من عام بعد الغزو.

وقال قاسم الموسوي المتحدث باسم القوات العراقية في بغداد ان دور قوات التحالف في المنطقة الخضراء سيكون ثانويا ويتركز على تدريب قوات لواء بغداد على استخدام معدات للكشف عن متفجرات وتقديم المشورة للقوات العراقية. بحسب رويترز.

وتتسلم القوات العراقية السيطرة على قلب السلطة الامريكية في العراق بينما تستعد القوات الامريكية في انحاء البلاد للعمل بتنسيق جديد مع القوات العراقية. ورغم بقاء الجنود الامريكيين تحت القيادة الامريكية الا ان العمليات العسكرية الامريكية ستقرها اعتبارا من اليوم لجنة امريكية عراقية.

وفي بغداد تعتزم الحكومة العراقية ايضا انهاء العقود المربحة التي أنعمت بها الولايات المتحدة على شركات امنية خاصة لحراسة المنطقة الخضراء والتي قال الموسوي انها ستنتهي في سبتمبر ايلول عام 2009 واعتبارا من ذلك التاريخ سيتولى العراقيون وحدهم تأمين المقر الرمزي للسلطة السياسية العراقية. ويوم الاربعاء الماضي انتهى مسؤولون امريكيون من اخلاء قصر صدام الذي استُخدم كمقر للسلطة الامريكية في العراق.

وتراجع العنف في العراق بدرجة كبيرة لكن الكثير من العراقيين يرفضون ما يعتبرونه احتلالا عسكريا. ومازالت انتهاكات مثل التي ارتكبت في سجن ابو غريب عالقة في اذهانهم بعد ان نشرت صور لجنود امريكيين يعذبون السجناء العراقيين ويهينونهم جنسيا عام 2004 وهي الصور التي اغضبت العالم.

كما يتعطش العراقيون الى الخدمات الرئيسية والسلام الدائم. ويرى ماجد الملا وهو مهندس ان التسلم الذي تعتبره حكومة المالكي انتصارا هو بلا معنى. وقال "اين الخدمات التي تقدمها الحكومة؟ اين الكهرباء؟ الناس تريد اشياء عملية."

قوات التحالف تسلِّم العراقيين القصر الجمهوري

وسلّمت قوات التحالف الخميس اول ايام العام الجديد، القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء في وسط بغداد، الى السلطات العراقية غداة انتهاء تفويض الامم المتحدة الذي نظم وجود القوات الاجنبية في هذا البلد.

وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال استلام مقر الرئاسة ابان عهد صدام، ان "القصر عنوان للسيادة العراقية وتسلمه رسالة حقيقية لكل الشعب العراقي بان السيادة قد عادت الينا".

واضاف "من حقنا اعتبار هذا يوم السيادة وبداية استعادة كل ذرة من ترابه انه عيد وطني كبير تزامن مع مجموعة الاعياد" في اشارة الى اعياد الميلاد وراس السنة الهجرية والميلادية.

وتابع المالكي "من حقنا ان نفرح ونقيم الاحتفالات ادعو مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء الى اعتبار هذا اليوم يوما وطنيا يحتفل به كل عام". بحسب فرانس برس.

وجرت المراسم في احدى قاعات القصر الجمهوري باشراف وتنظيم عراقيين فقط ولم يكن هناك اي اميركي في المكان. وحضر المراسم عدد من الوزراء بينهم وزير الدفاع عبد القادر العبيدي ومسؤولين اخرين. وذكرت مصادر ان الاميركيين غادروا المكان بعد ان انزلوا علمهم. وتم رفع العلم العراقي عند مدخل القصر الجمهوري وفقا لمراسل فرانس برس.

الأيام المقبلة ستشهد فتح شوارع المنطقة الخضراء

وقال وزير الدفاع عبد القادر العبيدي، إن الأيام المقبلة ستشهد شوارع المنطقة الخضراء، مبينا أن الحكومة أوفت بما وعدت به من تفيذ لبنود الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف العبيدي خلال كلمة ألقاها في مراسيم تسلم القوات العراقية المنطقة الخضراء من القوات المتعددة الجنسيات، أن الأيام المقبلة ستشهد “فتح الشارع المؤدي من المنطقة الخضراء إلى جسر الجمهورية، وتمكين المواطنين من التقاط الصور داخل هذه المنطقة”، مشيرا إلى أن الحكومة أوفت بما وعدت به من تفيذ لبنود الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأنها ستبني قوات وطنية قادرة على تولي السيادة من القوات المتعددة الجنسيات لحماية العراق بأيد عراقية”.

وأوضح الوزير أنه تم “تشكيل لجنة عليا برئاسة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي، ولجنتين فرعيتين تتوليان مسؤولية أمن المنطقة الخضراء، الأولى برئاسة وزير الدفاع والثانية مشتركة برئاسة وزير الداخلية جواد البولاني”.

وذكر أن اللجنة الرئيسة برئاسة المالكي “تضم وزارة الأمن الوطني وجهاز المخابرات ومجلس محافظة بغداد”، مبينا أنها “ستتولى مهام توفير الأمن ومنظومة استخبارات وقوة لكشف المتفجرات وتنظيم الدخول للمنطقة الخضراء والخروج منها”.

وقال مراسل أصوات العراق في اتصال هاتفي من موقع الاحتفالية إن مراسم تسلم المنطقة الخضراء “شهدت حضورا رسميا كبيرا من الجانب العراقي”، مبينا أن من بين هذا الحضور فضلا عن وزير الدفاع عبد القادر العبيدي “وزير الأمن الوطني شيروان الوائلي والناطق باسم الحكومة علي الدباغ وقائد عمليات بغداد الفريق الركن عبود كمبر وقائد القوات البرية الفريق الركن علي غيدان ورئيس مجلس محافظة بغداد معين الكاظمي والناطق باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا مدير مركز القيادة والمعلومات الوطني اللواء عبد الكريم خلف، وعدد أخر من المسؤولين”.

وأضاف أن الجانب الأمريكي كان ممثلا في الاحتفالية بكل من “نائب القائد القوات المتعددة الجنسيات في العراق الجنرال لويد أوستن والمتحدث باسم القوات الأمريكية الجنرال ديفيد دركن والمتحدث الرسمي باسم السفارة الأمريكية سوزارن زيادة، وعدد آخر من كبار الضباط والمسؤولين الأمريكان”.

وكانت المتحدثة بإسم السفارة الأمريكية في العراق سوزان زيادة قالت لـ أصوات العراق، إن القوات الأمريكية ستسلم القوات العراقية خلال مراسيم رسمية تقام يوم (الخميس) في بغداد المسؤولية الأمنية للمنطقة الخضراء مع بدء تطبيق الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الطرفين، مبينة أن دور القوات الأمريكية سيكون تقديم الإسناد فقط.

وفي ما يتعلق بوضع الشركات الأمنية والعاملين الأجانب والمتعاقدين مع الجانب الأمريكي بعد تسلم الملف الأمني للمنطقة الخضراء ذكرت زيادة أن الجانبين شكلا لجان مشتركة مختصة لتنظيم عملها في عموم العراق، مشيرة الى أن اللجان المشتركة ستكلف لجان خاصة لمتابعة الموضوع وفقا للبنود المنصوص عليها في الاتفاقية الأمنية.

وتقع المنطقة الخضراء (Green Zone) أو ما يعرف بالمنطقة الدولية وسط بغداد على الضفة الغربية لنهر دجلة، وتحتل مساحة تقارب 10 كم² وتضم مقار القصر الجمهوري ومقر الحكومة ومجلس النواب وعددا من الوزارات وأماكن سكن ومكاتب عدد من كبار المسؤولين العراقيين، فضلا عما كان يعرف بقصر المؤتمرات وفندق الرشيد وعدد من الأحياء السكنية.

القوات البريطانية والاسترالية اصبحت تحت طائلة القضاء العراقي

من جهة ثانية قال الخبير القانوني طارق حرب، إن القوات البريطانية والاسترالية اصبحت اليوم تحت طائلة القضاء العراقي بسبب دخول اتفاقية سحب القوات الأمريكية من العراق حيز التنفيذ.

واضاف حرب، الذي يشغل ايضا منصب رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق، أن “اليوم هو يوم انتهاء الحصانة الاجنبية على كل القوات الاجنبية باستثناء الامريكية وبدء سريان القانون العراقي لدخول الاتفاقية الامنية حيز التنفيذ”. بحسب تقرير اصوات العراق.

وأوضح “انه بالامكان الان اقامة الشكاوى والدعاوى على القضايا المدنية كالمطالبة بالتعويض والعقوبة بالقضايا الجزائية كالجرائم سواء كانت في الواجب او بدون واجب داخل المعسكرات ام خارجها بعد انتهاء ولاية تلك القوات ام قبل انتهاء ولايتها اي من 9 نيسان (ابريل) 2003 ولحد الان سواء في الجنايات الجسيمة او البسيطة”.

واعتبر حرب “الاتفاقية التي وقعها وزير الدفاع العراقي عبد القادر محمد جاسم مع القوات البريطانية والاسترالية لا اثر لها بالنسبة للحصانة؛ لان الحصانة يجب ان تقرر بقانون يصدر بعد الاتفاق كما حصل للاتفاقية العراقية الامريكية وهو ما لم يحصل لقوات سواها لحد الان”.

واعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري عن ان العراق وقع اتفاقيتين مع كل من بريطانيا واستراليا لتنظيم وجود قوات البلدين، مبينا ان اقصى موعد لانسحاب هذه القوات بشكل نهائي هو نهاية تموز يوليو القادم. وتحتفظ بريطانيا بـ4100 جندي في العراق، فيما تحتفظ استراليا بقوة حجمها 1000 عسكري.

وصادق مجلس الرئاسة في الـ28 من كانون الأول ديسمبر الجاري على القرار رقم 50 لسنة 2008 المتضمن تخويل مجلس الوزراء تنظيم وجود القوات الأجنبية وضوابط انسحابها من العراق، وهو القانون الذي صوت مجلس النواب العراقي لصالحه بالأغلبية المطلقة في الـ23 من كانون الأول ديسمبر الجاري.

لجنة برئاسة المالكي لإدارة المنطقة الخضراء

وأعلن وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي عن تشكيل لجنة عليا لإدارة المنطقة الخضراء بعد تسلمها من القوات الأمريكية برئاسة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

وقال العبيدي أن "اللجنة ستعمل على وضع إستراتيجية واضحة لحماية المنطقة الخضراء من خلال تفعيل العمل الاستخباري في الأجهزة الأمنية العراقية لمنع حدوث أي اختراق امني للمنطقة".

وأكد وزير الدفاع العراقي "وجود توجه لدى الحكومة العراقية بفتح العديد من الطرق داخل المنطقة الخضراء لسكان العاصمة العراقية بغداد بشكل طبيعي" من دون أن يعطي مزيد من التفاصيل عن الموعد المحدد لفتح هذه الشوارع. بحسب تقرير لـ نيوزماتيك.

وتنص المادة 28 من الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن على "تسليم القوات الأمريكية للمسؤولية الأمنية في المنطقة الخضراء إلى القوات العراقية مع ضمان بقاء الدعم الأمريكي للسلطات العراقية في إدارة الأمن داخل المنطقة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 4/كانون الثاني/2009 - 7/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م