شبكة النبأ: الحوار بين المسيحيين
والمسلمين ليس امراً جديداً لكن هجمات 11 سبتمبر ايلول والتوتر الحاد
بين الدول الغربية والاسلامية أضفت عليه الحاحا، واثارت القلق بشان
اتساع الفجوة بين اكبر ديانتين في العالم.
حيث بات من الضروري فتح العديد من القنوات الحوارية لتصحيح الصورة
السيئة المتبادلة بين شعوب تلك الديانات، خصوصا والاسلام يتعرض لحملة
تشويه طالت اغلب رموزه الدينية، والحاجة الى توضيح مبادئ التسامح
والسلام التي يدعو اليها الدين القويم.
فالتطرف والغلو بات معلماً بارزاً يشوّه الدين الاسلامي في نظر
اتباع الديانات الاخرى بفعل تصرفات وممارسات منسوبة لمسلمين متطرفوا
الفكر بعيدون جدا من طبيعة الدين الاسلامي.
السعي لعدم ربط الاسلام بالارهاب
حيث دعا الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان
اوغلو الى وضع نهاية لما وصفه بجهود تحاول ربط الاسلام بالارهاب وقال
انه يجب محاربة تصوير المسلمين على انهم " الاشرار" في انحاء العالم.
لكن احسان اوغلو الذي كان يتحدث بعد صدور قرار للجمعية العامة
التابعة للامم المتحدة يدين "الاساءة الى الاديان" للعام الرابع على
التوالي قال ان منظمة المؤتمرالاسلامي ملتزمة باحترام حرية التعبير.
بحسب رويترز.
وقال اكمل الدين احسان اوغلو في اجتماع دعت اليه منظمة المؤتمر
الاسلامي في الامم المتحدة في جنيف ان هناك "موجة متزايدة من التحريض
على الكراهية الدينية والتمييز والتعصب ضد المسلمين." وتمثل منظمة
المؤتمر الاسلامي التي تضم 57 دولة ومقرها السعودية 1.5 مليار مسلم.
وقال التركي احسان اوغلو وهو استاذ تاريخ تولى منصب الامين العام
لمنظمة المؤتمر الاسلامي في 2005 "يجب وقف المحاولات الرامية للمساواة
الاسلام بالارهاب. يجب مكافحة التصورات العامة المفرطة في التبسيط الى
حد التشويه والتصدي لمحاولات تشبيه المسلمين بالاشرار."
وفي تعقيب على تصريحات احسان اوغلو قال المتحدث باسم الاتحاد الدولي
للدراسات الانسانية والاخلاقية انه غالبا ما يتم ربط الاسلام بالارهاب
لان مرتكبي الكثير من الاعمال الارهابية يصفون انفسهم بانهم مسلمون.
ويقول المنتقدون لمنظمة المؤتمر الاسلامي ومنهم الدول التي صوتت ضد
القرار الذي يدين "الاساءة الى الاديان" في مقر الامم المتحدة في
نيويورك يوم الخميس ان الكثير من الدول الاسلامية تستخدم القوانين
المتعلقة بالاساءة للاديان او "التجديف" ضد الاقليات واصحاب الفكر الحر.
حقوقيون يهاجمون مسعى في الامم المتحدة
لمناهضة تشويه الاسلام
من جانب آخر قال خبراء دوليون في حرية التعبير ان على الامم المتحدة
الكف عن اصدار قرارات تروج لها الى حد كبير دول اسلامية تدعو الى سن
قوانين ضد "تشويه سمعة الدين".
وقال الخبراء الاربعة وهم من افريقيا واوروبا وامريكا اللاتينية
والامم المتحدة نفسها ان مثل هذه القوانين تستخدم غالبا لحماية زعماء
دينيين من الانتقاد ولقمع الاقليات الدينية والذين لا يعتنقون ديانة
معينة.
واعلنوا ان "المنظمات الدولية ومن بينها الجمعية العامة للامم
المتحدة ومجلس حقوق الانسان يجب ان تكف عن تبني مزيد من البيانات التي
تؤيد فكرة (مناهضة) (تشويه سمعة الدين)."
صدر البيان على موقع منظمة الامن والتعاون في اوروبا مع ظهور دلائل
واضحة في جنيف على ان دولا اسلامية وداعميها يهدفون الى ادراج دعوة
لحظر الاساءة الى الاديان في وثيقة رئيسية للامم المتحدة عن العنصرية.
وقال الخبراء "مفهوم (تشويه سمعة الاديان) لا يتسق مع المعايير
الدولية المتعلقة بتشويه السمعة والتي تشير الى حماية سمعة الافراد."
بحسب رويترز.
واضافوا "الاديان مثل جميع المعتقدات لا يمكن القول ان لها سمعة
خاصة بها." واوضحوا انه لا يجب فرض قيود على حرية التعبير الا اذا
استخدمت في الترويج لكراهية وطنية او عنصرية او دينية والتي ترقى الى
الحض على العنف.
وتابعوا ان الدول التي يوجد بها قيود من هذا القبيل لحماية الدين
غالبا ما تستخدمها "لمنع انتقاد مشروع لزعماء دينيين ذوي نفوذ ولقمع
اراء اقليات دينية والمؤمنين المعارضين وغير المؤمنين."
ويصدر مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة والمكون من 47 عضوا
والذي كونت الدول الاسلامية التي تلقى عادة مساندة من معظم الدول
الافريقية وروسيا والصين وكوبا اغلبية داخله قرارات سنويا تدعوا
الحكومات الى العمل ضد الاساءة الى الاديان.
الجمعية العامة تدين إهانة الاديان
أدانت الجمعية العامة للامم المتحدة اهانة الاديان لرابع عام على
التوالي متجاهلة منتقدين قالوا ان القرار يهدد حرية التعبير.
واجيز القرار غير الملزم الذي ايدته دول اسلامية وعارضته دول غربية
بعد ان وافق عليه 86 عضوا وعارضه 53 عضوا بينما امتنع عن التصويت 42
عضوا. واشار المعارضون الى انخفاض التأييد عن العام الماضي عندما كانت
نتيجة التصويت تأييد 108 اعضاء ومعارضة 51 عضوا مع امتناع 25 عن
التصويت.
وحث القرار الذي يقع في سبع صفحات الدول على ان توفر " حماية كافية
ضد أعمال الكراهية والتمييز والترهيب والقسر الناتجة عن إهانة الأديان
والتحريض على الكراهية الدينية بصفة عامة."بحسب رويترز.
وقال منتقدون ان البنود تضر بالحقوق الاساسية لحرية التعبير عن
الرأي. وجاء في نص أحد بنود القرار ان ممارسة هذه الحقوق "تحمل معها
واجبات ومسؤوليات خاصة ولذلك يمكن ان تخضع لقيود."
ولم يذكر القرار من الاديان تحديدا الا الاسلام. واستهجن القرار
الصورة الدينية والعرقية للمسلمين منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر
ايلول على الولايات المتحدة وذكر انه غالبا ما تم الربط بين الاسلام
والارهاب دون وجه حق.
وتقول دول اسلامية ان مثل هذه القرارات لا تهدف الى تقييد حرية
التعبير بل منع نشر مواد مثل الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها اولا
صحيفة دنمركية للنبي محمد والتي ادت الى احتجاجات عنيفة نظمها مسلمون
في انحاء العالم عام 2005.
الحوار بين المسلمين والمسيحيين ينتشر مثل
الانترنت
قال عارف علي نايض أحد المشاركين في مبادرة للحوار بين الاديان إن
الاتصالات الاسلامية المسيحية تتسع حول العالم مع تكوين شبكات من رجال
وعلماء الدين في أكبر ديانتين في العالم.
وذكر رجل الدين الليبي وهو أحد الموقعين على مبادرة "كلمة سواء"
التي وقع عليها 138 عالم دين مسلما ان الانترنت جعل الاتصالات بين
الخبراء أسرع وأسهل وتوفر نموذجا للحوار غير المركزي الذي يناسب عصر
المعلومات. بحسب رويترز.
وكان مسؤول بارز من الفاتيكان قد قال في الاونة الاخيرة إن عدد
الحوارات بين المسلمين والمسيحيين حاليا قد يكون اكثر مما ينبغي ويخشى
ان يزيد عن الحد لكن نايض قال إن هذا على العكس يناسب عصر المعلومات.
وقال نايض وهو المستشار الرئيسي لبرنامج حوار الاديان في جامعة
كمبردج في كلية اللاهوت في بريطانيا ان "عدد الحوارات لا يمكن ان يزيد
عن الحد وان شبكة الشبكات بحاجة لان تتطور."
وتزايدت الاتصالات رفيعة المستوى بين المسيحيين والمسلمين التي كانت
تجرى عادة في مؤتمرات رسمية من حين الى اخر بعد هجمات الحادي عشر من
سبتمبر التي احيت التوترات القائمة منذ فترة طويلة. واطلقت مبادرة كلمة
سواء العام الماضي فحسب لكنها عقدت بالفعل محادثات مثمرة مع كثير من
الزعماء المسيحيين المختلفين.
وقال نايض لرويترز ان الامر كان يستغرق سنوات في الماضي للتوصل الى
الاجماع الذي تم التوصل اليه سريعا جدا من خلال الاتصالات الحديثة وهذا
بفضل الانترنت.
وعقد الفاتيكان وجماعة كلمة سواء اجتماعا رائدا بين يومي الرابع
والسادس من نوفمبر تشرين الثاني الجاري تعهدوا فيه بصيانة حرية
الاقليات في الاعتقاد. وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد
العزيز قد زار الفاتيكان وشارك في جلسات للحوار بين الاديان في مدريد
وفي الامم المتحدة.
وقال الكردينال جان لويس توران رئيس المجلس البابوي للحوار بين
الاديان لرويترز، بعد اجتماع مع جماعة كلمة سواء، ان الاسراف الحالي في
جهود اجراء الحوار "ألقى بذور الارتباك نوعا ما."
واعتبر عدد من المسؤولين الكاثوليك في المحادثات حملة الملك عبد
الله للحوار بين الاديان حركة لاحتواء جماعة كلمة سواء لكن نايض قال ان
الجانبين ينسقان جهودهما.
ويعمل الموقعون على مبادرة كلمة سواء مع مسؤولين نشطاء في حوار راسخ
للفاتيكان مع ايران ومع جامعة الازهر في القاهرة ومع جمعية الدعوة
الاسلامية العالمية.
الفاتيكان يشكر المسلمين على اعادة الدين الى
اوروبا
وجه كردينال كبير في الفاتيكان الشكر للمسلمين على اعادة الاهتمام
بالدين في المجتمعات الاوروبية وقال انه ليس امام اصحاب العقائد
المختلفة اي خيار سوى الاشتراك في حوار بين الاديان.
وقال الكردينال جان لويس توران رئيس المجلس البابوي للحوار بين
الاديان ان الحديث عن الدين والكتابة عنه اصبحا الان اكثر من اي وقت
مضى في اوروبا . واضاف في خطاب نشرته اوسرفاتوري رومانو الصحيفة
الرسمية للفاتيكان " الفضل في ذلك يعود للمسلمين...المسلمون هم الذين
طالبوا بوجود مساحة للدين في المجتمع بعد ان اصبحوا اقلية مهمة في
اوروبا."
وشكا مسؤولو الفاتيكان طويلا من علمانية اوروبا حيث تراجع الذهاب
الى الكنيسة بشكل كبير في العقود الاخيرة وحثوا على العودة الى الجذور
المسيحية التاريخية. لكن توران قال انه لا يوجد مجتمع به عقيدة واحدة
فقط. بحسب فرانس برس.
وقال خلال اجتماع لعلماء اللاهوت الكاثوليك في نابولي "نعيش في
مجتمعات متعددة الثقافة والاديان وهذا امر واضح...لا توجد حضارة دينية
محضة."
فيما تعهد زعماء الكنيسة الكاثوليكية وزعماء مسلمون بأن يكافحوا معا
التطرف الديني الذي يمكن ان يدفع الشباب الى العنف.
وجاء في بيان مشترك صدر بعد ثلاثة ايام من المحادثات في الفاتيكان "
على الزعماء الدينيين مسؤولية خاصة نحو الشباب الذي يحتاج الى عناية
خاصة حتى لا يسقطوا ضحايا للتعصب والتشدد الديني."
وكان موضوع المحادثات التي شارك فيها كل من الكنيسة الكاثوليكية
وجمعية الدعوة الاسلامية العالمية التي تتخذ من ليبيا مقرا لها هو "
مسؤوليات الزعماء الدينيين في أوقات الازمات". وأكدوا على الحاجة الى
بناء الثقة من اجل منع التوتر بين الاديان من التحول الى عنف.
وقال البيان "يجب على الزعماء الدينيين ان يتعلموا كيفية تجنب هذه
المواقف الخاصة والتعامل معها وعلاجها وتجنب تدهورها الى اعمال عنف بين
المذاهب الدينية."واضاف البيان "ويقتضي هذا احتراما متبادلا ومعرفة
متبادلة ... حتى يتمكنوا من مواجهة الازمات معا عندما تقع."
أئمة وحاخامون يتعهدون باتخاذ موقف مشترك ضد
الارهاب
تعهدت مجموعة دولية من الائمة والحاخامين في نهاية مؤتمر كان عاصفا
في بعض الاوقات بالعمل معا على التنديد بالعنف والارهاب وترويج
التفاهم بين الديانتين.
وقرر المؤتمر العالمي للائمة والحاخامين من اجل السلام وهي جماعة
خاصة شكلت في عام 2005 تشكيل لجنة تصدر بيانات مشتركة ازاء اعمال
الارهاب التي تصدر عن أي من الجانبين في مؤشر على ان المؤمنين يرفضون
اعمال العنف دون شروط.
وتم تلقي هذا القرار بحماس من جانب 85 مندوبا من اسرائيل والاراضي
الفلسطينية ودول عربية واوروبية وامريكا الشمالية رغم انهم لم يتمكنوا
من الاتفاق على قرار نهائي.
وتراوحت الجلسة الاخيرة من المحادثات التي استمرت ثلاثة ايام في
باريس بين تصريحات صداقة بين الاديان وتبادلات حادة بشأن الصراع
الاسرائيلي الفلسطيني.
وقال الان مايكل رئيس رابطة "رجال الكلمة" التي تتخذ من جنيف مقرا
لها والتي نظمت الاجتماع للصحفيين بعد الاعلان عن الخطة لاصدار بيانات
مشتركة ضد العنف "الان سوف نتحدث علانية وسندين العنف والارهاب. لقد
انتهينا من السماح لواحد أو اثنين في المئة من المتطرفين بالتحدث
باسمنا وباسم الله."
وكان المؤتمر الذي حضره نحو 80 من الائمة والحاخامين وخبراء الدين
وبينهم مسيحيون هو الاحدث في عدد متزايد من الاجتماعات بين مختلف
الاديان التي تهدف الى ان يكون هناك اصوات معتدلة تتغلب على المتشددين
في المجال العام.
ويوم الجمعة ايضا اجتمع البابا بنديكت مع اعضاء من جمعية الدعوة
الاسلامية العالمية التي تتخذ من ليبيا مقرا لها لبحث التعليم ضد
التشدد. وفي وقت سابق من هذا الاسبوع اجتمع وفد من مجلس الكنائس
العالمي مع زعماء مسيحيين ومسلمين في ايران. |