قضايا الطفل: بين سوء المعاملة وعمليات التجنيد وتوارث الذعر

 

شبكة النبأ: يسعى خبراء وعلماء العالم إلى رصد كافة الانتهاكات والاختراقات او التجاوازت التي تحيط بعالم الطفولة، والتي من شأنها ان تقتل جذوة هذا الكائن الجميل، فهو وكما هو متفق ومتعارف عليه، وطننا القادم وشعوبنا المستقبلية. فكان التقرير بين تعرض الاطفال لسوء المعاملة، وكيفية قضاء أغلب اطفال الدول الغنية بعيدا عن الاجواء العائلية ودفء منازلهم.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على عالم الطفولة، وما يحيط به من سلبيات قد تؤدي إلى تشوهه عبر ممارسات غير مسؤولة قد يمارسها البعض في إمتهانهم كما يفعل قادة الحرب في السودان من تجنيد الاطفال او زجهم في عملياتهم الدموية:

الاطفال وتعرضهم لسوء المعاملة في الاحصائيات الدولية

افادت دراسة تنشرها مجلة ذي لانسيت الطبية البريطانية ان نحو طفل من اصل 10 يقيم في دولة غنية يتعرض كل سنة بشكل او باخر لسوء المعاملة.

وقال ريتشارد هورتون رئيس تحرير المجلة التي تخصص عددها لكانون الاول/ديسمبر لهذا الموضوع ان سوء معاملة الاطفال مشكلة صحة عامة اكبر مما هي في الظاهر.

وبحسب البروفسور روث غيلبرت من جامعة لندن ان طفلا من اصل 10 يتعرض سنويا لشكل من اشكال سوء المعاملة (سوء المعاملة الجسدية والنفسية والاهمال والاعتداء الجنسي).

لكن الدراسة تشير الى ان الارقام الرسمية كانت ادنى بكثير وتراوح ما بين 1,5 و5%. ففي بريطانيا تطال هذه الظاهرة حوالى مليون طفل. بحسب فرانس برس.

وجمع باحثون جامعيون في بريطانيا والولايات المتحدة دراسات مختلفة اجريت في دول غنية (اوروبا الغربية واميركا الشمالية واستراليا ونيوزيلاندا واليابان) من خلال استجواب اشخاص لمعرفة ما اذا تعرضوا لسوء معاملة واهل لمعرفة اساليبهم في تأديب اولادهم.

وقالت كاثي ويدوم الاستاذة في جامعة نيويورك خلال مؤتمر صحافي في لندن ان: الاستنتاج المهم هو ان هناك عددا كبيرا من الاطفال الذين يتعرضون لهذه التجاوزات الخطيرة التي لها بالتأكيد عواقب.

نقلت صحيفة الجارديان عن خبراء أن طفل من كل عشرة أطفال يعيشون في بريطانيا يتعرض للإهمال أو لسوء معاملة جسدية أو جنسية أو عاطفية.

وتضيف الصحيفة في تقرير أعدته سارة بوسيلي محررة الشؤون الصحية أن معظم هؤلاء الأطفال لا يكشف عن سوء معاملتهم ولا يحولون إلى السلطات المختصة في مجال حكاية الطفولة.

ويقول التقرير إن المدرسين والأطباء العموميين وأطباء الأطفال لا يثقون في مقدرة الخدمات الإجتماعية البريطانية على إحداث تغيير على حياة أولئك الأطفال، ويخشون أن تصير حالتهم أسوأ إذا ما تولت شأنهم عائلة متبنية.

ووفقاً للصحيفة فإن مجموعة من الأوراق التي تنشرها مجلة لانست الطبية بالتعاون مع الكلية الملكية لطب الأطفال ستكشف عن صورة قاتمة لمعاناة حوالي مليون طفل في بريطانيا سنوياً.

منزل العائلة في الدول الغنية يفتقد الأطفال  

كشفت دراسة نشرتها منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) ان تغيرا حاسما سجل منذ حوالى 10 سنوات في الدول الغنية حيث يمضي غالبية الاطفال دون السادسة من العمر قسما كبيرا من سنواتهم الاولى خارج المنزل العائلي.

وفي الدول الغنية يذهب 80% من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم ما بين ثلاث وست سنوات الى دور حضانة (100% في فرنسا) والمعدل بالنسبة الى الاطفال دون الثالثة من العمر يقدر ب25% وتتجاوز هذه النسبة 50% في ايسلندا والدنمارك (اقل من 30% في فرنسا).

وافادت الدراسة التي وضعها مركز "اينوتشينتي" للابحاث التابع لليونيسف ان الجيل الصاعد اليوم هو اول جيل يمضي معظم اطفاله الجزء الاكبر من سنواتهم الاولى في مراكز خارج منزل العائلة. بحسب فرانس برس.

وخلال العقد الاخير عهد باكثر من نصف الاطفال الذين لم يبلغوا عامهم الاول لدار حضانة يمضون فيه نحو 28 ساعة اسبوعيا.

وتسجل في ايسلندا والدنمارك اعلى نسب تسجيل اطفال منذ الولادة وحتى سن الثالثة في دور حضانة (حوالى 60%) وتأتي في مراتب لاحقة النروج والسويد والولايات المتحدة.

وفي هذه الفئة من الاعمار تسجل في فرنسا نسبة تقل عن 30% يذهبون الى دور حضانة في حين تسجل المانيا والمجر والنمسا وايطاليا والمكسيك نسبة تقل عن 10% للاطفال دون الثالثة من العمر.

وفي فرنسا وايطاليا وبلجيكا واسبانيا تستقبل دور الحضانة 100% من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين الثالثة والسادسة من العمر.

والولايات المتحدة هي دون معدل دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تستقبل دور الحضانة فيها اكثر من 60% من الاطفال في هذه الفئة من الاعمار. ويؤكد واضعو الدراسة ان هذه النسب لا تعكس توفر الخدمات التي تقدم او نوعيتها اذ ان بعض الاطفال يبقون فيها بضع ساعات في اليوم.

وتصنف الدراسة 25 دولة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وفقا لنوعية خدمات دور الحضانة.

وتأتي السويد على قائمة هذه الدول في حين تحتل كندا وايرلندا اخر مرتبتين. وتصل فرنسا في المرتبة الثالثة بعد السويد وايسلندا بالتساوي مع الدنمارك وفنلندا والنروج.

وفيات الاطفال حول العالم بين الحوادث والاهمال

ويموت كل سنة نحو 830 الف طفل في العالم من جراء الحوادث بحسب تقرير للامم المتحدة ينشر مؤخرا.

وتفيد الوثيقة التي اعدتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) ان الاسباب الرئيسية لهذه الوفيات التي تطال فئة الاعمار بين المولودين الجدد حتى 19 عاما هي حوادث السير التي تتسبب بوفاة 260 الفا كل عام والغرق (175 الفا) والحروق (96 الفا) والسقوط (اكثر من 46 الف وفاة) والتسمم (اكثر من 45 الفا).

وهذه الحصيلة الاولى العالمية حول هذه المسألة التي اسهم في اعدادها مئتا خبير خلال ثلاث سنوات والمخصصة للوقاية من الصدمات لدى الطفل تهدف الى دق ناقوس الخطر حول واقع تم تجاهله طويلا. بحسب فرانس برس.

وقد اصبحت الحوادث السبب الاول للوفيات اعتبارا من سن التسع سنوات امام الامراض المعدية وسوء التغذية او الحروب.

ولفتت مارجي بيدن من منظمة الصحة العالمية الى ان العامل الاجتماعي يبدو حاسما، مضيفة للصحافيين: أكان ذلك في البلدان الغنية او النامية فان الاطفال في الاوساط الفقيرة هم المعرضون اكثر من سواهم ليقعوا ضحية الحوادث. وتم احصاء 95% من الضحايا في البلدان الفقيرة او النامية.

وافريقيا هي التي تسجل اكبر نسبة من ضحايا حوادث السير (19,9 في الالف) يتبعها شرق حوض المتوسط. وتسجل منطقة غرب المحيط الهادىء وجنوب شرق آسيا اعلى نسبة ضحايا من جراء الغرق (27,4 في الالف و12,3 في الالف). اما بالنسبة للحروق فتسجل اعلى نسبة في جنوب شرق آسيا والشرق الاوسط.

الإصابات الغير متعمدة تؤدي بحياة الكثير من الأطفال

ويشير تقرير جديد صدر عن منظمة الصحة العالمية واليونيسيف إلى أنّ الإصابات غير المتعمّدة أو العارضة تؤدي إلى وفاة أكثر من 2000 طفل كل يوم وإحالة عشرات الملايين من الأطفال الآخرين، كل عام، إلى المستشفيات في جميع أنحاء العالم وتتسبّب، في كثير من الأحيان، في حدوث حالات عجز تدوم مدى الحياة.

ويتيح التقرير العالمي الخاص بتوقي إصابات الأطفال أوّل تقييم عالمي شامل لإصابات الأطفال غير المتعمّدة ويحدّد التدابير اللازم اتخاذها للوقاية منها. ويشير إلى إمكانية إنقاذ 1000 طفل كل يوم على الأقلّ إذا ما أقدمت جميع البلدان على اعتماد تدابير الوقاية التي ثبتت فعاليتها، وفق منظمة الصحة العالمية. بحسب (CNN).

وقالت الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية: إنّ إصابات الأطفال من القضايا الهامة من زاويتي الصحة العمومية والتنمية. فهناك، إلى جانب الوفيات السنوية المقدّرة بنحو 830000 حالة وفاة، ملايين الأطفال الذين يعانون من إصابات غير مميتة تقتضي، في غالب الأحيان، مكوثهم في المستشفيات لفترات طويلة وتأهيلهم.

وقالت آن م. فينيمان، المديرة التنفيذية لليونيسيف: إنّ هذا التقرير ثمرة التعاون القائم بين أكثر من 180 خبيراً من جميع مناطق العالم. وهو يبيّن أنّ الإصابات غير المتعمّدة من الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم 9 سنوات وأنّ 95% من تلك الإصابات تحدث في البلدان النامية. وعليه يجب بذل المزيد من الجهود لتوقي هذا الضرر الذي يلحق بالأطفال.

وتشهد أفريقيا أعلى معدل، إجمالاً، فيما يخص الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة. ويشير التقرير إلى أنّ المعدل المُسجل في أفريقيا يفوق، بعشرة أضعاف، المعدلات المُسجلة في البلدان المرتفعة الدخل الواقعة في أوروبا وغرب المحيط الهادئ، مثل أستراليا وهولندا ونيوزيلندا والسويد والمملكة المتحدة، التي تتسم بأدنى المعدلات فيما يخص إصابات الأطفال.

غير أنّ التقرير يشير إلى أنّه على الرغم من تمكّن العديد من البلدان المرتفعة الدخل من تخفيض الوفيات الناجمة عن إصابات الأطفال بنسبة ناهزت 50% على مدى السنوات الثلاثين الماضية، فإنّ هذه القضية مازالت تمثّل مشكلة بالنسبة لتلك البلدان، إذ لا تزال الإصابات غير المتعمّدة تتسبّب في وقوع 40% من مجموع وفيات الأطفال في تلك البلدان.

مقتل الاطفال وعمليات التجنيد في السودان

وقال صندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة يونسيف بالسودان إن في أقليم دارفور غربي السوادان ما يربو على 6 آلاف طفل مجند، لا تتعدى سنهم 11 سنة.

وقال تيد شيبان إن بعض هؤلاء الأطفال يقاتلون في صفوف الحركات المسلحة المعارضة للخرطوم، والبعض الآخر مجند في صفوف الميليشيا المؤيدة للحكومة السودانية والبعض الآخر في صفوف الجيش السوداني نفسه. بحسب رويتزر.

واوضح شيبان قائلا إن تجنيد الفتيان من هم دون سن الثامنة عشرة محظور سواء في القانون السوداني أم في القانون الدولي.

وتحاول الأمم المتحدة إقناع كل الأطراف المتصارعة في السودان بتسريح هؤلاء الأطفال من الخدمة العسكرية.

وقال شيبان للصحافيين إن بعض هؤلاء الجنود الصغار جُند قسرا. وقال كذلك: إن كل طفل وجد نفس في ظروف نزاع مسلح أو عاين أعمال عنف أو شارك فيها وهذا هو الأدهى، يفقد إنسانيته. إنه على علم بأن هناك شيئا ما خطأ، لكنه غير قادر على تفسير مكمن الخطأ.

ويقول شيبان إن عدد الأطفال الذين تأثرت حياتهم بالنزاع في أقليم دارفور يناهز 2,3 مليون طفل وذلك منذ بداية الأزمة المسلحة قبل ست سنوات. وأضاف كذلك أن 700 ألف دارفوري ولدوا وترعرعوا دون أن يعرفوا من الحياة سوى الحرب.

توارث الذعر الليلي لدى الأطفال

قالت دراسة ان الذعر الليلي الذي يدفع الاطفال الى الصراخ بشكل لا يمكن السيطرة عليه شيء موروث جزئيا على الاقل.

وقالت الدكتورة بيتش هونج نجوين من مركز اختلالات النوم في مستشفى ساكر كوير بمونتريال وزملاء لها: نتائجنا تظهر وجود تأثير كبير لعوامل وراثية في الذعر النومي، على الرغم من انه لم يتم تحديد جينات معينة وراء هذه الظاهرة.

ووجد الباحثون خلال دراسة 390 توأما نشرت في دورية طب الاطفال Pediatrics ان احتمالات اصابة التوأمين المتطابقين بالذعر الليلي اكبر من احتمالات اصابة التوأمين غير المتطابقين. بحسب رويترز.

ويمتلك التوأمان المتطابقان او توأما البويضة الواحدة تكوينا وراثيا متطابقا تقريبا في حين لا يمتلك توأما البويضتين نفس التطابق.

وغالبا ما تتم دراسة التواءم لأن تكوينهم الوراثي المتماثل يمكن ان يوفر معلومات بشأن الامراض وقضايا اخرى.

وقال الباحثون ان العوامل البيئية يمكن ان تكون جزءا من سبب الذعر الليلي لأن التواءم ينشأون معا في محيط واحد.

وبصفة عامة وجد الباحثون ان 37 في المئة من التواءم كانوا مصابين بالذعر الليلي عند 18 شهرا مع اختفاء المشكلة بعد عام بالنسبة لنصفهم تقريبا.

واظهرت الدراسات السابقة التي اشير اليها في التقرير ان من المرجح ان تكون العوامل الوراثية عاملا في بعض حالات المشي اثناء النوم والكلام اثناء النوم والذعر الليلي. وقالت دراسة ا خرى ان 19 في المئة من الاطفال من عمر اربع سنوات الى تسع سنوات اصيبوا بذعر ليلي.

سلامة الاطفال بدنياً وعقلياً والمساحات الخضراء

أثبتت دراسات نشرت أخيراً أن تردد الأطفال على الحدائق والمتنزهات الخضراء يحسن صحتهم الجسدية ويعزز قدراتهم العقلية، وحذرت هذه الدراسات من عواقب إبقاء الأطفال حبيسي بيوتهم.

فقد خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في أحياء تحتوي مساحات خضراء يكسبون وزناً خلال عامين، أقل بنحو 13 في المائة من أولئك الأطفال الذين يعيشون في منطقة تخلو من الأشجار ويكثر فيها البناء الإسمنتي، وفقاً لمقال للدكتورة سنجاي غوبتا في مجلة تايم الأمريكية. بحسب (CNN).

وبرغم أن الإكثار من تناول الأطعمة غير الصحية ومشاهدة التلفاز لعبا دوراً رئيسياً في انتشار البدانة وسط الأمريكيين منذ ثمانينيات القرن العشرين، فإن معظم الخبراء يقرون أن ذلك التغير له صلة ما بالبيئة، كما يقول توماس غلاس، أخصائي الأمراض الوبائية الاجتماعية في كلية الصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز. وقد تكون الصلة هي انحسار المساحات الخضراء.

وتؤكد الدراسة الجديدة التي نشرت في المجلة الأمريكية للطب الوقائي، نتائج الدراسات السابقة التي توصلت إلى وجود علاقة بين المساحة الخضراء والصحة الحسنة.

فالحي الذي يوجد فيه مساحات خضراء يعني، ببساطة، أنه يضم أمكنة أكثر يمكن للأطفال اللعب فيها، وهذا أمر حيوي ومهم، بالنظر إلى أن مستوى نشاط الأطفال يرتبط بالوقت الذي يقضونه خارج جدران المنزل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/كانون الثاني/2008 - 30/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م