قراءة في قانونَي مجالس المحافظات الجديد والسابق

التشريع والإدارتين المالية والأمنية

محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: أتاح قانون المحافظات الذي أقره مجلس النواب للمحافظات العراقية غير المنتظمة بأقليم هامش كبيرا من الحرية والادارة الذاتية في مجمل القطاعات الحيوية باستثناء الامور السياسية والامنية ذات الطابع الاتحادي.

فيما يعول العراقيون وان تباينت آرائهم على ما سيقدّمه الاعضاء الجدد في مجالس ادارة المحافظات في العديد من القضايا والملفات المهمة والفاعلة في حياة السكان المحليين لتلك المدن. خصوصا في مجالي الخدمات والاقتصاد والاحوال الاجتماعية المختلفة التي لم تجد لها حلول مناسبة طيلة السنين الخمس الماضية التي اعقبت انهيار النظام السابق.

حيث يعزو البعض تعثر اداء المجالس الحالية الى جملة تحديات ابرزها الجانب الامني وعدم وجود لوائح دقيقة تنظم عمل ادارات المحافظات، الامر الذي تسبب بالعديد من التدخلات والتناقضات الادارية والقانونية بين السلطة الاتحادية، فضلا عن سلطات مجالس المحافظات المحدودة اصلا.

فقانون ادارة الدولة الذي سُنَّ على يد اعضاء الجمعية الوطنية عام 2004 أبقى على دور مجالس المحافظات هامشياً في أغلب القضايا ذات التماس المباشر بصميم عملها ومسؤولياتها الحيوية، كالجانب الخدمي والاعماري والاقتصادي والصحي.

حيث حصرت مسؤولية المجالس بدور رقابي مساعد لعمل السلطة المركزية، مع بعض الادوار الثانوية المحدودة كما نصت الفقرة (أ) من المادة السادسة والعشرون لقانون ادارة الدولة، على ان تساعد مجالس المحافظات الحكومة الاتحادية فى تنسيق عمليات الوزارة الاتحادية الجارية داخل المحافظة. بما فى ذلك مراجعة خطط الوزارة السنوية وميزانياتها بشأن الانشطة الجارية فى المحافظة نفسها.

الشؤون التشريعية والادارية

مقارنة بالقانون القديم نص القانون الجديد الذي اقره مجلس النواب على تفويض مجالس المحافظات صلاحية تشريع القوانين الملائمة وادارة القطاعات الحيوية، مستثنياً بعض المشاريع الستراتيجية ذات الطابع الاتحادي.

حيث نصت (المادة2) – اولا على:

 ان مجلس المحافظة هو أعلى سلطة تشريعية ورقابية ضمن الحدود الادارية للمحافظة، لها حق اصدار التشريعات المحلية في حدود المحافظة بما يمكنها من ادارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الادارية بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية.

فيما تنص الفقرة رابعاً من (المادة7) على مسؤولية مجالس المحافظات في رسم السياسة العامة للمحافظة بالتنسيق مع الوزارات المعنية في مجال تطوير الخطط المتعلقة بالمحافظة.

كما توضح الفقرة خامساًمن نفس المادة الصلاحيات الممنوحة كما يلي :

١- اعداد مشروع الموازنة الخاصة بالمجلس لدرجها في الموازنة العامة للمحافظة.

٢- المصادقة على مشروع الموازنة العامة للمحافظة المحال اليها من المحافظ، واجراء المناقلة بين ابوابها بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد الاعضاء، على ان تراعى المعايير الدستورية في التوزيع لمركز المحافظة والاقضية والنواحي ورفعها الى وزارة المالية في الحكومة الاتحادية لتوحيدها مع الموازنة الفدرالية.

الشؤون المالية وملف الاستثمار

في الجانب المالي أبقت الفقرة(أ) من قانون ادارة الدولة صلاحيات المحافظات محدودة ايضا عدى بعض الهوامش الضيقة حيث نصت على:

يجرى تمويل مجالس المحافظات من الميزانية العامة للدولة. ولهذه المجالس الصلاحية كذلك بزيادة ايراداتها بشكل مستقل عن طريق فرض الضرائب والرسوم، وتنظيم عمليات ادارة المحافظة، والمبادرة بانشاء مشروعات وتنفيذها على مستوى المحافظة وحدها او بالمشاركة مع المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، والقيام بانشطة اخرى طالما كانت تتماشى مع القوانين الاتحادية.

فيما اتاحت المادة44 للقانون الجديد فضائات شاسعة وحرية شبه كاملة لادارة الامور المالية والحقول الاستثمارية حيث اوردت الموارد المالية للمحافظة بما يأتي:

اولاً: الموازنة المالية الممنوحة للمحافظة من قبل الحكومة الاتحادية حسب المعايير الدستورية

المعدة من وزارة المالية والمصادق عليها من مجلس النواب.

ثانيا: الايرادات المتحصلة للمحافظة من جراء الخدمات ا لتي تقدمها والمشاريع الاستثمارية التي تقوم بها.

ثالثا: الايرادات المتحصلة من الرسوم والغرامات المحلية والمفروضة وفقا للدستور والقوانين الاتحادية النافذة.

رابعا: التبرعات والهبات التي تحصل عليها المحافظة بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية النافذة.

خامسا: الايرادات المتحصلة من بدلات بيع وايجار اموال الدولة المنقولة وغير المنقولة وفقا لقانون بيع وايجار اموال الدولة والقوانين الاخرى النافذة.

الشؤون الامنية

الملفات الامنية هي الاخرى شهدت في أغلب المحافظات العراقية الكثير من التداخلات والتناقضات الادارية والقانونية بين الحكومة الاتحادية والسلطات المحلية، بسبب حالة التدهور الامني التي عصفت بالبلاد في الفترة السابقة، وغياب التشريع القانوني الذي يحدد صلاحيات كلا السلطتين في قانون ادارة الدولة، لذا راعى المشرع في القانون الجديد تنظيم هذا الجانب المهم مبينا مرجعية وادارة الملف الامني للمحافظات.

في حين ابقى قانون ادارة ملف الشؤون الامنية المحافظات عائما دون ان يسن التشريعات التي تنسق عمل تلك الدوائر.

فحسب الفقرتين تاسعاً وعاشراً من المادة 31، فوض المحافظون الاشراف ومتابعة الاجهزة الامنية باستثناء القطعات العسكرية. حيث نصت النقاط التالية على ان للمحافظ :

١- يأمر الشرطة باجراء التحقيق في الجرائم التي تقع ضمن الحدود الادارية للمحافظة، وفقا للقانون، وتقدم اوراق التحقيق الى القاضي المختص على ان يتم اعلام المحافظ بنتيجة التحقيق.

٢- استحداث والغاء مراكز الشرطة، بمصادقة المجلس بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس وفقا للشروط الواردة في القوانين المختصة وضوابط وزارة الداخلية.

3- للمحافظ سلطة مباشرة على الاجهزة الامنية المحلية، وجميع الجهات المكلفة بواجبات الحماية وحفظ الامن والنظام، العاملة في المحافظة، باستثناء القوات المسلحة (قطعات الجيش).

4- للمحافظ، اذا رأى ان الاجهزة الامنية في المحافظة غير قادرة على انجاز واجباتها في حفظ الامن والنظام ، ان يعرض الامر فورا على وزير الداخلية مبينا مقدار القوة الكافية لانجاز تلك الواجبات.

الخلاصة

 نستخلص من أهم الفقرات التي تناولناها في هذه المقارنة حجم الفارق الكبير بين صلاحيات مجالس المحافظات في بنود القانون الجديد والسابق، سيما منح الحكومات المحلية سلطات اكبر وأكثر اتساعاً في اهم القطاعات الحيوية على حساب الحكومة المركزية، أملا في ن تسهم تلك الاصلاحات بنهوض تلك المجالس بواقع محافظاتها الخدمي والاجتماعي، خصوصا ونحن على اعتاب الممارسة الديمقراطية الثانية على صعيد انتخاب اعضاء مجالس المحافظات مطلع العام المقبل. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/كانون الثاني/2008 - 23/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م