موجة تأسيس الأقاليم تجتاح العراق

دورة أزمات جديدة سببها تداخل الصلاحيات بين الأقاليم والمركز

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما يقود وائل عبد اللطيف، أحد أعضاء البرلمان العراقي ومحافظ سابق للبصرة،  تحركاً لإعلان البصرة إقليماً مستقلاً، بدعم من أحد أكثر الحركات المحلية نفوذاً وهو حزب الفضيلة، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق UNAMI انطلاق حملة تسعى لجعل محافظة البصرة جنوبي العراق الغني بالنفط، إقليماً مستقلاً، وهي خطوة من شأنها منح الإقليم سلطات تشريعية مشابهة لإقليم كردستان العراق، ما يفتح الأبواب واسعة امام توجهات لتأسيس أقاليم أخرى دون ان تكون هناك أسساً واضحة حتى الان لتمييز صلاحيات تلك الأقاليم بالنسبة للحكومة المركزية خاصة وأن العراق الان يشهد ازمات ادارية وسياسية حادة مع حكومة اقليم كردستان، الامر الذي يشير الى بدء دورة ازمات جديدة في البلد لايُعرف مدى تأثيرها أو سقف تداعياتها...

وقالت الوكالة الأممية التي تساعد الحكومة العراقية في مسار حملة الانتخابات المحلية، إن عريضة لجمع تواقيع سكان المحافظة المؤيدة لاستقلاله، انطلق العمل بها الاثنين وستستمر شهراً.

هذا وأمام سكان المحافظة حتى الرابعة عشر من يناير/ كانون الثاني المقبل للإدلاء بأصواتهم في 34 موقع محدد، فيما يعتبر تسجيل 10 في المائة من أكثر من 1.4 مليون عراقي في المحافظة نسبة كافية لإجراء الاستفتاء.

وأكد مصدر في UNAMI لشبكة CNN أن استفتاءاً سيجرى بعد شهرين إلى ثلاثة على الأرجح بعد أن يتأكد مسؤولون في لجان مراقبة الانتخابات بأن العدد المطلوب للتواقيع قد جمع فعلاً.

الجدير بالذكر أن مدينة البصرة هي المنفذ البحري الوحيد للعراق الذي تخرج منه أغلب الصادرات العراقية من النفط ويتم عبره استيراد نسبة كبيرة من واردات العراق. وفيها أيضا أكبر حقول النفط العراقية مثل حقل الرميلة الذي يعتبر من أكبر وأهم الحقول النفطية في العالم.

كما تقع المحافظة على شط العرب ملتقى نهري الفرات ودجلة عند القرنة شمالي البصرة وتتاخم حدودها مع كل من الكويت وإيران.

أما سن الاقتراع في العراق فهو 18 سنة، إلا أن أي عراقي مولود في عام 1991 سيسمح له بالتوقيع على العريضة الممهدة للاستفتاء بعد الأول من يناير المقبل.

وبموجب الدستور العراقي فإن محافظة أو اثنين من المحافظات الـ18 في العراق يمكنها تشكيل إقليم فيدرالي.

حالياً هناك إقليم واحد يتمتع بحكم ذاتي هو إقليم كردستان العراق شمالي البلاد.

كما يحق للأقاليم صياغة دستورها الخاص وتشكيل سلطات تشريعية وتنفيذية مستقلة عن الحكومة المركزية كما يمكنها تشكيل قوات أمن خاصة تعمل تحت سلطاتها.

وائل عبد اللطيف: إقليم البصرة الفيدرالي سيبصر النور قريبا

وأعلن النائب وائل عبد اللطيف إن مشروع إقليم البصرة الفيدرالي سيبصر النور قريباً، معربا عن أمله أن تتحول كل محافظة عراقية إلى إقليم ينعم بقدر كبير من الاستقلالية الإدارية.

وقال عبد اللطيف في مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماعه برؤساء أقسام المعهد التقني في محافظة البصرة إن "تحويل المحافظات العراقية إلى أقاليم منفردة سوف يسهم في تطوير قطاعاتها الإدارية والتشريعية والاستثمارية".

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات صادقت على طلب إقامة إقليم البصرة الذي تقدم به النائب وائل عبد اللطيف في الشهر الماضي وقررت إجراء استفتاء شعبي بعد إن أكدت استلامها 28077 طلباً مطابقاً للضوابط القانونية، وبحسب المفوضية فأن هذا العدد يتجاوز نسبة 2% من تعداد الناخبين البالغ 1357045 ناخباً في محافظة البصرة نحو 560 كم جنوب العاصمة بغداد. بحسب تقرير لـ نيوز ماتيك.

وأوضح عبد اللطيف إن "تطبيق الفدرالية في البصرة سوف يجعل منها أكثر مدن المنطقة رقياً وتطوراً، ويسمح بتقاسم الثروات بشكل عادل، حتى لا يبقى سكان البصرة يستجدون الأموال من الحكومة الاتحادية في بغداد"، حسب تعبيره.

وأشار عبد اللطيف في المؤتمر الصحفي إلى أنه "تم اكتشاف النفط والغاز في محافظة البصرة عام 1952، لكن هذه الثروة لم ينتفع منها سكان المحافظة إلى يومنا هذا، بل أنها جلبت لهم الويلات والحروب" حسب تعبيره، مضيفا القول "عندما تصبح محافظة البصرة إقليما فإن سكانها سوف يشعرون بأهمية الثروات الطبيعية المتوفرة لديهم لأنهم سيستفيدون منها بقدر أكبر".

ولفت إلى أن "هناك إشاعات وأقاويل راح يتداولها بعض سكان البصرة في الآونة الأخيرة تشكك في جدوى ومشروعية إقامة إقليم البصرة"، مبينا أن "هذه مزاعم باطلة لأن الدستور العراقي هو الضامن لوحدة العراق وعليه ليس هناك ما يدعو إلى الخوف من تكوين إقليم البصرة أو غيره".

وكان النائب المستقل في البرلمان وائل عبد اللطيف، قد أعلن بداية آب الماضي، خلال مؤتمر حول الفيدرالية دعا إلى إقامته مركز السلام والتنمية للدراسات الفيدرالية، وشارك فيه العشرات من المسؤولين ورجال الدين وشيوخ العشائر عن إطلاق حملة جماهيرية تدعو إلى إقامة إقليم في محافظة البصرة، وجعلها إقليماً فيدرالياً، ودعا مواطني المحافظة إلى توقيع استمارات لمطالبة الحكومة الاتحادية بإجراء استفتاء حول الفيدرالية.

ويعتبر المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عبد العزيز الحكيم من دعاة إقامة الأقاليم الفيدرالية في جنوب ووسط العراق على غرار إقليم كردستان في الشمال، لكن الدعوة تواجه ردود فعل متباينة لدى الكتل السياسية التي يفسر بعضها الفيدرالية على أنها تقسيم للعراق.

الأديب: اقليم البصرة مطلب غير عملي حالياً

من جهة اخرى أكد عضو مجلس النواب العراقي عن قائمة الائتلاف الموحد علي الأديب صعوبة تطبيق إقليم البصرة في الوقت الحاضر لعدم استقرار الوضع السياسي بالعراق، مرجحا أن تكون هناك قوى خارجية تدفع المطالبين بفدرالية البصرة.

وقال الأديب في حديث لـ"نيوز ماتيك" إن "طلب إنشاء إقليم البصرة سليم من الناحية القانونية إلا أنه غير عملي من الناحية السياسية لأن الوضع الذي يمر به العراق غير مستقر ويحتاج إلى حالة من التوافقات في الوقت الراهن".

واضاف القيادي في الائتلاف الموحد أن "هناك الكثير من القوى ترفض تشكيل مثل هذه الفدراليات بهذا النوع العشوائي" على حد تعبيره.

واعتبر الأديب  الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامي وهو نفس الحزب الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء نوري المالكي أن "مثل هذه المبادرات الفردية غير مقبولة في الوقت الحاضر رغم دستوريتها، لأنها ستولد الكثير من المشاكل".

ورجح عضو مجلس النواب أن "تكون هناك جهات خارجية  تقف خلف هذا الموضوع" قائلا "قد تكون وراء المطالبات بالفدرالية في هذا الوقت دوافع معينة، أو تحريكات من قوى خارجية، ولكن الذي يقوم بالمهمة عراقيون".

وأعرب الاديب عن تخوفه من أن "يؤدي إنشاء الفدراليات بهذا الشكل المتسرع إلى تقسيمات طائفية وعرقية" مشيرا إلى أن "الفدرالية  مسألة حساسة في هذا الوقت وهي سيف ذو حدين"، على حد تعبيره .

على غرار إقليم البصرة.. الجبهة التركمانية تطالب بإقليم خاص لكركوك

من جهة ثانية قال الناطق الرسمي للجبهة التركمانية العراقية في مدينة كركوك علي هاشم، إن الجبهة، ستطالب بجعل كركوك إقليما مستقلا.

وأوضح علي هاشم في حديث لـ نيوزماتيك، أن "الجبهة التركمانية سوف تعرض على رئيس الجمهورية جلال الطالباني عدد من المطالب أهمها، مشروع إقليم كركوك المستقل، وإعطاء التركمان مناصب في الوزارات في الحكومة العراقية، وتقاسم السلطات بشكل عادل بين جميع أبنائها".

وأوضح هاشم أن "مطالب الجبهة تأتي بسبب تهميش التركمان، وعدم شغلهم لمناصب مهمة في الدولة، رغم أنهم جزء مهم من مكونات الشعب العراقي.

يذكر أن عضو مجلس محافظة كركوك عن قائمة جبهة تركمان العراق، عن حزب توركمن إيلي علي مهدي كان قال في حديث لـ"نيوزماتيك"، في وقت سابق اليوم، إن "الطالباني تسلم عددا من المطالب، منها زيادة عدد الضباط في الجيش والشرطة من التركمان وإسناد مناصب قيادية عسكرية لهم، وتعيين نواب من التركمان في مجالس الرئاسة الثلاث وإسناد حقائب وزارية ووكلاء وزراء من التركمان، وتعيين سفراء والعاملين في السفارات والدبلوماسيين من التركمان، واستحداث مديرية عامة للدراسة التركمانية، بالإضافة إلى قطع الدلالة للمؤسسات والمديريات العامة والدوائر الحكومية، وإضافة اللغة التركمانية بجانب العربية والكردية، وقال مهدي إن "الطالباني وعد بتحقيق تلك المطالب"، مبينا في الوقت نفسه أن "الطالباني سبق أن وعد بتحقيقها في لقاءات سابقة، ولم نحصل سوى على الوعود".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/كانون الثاني/2008 - 23/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م