أضاحي العيد: تقليد ديني لم تثن الأزمة المالية عن العمل به

مساهمة في عملية التقارب الاجتماعي والشعور بالمواساة

 

شبكة النبأ: تمثل أضاحي العيد تقليدا ثابتا يمارسه الكثير من المسلمين في مختلف دول العالم حتى اصبح عند الكثيرن واجبا ضروريا لايتخلفون عنه. حيث تذبح الاضاحي وتوزع لحومها على الفقراء والجيران والاقارب مما يساهم في عملية التقارب الاجتماعي والشعور بالمواساة ومشاعر الآخرين، وكان الازمة المالية في هذا العام اثارها القليلة لكن ذلك لم يجبر البعض على تغيير عادته السنوية رغم تلك الازمة الخانقة.

وكان لـ شبكة النبأ هذا التقرير الذي يسلط الضوء على هذه القضية في بعض الدول العربية.

الاضاحي في العراق ارتفاع في الاسعار وجفاف المراعي

يعزف فقراء العراق عن شراء الاضاحي عشية عيد الاضحى بسبب ارتفاع اسعارها قياسا مع السابق نظرا لارتفاع كلفة الاعلاف خصوصا في ظل انحباس المطر وما يصاحبه من جفاف المراعي. بحسب الـ فرانس برس.

ويقول حسن صبر الربيعي (52 عاما) "تضاعفت اسعار المواشي حاليا مقارنة مع العام الماضي" مشيرا الى "عدة عوامل لعبت دورا في ذلك ابرزها ارتفاع سعر الاعلاف وقلة الامطار العام الماضي". ويؤكد ان سعر طن العلف من الشعير يبلغ 750 الف دينار (600 دولار) في حين كان سعره العام الماضي 125 الف دينار (مئة دولار)". ويواجه العراق موجة قاسية من الجفاف بدات العام الماضي ادت الى تقلص مساحات المراعي المخصصة للماشية والاغنام خصوصا في مختلف انحاء البلاد وخصوصا الجنوب. ويضيف الربيعي ان "زيادة رواتب الموظفين لفترة قليلة وما تلاه من ارتفاع الاسعار بشكل عام ومن ثم اعادتها خفضها مجددا شكل احد اسباب زيادة سعر الاضاحي".

يشار الى ان الحكومة اقرت زيادة الرواتب بنسبة كبيرة قبل ان تعمد الى خفضها مجددا بطلب من صندوق النقد الدولي ونادي باريس للدول الدائنة وجهات اخرى. ويوضح تاجر الاغنام الذي يمارس هذه المهنة منذ 25 عاما ان "الطلب قليل جدا مقارنة مع السابق (...) فقد كنت كثير الانشغال نظرا لاقبال الزبائن العام الماضي". ويضيف "بعت العام الماضي حتى ظهر يوم الوقفة عشية العيد ما لا يقل عن خمسين رأسا من الغنم لكن مجموع ما بعته حتى الان لا يتجاوز 15 راسا" مشيرا الى ان "الاسعار تتراوح بين 200 الف دينار (170 دولار) و400 الف دينار (330 دولار)". ويؤكد ان "راس الغنم الذي يباع اليوم ب 200 الف دينار كان يساوي 130 الفا العام الماضي".

بدوره يعزو علاوي كاظم تاجر الماشية منذ ثلاثين عاما اسباب ارتفاع الاسعار الى تهريب الاغنام الى الدول المجاورة. ويضيف ان "الاغنام العراقية من اجود اللحوم في العالم وتفضلها الدول المجاورة التي تشتريها باسعار مرتفعة (...) لذا يفضل اصحاب النفوس الضعيفة تصديرها في غياب رقابة حكومية صارمة على ذلك". ورغم ارتفاع الاسعار يتوجه البعض الى اماكن بيع الماشية لشرائها تكريما لارواح اعزاء سقطوا في اعمال العنف التي تضرب العراق منذ الاجتياح الاميركي ربيع العام 2003.

ويقول عبد النبي حنش اللامي (66 عاما) "انني مرغم على شراء ضحية رغم ارتفاع الاسعار اكراما لذكرى ابني الذي قضى بانفجار سيارة مفخخة العام الماضي (...) بالنسبة لي انه واجب لكي يتذكره الناس كونه قتل دون ذنب اقترفه". ويشرح اللامي الذي يرتدي الزي التقليدي العربي مقتل ابنه قائلا "كان جالسا في دكانه في الكرادة فاذا بسيارة متوقفة امام المكان تنفجر ما ادى الى مقتله مع ابن خالته الذي كان برفقته". ويضيف "انها المرة الثانية التي اشتري فيها ضحية تكريما لذكراه (...) وساستمر بذلك ما امكن ان شاء الله".

من جانبه يقول باسم رحيمة بينما كان يختار راس غنم تكريما لابنائه الثلاثة الذين قضوا في حادثين منفصلين في بغداد ان "الاسعار مرتفعة كثيرا". ويضيف الضابط المتقاعد "فقدت اثنين من اولادي بانفجار عبوة ناسفة استهدفت سوقا شعبية جنوب بغداد فيما قتل ابني الثالث باطلاق نار اثناء اشتباكات بين القوات الاميركية وجيش المهدي". وفي هذا السياق يقول كاظم الستيني "قبل العام 2003 كان عدد زبائننا اقل بكثير مما نراه حاليا فقد قضى كثيرون في اعمال العنف خصوصا تلك الطائفية الطابع".

المغرب على وقع حمى البحث عن كبش العيد

اما في المغرب وقبل ايام من الاحتفال بعيد الاضحى او "العيد الكبير" كما يسمى ايضا في منطقة المغرب العربي ارتفعت حمى البحث عن كبش الاضحية في المغرب حيث سيتم ذبح ملايين الاكباش والخرفان والماعز الثلاثاء للمناسبة. بحسب الـ فرانس برس.

وبحسب ارقام رسمية فان المغاربة سيشترون نحو خمسة ملايين رأس من الضان (4,6 ملايين) والماعز (400 الف) للاحتفال بعيد الاضحى ضمن الاسر وعلى مدى ايام ثلاثة.

ويتوقع ان تسجل هذه الاحتفالات في عام 2008 رقم معاملات يفوق 7 مليارات درهم مغربي (640 مليون يورو) ما يشكل دفعة للاقتصاد الريفي والمهن الصغيرة المرتبطة بعيد الاضحى مثل مسني السكاكين والقصابين المتنقلين والدباغين.

وارتفعت اسعار الاغنام هذا العام عن العام الماضي بحسب متابعين للسوق.

وتتبع كافة الفئات الاجتماعية في المغرب هذه السنة المؤكدة بحسب التعاليم الاسلامية والاستثناء نادر الحدوث حتى ان المعدمين يقترضون المال لشراء خروف العيد او متى تعذر معزاة.

وتتراوح اسعار الاضاحي من 2500 الى 5000 درهم (227 الى 454 يورو) وحتى اكثر ان تعلق الامر بكبش وهي تشكل ارهاقا شديدا للاسر الاشد فقرا.

غير ان الضغط الاجتماعي شديد ويصعب معه تجاهل العيد. وكتبت صحيفة لوبينيون المقربة من الحكومة الخميس "ما العمل يوم العيد اذا لم يكن لدينا خروف نذبحه؟" مشيرة الى "ان الاكتفاء باستنشاق قتار شواء الجار يشكل معاناة رهيبة تكاد ان تكون اهانة".

وتسجل نهاية الاسبوع الاخيرة قبل العيد اعلى معدلات البيع وتشهد تدفق سكان المدن على الارياف وحتى جبال الاطلس لاقتناء افضل اضحية باحسن الاسعار.

ومهما يكن من امر فان العرض يفوق الطلب بكثير واكدت وزارة الزراعة المغربية ان 4,3 ملايين من ذكور الضان و2,5 مليون من رؤوس الاناث والماعز ستعرض للبيع ايام العيد هذا العام.

واشير الى ان الوضع الصحي للقطيع جيد بفضل حملة تلقيح كبيرة اتاحت تلقيح 19 مليون راس غنم (من قطيع مكون من 22 مليون راس غنم) ضد طاعون المجترات الصغيرة.

وذكرت السلطات الصحية مع ذلك باعراض تتيح التعرف على الشاة المصابة مثل ارتفاع حرارتها وفقدان شهيتها للعلف وصعوبات التنفس والسيلان من الانف او العين والجروح في الفم.

ويشتد الطلب على الخروف البالغ عاما من العمر والذي يملك قرنين جميلين. ويكتفي من لا يملك ما يكفي من المال لشراء خروف باقتناء نعاج او ماعز. والاعلى سعر بين الخرفان هو الخروف من نوع "السردي" يليه "البرقي".

ولكن مهما يكن نوع الكبش فان المهم وجوده يوم العيد حتى ان تطلب الامر الاستدانة. ويطالب الكثيرون في المغرب "بالعودة الى روح الضيافة والاخوة لمناسبة عيد الاضحى وان يهب الغني كبش العيد للفقير" كما تحرض عليه تعاليم الدين الاسلامي.

انتعاش بسوق الماشية في مصر

تشهد سوق الماشية في مدينة اشمون بمحافظة المنوفية في دلتا النيل بمصر حالة رواج كبيرة مع حلول عيد الاضحى.  بحسب رويترز.

لكن ثمة استياء عام من ارتفاع الأسعار حتى مع دخول الاقتصاد العالمي في حالة كساد.

والفترة السابقة على عيد الاضحى من اكثر الأوقات نشاطا عند تجار الماشية.

وتحدث أحد التجار بسوق أشمون عن الشروط التي يجب أن تتوفر في الأضحية قائلا انه لابد ان يكون خروف ذو قرنين.. ولا يكون أعورا ولا أعمى ولا يكون قرنه مكسور ولا يكون أعرج ويكون شرعيا كاملا.

لكن وسط ثغاء الأغنام وخوار الأبقار في السوق النشط كان الشعور العام هو الاستياء من ارتفاع الاسعار.

ويصل ثمن الكيلوجرام من الخراف الحية حاليا الى نحو 25 جنيها أي أن سعر الخروف الذي يزن 60 كيلوجراما فقط يبلغ 1500 جنيه.

وذكر رجل في السوق ان كثيرين كانوا يتوقعون انخفاض الاسعار وسط الظروف الاقتصادية الحالية. وقال محمد عبد الناصر ان الاسعار دائما في الزيادة رغم ان الاسعار مفروض تكون هذه السنة أقل نظرا لوجود ركود.

ولم يتأثر الاقتصاد المصري بنفس الدرجة التي تأثرت بها اقتصادات الدول الغربية بالازمة المالية. كما يتوقع ان يتراجع معدل التضخم الذي قفز الى نسبة مرتفعة قياسية في وقت سابق هذا العام.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في مصر يوم الاربعاء ان معدل التضخم في مصر هبط الى 20.9 بالمئة على أساس سنوي في نوفمبر تشرين الثاني من 21.2 بالمئة في أكتوبر تشرين الاول.

أسر جزائرية تشارك في ثمن الأضحية 

اما في الجزائر فقد لجأ العديد من الاسر الجزائرية الى الاشتراك في ثمن اضاحي عيد الاضحى المبارك، وعزت بعض هذه الاسر في تصريحاتها لوكالة الانباء الكويتية، السَّبب الى غلاء الخراف هذا العام فضلا عن تدني القدرة الشرائية لهذه العائلات التي اصبحت عاجزة عن دفع 30 الف دينار جزائري اي ما يعادل 450 دولارا اميركيا للخروف الواحد.

وقال الموظف جمال وهو رب اسرة من اربعة افراد ان ارخص خروف في السوق لا يقل سعره عن 18 الف دينار جزائري (200 دولار) وهو ما يعادل راتبه الشهري.

واشار الى ان رواتب المئات من الموظفين في الشركة التي يعمل بها تتراوح ما بين 12 الف دينار الى 20 الفا.

من جانبه قال مواطن اخر في متجر لبيع الاضاحي ان عيد الاضحى مختلف جدا عن الاعوام السابقة حيث ارتأت العديد من العائلات والاسر الاشتراك في شراء اضحية العيد.

واكد انه اشترك مع اخوته في شراء الاضحية لان سعرها مرتفع بالمقارنة مع السنوات الماضية وذلك في رأيه كان هو الحل الوحيد امامهم.

ومن جهتها تسابقت بعض العائلات الميسورة الحال في الاحياء الشعبية الى شراء الاضاحي، لتشارك بها في مسابقات لمصارعة الخراف والكباش، وهو ما اكده مزيان وهو شاب يملك مستودعا لبيع الكباش الخاصة بالمصارعة، فقد باع عددا كبيرا من الكباش باثمان تتراوح بين 30 الف دينار و70 الفا.

وهناك العديد من الكباش التي لها قرون كبيرة اعيد بيعها باثمان خيالية (200 الف دينار اي ما يعادل ثلاثة آلاف دولار) نظرا لما حققه من صلابة وربح في المبارزات التي خاضها.

واصبحت مبارزة الكباش عادة في الجزائر، خصوصا في الاحياء الشعبية وامام مرأى جمهور واسع غالبيته من الاطفال والشباب.

لكن العديد من علماء الدين حرموا هذه المظاهر ووجهوا دعوة للترفع عن هذه العادات.

أسواق تونس تنتعش بالرغم من ارتفاع أسعار الخراف

بالرغم من الارتفاع الهائل في أسعار الخراف الحية قبل عيد الأضحى تدفق المسلمون في تونس على الاسواق في أنحاء البلاد لشراء الاضاحي. بحسب رويترز

وترتفع الاسعار في العادة قبل عيد الاضحى مع زيادة الطلب على الاغنام والماشية. لكن التونسيين يقولون ان الاسعار ارتفعت بدرجة أكبر هذا العام بسبب تراجع معدلات سقوط الامطار الامر الذي كان له تأثير كبير على المراعي الخضراء.

وقال تونسي يدعى محمد عرفاوي كان يبحث عن خروف يشتريه في سوق العوينة بالقرب من تونس العاصمة ان أسعار الخراف أعلى من المعتاد.

وقال تاجر في السوق يدعى علي قسلطي ان كثيرا من التونسيين ومنهم بعض الموسرين لم يستطيعوا شراء الاضاحي هذا العام لارتفاع أسعارها. وأضاف أن الازمة المالية العالمية أثرت على أسعار كل السلع بما فيها الاغنام الحية.

وفتحت وزارة التجارة التونسية أربع مراكز لبيع الخراف بالوزن في محاولة للتيسير على الراغبين في شراء الاضاحي قبل العيد. وتتراوح الاسعار بين خمسة وستة دنانير (ثلاثة الى أربعة دولارات) للكيلوجرام.

كما سمحت الوزارة باستيراد مليون رأس من الغنم من الجزائر لطرحها للبيع في الأسواق التونسية.

وفي حادثة غريبة قتل كبش صاحبه قبل عيد الاضحى في تونس، حيث جرت العادة أن يضحي المسلمون بذبح خروف في عيد الاضحى.. لكن هذه المرة جرت الامور بشكل مخالف حيث لاقي تونسي حتفه على يد خروفه بسبب نطحة قوية.

وذكرت صحيفة الصباح التونسية يوم الجمعة ان القتيل كان يتفقد كبش العيد الذي اختار له سطح المنزل مكانا لقضاء فترة ما قبل عيد الاضحى.

وفي غفلة منه صوب الخروف نطحة قوية فقد على اثرها الرجل توازنه ليسقط من فوق سطح بيته ولفظ انفاسه امام منزله بعد اصابته بكسر في الجمجمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/كانون الثاني/2008 - 12/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م