
شبكة النبأ: تضرر الواقع الزراعي
في العراق خلال العقود الخمس الاخيرة بشكل فادح وخطير رغم
المحاولات المتواضعة التي كانت تبذل بين فترة واخرى.
حيث انحسرت مساحة الاراضي الزراعية بشكل كبير في جميع انحاء
البلاد مخلفة ورائها هكتارات من الصحاري القافرة بعد ان هجرها
مزارعوها بسبب السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة في هذا البلد
الزراعي.
فالحروب والهجرة السلبية نحو المدن فضلا الاهمال الكبير الذي
لحق بالمرفق الزراعي والثروة الحيوانية، عوامل اثرت بشكل فاعل
ومباشر على الامن الغذائي بصورة خاصة حيث اصبح العراق يعتمد على
الاستيراد لتأمين احتياجات سكانه الغذائية في الوقت الحاضر.
مؤخرا كشفت الحكومة العراقية عن خطوات لترميم هذا القطاع عبر
مجموعة من المشاريع الاروائية والتنموية.
خطة للقضاء على أملاح التربة
بدأ العراق في التخلص من الملوحة الزائدة من ملايين الافدنة من
الارض في مشروع يهدف الى تنظيف الانهار وبعث حياة جديدة في التربة
الميتة واحياء ما كان يوما ما جزءا من "الهلال الخصيب".
ويتجمع الملح على التربة عندما يرويها المزارعون بمياه مالحة او
لا يقومون بأعمال صرف لها على النحو الصحيح. وتصبح الارض تدريجيا
غير ذات فائدة.
وقال وزير الموارد المالية عبداللطيف رشيد في تدشين المشروع انه
مشروع كبير وان وزارته تسعى الى جمع المياه المالحة والتخلص منها
وازالة المياه الجوفية من وسط وجنوب البلاد. بحسب رويترز.
ويسعى المشروع الذي برزت فكرته للمرة الاولى في الخمسينيات من
القرن الماضي ولكنها ارجئت مرارا بسبب الاضطرابات السياسية الى
احياء ستة ملايين فدان من الارضي.
وتشكل المنطقة جزءا مما يصفه المؤرخون بالهلال الخصيب الذي يمتد
من شرق المتوسط الى العراق هابطا الى الخليج.
وتضررت الزراعة في العراق بعقود من الحروب وانعدام الاستقرار
والادارة البيئية السيئة. ويستورد العراق تقريبا كل غذائه ويستخدم
عائدات النفط في الدفع. والكثير من ميزانية الحكومة يتم انفاقها
على حصص الغذاء.
ويمكن تغيير الملوحة الضارة بضخ المياه الجوفية اسفل التربة على
مدى سنوات. ومثل تلك المشاريع على الرغم من تكلفتها ساعدت
المزارعين على اصلاح الارض الميتة في استراليا.
وقال رئيس الوزراء نوري المالكي في احتفال ان ما تم انجازه هو
رسالة بان العراقيين قادرون على اعادة اعمار بلادهم وخدمتها
وتنميتها.
محطة الناصرية الاروائية
وبدأت محطة الضخ في الناصرية على بعد 300 كيلومتر جنوب شرقي
بغداد العمل في الثمانينيات ولكن الحرب ضد ايران اوقفتها وحالت
عقوبات الامم المتحدة في التسعينيات دون امكانية استيراد قطع
الغيار لاستكمالها.
مزارعون يطالبون بمزيد من الدعم والجهات الحكومية تؤكد تقديمه
يشكو العديد من المزارعين، من قلة الدعم الحكومي لإعانته هو
وأمثاله على شراء المعدات الحديثة أو البذور المحسنة لتطوير قدرة
أراضيهم الزراعية وزيادة محاصيلها، فيما تؤكد الجهات الحكومية
تقديم الدعم الكامل للقطاع الزراعي.
يقول المزارع أبو سعد إن "الأسعار العالية للبذور والمبيدات
والأسمدة قد زادت وضع ارضي سوءا، كما اضطررت إلى حفر بئر في
المزرعة لتامين سقي النخيل وبعض الفواكه والخضر".
وقال إن "وضع الفلاح زاد سوءا بعد عام 2003"، وعزا السبب في ذلك
إلى أن "قبل هذا التاريخ لم تكن هناك شحة بالمياه ولم تكن هناك
خضار مستوردة يصعب منافستها".
مستشار وزارة الزراعة فيصل ناصر أكد أن "الحكومة العراقية قدمت
دعما كاملا للقطاع الزراعي للنهوض من واقعه المؤلم من خلال تقديم
القروض والمستلزمات الزراعية للفلاحين". بحسب تقرير لـ نيوزماتيك.
وأضاف ناصر أن "القطاع الزراعي كان يعاني من تدهور كبير قبل عام
2003 بسبب عدم استعمال التقنيات الحديثة وبعد العام 2003 إزداد
الوضع سوءا، إلا أن الدولة اتخذت خطوات فاعلة لدعم هذا القطاع
الحيوي".
وبين المستشار أن "وزارة الزراعة قدمت الدعم الكامل للمزارعين
من خلال تقديم الأسمدة بأسعار مدعومة، إذ أن سماد اليوريا الذي
يقدم للمزارعين يكلفنا شراءه 550 ألف دينار من وزارة الصناعة لكنه
يقدم للمزارع بـ200 ألف دينار، بينما يتراوح سعره عالميا ما بين
800 إلى 1000 دولار للطن الواحد".
وعن أزمة الجفاف التي تواجه العراق وتأثيرها على الواقع الزراعي
قال المستشار إن "هناك جهود كبيرة من اجل مواجهة الجفاف، إلا أنه
وبتوجيه من دولة رئيس الوزراء تم تشكيل لجنة برئاسة وزير الزراعة
والموارد المائية والنفط والكهرباء من اجل اتخاذ القرارات لتخفيف
وطأة الجفاف على المزارع".
وأوضح أنه تم "رصد مبلغ يقدر بـ200 مليار دينار لتعويض الفلاحين
الذين تضرروا من الجفاف وأيضا تم توفير كميات من الأعلاف المدعومة
من الدولة لمربي الحيوانات".
وأشار إلى أن "وزارة الزراعة قدمت تسهيلات خاصة للحصول على
الآلات الزراعية الحديثة للفلاحين، ولمواجهة أزمة الجفاف تم تقديم
الآلات والمعدات المتطورة للفلاحين وبنصف الأسعار".
وذكر أن هناك "خطة لحفر الآبار الارتوازية وبأحدث معدات الحفر
لمواجهة شحة المياه التي تواجه العراق".
أما احمد داوود ولديه مزرعة في محافظة كربلاء، فدعا الحكومة إلى
توفير مادة الكاز التي تحتاجها مضخته التي تعمل لسقي المزروعات
التي بات الجفاف يهددها.
وأوضح داوود أن "هذه من أهم المشاكل التي يعاني منها المزارع
العراقي نظرا لانقطاع الكهرباء فيضطر إلى شراء مادة الكاز من
الأسواق مما يتطلب مبالغ كبيرة".
وأضاف "لدينا مشاكل أخرى منها شحة المياه مما يتطلب حفر آبار
وهذا بدوره يحتاج إلى دعم حكومي نظرا لتكلفة الحفر العالية".
وتابع داوود أن "هناك مشكلة أخرى وهي قلة الأسمدة"، داعيا
الحكومة إلى توفير السماد المستورد من مناشئ عالمية غير اليوريا
كونه سمادا قديما ونحن ندعو الدولة إلى توفير سماد آخر متطور".
إلا أنه أشاد بالقروض الممنوحة من قبل الدولة للفلاحين قائلا إن
"القروض ساعدت في إنشاء مشاريع زراعية حيوية كثيرة".
فيما دعا علي إبراهيم، صاحب مزرعة في محافظة كربلاء، الحكومة
العراقية إلى اتخاذ إجراءات سريعة للحد من ظاهرة استيراد الخضر
والفواكه لما لها من تأثير على بيع الإنتاج المحلي.
تهديد باستجواب الوزير
من جانبهم هدد عدد من نواب الكتل السياسية في البرلمان العراقي"
باستجواب وزير الزراعة العراقي علي البهادلي، وتحميله مسؤولية تردي
الواقع الزراعي في البلاد في حال استمرار الوزارة بإهمال القطاع
الزراعي".
وأوضح النائب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون في مؤتمر صحفي
عقده عدد من النواب بالمنطقة الخضراء، " ان "القطاع الزراعي يعاني
من أزمة جفاف حادة ،بسبب عدم اتخاذ الحكومة العراقية ووزارة
الزراعة أي إجراء لمواجهة ظروف الجفاف التي تمر بها البلاد حاليا".
بحسب نيوزماتيك.
وأضاف السعدون أن "ادعاء وزارة الزراعة العراقية بالجفاف الذي
تمر به البلاد، كحجة لعدم دعم القطاع الزراعي بالبذور وكافة
المستلزمات الزراعية هو أمر مرفوض وغير مقبول بتاتا".
وأكد السعدون أن "جميع الخبراء الزراعيين يعلمون ان الموسم
الزراعي في العراق يبدأ بشهر أيلول الحالي، إلا أن وزارة الزراعة
لم تسلم الفلاحين في جميع المحافظات العراقية أي كميات من البذور
لكي يبدؤوا بزراعة أراضيهم، مما يعني ان الموسم الزراعي لهذا العام
سيكون ذو إنتاجية ضعيفة جدا"، على حد قوله.
النائب عن قائمة التحالف الكردستاني قال إن "خمسين برلمانيا
يستعدون ألان لتقديم طلب استجواب لوزير الزراعة العراقي علي
البهادلي في حال فشل وزارته بإنجاح القطاع الزراعي لهذا العام".
من جانبه أكد النائب عن قائمة الائتلاف الموحد عبد الأمير
الغزالي"وجود خلل كبير في عمل وزارة الزراعة العراقية، يتمثل بعدم
وجود خطط واضحة لتنمية القطاع الزراعي في العراق من جديد".
وبين الغزالي في المؤتمر الصحفي أن" الوزارة لم تستطع لحد ألآن
تسليم مبالغ الحنطة التي اشترتها من الفلاحين خلال الموسم الزراعي
الماضي، فضلا عن أنها لم تباشر بتسليم البذور والمستلزمات الزراعية
لأغلب الفلاحين للبدء بالموسم الزراعي".
وأشار الغزالي إلى أن" الزراعة في وسط العراق تعاني حاليا من
أزمات كبيرة، قد تؤدي إلى تحويل العديد من الأراضي التي يتم فيها
زراعة محصول الرز إلى أراضي جرداء، بسبب موسم الجفاف الذي يمر به
العراق، فضلا عن قطع المياه عن هذه الأراضي خلال الفترة الماضية".
النائب عن قائمة الائتلاف الموحد ذكر ان "سبعين برلمانيا وقعوا
على مذكرة سترفع إلى الحكومة العراقية تطالب فيها بالبدء بحفر أبار
ارتوازية لمربي الحيوانات في العراق، وإنقاذهم وحيواناتهم من الجوع
والهلاك بسبب الجفاف الذي تمر به البلاد".
وشدد الغزالي "على ضرورة أن تتعامل الحكومة العراقية بجدية
بشان قضية حفر الآبار لمربي الحيوانات الذين يقدر عددهم ب750 إلف
نسمة، وتمتد مساحة تواجدهم من مدينة الموصل شمالا إلى مدينة
البصرة جنوبا"، حسب قوله.
من جهته قال النائب عن القائمة العراقية حسام العزاوي إن "الوضع
الزراعي الحالي ينذر بالخطر، بسبب الجفاف الذي تمر به البلاد ،فضلا
عن قطع تركيا وإيران لمجرى عدد من الأنهار التي كانت تصب في
الأراضي العراقية".
وأضاف العزاوي أن "الحكومة العراقية تبحث حاليا مع الحكومة
الإيرانية إعادة مناسيب المياه التي كانت تصل إلى العراق، عن طريق
بعض فروع الأنهار التي حولت طهران مجراها إلى داخل أراضيها".
وحمل العزاوي "وزارتي الزراعة والموارد المائية مسؤولية عدم وضع
خطط واضحة لمعالجة الجفاف في العراق، وإيجاد بدائل لاستمرار إرواء
الأراضي الزراعية".
وبين العزاوي أن "هناك توجها لدى عدد كبير من النواب لاستجواب
وزير الزراعة بشان الخطة التي تتبعها الوزارة، في تنمية القطاع
الزراعي في البلاد".
يذكر أن العراق يمر بموسم جفاف بسبب قلة الإمطار الساقطة فيه
خلال الشتاء الماضي، فضلا عن النقص الشديد في منسوب المياه التي
تصل إلى أراضيه من نهري دجلة والفرات، بسبب إقامة تركيا وسوريا
لعدد من السدود على النهرين، مما أدى إلى قلة مناسيب التي تصل
للأراضي العراقية خلال الفترة الماضية. |