الأطفال حطَب الحروب الأهلية

شُبّان الكونغو بين التجنيد القسري والاستغلال الجنسي

إعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: لم تستثني رحى الحرب الأهلية الطاحنة في الكونغو الديمقراطية شريحة الأطفال من دوامة الموت التي تعصف بالبلاد.

فالجوع والتشريد والانتهاكات الجسدية باتت كلها ظاهرة وحشية تنتشر بين صفوف اللاجئين من الأطفال، فضلا عن عمليات التجنيد القصري التي تتم على يد الفصائل المتقاتلة.

فيما أمست أنباء الاستغلال الجنسي ضد تلك الشريحة من الحالات السائدة في المخيمات أو لمن وجدوا في الأدغال ملاذ لهم من وطيس المعارك.

 وتؤكد المنظمات الإنسانية على أن الأطفال المنفصلين عن أسرهم هم أكثر عرضة لخطر التجنيد، حيث يجبر الصبية على القتال بينما تصبح الفتيات "زوجات" للجنود.  

كيفو الشمالية أسوأ مكان لطفل

قال عمال اغاثة إن مئات الآلاف من الأطفال الكونغوليين المكدسين في مخيمات لاجئين قذرة أو الهائمين في الأدغال يواجهون الجوع والمرض والاستغلال الجنسي أو تجنيدهم من قبل الفصائل المسلحة المتناحرة.

وأجبرت أسابيع من العنف أكثر من 250 ألف شخص على النزوح عن ديارهم أو عن مخيمات متداعية لجأوا اليها ليتجاوز عدد من شردتهم سنوات القتال في اقليم كيفو الشمالية بجمهورية الكونجو الديمقراطية المليون شخص. بحسب (رويترز).

وقال جورج جراهام المتحدث باسم منظمة "انقذوا الاطفال" في العاصمة الاقليمية جوما "كيفو الشمالية قد تكون أسوأ مكان لطفل. ما من شك في أن الاطفال كانوا الاشد تضررا بالصراع الحديث."

وأبلغ جايا مورثي المتحدث باسم صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) رويترز في جوما "عندما يفر الاطفال من القتال يصبحون أكثر عرضة للامراض وسوء التغذية وأكثر عرضة لمخاطر مثل الانتهاك الجنسي والاستغلال والعنف والتجنيد في جماعات مسلحة."

وقال إن الاطفال يمثلون 60 في المئة من 1.1 مليون مشرد. وقال "نقدر أنه يوجد حوالي ألفين الى ثلاثة الاف طفل في الجماعات المسلحة والتجنيد مستمر الان.

"كانت هناك محنة صامتة للاطفال على مدى السنوات الخمس الماضية وهي الان تتفجر مجددا فحسب."

ونفذ المقاتلون من الجانبين هجمات واعمال نهب واغتصبوا وقتلوا مدنيين في غارات تقول قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في الكونجو انها تنطوي على جرائم حرب.

ونقلت منظمة حقوق الانسان "هيومان رايتس ووتش" ومقرها الولايات المتحدة عن مصادر محلية ومدنيين قولهم ان 50 مدنيا على الاقل قتلوا الاسبوع الماضي في كيوانجا التي تبعد 70 كيلومترا شمالي جوما.

اغلاق معظم المدارس

كما أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية قد أجبر معظم المدارس في منطقة روتشورو على إغلاق أبوابها، مما ترك 150,000 طفل تقريباً خارج فصول الدراسة.

وأخبر جايا مورثي، مسؤول الاتصالات في ‏اليونيسف، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "معظم الأطفال تعرضوا للنزوح" وأن "آخرين في المنطقة لم يتمكنوا من ارتياد المدرسة".

وكان القتال قد اندلع مجدداً نهاية شهر أغسطس/آب في شمال كيفو بين الجماعة المتمردة المعروفة باسم المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب بقيادة الجنرال السابق لوران نكوندا من جهة والجيش الكونغولي المتحالف مع المليشيات من جهة أخرى.

ومع ازدياد موجة العنف، علقت الدراسة في 85 بالمائة من المدارس في المنطقة والتي يصل عددها إلى 310 مدرسة، في الوقت الذي لجأ فيه العديد من النازحين المدنيين بالإضافة إلى الجيش الكونغولي إلى المباني المدرسية.

كما أدى النزاع إلى نزوح المدنيين حيث صرحت اليونيسف أن مئات الآلاف منهم يتحركون شمالاً بسبب عمليات النهب المستمرة في كانيابايونجا.

ويتضمن هؤلاء 15,000 شخص فروا إلى كيشارو و15,000 إلى فيتشومبي و5,000 إلى باتيمبو بينما يتواجد الآلاف بين منطقتي كيواندجا وروتشورو. ويواجه النازحون خطر الإصابة بالكوليرا والحصبة وازدياد معدلات سوء التغذية بين الأطفال الذين هم عرضة أيضاً للانفصال عن أسرهم.

وقال مورثي أن "الأوضاع ما تزال متوترة ومتقلبة... فالقتال ينشب في مناطق مختلفة بشكل شبه يومي".

ووفقاً لعمال الإغاثة، تعرض 250,000 مدني للنزوح بسبب القتال من بينهم 65,000 شخص كانوا يعيشون في مخيمات في كيباتي، التي تبعد بضعة كيلومترات فقط عن خط الجبهة.

وتدرس الأمم المتحدة حالياً إرسال 3,000 عنصراً لمساندة قوة حفظ السلام التابعة لها والمؤلفة من 17,000 جندي.

وقال مورثي أن "اليونيسف ستقوم ببناء فصول طارئة وستوزع المستلزمات المدرسية عند فتح المدارس".

وأضاف"يعد الأمر كابوساً متكرراً بالنسبة لهؤلاء الأطفال... يعاني الأطفال الذين يتم إجبارهم على دخول النزاعات المسلحة من أضرار جسدية وعاطفية شديدة. كما يشعرون بالصدمة لانفصالهم عن أسرهم وقد يواجهون الإعدام والضرب والتعذيب. كما أصبحت الكثير من الفتيات الصغيرات أمهات".

كما تنتشر الاعتداءات التي تشنها الجماعات المسلحة على المدارس. ففي 10 أكتوبر/تشرين الأول، تعرض سبعة أطفال وثلاثة معلمين للاختطاف عندما وقعوا ضحية كمين خارج مدرستهم في منطقة ماسيسي، شمال غرب جوما عاصمة إقليم شمال كيفو. وقد تم احتجاز الأطفال ومعلميهم ليومين قبل أن يتمكنوا من الفرار. وبعد أسبوعين قامت جماعة مسلحة بالاعتداء على مدرسة ثانوية في شاشا التي تبعد سبعة كيلومترات ساكي قرب بحيرة كيفو.

وقالت ماثيسون: "أخبرني أحد الأطفال أنهم يخشون العودة إلى المدرسة خوفاً من التعرض للهجوم... التعليم هو الأمل الوحيد لهؤلاء الأطفال لنيل مستقبل أفضل وإذا لم يذهبوا إلى المدرسة فسوف يفقدون هذا الأمل".

وفي أثناء ذلك، توفر ليونيسف مياهاً نظيفة إلى كيباتي وموغونغا بالإضافة إلى أعمدة تطهير المياه والمراحيض للوقاية من خطر انتشار الكوليرا.

كما أن حالات الإصابة بالحصبة مستمرة بالظهور في مناطق النزوح ولذلك سيتم قريباً استئناف حملات التلقيح التي توقفت بسبب القتال.

 وعن ذلك قال ميرثي: "ستقوم اليونيسف بتلقيح 66,000 طفل خلال الأيام والأسابيع القادمة" مضيفاً أن انتشار الحصبة قد يتفاقم بسبب الحركة الكبيرة للسكان.

ظاهرة تجنيد الاطفال

كما كشف مسؤولون تابعون للأمم المتحدة وناشطون حقوقيون أنه في الوقت الذي يستمر فيه القتال، هناك تقارير تشير إلى قيام المتمردين بتجنيد الأطفال في مناطق النزاع.

حيث بات الأطفال المنفصلين عن أسرهم هم أكثر عرضة لخطر التجنيد عندما يجبر الصبية على القتال بينما تصبح الفتيات "زوجات" للجنود.

بدورها، قالت إيزبيل ماثيسون، المتحدة باسم منظمة إنقاذ الطفولة أن "البلاد شهدت زيادة في أعداد الأطفال الذين يتعرضون للتجنيد منذ اندلاع موجة العنف الأخيرة". وتهتم هذه المنظمة غير الحكومية بالأطفال الذين تمكنوا مؤخراً من الهرب من قبضة الجماعات المسلحة.

وقالت ماثيسون أن عدد الأطفال الذين تحتجزهم الجماعات المسلحة قبل اندلاع أعمال العنف الأخيرة يقدر بحوالي 3,000 طفل إلا أنه من المتوقع أن ترتفع هذه الأعداد أكثر من ذلك.

وخلال العام الماضي، تمكنت منظمة إنقاذ الطفولة التي تدير واحداً من أكبر برامج إعادة دمج الأطفال الجنود في مجتمعاتهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، من مساعدة 2,200 طفل في الخروج من الجماعات المسلحة وجمعت معظمهم بأسرهم من جديد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/كانون الثاني/2008 - 3/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م