شؤون كردية: خطوات على طريق الانفصال

سلوكيات المسؤولين الاكراد تنافي اقوالهم وشعاراتهم

اعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: يتمسك اكراد العراق دائما بتصريحاتهم المعلنة عن خلو نواياهم من فكرة الانفصال، دافعين بالشكوك التي تثار من بعض الاطراف او الفرقاء السياسيين بين الفينة والاخرى، بجدية وحجم مشاركتهم الفاعلة  في العملية السياسية العراقية بشكل يستحيل نكرانه.

ويتمع اكراد العراق بالكثير من الامتيازات المكتسبة، حيث أسسوا لهم اقليم خاص،  وادرجت الكردية كلغة اساسية معتمدة الى جانب اللغة العربية، فضلا عن حصولهم على ميزانية استثنائية من موارد الدولة والتي يعدها الكثيرون انها اضخم من استحقاقهم الفعلي.

لكن مما يثير الريبة لدى الشركاء الاخرين في العراق من العرب والاقليات بعض السلوكيات السياسية لدى الساسة الكرد.

حيث يطالب الاكراد بقوة بضم مدينة كركوك الغنية بالنفط وبعض المناطق المحاذية باعتبارها كما يدعي الساسة الكرد جزء من اراضي الاقليم.

فيما يتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن الاكراد (دون أن يسميهم) يحركون قواتهم لمواجهة قوات الحكومة الاتحادية ويفتحون مقار خاصة بهم لبعثات دبلوماسية ويبرمون عقودا نفطية دون موافقة بغداد.

كما فُسِّرت دعوة البارزاني الولايات المتحدة اقامة قواعد عسكرية امريكية في الاقليم، على انها تجاوز في الصلاحيات الممنوحة للاقليم.

شحنة السلاح البلغاري

مؤخرا تم افتضاح أمر شحنة السلاح المهرّبة الى كردستان حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) الامريكية أن ثلاثة مسؤولين امريكيين كشفوا لها أن الاكراد تسلموا الخريف الحالي شحنة سلاح تم استيرادها من بلغاريا، مشيرة الى أن الصفقة تمت خارج تدابير شراء السلاح التي تتولاها الحكومة العراقية الامر الذي اثار حفيظة العراقيين والامريكيين على حد سواء.

وقالت الصحيفة إن ثلاثة مسؤولين امريكيين لم يفصحوا عن اسمائهم “لحساسية المعلومات” قالوا إن “ثلاث طائرات عسكرية من طراز C-130 وصلت الى مدينة السليمانية شهر ايلول سبتمبر الماضي وعلى متنها حمولة من الاسلحة التي تم استيرادها من بلغاريا”.

وأضافت الصحيفة أن “كميات السلاح الكبيرة وتوقيت شحنها اثار قلق المسؤولين الامريكيين نظرا للأوضاع السياسية التي يمر بها العراق”.

وتذهب الصحيفة الى أن مسؤولين اكراد “رفضوا التعليق عن اسئلة وجهتها الصحيفة لهم بشأن هذه الشحنات، الا أنهم ارسلوا بيانا أوضحوا فيه أن حكومة اقليم كردستان ما زالت في صدارة الحرب على الارهاب في العراق، ومع تواصل هذا التهديد ليس هنالك في الدستور ما يمنع من حصولها على تجهيزات دفاعية”.

ونقلت الصحيفة عن وزير الداخلية العراقي جواد البولاني قوله إن “مثل هذه الصفقة تشكل خرقا” للقانون العراقي لأن وزارتي الداخلية والدفاع لهما الحق حصريا في استيراد الاسلحة”.

وأردفت الواشنطن بوست أن خبراء في الدستور العراقي بينوا لها أن “الدستور لا يوضح ما اذا كان يحق لمسؤولين محليين استيراد الاسلحة ومع ذلك فأن مسؤولين عراقيين وامريكيين يؤكدون أن وزارتي الداخلية والدفاع لهما فقط الحق في استيراد السلاح حيث تقوم الدفاع بتجهيز الجيش فيما توفر الداخلية السلاح لقوات الشرطة”.

ويقول البريغادير جنرال تشارلس لاكي من الجيش الامريكي لواشنطن بوست إن الحكومة العراقية “حصلت على معظم سلاحها من خلال برنامج مبيعات الجيش الأجنبي (Foreign Military Sales program) وهو نظام تجهيز تديره الولايات المتحدة”، مشيرا الى أن أية سلطات اخرى في البلد لاحق لها في شراء السلاح من الخارج بنحو مستقل.

وتضيف الصحيفة أنه “مع وجود الاف الضباط الامريكيين المشاركين في تدريب قوات الامن العراقية، يصعب وجود شئ لا تعرفه الولايات المتحدة عن الاسلحة التي يستوردها العراق قانونيا، الا ان شحنات السلاح التي استوردت من بلغاريا في ايلول سبتمبر الماضي اثارت حفيظة الجيش الامريكي”، كما قال المسؤولون الامريكيون الثلاثة، الذين أشاروا الى أنهم علموا بالامر لاول مرة من مصدر في بلغاريا.

وأخطرت الصحيفة أن “المسؤولين الثلاثة ليسوا على علم فيما اذا كان الجانب الامريكي قد واجه الاكراد بهذا الموضوع او ما اذا كان قد أعلم حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي به”.

البيشمركة تنفي

من جانبه نفى وكيل وزارة البيشمركة بحكومة إقليم كردستان العراق اللواء جبار ياور ما ذكرته صحيفة أمريكية على لسان مسؤولين أمريكيين بشأن قيام حكومة الإقليم بشراء أسلحة من بلغاريا سرا لتجهيز مقاتلي البيشمركة بها، وقال إن لدى قواته خزينا كافيا من الأسلحة حصل عليها من مخازن الجيش العراقي السابق. بحسب (نيوزماتيك).

وأضاف ياور إن "الأنباء التي نشرتها الصحيفة، كاذبة وغير صحيحة على الإطلاق، لأن حكومة الإقليم لم تتعامل بأي شكل من الأشكال مع شركات صناعة وبيع السلاح سواء من بلغاريا أو غيرها".

وتساءل وكيل وزارة البيشمركة "هل يعقل أن تتمكن ثلاث طائرات محملة بالأسلحة من عبور أجواء عدة دول والوصول إلى العراق من دون علم القوات الأمريكية؟"، مبينا أن "أجواء العراق ومطاراته تخضع لسيطرة القوات الأمريكية".

وأوضح  ياور أن "حكومة الإقليم لم تقرر لحد الآن شراء أسلحة، وإذا أرادت ذلك فأنها ستحتاج لموافقة الحكومة الاتحادية ببغداد، لأن كردستان إقليم فيدرالي ضمن الدولة العراقية"، مشيرا إلى "توفر خزين كبير من السلاح لدى قوات البيشمركة، لم تستعمله بعد لاستقرار الوضع في إقليم كردستان" حسب قوله.

وأوضح ياور إلى أن "الحرب الأخيرة عام 2003 أدت إلى وقوع كميات كبيرة من أسلحة الجيش العراقي خاصة الفيالق الأول والثاني والخامس، بمتناول البيشمركة"، مبينا أنها "أسلحة جيدة وتجري لها عمليات إدامة وصيانة مستمرة".

ولفت ياور إلى أن "حكومة الإقليم ليست لديها إمكانيات مادية لشراء السلاح، ولم نحصل على أي موازنة لذلك من الحكومة الاتحادية".

شريطة الابلاغ...الحكومة العراقية لا تعترض على التسليح

وقال متحدث باسم الحكومة إن الحكومة العراقية لا توجد لديها اعتراضات على شراء السلطات الكردية للسلاح والذخيرة من أجل تسليح قوات أمنها ولكن يتعين ابلاغ بغداد بذلك.

ولكن المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ قال إن الحكومة لن تعارض أن يسلح الاكراد شرطتهم اذا كان الهدف من ذلك تعزيز الامن الوطني أو الاقليمي.

وأضاف الدباغ أنه لا ينفي أن هناك بعض التوتر بين حكومة كردستان والحكومة الاتحادية بسبب عدة قضايا ولكن الامر لن يصل الى مستوى الصراع. بحسب نيوزماتيك.

وفي أغسطس اب كاد مقاتلو البشمركة الاكراد والجنود الحكوميون يدخلون في مواجهة بسبب مدينة خانقين ذات الخليط الطائفي بمحافظة ديالى.

وقال الدباغ إن الحكومات الاقليمية لا تملك سلطة تسليح نفسها ولكن القانون ملتبس على نحو يصعب تجنبه فيما يعكف العراق على بناء نظام اتحادي بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

وتابع الدباغ أنه كان على الاكراد الذين تمتعوا بحكم ذاتي في الشمال منذ حرب الخليج الاولى عام 1991 أن يطلبوا من السلطات المركزية المعدات أو أن يبلغوا الحكومة الاتحادية بذلك.

وأضاف أن بغداد تتفهم وجود تهديد وأن الاكراد بحاجة لاسلحة للشرطة. واستبعد أن ترفض الحكومة الاتحادية ذلك ما دام الامر يجري في هذه الظروف.

استحالة اقامة الدولة الكردية

من جانبه دحض رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني تلك اتهامات الانفصال بقوله   إن "الكرد يرفضون فصل إقليم كردستان عن بقية أنحاء العراق"، واتهم جهات سياسية عراقية لم يسمها "بمحاولة تخريب العلاقات بين الكرد وبقية مكونات الشعب العراقي".

وقال البارزاني في كلمة له، خلال مراسيم تأبين 150 مواطنا كرديا اعدموا من قبل النظام السابق إن "الكرد يرفضون أن يتم فصل إقليم كردستان عن بقية إنحاء العراق، مبينا أنهم "يعملون على إيجاد حالة من الترابط بين كافة أجزاء العراق".

وأشار البارزاني إلى "وجود محاولات لتخريب علاقة الأخوة بين العرب والأكراد من قبل أشخاص وجهات"، مؤكدا أنه "يجب عدم تخريب الأخوة العربية الكردية من اجل الحصول على بعض الأصوات الانتخابية". بحسب اصوات العراق.

وأوضح البارزاني أن "مطالبة الكرد بنظام فدرالي ديمقراطي في العراق هي لمنع تكرار المآسي التي عاشها الكرد خلال حملات حكم نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين"، مشيرا إلى أن "المواطنين الذين يتم تأبينهم اليوم دليل على الظلم الذي لحق بالشعب الكردي خلال الفترة السابقة".

كما اكد وزير المناطق خارج إقليم كردستان، إن الاقليم لايمكنه الانفصال عن العراق لأنه من “الاستحالة” أن تكون هناك دولة كردية، مشيرا الى أن المواطن العراقي في كربلاء هو أقرب الى الاقليم من اكراد تركيا.

وأوضح محمد احسان الذي يشغل ايضا رئاسة لجنة المادة 140 في الاقليم خلال حديث لعدد من الصحفيين اثناء زيارته مدينة كربلاء اليوم الاحد أن “إقليم كردستان لا يمكن له الانفصال عن العراق كما نسمع ونقرأ في أدبيات بعض الساسة ومن الاستحالة أن تكون هنالك دولة كردية”، مشيرا الى أن “المواطن العراقي في كربلاء هو اقرب إلينا من المواطن الكردي في تركيا”.

وتطرق احسان في حديثه الى محافظة كركوك، حيث بين أن “كركوك تعرضت إلى عمليات تعريب في زمن النظام السابق وهذا أمر يدركه الساسة الأكراد، لذا ليس هنالك أي توجه لتكريد كركوك التي تعتبر احد مدن العراق حالها حال كربلاء والسليمانية والبصرة”.

وأردف احسان “نحن نعمل على تعويض من يريد العودة إلى مناطقه الأصلية”، موضحا أن “كركوك فيها عشائر عربية أصيلة لا يمكن لأحد أن يخرجها من مناطقها”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/كانون الثاني/2008 - 3/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م