التطوع في اللغة تعني: تفعل من الطاعة وهو ما تبرع به من ذات
نفسه مما لا يلزمه فرضه.(1)
وفي الاصطلاح الشرعي تعني: يطلق على الأعمال والعبادات التي
يحبذها الشرع دون أن يعتبرها فرضا واجبا على المكلف. (2)
وأما على الصعيد الاجتماعي فيقصد من التطوع: ذلك الجهد أو الوقت
أو المال الذي يبذله الإنسان في خدمة مجتمعه دون أن يفرض عليه،
ودون انتظار عائد مادي في المقابل. (3)
ان مجتمعنا الإسلامي يحتاج إلى الكثير من العاملين المتطوعين
فهناك مجالات كثيرة لدينا ولدينا حالات الفقر الزائدة والأيتام
بحاجة إلى من يرعاهم ومن ينفق عليهم والمعاقين أيضا.
ويجب ان يشهد مجتمعنا الإسلامي إقبال كبير من المسلمين على
العمل التطوعي فهناك آيات كثيرة دعت إلى العمل الصالح منها:
قال تعالى:
ــ (ومن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا
هم يحزنون). (4)
ــ (وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى). (5)
ــ (ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى).
(6)
كل هذه الآيات تشهد لكي يقوم المسلم بالعمل الصالح ويتطوع ويخدم
الناس فالمفروض ان يكون هناك إقبال أكثر على العمل التطوعي مما هو
عليه الآن.
والمرجع الراحل السيد محمد الشيرازي – رحمه الله – كان يوصي
وكلاؤه ومقلديه وزائريه على خدمة أهل البيت (ع) والناس ومساعدة
الفقراء والأيتام.
وان أسباب ابتعاد الناس عن العمل التطوعي كثيرة منها:
1- ان وسائل الإعلام تجذب الناس إليها فيهتم الناس بها كثيرا
فينشغلوا عن الاهتمام بخدمة الناس والمجتمع.
2- الاهتمام بالذات وإهمال الآخرين، فهو ربما يقضي معظم وقته في
تطوير وخدمة مصالحه الخاصة فيصرف النظر عن خدمة الآخرين.
3- الابتعاد عن جو التدين، فإن كان الإنسان عالما بالثواب الذي
يلقاه نتيجة خدمته للناس والمجتمع لا يبالي ان لاقى عائد مالي على
ذلك أم لا فهو يعلم انه يحصل آجره من الله سبحانه وتعالى.
الكثيرين يعتذرون عن العمل التطوعي بالتزاماتهم الدراسية وهذا
غالبا ما يكون مبررا للتهرب من العمل فإن الالتزامات الدراسية
تلاحق الإنسان معظم حياته فأولا الدراسة المدرسية ثم الجامعية وبعد
ان ينال الشهادة الجامعية (البكالوريوس) يطمح لكي ينال شهادة أعلى
وهي (الماجستير) ثم (الدكتوراه) فالإنسان دائما يطمح لما هو أفضل
وهكذا يكون قد أمضى معظم حياته في الالتزامات الدراسية.
لكن ان نظم وقته جيدا سيجد القليل من وقته على الأقل لخدمة
المجتمع، ولعل الكثيرين يتساءلون ما قد يكسبوه من العمل التطوعي
وخدمة المجتمع.
يذكر الشيخ حسن الصفار في كتيبه (العمل التطوعي في خدمة
المجتمع) عدة نتائج ومكاسب منها:
1- يكتسب الإنسان راحة نفسية وسعادة معنوية كبيرة
2- العمل الاجتماعي ينمي عند الإنسان قدرات ذهنية ومهارات
ومؤهلات سلوكية
3- ينال مكانة في المجتمع
4- يحصل على ثواب الله تعالى وجزائه. (7)
وفي ختام هذه المقالة ادعوا المسلمين إلى العمل التطوعي وتشجيع
غيرهم على ذلك وادعوهم إلى الإخلاص في العمل.
فالإخلاص في العمل من مفاتيح نجاح العمل وقبوله عند الله سبحانه
وتعالى.
وادعوهم أيضا إلى الإتقان في العمل فقد روي عن رسول الله (ص)
انه قال: (إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا ان يتقنه). (8)
والحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
* كاتب من سلطنة عمان
...........................
من مصادر التهميش:
1- لسان العرب ج4 ص626 / لابن منظور
2- العمل التطوعي في خدمة المجتمع / للشيخ حسن
الصفار
3- المصدر السابق
4- سورة المائدة آية 69
5- سورة الكهف آية 88
6- سورة طه آية 75
7- ملاحظة: ربما لم انقل النتائج والمكاسب نصا
من الكتيب ولكن هذا هو المفهوم منها
8- كنز العمال حديث 9128 |