القطاع الصحي: العراق لم يعُُُُُُُُُُُُُُد رائداً فيه والعشائر تطارد الاطباء طلَباً للديّة

بوادر مشروع ضخم للنهوض بالواقع الصحي وعودة 800 طبيب للوطن

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: حين تجيء الحروب يجيء معها المرض والفقر والفساد بشتى أنواعه، وربما كان مقدراً على العراقيين ان يقبعوا في عقود من الإقتتال والحروب رغما عنهم، غير مخيرين في هذا الامر مما كانت تعكس صورته تصرفات النظام الفاشي آنذاك، من ولعه بالقتال وآلة الحرب، حتى تتسلسل الأمور فتصل إلى فلول ذلك النظام المتمثل بالفئات الإرهابية التي تقتل وتعيث في الارض فسادا، فأدت افعالهم الشنيعة إلى هجرة أغلب العقول العراقية من الكوادر الطبية خاصة، بعد تعرضهم للقتل والخطف والتهديد. مما أفرغ العراق من عقول ابناءه البررة والهمم التي يرتقي بها.

فنظام الرعاية الصحية في العراق بلغ أسوأ مرحلة في تاريخه.. فبعد خمسة أعوام على بدء الحرب، لا يستطيع الكثير من العراقيين ان يحصلوا على الرعاية الصحية الاساسية، وهناك نقص في الكوادر المؤهلة، كما ان العديد من المستشفيات والمرافق الصحية لا تتم المحافظة عليها بالشكل المطلوب.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على الجانب الصحي في العراق اليوم، وما آل إليه القطاع الصحي والكوادر الطبية بعد ثلاث عقود من الحرمان والخوف:

الريادة الطبية العراقية وهجرتها قبل ثلاث عقود

قال وزير الصحة الأمريكي مايكل ليفت، إن العراق فقد ما كان يتمتع به من ريادة طبية على مستوى المنطقة قبل ثلاثين سنة، مبينا أن التعاون المشترك في المجال الصحي يمكن أن يسهم في تعزيز العلاقة بين البلدين، بحسب بيان نشر على موقع رئاسة وزراء الإقليم.

وأضاف ليفت في مؤتمر صحفي عقده في أربيل أن العراق: لم يعد رائدا في مجال التطور الصحي على مستوى المنطقة كما كان قبل 30 سنة ماضية، معربا عن امله بتعزيز وتوسيع افاق التعاون الصحي والطبي بين بلاده وإقليم كردستان بخاصة والعراق بعامة لما لذلك من تأثير إيجابي على العلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين. بحسب أصوات العراق.

ووعد ليفت بأنه سيشرف على توطيد العلاقات بين الجامعات الأمريكية والكردستانية، منوها إلى أنه سيسعى لأن يشمل التعاون المشترك بين الجانبين مجال الدراسات العليا أيضا.

وقد وصل وزير الصحة الأمريكي مايكل ليفت أربيل على رأس وفد صحي، واجتمع فور وصوله المطار بوزير الصحة بإقليم كردستان الدكتور عثمان عبد الرحمن والقنصل الأمريكي في الإقليم، حيث تم استعراض التطورات الحاصلة في الإقليم وطبيعة الأوضاع الصحية فيه.

كما زار الوزير الأمريكي جامعة هولير الطبية حيث كان في استقباله وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الإقليم د.إدريس هادي صالح ورئيس الجامعة د.بيشتوان هاشم حيث التقى بعدد من اساتذة الجامعة وطلبة الدراسات العليا والأولية فيها.

عودة الأطباء إلى العراق بعد تحسن الوضع الأمني

وذكر مسؤول صحة بارز في العراق أن تحسن الامن شجع 800 طبيب على العودة الى العراق في عام 2008.

وفرَّ الاطباء بالالاف خلال تفجّر العنف بين الشيعة والسنة في العراق في الاعوام التي تلت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بالنظام السابق.

وأصبح الاطباء الذين كانوا صفوة المجتمع العراقي هدفا للمسلحين والميليشيات والخاطفين بحثا عن فدى كبيرة. بحسب رويترز.

وقال المدير العام لادارة الصحة العامة بوزارة الصحة احسان جعفر لرويترز ان الكثير منهم حتى هؤلاء الذين غادروا البلاد متوجهين الى انجلترا عادوا الى العراق مشيرا الى أنه لا يعتقد انهم عادوا لاسباب مادية.

وتابع أن الوضع الامني كان يمثل همهم الوحيد وبدون تحسن الوضع الامني لما عادوا بتلك الاعداد.

وكان نحو 200 طبيب قتلوا في الاعوام الخمسة الماضية لكن الوضع الامني تحسن كثيرا في العام ونصف العام الماضيين. وأشارت احصائيات للحكومة العراقية الى أن أكتوبر تشرين الاول شهد أقل عدد من القتلى بسبب العنف منذ الغزو.

مشروع ضخم للنهوض بالواقع الصحي

كشف وزير الصحة العراقي صالح مهدي الحسناوي عن مشروع كبير لدعم الواقع الصحي في العراق والنهوض بالمؤسسات الصحية والتغلب على المعوقات التي تواجهها، معلنا في الوقت نفسه أن عدد الوفيات بمرض الكوليرا في العراق بلغ سبع وفيات و533 إصابة.

وأكد الحسناوي في حديثه على هامش المؤتمر الطبي السنوي الأول لكلية الطب جامعة بابل الذي افتتح في مدينة بابل، أن: وزارة الصحة واجهت جملة من المشاكل منها هجرة الكوادر الطبية وتردي البنى التحتية وضعف انسيابية الأدوية والمستلزمات فضلا عن وجود الأدوية غير الصالحة للاستخدام البشري في القطاع الخاص. بحسب نيوزماتيك.

وقال الحسناوي إن: الوزارة شكلت فريق عمل لدراسة المشاكل وتحليلها استمرت طيلة العشرة أشهر الماضية، مشيرا إلى أنه تم البدء بحملة واسعة للنهوض بالواقع الصحي في العراق تتضمن إعادة هيكلية القطاع الصحي والسيطرة على القطاع الخاص وتأمين الدواء الصالح من مناشئ معروفة خاضعة للفحص المخبري، إضافة إلى عودة عدد كبير من الأطباء الذين غادروا العراق لأسباب مختلفة وحجزت لهم درجات وظيفية بدأوا بمباشرتها.

ولفت وزير الصحة أن هناك تحسنا بالواقع الصحي حاليا مقارنة بالسنة الماضية، لكنه أقر بأن المستوى المأمول لا يزال بعيدا، مطالبا بجهد إضافي كبير لتحقيق الهدف المنشود.

وعلى صعيد آخر، أعلن وزير الصحة أن عدد الوفيات بمرض الكوليرا في العراق بلغ سبع حالات فيما بلغ عدد الإصابات 533 إصابة، مضيفا أن نسبة الإصابات خلال الشهر الحالي انخفضت بشكل كبير.

وأكد وزير الصحة العراقي: أن مرض الكوليرا بات حاليا تحت السيطرة وحملة مكافحته مستمرة، موضحا أن السيطرة على المرض ليست مسؤولية وزارة الصحة فقط لكنها مسؤولية كل المواطنين من الشمال إلى الجنوب لأنها قضية وطنية.

وأشار إلى أن وزارته معنية بالرصد المبكر للمرض والعلاج وتوفيره، مطالبا وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية كافة ووزارات الدولة والبرلمان ومجالس المحافظات والجامعات والمدارس بتطوير دورهم التثقيفي في كيفية الوقاية من الكوليرا.

يذكر أن وزارة الصحة عقدت خلال الأشهر القليلة الماضية عدة مؤتمرات صحية وطبية  بعناوين مختلفة تصب كلها حول كيفية النهوض بالواقع الصحي وتأمين الخدمات الصحية وكان آخرها نهاية الشهر آب الماضي حول تطبيق نظام صحي جديد في العراق يعتمد التأمين الصحي عبر الاستقطاع التقاعدي والضريبي وتوصيات أخرى بتحديث الخدمات الصحية.

العشائر في كربلاء تهدد وتطارد الاطباء

وأغلق نحو مئتي طبيب عياداتهم في كربلاء احتجاجا على تهديدات توجهها عشائر تطالب بـ "الفصل" اي (تعويض مالي) اثر وفاة مرضى اثناء معالجتهم او خلال عمليات جراحية.

وقال علي ابو طحين نقيب الاطباء في كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) خلال اعتصام في مستشفى الحسين العام ان: اكثر من مئتي طبيب اغلقوا عياداتهم وتوقفوا عن العمل بعد تعرض العديد من الجراحين والاطباء المختصين بالعمليات الجراحية الى تهديدات ومضايقات يومية. بحسب فرانس برس.

وتابع: ان اهل المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية لا تنجح يوجهون هذه التهديدات الى الاطباء وفقا للعرف العشائري ويطالبون بالفصل (تعويض مالي) متجاهلين القوانين والسلطات الحكومية.

واضاف ان بعض العمليات الجراحية كما هو معروف خطرة ونسب النجاح فيها ضئيلة ونحن كاطباء جراحين نجري العمليات بوسائل وتقنيات بسيطة.

وطالب المعتصمون في بيان: اعتبار اي تهديد او التهجم على الطبيب جزء من اعمال الارهاب ما يدعو الى تدخل الدولة لكي ياخذ القانون مجراه وتدخل الجهات الدينية والعشائرية والاعلامية للتصدي لهذه الظاهرة وحماية الاطباء من التهديدات.

كما طالبوا بتوقيع ذوي المرضى على تعهد بعدم ملاحقة الطبيب في حالة وفاة المريض بعد العمليات الجراحية.

واكد ابو طحين ان اثنين من الاطباء تلقوا الشهر الماضي تهديدات في كربلاء وتم ارغامهم على دفع التعويض بعد وفاة مرضاهم رغم ان الوفاة لم تحصل بسبب تقصير الاطباء انما نتيجة اصابة المرضى بمرض خبيث لا يمكن علاجه.

وطلب: عدم اصدار اي امر قضائي ضد الأطباء الا بعد مفاتحة الجهات المسؤولة عنهم ووثيقة شرف موقعة من قبل شيوخ العشائر في كربلاء تتضمن احالة اي قضية ضد الاطباء الى الجهات القانونية وليس حلها وفق الفصل العشائري.

واكد ابو طحين ان: التهديدات ستدفع بالاطباء الى التردد حيال اجراء عمليات جراحية والتخلي عن المرضى الذين يعانون حالات خطرة فهذه الاعمال تركت اثرها على نفسية الاطباء في كربلاء.

من جهته قال احد الاطباء الذي دفع تعويضا ماليا الشهر الماضي اثر وفاة احد المرضى انه اكمل اوراق السفر. واضاف رافضا الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس ان: هذه المشكلة قديمة وليست جديدة لكن وتيرتها ازدادت بعد سقوط النظام وتكاد تتكرر مرتين في الشهر الواحد.

وقال اخصائي الامراض الباطنية ان: عائلة المريض هددتني بالقتل اذا لم ادفع مبلغا من المال، رفض الكشف عن قيمته.

واضاف ان المريض كان في حال الخطر وكان هناك احتمال ان يتحسن او العكس طوال عشرين يوما اجريت استشارات وفحوصات قبل العملية وبعدها ولم نحصل على تشخيص لحالته.

وقال الطبيب الذي امضى 14 عاما في الخدمة ان: زملائي غادروا البلد بسبب اعمال العنف اما انا فكنت مصرا على خدمة اهلي وبلدي لكنني سالحق بزملائي بسبب تدخل العشائر.

واشار الى قيامه بحوالى اربعين عملية جراحية اسبوعيا في المستشفى الحكومي فضلا عن عمليات اخرى كان يجريها في عيادته الخاصة، واضاف: لقد اغلقت عيادتي منذ اكثر من شهر اتحمل مسؤولية قراراتي لا اريد شيخ عشيرة او شقيق المريض يحاسبني عليها.

خطة الحكومة لوقف هجرة العقول الطبية

أعلن العراق أنه سيسمح للأطباء بحمل أسلحة الحماية الخفيفة، وذلك كواحد من الإجراءات العديدة التي تهدف إليها الحكومة العراقية في محاولة منها للمحافظة على العاملين في القطاع الصحي داخل البلاد وعدم هجرتهم إلى الخارج، جراء العنف الذي يمزق البلاد.

فمنذ ربيع عام 2003، عندما غزت القوات الأمريكية والدولية العراق، لقي 2200 شخصاً من العاملين في القطاع الطبي والصحي مصرعهم، بينما تعرض أكثر من 250 آخرين للاختطاف، بحسب ما كشف عنه تقرير صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في مارس/آذار. بحسب (CNN).

وقالت حكومة بغداد أيضاً أنه لا يمكن للشرطة العراقية أن تعتقل الأطباء من دون موافقة وزارة الصحة، كما سيتم تعزيز عناصر الأمن في مكاتب الأطباء والمستشفيات.

وتعمل الحكومة العراقية أيضاً على تنفيذ حملات إعلانية تحدد أجور الكشف الطبي في العيادات الخاصة، والعمل على إقامة مجمعات سكنية ورفع مستوى الرواتب والأجور لإغراء الأطباء المهاجرين بالعودة إلى الوطن.

وجاء في تقرير للصليب الأحمر الدولي أن من بين 34 ألف طبيب مسجل في العام 1991، غادر العراق ما لا يقل عن 20 ألفاً.

الإصابة بمرض السرطان في تزايد ملحوظ

قال مدير الصحة العامة بوزارة الصحة أن الخط البياني لحالات الإصابة بأمراض السرطان في البلاد يشير إلى زيادة ملحوظة، عادّا وضعها في إطار السيطرة التامة، بحسب بيان للمركز الوطني للإعلام.

وأوضح الدكتور إحسان جعفر بحسب البيان ان: مجلس الأمراض السرطانية في الوزارة يتابع عن كثب الحالات المرضية بكل أنواعها ودرجاتها، ويؤمن معالجتها بالاسلوب المطلوب.

واعترف جعفر، وفقا للبيان ان: الخط البياني لحالات الإصابة بأمراض السرطان في البلاد يشير الى  زيادة ملحوظة. لكنه شدد على ان هذه الزيادة لا تنحصر في منطقة محددة بذاتها، في اشارة الى الانباء التي تحدثت عن ازدياد حالات الإصابة بمرض السرطان في بعض المناطق كحي الانصار في النجف والطلائع في العمارة. بحسب أصوات العراق.

وحول الامراض الانتقالية المشتركة بين الانسان والحيوان كالحمى القلاعية والجمرة الخبيثة قال جعفر ان لدى الوزارة مركز للسيطرة على الامراض الانتقالية، مؤكدا وجود شعب متخصصة لدراسة تطورات الحالة بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والبيئة ومديرية البيطرة.

من جانب آخر أشار الدكتور جعفر إلى أن لجانا مشتركة نظمت خلال الفترة الماضية حملة واسعة في بغداد للقضاء على ظاهرة الكلاب السائبة بالتنسيق مع الاجهزة الامنية للحيلولة دون انتشار الاوبئة والامراض التي تعد الحيوانات وسيطا ناقلا لها. بحسب البيان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 30/تشرين الثاني/2008 - 1/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م