نفوذ وقوة أمريكا على المحك بانتقال الثروة والقوة من الغرب الى الشرق

رأسمالية الكاوبوي بمواجهة صعود اوربا والتنين الصيني

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بينما يرسم تقرير حكومي امريكي صورة قاتمة لمستقبل غير مستقر في العلاقات الدولية ويُظهِر بوضوح تراجع نفوذ الولايات المتحدة وانقسام في القوى السياسية وتزايد الصراع على الموارد الطبيعية الشحيحة، تتجاوز اوربا الحدود الاقتصادية الضيقة التي وضعها فيها الدولار الامريكي في العقود السابقة، وتصعِّد الصين من جانبها القدرات الاقتصادية بما يجعل منها قطب يستطيع التحكم في جزء كبير من الاقتصاد العالمي، وكذلك يتزايد وزن دول الخليج من ناحية تصاعد الاستثمار على خلفية الثروات الهائلة التي جنتها في السنوات الخمس الماضية نتيجة ارتفاع اسعار النفط القياسي..

التقرير الذي حمل عنوان "الاتجاهات العالمية في2025: العالم المتحوّل" أعده مجلس المخابرات القومي وجاء في 121 صفحة، يسعى لتحذير واضعي السياسات الأمريكية بما فيها الحكومة الأمريكية المقبلة بقيادة الرئيس المنتخب باراك أوباما، من العوامل التي من شأنها صوغ الاتجاهات العالمية الرئيسية والصراعات حتى العام 2025.

وقال التقرير وهو الرابع ضمن سلسلة "رغم ترجيح أن تظل الولايات المتحدة أكثر الأطراف نفوذا، إلا أن قوتها النسبية، حتى في المجال العسكري، ستتقلص كما أن النفوذ الأمريكي سيصبح أكثر توتراً."

وأشار التقرير إلى أن العالم في خضم "انتقال للثروة والقوى العالمية" غير مسبوق، من الغرب إلى الشرق، وهو ما يدعمه "الزيادة في أسعار النفط والسلع" على المدى الطويل إلى جانب تغيير تدريجي في الصناعات وخدمات صناعية محددة إلى آسيا. بحسب سي ان ان.

وفيما يتوقع التقرير أن يتراجع نفوذ وقوة أمريكا، يبدو أنه لا يتوقع تراجعاً في الأعباء الدولية المرمية على كاهلها، مثل لعبها أدوار وساطة في الشرق الأوسط وآسيا.

كما توقع التقرير أن يواصل الجيش الأمريكي لعب دور قيادي في الحرب على الإرهاب الدولي، وإن كانت الولايات المتحدة ككل، أقل قدرة على القيام بذلك دون شراكة قوية من الدول الحليفة. وأكد التقرير أن أكبر التحديات التي ستواجهها الولايات المتحدة بحلول 2025 هو الصين.

ولفت التقرير إلى أن "الصين مهيأة للعب دور أكثر تأثيراً على الساحة العالمية في غضون العشرين سنة المقبلة وأكثر من أي دولة أخرى."

وتوقع التقرير أن تملك الصين أكبر ثاني اقتصاد في العالم بحلول 2025 كما ستكون قوة عسكرية قيادية، متوقعاً في الوقت نفسه أنها (الصين) ستكون أكبر دولة ملوّثة للبيئة وأكبر مستورد للمصادر الطبيعية.

ومن الدول التي ستسير في ركب الصين من حيث رغبتها في توفير أسلوب حياة استهلاكي على الطراز الأمريكي لأعداد سكانها المتنامي، الهند وإندونيسيا وإيران وتركيا وإن كان بدرجات أقل.

كذلك توقع التقرير أن الأزمة المالية الحالية ستعني ان الطلب على الموارد الحيوية مثل الطعام والماء والنفط ستتفوق على "الإمدادات المتوفرة" في خلال العقدين المقبلين.

ولفت التقرير إلى أن عدد سكان الكرة الأرضية الذي يتوقع أن يزداد بـ1.2 مليار شخص خلال العقدين المقبلين، سيرفع الطلب على الغذاء بنسبة 50 في المائة، كما ستسوء إمكانيات الوصول إلى إمدادات مستقرة من المياه بسبب ظاهرة التحضر العالمية المتسارعة.

ورغم أن الصراعات مرجحة أن تدور حول "التجارة والاستثمار والاختراعات التقنية والحيازة" فإن التقرير لا يستبعد حدوث سيناريوهات مثل السباق على التسلح كما حدث في القرن التاسع عشر، وتوسيع الحدود والمنافسة العسكرية.

كذلك يتوقع التقرير أن يبقى موضوع الإرهاب قضية رئيسية حتى العام 2025، لكن من المرجح تقلصه في حال تسارع نمو الاقتصاد والليبرالية السياسية في الشرق الأوسط.

وجاء في التقرير "في غياب فرص العمل والوسائل المشروعة للتعبير سياسياً، فإن الظروف ستنضج لنمو التطرف واحتمال تجنيد الشباب في مجموعات إرهابية."

وما يزيد لهذه التعقيدات في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد صراعات متأججة هو احتمال حيازة إيران على أسلحة نووية، ما قد يؤدي لسباق تسلح نووي إقليمي.

كذلك ما يضيف إلى مخاوف الانتشار النووي، التوتر المتواصل بين الهند وجارتها النووية باكستان، وفق التقرير.

قمة G20: رأسمالية الكاوبوي تواجه أوروبا الناهضة والتنين الصيني

ويرى خبراء أن موقع الولايات المتحدة القيادي على مستوى العالم سيكون على المحك خلال اجتماعات مجموعة الـ20، حيث سيلتقي قادة العالم لوضع أسس لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وتحديد أطر وهياكل مالية مستقبلية.

لكن المجاملات التي سيتبادلها القادة لن تنجح بإخفاء الخلافات العميقة، حيث ترغب أوروبا في تشديد النظام القانوني العالمي، والتخلص من نظام "الكاوبوي" الأمريكي، في حين تريد واشنطن الضغط على الصين لرفع قيمة عملتها، وتسعى لتحميلها مسؤولية الأزمة بسبب ممارساتها التجارية.

ويعتبر عدد من قادة أوروبا أن القمة ستكون مماثلة لاجتماعات مؤتمر "بريتون وودز" الذي عُقد في أعقاب الحرب العالمية الثانية لإعادة بناء الاقتصاد العالمي، ليشهد التسليم بقيادة واشنطن للدول الصناعية الغربية وتكريس الدولار عملة مهيمنة على النظام المالي.

ولكن التطورات الحالية التي فرضها واقع أن جذور الأزمة المالية العالمية تعود إلى الولايات المتحدة، إلى جانب بروز قوة أوروبا الموحدة والصين في المجال الاقتصادي، يجعل قيادة واشنطن لسفينة العالم موضع بحث.

وفي هذا الإطار، قالت أيرين فاينل هونغمن، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة كولومبيا والمتخصصة في شؤون المصارف العالمية: "يضع الأوروبيون أنفسهم على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، نحن أمام مجموعة مختلفة من اللاعبين بتوزيع قوى مغاير لما سبق، وستكون متابعة ما يحدث أمراً مشوقاً."

ولم يفت هونغمن الإشارة إلى أن قادة أوروبا سيدخلون المؤتمر معتمدين على عوامل قوة أبرزها أن الأزمة المالية لم تظهر على أرضهم، بل في النظام الاقتصادي الأمريكي، وسيحملون معهم بالتالي الكثير من اللوم لواشنطن، خاصة وأنهم كانوا يجدون أنفسهم مرغمين على تعديل قوانين المتشددة لصالح القوانين الأمريكية المرنة.

وتقول الخبيرة الدولية لـCNN في هذا الصدد إن مسار التفكير الأوروبي حيال الأزمة كان في أول الأمر اتهام واشنطن بممارسة "رأسمالية الكاوبوي (رعاة البقر).. غير أن تقدم الأحداث أظهر أن أوروبا ليست بدورها بمنأى عن المشاكل."

ويظهر الاختلاف بين واشنطن وشركائها عبر الأطلسي من خلال إصرار الجانب الأوروبي على تعديل هياكل النظام المالي العالمي، وإضافة الكثير من القواعد الجديدة، وفي مقدمتها، تشديد الرقابة على عمل صناديق التحوط والمصارف الاستثمارية، وزيادة الاحتياطيات النقدية الإلزامية للمؤسسات المالية.

وذلك إلى جانب وضع قواعد أكثر تشدداً وشفافية على الصعيد المحاسبي والحد من رواتب المدراء المرتفعة، ومن المتوقع أن تصطف أوروبا في جبهة واحدة لفرض هذه الشروط.

من جهتها، تدخل واشنطن الاجتماع وفي ذهن قادتها العمل على إجهاض كل المحاولات الأوروبية لوضع قواعد قانونية جديدة للاقتصاد، وهو ما أكده روبرت بروشكا، كبير خبراء الاقتصاد لدى مؤسسة "فاكتس أن أوبنين" الاستشارية.

ويؤيد بروشكا في واقع الأمر قيام واشنطن بمعارضة المطالب الأوروبية، ويقول موضحاً: "آخر ما نحتاج إليه هو إيجاد مؤسسة مالية عالمية جديدة تكون دون مخالب أو أنياب للعمل، ما نريد رؤيته هو ترك المصارف تدير أعمالها لأن الحكومات لن تديرها أفضل منها."

وبالمقابل، يدعو الخبير الاقتصادي إلى التركيز على أمور يرى أنها كانت شديدة التأثير في ظهور الأزمة الحالية، وفي مقدمتها إصرار الصين على إبقاء عملتها (اليوان) ضمن أسعار صرف منخفضة.

ويشرح بروشكا بأن سعر اليوان جعل البضائع الصينية رخيصة للغاية، ودفع المستهلك الأمريكي إلى شرائها بكثرة، وقد وفّر هذا للصين سيولة كبيرة وظفتها في شراء سندات خزينة أمريكية وسندات قروض مدعومة برهون عقارية، ما سمح للمصارف الأمريكية بتوسيع دائرة الإقراض وتسبب بالأزمة المالية الحالية.

ويجد هذا الرأي صداه لدى الإدارة الأمريكية التي كانت تضغط منذ سنوات على بكين لرفع سعر صرف عملتها، ومن المتوقع بالتالي أن تثير الملف خلال الجلسات.

لكن اللاعبين الأبرز خلال القمة المرتقبة سيكونون بالتأكيد قادة الدول النامية، وفي مقدمتها الصين وروسيا والبرازيل والمملكة العربية السعودية، التي ستعمل للمطالبة بدور أكبر على صعيد صنع القرار العالمي.

امريكا تطلب من اربع دول خليجية 290 مليار دولار كمساعدة

وذكرت صحيفة "السياسة" الكويتية ان الولايات المتحدة طلبت من اربع دول خليجية "مساعدة مالية" قيمتها 290 مليار دولار للتصدي لآثار الازمة المالية العالمية.

ونقلت الصحيفة عن "مصادر شديدة الاطلاع" قولها ان واشنطن طلبت من السعودية 120 مليار دولار و70 مليارا من دولة الامارات العربية المتحدة و60 مليارا من قطر و40 مليارا من الكويت.

ولم تكشف الصحيفة الشكل الذي ترغب فيه الولايات المتحدة الحصول على هذه المساعدة للخروج من ازمة انهيار النظام المالي ومواجهة شبح "الكساد الكبير" الذي يخيم على اقتصادها.

واكدت الصحيفة ان هذه الاموال ستوجهها الادارة الاميركية لانعاش الشركات الثلاث الكبرى في صناعة السيارات وهي "جنرال موتورز" و"فورد" و"ديملر كرايسلر" فضلا عن عدد من البنوك والشركات الاميركية والعالمية الاخرى التي تعاني تعثرا في اوضاعها المالية. بحسب فرانس برس.

والدول الخليجية الاربع اعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) التي تنتج مجتمعة 14 مليون برميل يوميا اي نصف الانتاج النفطي للكارتل وتؤمن 17% من احتياجات العالمية من النفط.

وجمعت هذه الدول الاربع ارباحاً هائلة خلال السنوات الست الماضية اثر ارتفاع اسعار النفط قبل ان تتراجع اخيرا تحت عتبة الستين دولارا للبرميل الواحد.

وقالت الصحيفة ان الادارة الاميركية طالبت الكويت بالعمل من اجل اسقاط الديون العراقية المستحقة لها منذ ما قبل الغزو العراقي في 1990.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 30/تشرين الثاني/2008 - 1/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م