يحكى أن سيد الغابة أراد أن يثبت للناس قدرته على ترويض
المتمردين ونزع أنياب المخربين فكان أن جمع الفئران الذين لم
يتركوا شجرة إلا وقرضوها في (جوال) وسار بهم مسافة طويلة دون أن
يتمكن أحد منهم من استخدام أسنانه للهروب من ذلك الجوال, ولما
سألوه عن السبب في عدم تمكن أي من الفئران من الفرار من ذلك الجوال
البالي, قال كنت أحركه دوما من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى
فانشغل الفئران بنهش بعضهم البعض عن محاولة الفرار!!.
فات سيد الغابة أن ليس كل سكانها من الفئران فهناك أصناف أخرى
من الحيوانات لا يمكن حملها في جوال ولا يمكن إلهائها بتلك الحيل
الساذجة التي تعود على استخدامها.
ورغم أن مظفر النواب قد فضح عالم العري والتدني في رائعته (قصيدة
من عالم القطط) عندما قال (قطة عشق في الشارع تنتظر الليل/ تكشف عن
فخذ وتغطي... / ستر الله علينا وعلى القطة بالذيل) أي أن عالم
الفئران والقطط والعري والتعري ليس بحاجة إلى وثيقة بل يحتاج لمن
يغطيه ويستر عليه أو حتى يدعو له بالستر. (ستر الله علينا وعلى
القطة بالذيل)!!.
من حق بقية القاطنين في الغابة أن يحصلوا على إجابة على بعض
الأسئلة عن السر الكامن وراء إصرار البعض على ملاحقتنا بآخر أخبار
الصراع الدائر بين أفراد قبيلة ميكي ماوس رغم الفتوى الشهيرة التي
أصدرها الشيخ المنجد بأن (ميكي ماوس يقتل في الحل والحرم)؟!.
أغلب الظن أن الأمر يتعلق بإظهار مهارة سيد الغابة وقدرته على
ضبط أفراد القبيلة المشار إليها وربما ليثبت أيضا أن ميكي ماوس
كائن متحضر لا يكن أي ضغينة للولايات المتحدة الأمريكية ولا يحملها
حتى مسئولية احتلال فلسطين بل ويرى أن كل من يعاديها يفعل هذا
لأسباب شخصية!!.
يقول الدكتور فضل في وثيقة التعرية والتعري عارضا لما يسميه
(أركان مذهب القاعدة في الإسراف في سفك الدماء):
ومن أجل قتل أكبر عدد ممكن من الأمريكان خارج بلدهم وداخلها كان
لا بد لهم من القفز فوق بعض الثوابت الشرعية، فتم للقاعدة ذلك
بحزمة من النظريات والمبادئ الفاسدة ومن أهمها: تحويل محاربة
أمريكا من قضية شخصية إلى قضية الأمة الإسلامية كلها (؟!)، واعتمد
بن لادن من أجل تحقيق ذلك على جانبين: جانب دعائي إعلامي: وهو
ترويج فكرة فاسدة بأن أمريكا هي سبب كل مصائب المسلمين، وكان لا بد
له من إلحاق اليهود بذلك لأن قضية فلسطين هي الأكثر حضورًا لدى
الجماهير.
ومن أجل ذلك وضعوا المبادئ الإجرامية التالية وأولها أن قتال
العدو البعيد «أمريكا» أهم من قتال العدو القريب.
أما قولهم «إن أمريكا واليهود هم سبب مصائب المسلمين فإن مصائب
المسلمين هي بسبب المسلمين أنفسهم هذا كلام الله ومن أنكره فقد كفر
(لاحظ؟!)، لما هُزم المسلمون في غزوة أحد لم يقل الله لهم إن هذا
بسبب كفار قريش، وإنما قال إنه بسبب ذنوبهم، وإنما يسلط الله
الكفار على المسلمين ليعاقبهم بذنوبهم كما قال عُمر بن الخطاب يوصى
جنوده «ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن
عدوّنا شرّ منا فلن يُسلط علينا، فرُبّ قوم قد سُلِّط عليهم من هم
شرّ منهم، كما سلّط الله كفار المجوس على بنى إسرائيل لما عملوا
بمساخط الله «فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولاً» الإسراء ٥ أهـ.
الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى بريئة من مصائب
المسلمين براءة كفار قريش مما أصاب المسلمين يوم أحد!!.
ونعم العقل والمنطق!!.
ورغم أننا نختلف مع من يعلقون كل مصائب العرب والمسلمين في رقبة
الغرب والولايات المتحدة إلا أن الزعم بأن سبب هذه المصائب خاصة
تلك المعاصرة تعود إلى الذنوب والمعاصي التي يرتكبها المسلمون
البسطاء هو هرطقة يعتاش عليها التيار السلفي الذي يروج لما يسميه
بالالتزام الديني الشكلي المتمثل في اللحية والنقاب والصلاة في
جماعة ويتجاهل قيم الإسلام الكبرى المتمثلة في العدالة والحرية
والمساواة بين البشر ناهيك عن الجهل والتخلف الثقافي والعلمي والتي
لولا غيابها الطويل لما تمكن الغرب من احتلالنا والتحكم في مصائرنا
وثرواتنا وإبرام التحالفات النفعية مع الطبقات الحاكمة من أجل
إدامة هذه الهيمنة الغربية التي لا ينكرها إلا غبي أو جاهل!!.
ألم يحمل الدكتور فضل, الظواهري المسئولية عن خدمة مصالح أمريكا
وإسرائيل قائلا (الذين يخدمون مخططات أمريكا واليهود هم الذين
أدخلوها أفغانستان والعراق وتسببوا في مقتل مئات الآلاف فيهما)!!.
أي أن أمريكا وإسرائيل لهما خطط ومصالح تسعيان لتحقيقها في
المنطقة ولن تجد أغبى من الذين (ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم
يحسبون أنهم يحسنون صنعا) لتمرير هذه المخططات وتوفير المبررات
لاحتلال أفغانستان ومن بعده العراق!!!.
الظواهري جاسوسا
يتهم الدكتور فضل أيمن الظواهري بالعمالة للمخابرات السودانية.
فهل كان الأمر عمالة بالمعنى المتعارف عليه أم استخداما لهذه
التيارات التي لا تملك وعيا سياسيا ولا حسا أخلاقيا يمكنها من
التمييز بين ما يضرها وما ينفعها وكذا بين ما ينفع المجتمعات
الإسلامية وما يضرها ولو كانوا يملكون هذا الوعي بالفعل لما تورطوا
في المشروع الأمريكي الأفغاني الشهير الذي ألحق تلك اللائحة
الطويلة من الفجائع لا بتلك الجماعات وحدها بل بمجمل النظام العربي
الذي ما زال يتخبط في سلسلة من الأزمات لا يبدو لها نهاية وشيكة
حتى الآن.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فهناك وثيقة نشرت أخيرا عن ارتباط
الظواهري بالمخابرات الصدامية وهي تكشف عن جانب آخر من جوانب
استخدام هذه الجماعات من أجل تحقيق أهداف لنظم سياسية متحاربة رغم
أنها تنتمي (لأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) كما يزعمون!!.
خلاصة القول أن هذه التنظيمات وفكرها المهترئ الذي يبدأ بابن
تيميه وينتهي بابن تيميه ويدور في حلقة مفرغة منه حربا وإليه سلما
قد استنفذت أغلب أغراضها وهي قد ظهرت في ظرف إقليمي ودولي لتؤدي
دورا لم يكن يوما ما لصالح أفرادها ولا لصالح تلك المجتمعات التي
تزعم أنها نهضت لإصلاحها.
وسواء زعمت تلك الجماعات أن الولايات المتحدة وحدها ومعها
الجماعات المتغربة هي سبب البلاء ومكمن العلة الداء أو أن ذنوب
العباد وترك الصلاة في جماعة وحلق اللحى وكشف وجوه النساء هي السبب
في تسلط الغرب الكافر علينا فيبقى أن كل معالجاتهم بعيدة عن الصواب
وأنهم عالة على المجتمع رغم أن البعض يرى في نفسه قمة البراعة
والتفوق لأنه نجح في جمعهم في جوال واحد يتشاتمون فيما بينهم ولا
يقدرون على الفرار منه وتلك أضحوكة الدهر.
إنهم كأسلافهم من أهل النهروان الذين مر بهم الإمام علي بن أبي
طالب وهم صرعى بشط الفرات فقال لهم: بؤسا لكم! لقد ضركم من غركم.
فقيل له: من غرهم يا أمير المؤمنين؟ فقال: الشيطان المضل، والنفس
الأمارة بالسوء، غرتهم بالأماني، ووعدتهم بالظهور، فاقتحمت بهم
النار.
Arasem99@yahoo.com |