
شبكة النبأ: بعد دخول القوات
الامريكية العراق عام 2003 أصبحت أخبار العراق تحتل مساحات مهمة من
وسائل الاعلام الامريكية، التي يقول العاملون فيها ان آلاف الأسر
الأمريكية تهتم بسماع اخبار البلد الذي ذهب أبناؤها لأداء خدمتهم
العسكرية فيه، فيما يرى آخرون ان بعض الصحف والمحطات الاذاعية
والتلفزيونية الامريكية تتعامل مع الشأن العراقي على انه شأن محلي.
ويقول الصحفي دين باركَن رئيس تحرير الموقع الالكتروني لجريدة
(The News & Observer)، التي تصدر في ولاية نورث كارولاينا، إن "صحيفتنا
تتعامل مع أخبار العراق على أنها جزء من الأخبار الداخلية في
الولايات المتحدة، وهي تهتم كثيرا بمتابعة الأحداث السياسية
والأمنية والاقتصادية التي يشهدها العراق رغم أن الصحيفة محلية"،
ويؤكد أن "اهتمامنا الاستثنائي بأحداث العراق يأتي بسبب كثافة
التواجد العسكري الأمريكي فيه".
الجنود الأمريكيون يتبرعون للإذاعة
يقول المخرج الإذاعي أكرم نوري، وهو أمريكي من أصل فلسطيني
ويعمل في إحدى الإذاعات المحلية في مدينة هيوستن إن "الإذاعة تبث
برامج حوارية مع عسكريين أمريكيين سبق لهم أن خدموا في العراق، و
توفر لمستمعيها تغطية للأحداث التي يشهدها العراق بالاعتماد على ما
توفره هيئة الإذاعة البريطانية من أخبار وتقارير".
ويضيف نوري في حديثه لـ نيوزماتيك أن "الإذاعة التي تأسست في
عام 1970، غالبا ما تستضيف عسكريين أمريكيين في برامج حوارية
يتحدثون فيها عن تجربتهم في العراق، خاصة أولئك الذين يعارضون
الحرب، لأن الإذاعة تتبنى الترويج للتسامح الديني والتعايش السلمي".
ويوضح نوري سبب الاهتمام بأخبار العراق بالقول إن "اهتمام
الإذاعة بتغطية الأحداث في العراق، سببه وجود المئات من الأُسر
الأمريكية التي ترغب بسماع أخبار البلد الذي يؤدي فيه أبناؤها
خدمتهم العسكرية، بالإضافة إلى وجود جالية عراقية وشركات صناعية
تتابع ما يجري في العراق"، مشيرا إلى أن أخبار العراق "تشغل يوميا
ساعة واحدة من مدة البث البالغة 24 ساعة".
ويلفت نوري إلى أن "معظم وسائل الإعلام في الولايات المتحدة
تعتمد في تمويلها على الإعلانات التجارية"، مستدركا القول "لكن
إذاعتنا تعتمد في تمويلها على تبرعات مستمعيها حيث نقوم كل عام
بإطلاق حملة لجمع التبرعات، ثم هناك العديد من الجنود الأمريكيين
المتواجدين في العراق يقدمون لنا التبرعات بانتظام لاعتقادهم
بضرورة إنهاء الحرب".
أما الطالب في قسم الدراسات الشرقية بجامعة نورث كارولاينا
التود موستاك، الذي يجيد اللغة العربية، فيرى أن "وسائل الإعلام
الأمريكية تنتهج أحيانا أسلوب التهويل في نقل الأحداث التي تجري في
العراق"، ويعتقد أنها "فشلت في تحليل الأبعاد المستقبلية للحرب على
العراق، وكانت حتى عهد قريب تطلق على هذه الحرب أسم عملية تحرير
العراق".
ويعتقد موستاك بشأن متابعة الأمريكيين لأخبار العراق أن "المواطنين
الأمريكيين تراجعت لديهم الرغبة بمتابعة الأحداث في العراق، بعد أن
برزت الأزمة المالية وانعكست تداعياتها على حياتهم"، ويتابع "أعتقد
أن ما تنشره الصحافة الأمريكية يعبر عن عدم اهتمام المواطنين
الأمريكيين بالأحداث الخارجية، وأن معظم الشركات المالكة لوسائل
الإعلام تتنافس على ترفيه وتسلية الجمهور لا على تعريفه بما يجري
في العالم من أحداث".
أما محمد علي، وهو أمريكي من أصل عراقي، فيتهم وسائل الإعلام
الأمريكية "بعدم الحيادية في تغطية الأحداث" في العراق ويقول
لـ"نيوزماتيك" إن "وسائل الإعلام الأمريكية غالبا ما تركز على
المسميات الطائفية والقومية لدى محاولتها تسليط الضوء على ما يجري
في العراق، كما أنها تغض النظر عن ضحايا العنف من العراقيين وتركز
بالمقابل على الخسائر التي تلحق بالقوات الأمريكية".
أربع صحف فقط لديها مكاتب في العراق
من جانبه يقول هودين كارتر الأستاذ في كلية الصحافة والاتصالات
الجماهيرية بجامعة نورث كارولينا إن "الإعلام الأمريكي مازال قويا
بما فيه الكفاية لكشف حقيقة ما يجري في العراق أمام العالم، وإن
كانت قليلة هي المؤسسات الإعلامية الأمريكية التي يوجد لديها
مراسلون في العراق"، ويضيف أن "هناك عشرات الصحف التي تطبع وتوزع
يوميا في الولايات المتحدة لكن أربعا منها فقط لديها مكاتب في
العراق، أما الغالبية فأنها تحصل على أخبار العراق من وكالة
الاسيوشيتد برس وغيرها من وكالات الأنباء".
ويؤكد كارتر، الذي سبق أن عمل محررا في إحدى الصحف المحلية، على
أن "وسائل الإعلام الأمريكية تنقل أخبار العراق بمصداقية وموضوعية"،
ويوضح أن "الصحافة الأمريكية هي التي نشرت فضيحة معتقل أبو غريب،
وهي من أثارت مؤخرا قضية تجسس الولايات المتحدة على مسؤولين كبار
في الحكومة العراقية، وهي أول من سلط الضوء على انتهاك بعض الجنود
الأمريكيين لحقوق الإنسان في العراق".
وكان معتقلون عراقيون في سجن أبو غريب، 32 كم غرب بغداد، قد
تعرضوا لانتهاكات بدنية وجنسية على أيدي جنود أمريكيين، ونشرت صحف
بريطانية وأمريكية صور تلك الانتهاكات عام 2004 ما أثار فضيحة كبرى
وإدانة عالمية واسعة.
ويستدرك كارتر أن "وسائل الإعلام الأمريكية ارتكبت العديد من
الأخطاء خلال مسيرتها، ولكن من الجدير القول أن المؤسسات الأمريكية
أنصفت جمهورها في تغطية الحرب على العراق".
الصحفيون الأمريكيون يعتمدون على
العراقيين
وبحسب مدير مرصد الحريات الصحفية في العراق زياد العجيلي فإن "الصحفيين
الذين يعملون في مؤسسات إعلامية أمريكية أكثر عرضة للاستهداف من
الصحفيين الآخرين، وهذا ما برهنت عليه الكثير من الحوادث التي وقعت
في السنوات القليلة الماضية".
ويعتقد العجيلي، الذي سبق وأن حاز المرصد الذي يديره في العام
الماضي على جائزة أفضل منظمة عالمية تعنى بالدفاع عن حقوق الصحفيين،
أن "العاملين في المؤسسات الإعلامية الأمريكية التي تعمل في العراق
يواجهون تحديات كبيرة نسبيا مقارنة بما يتعرض له العاملون في
المؤسسات الإعلامية الأخرى".
ويؤكد مدير المرصد أن "اغلب الصحفيين الأمريكيين المتواجدين في
العراق يعتمدون على صحفيين عراقيين في إجراء المقابلات والتغطيات
الميدانية، وهم نادرا ما يغادرون الفنادق الفاخرة التي يقيمون فيها
والمحاطة بعشرات الحراس الأمنيين".
ويشير العجيلي إلى أن "الصحفيين العراقيين أكثر خبرة وكفاءة في
تغطية الأخبار الداخلية، لكن الصحفيين الأمريكيين في العراق يجيدون
انتقاء المواضيع ذات الاهتمام العالمي، ويتقنون في إعداد التحقيقات
الاستقصائية التي تكاد تكون شبه معدومة في الصحافة العراقية".
متحف للأخبار
وفي واشنطن عاصمة الولايات المتحدة تأسس أواخر العام الماضي
متحف للأخبار يهدف إلى توثيق تاريخ الصحافة الأمريكية، ويحتوي على
أرشيف يضم العشرات من الصحف العالمية، إضافة إلى قسم مخصص لتوضيح
مراحل تطور آلات الطباعة وتقنيات التصوير الفوتوغرافي ووسائل البث
الإذاعي، فضلاً عن صالة للعرض السينمائي تعرض فيها باستمرار مشاهد
واقعية لصحفيين أمريكيين وهم يقومون بتغطية ميدانية للحرب في
العراق وأفغانستان.
ويضم المتحف معرضا لضحايا الحرب من الصحفيين العراقيين
والأمريكيين الذين قضوا في العراق أثناء تأديتهم واجبهم الصحفي،
وعلى أنغام موسيقى حزينة، يطالع زوار المتحف وغالبيتهم من غير
الأمريكيين السير الذاتية لهؤلاء الصحفيين وآخر المقالات والقصص
الإخبارية التي كتبوها قبل مقتلهم، وصورا ومقتنيات شخصية وبطاقات
صحفية خاصة بالضحايا، ومن بينهم الصحفي المستقل ستيفن فينسنت، وهو
أمريكي، قتل في البصرة جنوب العراق في آب عام 2005، وكان يؤلف
كتابا عن المدينة، وكتب مقالا في صحيفة نيويورك تايمز انتقد فيه
قوات الأمن في البصرة، ومراسل صحيفة نيويورك تايمز في البصرة فاخر
التميمي، الذي قتل في أيلول 2005، بعد اختطافه بنفس المدينة من قبل
مسلحين مجهولين.
وتقدر التقارير التي أصدرتها نقابة الصحفيين العراقيين عدد
ضحايا العنف من الصحفيين العراقيين منذ سقوط النظام السابق عام
2003 بحدود 271 صحفيا وإعلامياً، وفقدان 15صحفيا وإعلاميا ما زالوا
مجهولي المصير، ونحو 65 صحفياً تلقوا تهديدات بالقتل، فيما غادر
العديد منهم العراق خوفاً على حياتهم. |