الانتحاريات في العراق: ضحايا القاعدة والمجتمع المتعاطِف معها

27 انتحارية أُطلِقنَ لتدمير آمال السلام في ديالى المضطربة

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: لم تكن الانتحارية رانيا التي ألقي القبض عليها مؤخرا، ثم ألقي القبض ايضا على زوجها في وقت لاحق، لم تكن أولى ولا آخر ضحايا الإمتهان الانساني الذي يمارسه بعض افراد المجتمع في ديالى بالتعاون مع فلول القاعدة المنهزمة في اطراف المحافظة الشرقية والشمالية التي تتميز بالوعورة الشديدة فضلا عن الغابات والسلاسل الجبلية.

فهذه الصبيّة واحدة من بين عشرات الفتيات (السنّيات) المغلوبات على امرهن ووقعن في شباك أهلهن او ازواجهن او اشقاءهن المتعاطفين مع عناصر القاعدة حد الفساد والوضاعة الاخلاقية الغير مسبوقة، حيث تزوجت الواحدة من تلك الفتيات الانتحاريات من العديد من عناصر الارهاب ومن ثم تم تجنيدهن ليكُنَّ قنابل تتفجر على ابناء العراق من العسكر والمدنيين..

الانتحاريات تدمير لآمال العراقيين بالسلام

في الصورة دم كثير يلطخ المكان، وفيها أيضا رجال علت وجوههم نظرات غضب وخوف وقلق، وقد راحوا يرقبون المشهد بعبث من تحت الخيمة الممزقة التي تناثر أمامها بضع أزواج من الأحذية، لعل أصحابها كانوا ممن قضوا لتوهم في التفجير الانتحاري الذي هز المكان.

وفي التعليق نقرأ، انتحارية قتلت أربعاً من الحراس السنّة وأصابت 15 مدنيا آخر بجروح على نقطة تفتيش في بعقوبة مؤخراً. أما الحكاية، فيرويها لنا مارتن تشولوف، مراسل الجارديان في العاصمة العراقية بغداد، في تقريره المفصل الذي تفرد له الصحيفة البريطانية مساحة واسعة.

يقول تشولوف في تقريره، الذي جاء بعنوان "انتحاريات الإقليم المضطرب الـ 27 اللواتي أُطلقن لتدمير آمال العراقيين بالسلام، إنه من المعتقد أن تكون تلك النسوة (الانتحاريات) قد تشربن مبادئ وأفكار رجال الدين الذين دفعوهن لتنفيذ عمليات تفجير وقتل جماعي.

يستهل المراسل تقريره بالرأي الذي ينقله عن مسؤولين عراقيين يقولون إن بعض الشابات يتلقين تدريبات بأعداد تصل إلى العشرات ليتخرجن بعدها "مفجرات انتحاريات" ينفذن هجمات في محافظة عراقية بعينها، وذلك في مسعى لإعادة الأجواء الأمنية التي تحسنت مؤخرا إلى ما كانت عليه من تدهور وسوء قبل أشهر أو سنوات.

ويرى المسؤولون العراقيون أن تلك العمليات ترمي أيضا إلى عرقلة المحادثات بين العراقيين والأمريكيين، والتي ترمي للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن المعاهدة الأمنية التي ستنظم العلاقات المستقبلية بين البلدين.

ينطلق المراقبون، الذين ينقل المراسل كلماتهم وآراءهم بشأن القضية، من فرضية أن الفتاة التي نفذت الهجوم الانتحاري خارج مستشفى مدينة بعقوبة يوم الأحد الماضي كانت تبلغ من العمر 13 ربيعا فقط، وهي واحدة من 27 امرأة وفتاة قمن بتنفيذ عمليات انتحارية في محافظة ديالى خلال الأشهر الـ 18 الماضية.

حتى عام 2006، كان كافة المفجرين الانتحاريين في العراق من الرجال. لكن عندما قتل الأمريكيون الكثير من الرجال في المنطقة، بدَّل بعض الشيوخ والزعماء هنا استراتيجيتهم وشرعوا باستخدام النساء لتنفيذ هجمات معينة

يقول التقرير إن مثل تلك العمليات حدت بالمسؤولين العراقيين إلى إعادة النظر باستراتيجيتهم الأمنية برمتها، ومنها خطط وطرق التفتيش، والتي ستكون النساء والفتيات هدفا أكيدا لها في المستقبل.

ينقل التقرير أيضا عن مسؤولين عراقيين وعاملين في مجال حقوق الإنسان وقضايا المرأة قولهم إنهم يعتقدون أن تلك الفتيات والنسوة يقدمن على تنفيذ مثل تلك العمليات الانتحارية بتأثير ودفع مباشر من قبل ثلاثة رجال دين على الأقل، وهم جميعا يعملون انطلاقا من محافظة ديالى التي كانت تُعد معقلا للبعثيين العراقيين السابقين وقد أضحت الآن مرتعا لأنصار ومسلحي تنظيم القاعدة. بحسب بي بي سي.

تقول خديجة أسعد، وهي خبيرة في مجال حقوق الإنسان وتعمل أيضا مستشارة للحكومة العراقية انطلاقا من محافظة ديالى، إنها ترى أن بعض شيوخ المنطقة المتحالفين مع القاعدة هم من قاموا على مر السنوات الماضية بتدريب واستخدام تلك النساء، بمن فيهن تلك المفجرات الانتحاريات.

وتضيف أسعد قائلة: "حتى عام 2006، كان كافة المفجرين الانتحاريين في العراق من الرجال. لكن عندما قتل الأمريكيون الكثير من الرجال في المنطقة، بدَّل بعض الشيوخ والزعماء هنا استراتيجيتهم وشرعوا باستخدام النساء لتنفيذ هجمات معينة."

ويورد المراسل في نهاية تحقيقه قائمة بأبرز الهجمات الانتحارية التي نفذتها فتيات ونساء في المحافظة خلال العام الحالي، وعددها سبعة عمليات ذهب ضحيتها 109 أشخاص وأُصيب العشرات بجروح.

نساء ديالى ينتقدن وزيرة المرأة لطلبها مساعدة انتحارية

وانتقدت نساء من محافظة ديالى وزيرة المرأة نوال السامرائي لمناشدتها وزارة الداخلية بمساعدة انتحارية من المحافظة، وطالبن أن توجه الوزيرة اهتمامها إلى النساء المتضررات، وبينهن آلاف المهجرات والأرامل.

وقال عدد من النساء المشاركات في مؤتمر نسوي عقد في مبنى الاجتماعات المحلية في مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، أمس الأربعاء، إن "وزيرة المرأة وجهت طلبا لوزارة الداخلية بمساعدة الانتحارية رانيا العنبكي". بحسب نيوزماتيك.

وقالت عضو مجلس محافظة ديالى سجى قدوري إن "الانتحارية العنبكي تمثل حالة مرضية لفتاة في مقتبل عمرها، جندت من قبل القاعدة لتنفيذ عملية انتحارية تستهدف المدنيين الأبرياء، ثم اعتقلت من قبل القوات الأمنية وكانت ترتدي حزامين ناسفين يبلغ وزنهما نحو 20 كيلوغراما".

وأضافت قدوري أن الفتاة الانتحارية تحمل فكر القاعدة" لافتة إلى أن "اقتصار الاهتمام بها دون الالتفات لمعاناة الشرائح الأخرى، أثار الكثير من الشجون بين النساء المشاركات في المؤتمر".

وقالت قدوري إن "النساء يطالبن الوزيرة بالاهتمام بكل النساء دون تمييز" موضحة أن "هناك أكثر من 20 ألف عائلة مهجرة تعيش خارج المحافظة، وتضم آلاف النساء بينهن أرامل، ويعانين من ظروف معيشية صعبة".

من جانبها قالت الناشطة في مجال المرأة علا خليل "كان الأحرى بالسيدة نوال السامرائي أن تحضر هذا المؤتمر الذي يبحث ظاهرة النساء الانتحاريات والأسباب التي تدعو القاعدة لتجنيدهن لتنفيذ عمليات انتحارية لكي ترى ما تقدمه نساء المحافظة وبجهود بسيطة لم تستطع وزارة بكل إمكاناتها أن تقوم به".

وأشارت خليل إلى أن "على وزارة المرأة القيام بواجباتها في تقديم المساعدة لآلاف النساء المتضررات في ديالى بسبب أعمال العنف".

يذكر أن القيادات  الأمنية في محافظة ديالى، مركزها بعقوبة 55 كم شمال شرق بغداد، تؤكد تنفيذ 24 امرأة عمليات انتحارية في المحافظة منذ سنة ونصف راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى، ونفذ أغلبها في مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، فيما قالت مصادر أمنية أنها اعتقلت عدد من النساء يقمن بتجنيد الانتحاريات في المحافظة.

تنظيم القاعدة يرغم فتيات على الزواج من عناصره ويجندهن كانتحاريات

وقالت عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى سجى قدوري إن "عددا من الفتيات الصغيرات في المحافظة أجبرن على الزواج ممن يسمون أمراء تنظيم القاعدة"، كما أجبرن على "الانخراط في التنظيمات المسلحة التي قامت بتجنيدهن كانتحاريات".

وأضافت قدوري في حديثها لـ نيوزماتيك إنها "التقت بحوالي 10 إلى 20 امرأة تتراوح  أعمارهن بين 15 إلى 20 سنة، تزوجت اغلبهن ممن يسمون أمراء بتنظيم القاعدة" وكشفت عن أن إحدى الفتيات البالغة 15 سنة "أرغمت على الزواج من 10 إلى 15 رجلا منهم"، مشيرة إلى أن "الفتاة حاليا حامل بطفل لا تعرف من هو أبوه".

وأوضحت عضو اللجنة الأمنية في ديالى أن "تنظيم القاعدة كان يسعى لتجنيد ما يقرب من 50 إلى 100 امرأة للقيام بعمليات انتحارية في المحافظة، قبل تنفيذ خطة بشائر الخير الأمنية التي كشف الكثير من خلايا تجنيد النساء الانتحاريات".

وأضافت إن "سيطرة المجاميع المسلحة على محافظة ديالى بين عامي 2006 و 2007 جعل الكثير من النساء يقعن تحت تأثير الأفكار المتطرفة لتلك الجماعات، وبالتالي أدى إلى زيادة عدد النساء الانتحاريات في المحافظة".

وأوضحت انه "بعد عمليات السهم الخارق الأمنية التي نفذت في حزيران من العام الماضي وقيام القوات الأمنية بتطهير اغلب معاقل الجماعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة، تم اعتقال عدد من النساء".

وناشدت قدوري وسائل الإعلام "تسليط الأضواء على تلك المآسي التي ارتكبها تنظيم القاعدة بحق الكثير من النساء، وإيقاعهن تحت تأثير الأفكار الضالة"، على حد وصفها.

وأشارت عضو اللجنة الأمنية في ديالى إلى أن "المرأة في المحافظة  تعرضت لضغوط  نفسية، لعل أشدها قسوة هو اعتقال ذويها، الأمر الذي يفسح المجال للجماعات المسلحة للضغط عليها واستغلالها في أعمال عنف، لتصبح فيما آله للقتل والتدمير".

وأوردت قدوري أسبابا أخرى وراء تجنيد الانتحاريات، وهو أن تكون المرأة زوجة أو شقيقة احد أفراد القاعدة الذي يحاول التأثير عليها" موضحة أن "هذا يدخل ضمن إستراتيجية القاعدة في التأثير على النساء لغرض تجنيدهن".

وأشارت إلى أن "محافظة ديالى نظمت مؤخرا مؤتمرا نسويا حضرته شخصيات متخصصة بعلم النفس والاجتماع، وطرحت فيه أفكار ودراسات من اجل تطويق هذه الظاهرة الخطيرة".

وأكدت قدوري أن "ملف الانتحاريات أوشك على الانتهاء لولا التفجير الأخير الذي نفذته امرأة  في منطقة السوق شمال بعقوبة، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى اغلبهم من المدنيين".

وقالت إن "هناك أحداثا أمنية وتحديدا في مركز المحافظة بسبب وجود خروقات داخل جهاز الشرطة وارتباط بعض عناصر الشرطة بتنظيمات مسلحة".

يذكر أن القيادات الأمنية في محافظة ديالى، ومركزها بعقوبة 55 كم شمال شرق بغداد، أكدت اعتقال ثلاثة شبكات لتجنيد الانتحاريات كان من بينهن 8 نساء مهيئات لتنفيذ عمليات انتحارية خلال المرحلة الأولى والثانية لخطة بشائر الخير الأمنية، مما ساعد على انخفاض عدد الهجمات الانتحارية التي تنفذها النساء. وأشارت الجهات الأمنية إلى وقوع 25 عملية انتحارية خلال عام ونصف في مناطق متفرقة من المحافظة.

اعتقال المسؤولة عن اعداد الانتحاريات شمال شرق بغداد

وفي نفس السياق اعلن مسؤول امني عراقي رفيع ان قوة تابعة لوزارة الدفاع قبضت في احدى قرى محافظة ديالى المضطربة على المسؤولة عن اعداد وتهيئة الانتحاريات في تنظيم القاعدة.

وقال اللواء الركن محمد العسكري المتحدث باسم وزارة الدفاع لوكالة فرانس برس ان "قوات خاصة تابعة لوزارة الدفاع قبضت على "قيادية تشرف على اعداد وتهيئة الانتحاريات في مناطق عمل القاعدة وخصوصا في محافظة ديالى".

وقال ان "القبض على ابتسام عدوان (38 عاما) ياتي اثر ورود معلومات حول وجودها في احدى القرى شرق بعقوبة كبرى مدن ديالى".

وتابع ان "عدوان مشرفة على اعداد الانتحاريات ولقبها ام فاطمة وقبض عليها في قرية حمادي وهي التي ورطت الانتحارية رانيا" في اشارة الى رانيا ابراهيم البالغة من العمر 15 عاما والتي تقول ان زوجها وامراة اخرى ارغماها على ارتداء حزام ناسف يزن عشرين كليوغراما لتفجير نفسها في حشد من الشرطة وسط سوق بعقوبة. لكن عناصر الشرطة اعتقلوها فور الاشتباه بها في 25 اب/اغسطس الماضي. ورانيا هي اصغر انتحارية في العراق تعتقل مع حزامها الناسف.

وتشهد محافظة ديالى اكبر عدد من العمليات الانتحارية التي تنفذها نساء او فتيات بحيث ناهز عددها العشرين في الاشهر المنصرمة.

وفي وقت سابق اعلنت مصادر امنية عراقية الثلاثاء ان عبوتين لاصقتين استهدفتا عربة للجيش العراقي وسيارة مدنية بالقرب من مرآب وزارة الخارجية خارج المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد.

واوضحت المصادر ان "عبوة لاصقة وضعت تحت عربة للجيش ضمن نقطة حراسة مقابل وزارة الخارجية في منطقة الصالحية في حين وضعت الاخرى تحت سيارة مدنية تعود لاحد موظفي الوزارة". واكدت "اصابة خمسة اشخاص بجروح بينهم جندي".

وافاد صحافيون في وكالة فرانس برس ان اضرارا جزئية لحقت بعربة الجيش في حين احترقت السيارة المدنية بشكل كلي. ووقع الانفجاران بفارق زمني بسيط لا يتجاوز الخمس دقائق.

من جهة اخرى اعلن مسؤول امني رفيع مقتل "قيادي" في تنظيم القاعدة سعودي الجنسية مسؤول عن الجانب الغربي في الموصل (370 كلم شمال بغداد) واعتقال زوجته.

وقال اللواء الركن محمد العسكري المتحدث باسم وزارة الدفاع لفرانس برس ان "قوة عراقية قتلت مسؤول الجانب الغربي في تنظيم القاعدة المدعو مدلول وهو سعودي الجنسية يلقب بابي الحارس السعودي واعتقلت زوجته".

اعتقال زوج انتحارية عراقية جنَّدها وفشلت في تفجير نفسها

وكانت مصادر امنية عراقية اعلنت مؤخرا ان قوات الامن العراقية اعتقلت زوج انتحارية مراهقة قام بتجنيدها في محافظة ديالى لتنفيذ هجوم ضد قوات الامن العراقية لكنها اخفقت في القيام بالعملية.

وقال مصدر في قيادة عمليات ديالى ان "قوة عراقية اميركية مشتركة داهمت منزلا في حي المفرق (وسط بعقوبة) بناء على معلومات استخباراتية ما اسفر عن اعتقال زوج الانتحارية رانيا ابراهيم".

واضاف ان "زوجها يدعى محمد حسن في الثلاثينات من عمره وهو احد قياديي تنظيم القاعدة ومتورط بتجنيدها وعدد من الانتحاريين". واكد ان "القوات الاميركية تحفظت عليه ونقلته الى احد المعسكرات التابعة لها للتحقيق معه". بحسب فرانس برس.

وكان اللواء عبد الكريم خلف الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية اعلن في 25 اب/أغسطس الماضي اعتقال الانتحارية رانيا وهي ترتدي حزاما ناسفا فيما كانت على وشك تفجير نفسها ضد قوات الشرطة وسط بعقوبة.

واوضح ان الانتحارية فشلت في تفجير نفسها بسبب تشويش على اشارة اجهزة التحكم من بعد التي كانت من المفروض ان تفجرها عبرها. واكدت الانتحارية لفرانس برس بعد اعتقالها ان زوجها كان يتحدث اليها دائما عن الجنة وفضائلها وعن العمليات الاستشهادية.

كما اكدت ان امرأة من اقرباء زوجها قامت بربط الحزام الناسف على جسدها وكانت معها في السوق. وتم الاعداد للعملية التي حاولت رانيا تنفيذها بشكل دقيق وفقا لمصادر امنية. فقد كان من المفترض ان تفجر رانيا نفسها لدى تجمع قوات الامن وسط سوق عندما قتل ثلاثة من الشرطة في هجوم مسلح لكنها فشلت والقي القبض عليها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/تشرين الثاني/2008 - 20/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م