مع ضمان تمرير الاتفاقية هل سيترجم الصدر تهديداته على أرض الواقع

العراق بعيون غربية

إعداد: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: بعد أن شهدت الصحف الغربية في الأيام الماضية افتقارا لأخبار العراق ارتفعت مؤخرا نسبة هذه الأخبار مع قرب توقيع الاتفاقية الأمنية. فقد تناولت صحيفة موضوع ضمان الاتفاقية وتمريرها عبر أصوات الشيعة والأكراد والسنة، بينما تحدثت أخرى عن تهديدات مقتدى الصدر وترجمة هذه التهديدات على أرض الواقع، كما تحدثت صحيفة عن موضوع إحباط الجنود الأمريكيين من إرهاق العراق.

تحذير  

قالت صحيفة ديلي تلغراف حذر قائد الجيش البريطاني الجنرال ريتشارد دانات الحكومة العراقية من اللجوء إلى "خيارات رخيصة" عندما يصل الأمر إلى تجهيز القوات المسلحة في العراق وأفغانستان. وقال إن الحكومة مسؤولة مسؤولية كاملة عن توفير أفضل التدريبات والمعدات للجنود البريطانيين العاملين في جبهات القتال.

وقال دانات "إذا كنتم تلزمون الشباب بالقتال فمن الواجب تهيئة الأفضل لهم، وعندما تتغير الظروف ينبغي أن يتوفر لهم الأفضل مرة أخرى".

وقالت الصحيفة إن تعليقات دانات جاءت عقب إعلان وزارة الدفاع البريطانية عن وفاة جنديين من البحرية الملكية في جنوب أفغانستان، ما يجعل مجموع القتلى البريطانيين في العراق وأفغانستان 300.

وأضافت أن دانات حذر عام 2006 من أن الجيش يمكن أن يتفكك إذا ظل الجنود البريطانيون فترة أطول من اللازم في العراق.

وأشارت إلى تقرير سابق حذر فيه دانات أيضا من أن سنوات التمويل الحكومي الضعيفة والانتشار الزائد قد جعل الجنود يشعرون بحالة من الإحباط والغضب والمعاناة من إرهاق العراق.

ومع استعداد بريطانيا الآن لسحب أربعة آلاف جندي من العراق العام القادم، فإن الضغط يزداد -من جهات عدة مثل باراك أوباما- لإرسال المزيد من القوات البريطانية إلى أفغانستان.

وفي هذا أشارت الصحيفة إلى قول الجنرال دانات بعدم ضرورة إرسال المزيد من القوات البريطانية لأفغانستان، مؤكدا أن الجيش لديه القوة البشرية والموارد التي تعينه فقط على القتال في حرب خارجية على حدة.

وقال دانات "السبب في أن الجيش كان تحت هذا الضغط طوال الثلاث سنوات الماضية هو أننا ألزمنا أنفسنا بالقتال في حربين بينما الجيش مبني فقط للقتال في واحدة فقط. وإذا اضطررنا لنقل قوات من العراق إلى أفغانستان فإننا ببساطة سنضاعف المشاكل".

وأضاف أن كثيرا من التحسينات قد تمت في تجهيز القوات المقاتلة في العامين الماضيين، لكن يجب التفكر مليا فيما إذا كان هذا التجهيز كاف بحيث يخصص له 5% فقط من ميزانية الدولة لنفقات الدفاع.

وانتقد أيضا ما وصفه بـ"سرطان الانهزامية" الذي يعتقد أن له تأثيرا معاكسا على تأييد الشعب البريطاني للحرب على الإرهاب بعد استطلاع للرأي أجري أمس بين أن ثلثي الشعب البريطاني يودون قيام بريطانيا بسحب قواتها من أفغانستان مع نهاية العام القادم.

وقال "هناك سرطان انهزامية يسري وهذا الأمر معجز ومقوض، وإذا قبلنا أن أفغانستان مهمة للدفاع عن مصالحنا الوطنية فهذا يحتاج إلى عزيمة وصبر ووقت".

وأضاف أن التحسن الأخير في الموقف الأمني في جنوب العراق يعني أنه من الممكن الآن أن تفكر الحكومة البريطانية بجدية في سحب أغلبية قواتها العام القادم، وأضاف "لقد قمنا بجهد خارق في إطار زمني سريع نسبيا -ست سنوات فقط في العراق مقارنة بـ38 عاما في أيرلندا الشمالية و14 عاما في البوسنة و9 أعوام في كوسوفو".

عودة الصدر الى الساحة

من جهة أخرى كتبت رانيا أبو زيد مضوعا في التايم حول تهديدات السيد مقتدى الصدر وعن أمكانية ترجمتها على أرض الواقع. وأضافت رانيا من الواضح ان بنود جدول انسحاب الولايات المتحدة من العراق لها ابعاد سياسية في بغداد كما هو الامر في واشنطن.

فبينما تستعد الحكومة العراقية لمناقشة مسودة اتفاقية وضع القوات الامريكية في العراق التي توفر اساسا قانونيا للعمليات العسكرية في هذا البلد بعد تاريخ الحادي والثلاثين من ديسمبر المقبل، هدد رجل الدين الشيعي المتطرف مقتدى الصدر يوم الجمعة الماضي باستئناف الهجوم على الجنود الامريكيين اذا لم يغادوا العراق دون الاحتفاظ بأي قاعدة فيه ودون التوقيع على اية اتفاقيات.

ويذكر ان المراقبين السياسيين كانوا قد رأوا في اعلان الصدر وقفا لاطلاق النار من جانب واحد قبل اكثر من سنة عاملا اساسيا في تراجع شدة العنف في العراق على مدى الفترة السابقة، لكن يبقى من غير الواضح الآن ما اذا كانت ميليشيا جيش المهدي تستطيع اليوم ان تترجم تهديداته الى عمل حقيقي على الارض.

كان المهدي قد قال في البيان الذي اصدره مكتبه في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة: اكرر مطالبتي برحيل المحتل عن عراقنا الحبيب دون شروط، ودون الاحتفاظ باية قاعدة أو التوقيع على اية اتفاقيات.

واذا لم يغادر الجنود الامريكيون البلاد سوف اساند المقاومة طالما ان اسلحتها موجهة فقط الى جنود الاحتلال.

وأضافت كاتبة المقال لا شك ان هذا البيان يعتبر بمثابة اعلان للحرب، لكن الفوضى التي كانت قائمة في صفوف ميليشياته عند اعلان الهدنة قبل اكثر من سنة اضافة للحقيقة التي تشير الى ان نشاطاتها مجمدة ايضا منذ حوالي سنة، تثير اسئلة الآن بشأن ما اذا كانت قادرة على القيام فعلا بهجمات جديدة على القوات الامريكية.

وكان رجل الدين، قد اعلن خلال الصيف الماضي اعتزامه تحويل قواته المقاتلة التي يربو عددها على حوالي 60.000 رجل، الى حركة دينية اجتماعية مماثلة لمجموعة حزب الله الشيعية اللبنانية التي تعمل كمنظمة سياسية، اجتماعية ودينية بالرغم من احتفاظها بميليشيا منضبطة وعلى درجة عالية من التدريب والكفاءة. كما ذكر الصدر انه سوف يحتفظ بمجموعة صغيرة من المقاتلين المخلصين له.

الا ان بعض المحللين يرون ان تحركه هذا ما هو الا محاولة للمحافظة على نفسه، وربما ايضاً لاستعادة سيطرته على الكثير من العناصر التي كان قد فقدها والتي كانت قد حاربت تحت اسمه.

وأضافت وتخلت واشنطن باصرار من بغداد عن عبارات المعاهدة التي تشير الى امكان بقاء الجنود الامريكيين من اجل القيام بأعمال التدريب.

لكن على الرغم من استجابة المعاهدة بشكل ما حتى لنفس مطالب الصدر، الا انه عاد لإثارة هذه المسألة من جديد ومن المؤكد انه يفعل هذا لأسباب سياسية فعلى الرغم من ان حركة الصدر لا تدخل المنافسة مباشرة مع الحركات والاحزاب الاخرى استعداداً لانتخابات المحافظات المقررة في الحادي والثلاثين من يناير يمكن لمؤيديه في الواقع ان يؤثروا في نتائجها في الجزء الجنوبي من العراق.

وقالت رانيا اذ تبين عمليات استطلاع الآراء بشكل روتيني ان هناك اغلبية ساحقة من العراقيين تعارض استمرار الوجود الامريكي في البلاد، وهذا ما دعا معظم السياسيين العراقييين لعدم الاعراب عن تأييد المعاهدة او إظهار اي حماس لها ويبدو ان هدف الصدر من اثارة هذه المسألة الآن هو لتصعيد التوتر السياسي امام منافسيه الشيعة في التآلف الحاكم الذي يضم المجلس الاسلامي العراقي الأعلى وحزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة نوري المالكي.

لكن مهما كانت قعقعة السيوف قوية لا يتوقع الكثيرون من العراقيين ان ينسحب الجنود الأمريكيون بسرعة بل ولن يحدث مثل هذا الانسحاب على الأقل قبل مرور 3 سنوات وهو الموعد المحدد في مسودة المعاهدة أو قبل الفترة التي حددها باراك أوباما للانسحاب خلال حملته الرئاسية وهي 16 شهراً.

ومع هذا، يحاول الصدر وسياسيون عراقيون آخرون تشكيل مواقفهم السياسية بأمل تحقيق أكبر قدر من المكاسب من الانسحاب الأمريكي المقبل. وفي هذا السياق، دعا الصدر للقيام بمظاهرات ومسيرات جماهيرية عامة احتجاجا على المعاهدة الأمنية يوم الجمعة القادم. ومن المؤكد ان مثل هذه المسيرات سوف تكون مؤشرا لما اذا كان للصدر قوة على الأرض تدعم تهديداته.

ضمان تمرير الاتفاقية

من جهتها في أول تعليق لها على موافقة الحكومة العراقية على مسودة الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن، قالت صحيفة وول ستريت جورنال The Wall Street Journal ان البرلمان العراقي سيتولى شأن الاتفاقية الأمنية المقترحة غدا الاثنين، مشيرة إلى أن أصوات الائتلاف الموحد والتحالف الكردستاني، فضلا عن كتل سنية اخرى، ستوفر الدعم لتمرير الاتفاقية.

وذكرت الصحيفة وحسب وكالة أصوات العراق في تقرير نشر على الصحيفة الأليكتروني، أن التصديق على الاتفاقية “يتطلب 51% من اصل 275 هم عدد اعضاء البرلمان، قبل ان ان يوقع عليها الجانبان العراقي والأمريكي”، ورأت الصحيفة ان “من المتوقع ان يلقي رئيس الوزراء نوري المالكي كلمة يوم غد الاثنين، لإيضاح فائدة الاتفاقية للعراق، مبينا دعمه لها”.

وتذكر الصحيفة ان “الكتلتين الكبيرتين في البرلمان، الائتلاف العراقي الموحد (شيعي) والتحالف الكردستاني، لديهم ما يكفي من الأصوات للتصديق على الاتفاقية”، حسب ما نقلت عن النائب سامي العسكري، الذي يشغل أيضا منصب مستشار لدى المالكي.

إلا ان الحكومة العراقية، كما ترى الصحيفة في تعليقها، “تريد اتفاقا واسعا في المواقف إزاء الاتفاقية، بخاصة أن كل من الولايات المتحدة والعراق قد كسبا تأييد كتل صغيرة يرأسها سياسيين سنة وغيرهم، للاتفاقية.

إلا أن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، الذي يتزعم الحزب الإسلامي العراقي (سني)، كما تذكر الصحيفة، قد “حجب تأييده للاتفاقية مؤخرا بسبب غارة أمريكية على الفلوجة قتل فيها عضو في الحزب الاسلامي الشهر الماضي، لكن معارضته هذه قد تذوب ويؤول الى دعم الاتفاقية، طبقا لما نقلت الصحيفة عن عضو في الحزب الإسلامي وآخرين في جبهة التوافق التي ينضويت حتها الحزب الاسلامي.

وقال النائب عن جبهة التوافق، صباح الالوسي، للصحيفة على القوات الامريكية المغادرة اذا لم نتوصل الى هذه الاتفاقية وهذا أمر سيء جدا بالنسبة للأمن”، مضيفا “وإذا كان هناك توافق في الآراء، لن نقول (لا) لها.

واشارت الصحيفة الى ان الوقت ينفد على ابرام الاتفاقية، التي واجهت العديد من النكسات منذ بدء المفاوضات فيها في اذار مارس الماضي، فمع وجود عطل إسلامية كثيرة في كانون الأول ديسمبر القادم، سيكون من المهم أن يصدق النواب على الاتفاقية بنهاية الشهر الجاري، لذا قد يؤجل البرلمان عطلته ويعقد جلسة طارئة، ومن المتوقع “يجري التصويت على الاتفاقية في 24 من تشرين الثاني نوفمبر الحالي، وهو آخر يوم في الدورة البرلمانية الحالية”، حسب ما تذكر الصحيفة.

وترى الصحيفة ان الحكومة العراقية “قد تطلب بقاء القوات الأمريكية الى ما بعد التواريخ المذكورة في الاتفاقية، بل ان عددا من السياسيين العراقيين يعترفون في جلسات خاصة انهم يرجحون قيامهم بذلك. فعلى الرغم من تطور قدرات قوات الامن العراقية، الا انها ما تزال في حاجة المساعدة الامريكية في مجال الدعم الجوي، واللوجستي وميادين اخرى”. بحسب الصحيفة.

وقال سامي العسكري للصحيفة “نحن لم نحصل على ما نريد في مجال الولاية القضائية على القوات الامريكية، الا اننا نفهم ان الولايات المتحدة لا يمكنها ان تمضي قدما في هذه المسألة، لذلك قبلنا، وأضاف موضحا “عليه فان هذا هو أفضل شيء توصل إليه الجانبان، وهي اتفاقية جيدة.

وكان مجلس الوزراء العراقي وافق اليوم الاحد باغلبية 27 صوتا مقابل صوت واحد، على اتفاقية سحب القوات الامريكية من العراق، واحالتها الى مجلس النواب بهدف التصويت عليها.

وبحسب الدستور العراقي، فإن أي قانون أو اتفاقية يتوجب تمريرها في مجلس النواب ومن ثم مصادقة مجلس الرئاسة عليها لكي تكون ملزمة.

............................................................................

- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال www.annabaa.org//[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/تشرين الثاني/2008 - 18/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م