الاتفاقية الامنية تخوف أصبح حقيقة

رغم الشد والجذب والتهديد بالحرب الاهلية

 

شبكة النبأ: رغم الموقف المتباين في الشارع العراقي حيال الاتفاقية الامينة، ورغم معارضة مسودتها من قبل بعض الاطراف السياسية العراقية، فانه تم إقرارها بين الطرفين بغداد وواشنطن، ويرى البعض ان الاتفاقية هو انتداب استعماري بعنوان آخر وتكريس للاحتلال والهيمنة وتطبيع للوجود العسكري، بينما يرى آخرون ان الاتفاقية ستفتح على العراقيين آفاق من النمو الاقتصادي والازدهار وابعاد لشبح الحرب الاهلية.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على الاتفاقية الامينة العراقية الامريكية، وإبرامها، مع عرض للجدول الزمني في احتمالية خروج القوات الامريكية ممن الاراضي العراقية:  

إقرار الاتفاقية الامنية من قبل مجلس الوزراء العراقي

أقر مجلس الوزراء العراقي اتفاقا يسمح للقوات الامريكية بالبقاء في البلاد حتى عام 2011 محددا موعدا نهائيا لانهاء التواجد العسكري الامريكي الذي بدأ بغزو قادته الولايات المتحدة للعراق للاطاحة بنظام صدام.

وما زال الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بعد نحو عام من المفاوضات مع واشنطن بحاجة الى موافقة البرلمان الا أن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قال انه يتوقع أن يحدث ذلك قبل نهاية الشهر الحالي. بحسب رويترز.

وسيحكم الاتفاق تواجد القوات الامريكية في البلاد بعد انتهاء العام الحالي ويسمى حاليا رسميا اتفاق سحب القوات الامريكية في اشارة الى مدى تزايد ثقة الحكومة العراقية في نفسها بعد شهور من المحادثات.

وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية للصحفيين ان الانسحاب سيكتمل بحلول 31 ديسمبر كانون الاول عام 2011 مشيرا الا أن هذا الموعد ليس محكوما بالاوضاع على الارض ولكنه محدد ونهائي.

وذكر الدباغ أن 27 عضوا في مجلس الوزراء المؤلف من 28 عضوا صوتوا لصالح الموافقة على مسودة الاتفاق. وأضاف أن فصائل رئيسية في البرلمان أشارت أيضا الى دعمها للمسودة.

وتضع مسودة الاتفاق القوة الأمريكية في العراق تحت سلطة الحكومة العراقية لاول مرة ليحل ذلك محل تفويض مجلس الامن.

وتدعو المسودة القوات الامريكية الى الانسحاب من شوارع بلدات وقرى العراق بحلول منتصف العام المقبل. وقال الدباغ ان القوات الامريكية ستسلم قواعدها للعراق خلال عام 2009 وستفقد سلطاتها بمداهمة منازل عراقية دون أمر من قاض عراقي وتصريح من الحكومة.

وازدادت ثقة الحكومة العراقية في قدراتها على الحفاظ على الامن مع تراجع أعمال العنف بشكل كبير في البلاد خلال العام المنصرم. وتسيطر القوات العراقية الان أمنيا على كل محافظات العراق باستثناء خمس محافظات كما كان لها الدور القيادي في حملة قمع للميليشيات الشيعية في وقت سابق من العام الحالي.

ووفقا لاحصاءات حكومية عراقية سجل شهر أكتوبر تشرين الأول أقل عدد للقتلى خلال شهر واحد من جراء أعمال العنف منذ الغزو بقيادة الولايات المتحدة للعراق.

الا أن المسؤولين العراقيين يعترفون بأنهم ما زالوا بحاجة الى الدعم العسكري الامريكي ضد المتشددين السنة في بغداد وأربع محافظات شمالية وكذلك الى مساعدات في مجال الامداد والتموين. وللولايات المتحدة الان نحو 150 ألف جندي في العراق.

وذكرت الشرطة العراقية ان هجوما انتحاريا بسيارة ملغومة أسفر عن سقوط 15 قتيلا بينهم سبعة من رجال الشرطة واصابة 20 اخرين في محافظة ديالى بشمال العراق.

وأضافت الشرطة أن المهاجم استهدف نقطة تفتيش تابعة لها في المحافظة الواقعة شمالي بغداد والتي لا يزال مقاتلو تنظيم القاعدة ينشطون فيها رغم اخراجهم من أجزاء أخرى من العراق.

ويعتبر زعماء عراقيون وضع موعد محدد للانسحاب انتصارا تفاوضيا. وكانت ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش تعارض منذ فترة طويلة تحديد أي موعد زمني لسحب قواتها من العراق ولكنها أبدت مرونة في الشهور الأخيرة.

وقال بعض السياسيين العراقيين انهم يشعرون ان سيكون من الاسهل قبول الاتفاق بعد انتخاب باراك أوباما الذي يفضل سحب القوات الامريكية من العراق رئيسا للولايات المتحدة ليحل محل بوش الذي تنتهي فترة رئاسته في يناير كانون الثاني من العام المقبل.

وذكر الدباغ أن واشنطن تعهدت بأن أوباما سيلتزم بالاتفاق الجديد الذي تقول ادارة بوش انه ليس بحاجة الى موافقة الكونجرس الامريكي.

وتوقف مجلس الوزراء العراقي عن تمرير مسودة سابقة للاتفاق الشهر الماضي وبدلا من ذلك طلب من واشنطن اجراء تعديلات. وردت واشنطن الشهر الحالي بما وصفته بالعرض الاخير وحذفت تعبيرات تشير الى أنها قد تبقي قواتها الى ما بعد تاريخ الانسحاب وأضافت التزاما بعدم شن هجمات من الاراضي العراقية على دول مجاورة.

وقال زيباري ان هناك حلول وسط كانت مرضية بالنسبة للجانب العراقي مضيفا أن هناك اتفاقا الان يمكن الدفاع عنه مشيرا الى أنه سينشر وسيوزع وستحصل كل الدول المجاورة على نسخة منه.

وأتباع رجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر يمثلون المجموعة الكبيرة الوحيدة في البرلمان التي ما زالت تعارض علنا الاتفاق.

وقال أحمد المسعودي المتحدث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان لرويترز ان مجلس الوزراء العراقي وافق على وضع العراق تحت تفويض قوات الاحتلال الامريكية وهو أمر مؤسف للغاية. وأضاف أن الكتلة الصدرية تدعو الشعب العراقي لتنظيم مظاهرات واعتصامات لوقف هذه المهزلة.

وتعارض ايران أيضا التي لها نفوذ وسط الشيعة العراقيين الاتفاق. ولم تعلق طهران على الفور الا أن محللا أشار في التلفزيون الايراني الى أن طهران قد تخفف من موقفها واصفا الاتفاق بأنه انتصار لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي حصلت على تنازلات من واشنطن.

المرحلة الايجابية في موافقة الحكومة العراقية على الاتفاقية الامنية

من جهته رحب البيت الابيض الاحد بموافقة الحكومة العراقية على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة والتي تنص على انسحاب تام للقوات الاميركية من العراق بحلول نهاية 2011 معتبرا انها مرحلة مهمة وايجابية.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض غوردن جوندرو في بيان: اننا نرحب بموافقة الحكومة العراقية على الاتفاق. انها مرحلة مهمة وايجابية.

واضاف جوندرو: حتى ولو ان العملية لم تنته بعد الا اننا نامل ونثق في انه سيكون لنا قريبا اتفاق سيخدم الشعب العراقي والولايات المتحدة معا وسيوجه رسالة مفادها ان حكومتينا تريدان عراقا مستقرا وآمنا وديموقراطيا. بحسب فرانس برس.

وقد وافقت الحكومة العراقية في شبه اجماع على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة. وسيحسم البرلمان العراقي موقفه نهائيا منها في 24 تشرين الثاني/نوفمبر.

وسيوافق المجلس الرئاسي ايضا على الاتفاقية قبل ان يوقع عليها رئيس الوزراء نوري المالكي والرئيس الاميركي جورج بوش في النهاية.

ويفترض ان توفر الاتفاقية اطارا قانونيا لوجود القوات الاميركية في العراق والذي ينتهي مع انتهاء تفويض الامم المتحدة في 31 كانون الاول/ديسمبر.

وتنص الاتفاقية التي كانت موضع تفاوض لمدة تقارب العام على ان يغادر العراق 150 الف جندي اميركي موزعين على اكثر من 400 قاعدة بعد ثمانية اعوام من الاجتياح الذي ادى الى الاطاحة بنظام صدام.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض ان: الاتفاقية التي تشمل الامن والعلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية ما كانت ستنجز لولا تحسن الظروف الامنية بصورة كبيرة. امكن تحقيق هذا التقدم بفضل العمل الرائع الذي قام به الجنود الاميركيون وشجاعة الشعب العراقي وزيادة قدرات وقوة قوات الامن العراقية.

واضاف، في حين لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به ستواصل القوات الاميركية عودتها الى الوطن وسيكون هناك بنهاية السنة 14 لواء مقاتلا مقابل عشرين في ذروة التعزيزات.

وكان الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما الذي سيتسلم مهامه في العشرين من كانون الثاني/يناير ابدى معارضته لاجتياح العراق.

ويعتزم اوباما وضع حد نهائي لنزاع بدأ في اذار/مارس 2003 واوقع اكثر من اربعة الاف قتيل في صفوف العسكريين الاميركيين.

وخلال حملة الانتخابات الرئاسية اكد اوباما انه يامل في سحب القسم الاكبر من القوات الاميركية من العراق في غضون ستة عشر شهرا من الان وحتى صيف 2010 لكي لا يترك ميدانيا سوى قوات مكلفة مكافحة الارهاب.

تحذير البارزاني من حرب اهلية اذا لم تقر الاتفاقية

هذا وكان رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، قد شكك في احتمال توقيع الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة محذرا من أن عدم توقيعها قد يؤدي الى نشوب حرب أهلية في البلد نظرا لعدم قدرة اجهزة الامن العراقية على ضبط زمام الامور.

وأوضح البارزاني خلال مؤتمر صحفي عقده في مطار اربيل الدولي عقب عودته من الزيارة التي قام بها للولايات المتحدة وفرنسا أن: عدم توقيع الاتفاقية قد يؤدي الى تفاقم الاوضاع الى حد نشوب حرب أهلية بسبب عدم جاهزية قوات الجيش والشرطة العراقية لتولي زمام الامور الامنية في البلاد. بحسب اصوات العراق.

وحول أقليم كردستان، أردف البارزاني أن: الاتفاقية لن يكون لها أي تأثير سلبي أو ايجابي على الاقليم إذ أن القوات الامريكية غير متواجدة على اراضيه الأمر الذي لن يؤدي الى خلق أي فراغ أداري أو أمني، لكن الاتفاقية ستوفر دعما سياسيا وغطاء عسكريا للعراق لذا فنحن نراها تصب في مصلحة العراق.

رفض الإدارة الأمريكية التعديلات الجوهرية في الاتفاقية الأمنية

من جهته قال عضو مجلس النواب العراقي عن التحالف الكردستاني محمود عثمان إن الإدارة الأمريكية رفضت أغلب التعديلات التي اقترحتها الحكومة العراقية على الاتفاقية الأمنية، مشيرا إلى أن توقيع الاتفاقية الأمنية مع الإدارة الأمريكية الحالية أفضل من توقيعها مع إدارة الرئيس المنتخب بارك اوباما.

وأوضح عثمان أن: الإدارة الأمريكية لم توافق على إجراء تعديلات بشأن الحصانة التي يتمتع بها الجندي الأمريكي، فضلا عن رفضها تفتيش البريد الأمريكي الداخل والخارج من العراق.

وكان الجانب الأمريكي أرسل رده قبل يومين بخصوص التعديلات التي طالبت بها الحكومة العراقية على مسودة الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين بغداد وواشنطن. بحسب نيوزماتيك.

وأضاف عثمان أن التعديلات التي وافق عليها الجانب الأمريكي تضمنت توضيح بعض الفقرات والنصوص في الاتفاقية، وتوحيد النسختين العربية والإنكليزية وتبديل اسم الاتفاقية، كما أنها نصت على وضع تاريخ محدد لخروج القوات الأمريكية من العراق.

واعتبر النائب عن التحالف الكردستاني أن رفض الإدارة الأمريكية للتعديلات الضرورية التي طالبت بها الحكومة العراقية على الاتفاقية الأمنية هو بسبب حرصها على حماية جنودها قضائيا وحماية البريد العسكري للقوات الأمريكية الذي يتضمن معلومات سرية عن عملهم في العراق، حسب تعبيره.

وأشار عثمان إلى أن توقيع الاتفاقية مع الإدارة الأمريكية الحالية المنتهية ولايتها، أفضل من توقيعها بعد تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب بارك اوباما مقاليد السلطة، متوقعا أن يكون الديمقراطيون أكثر تشددا من الجمهوريين في القضايا الجوهرية بالاتفاقية الأمنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/تشرين الثاني/2008 - 18/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م